Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العفن القاتل يتهدد ملايين الأطفال في بريطانيا مع ارتفاع كلف التدفئة

حصري: ناشطون في مجال فقر الوقود يطالبون الحكومة باتخاذ إجراءات تجنباً لوفاة طفل آخر وينبهون إلى أن 3.4 مليون أسرة تعيش في ظروف "خطرة للغاية" تشبه تلك التي كانت سائدة خلال الحقبة الفيكتورية

أسرة من كل ثلاث أسر لديها أطفال في المملكة المتحدة، تقيم في منازل تعاني مشكلات العفن المتكررة (غيتي)

ملخص

يتعرض ملايين الأطفال في المملكة المتحدة إلى خطر العفن الذي قد يهدد حياتهم، في ظل معاناة عدد متزايد من البريطانيين من أزمة الطاقة، ومن عدم القدرة على تدفئة منازلهم هذا الشتاء

يتعرض ملايين الأطفال في المملكة المتحدة إلى خطر العفن الذي قد يهدد حياتهم، في ظل معاناة عدد متزايد من البريطانيين من أزمة الطاقة، ومن عدم القدرة على تدفئة منازلهم هذا الشتاء.

وفي هذا الإطار كشفت أرقام جديدة مثيرة للقلق حصلت عليها "اندبندنت" أن أسرة من كل ثلاث أسر لديها أطفال في المملكة المتحدة، تقيم في منازل تعاني مشكلات العفن المتكررة.

ودعا ناشطون رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى معالجة الظروف المعيشية السيئة المشابهة لتلك التي كانت سائدة خلال الحقبة "الفيكتورية والخطرة للغاية"، مطالبين بوضع تعرفة طاقة طارئة لمساعدة البريطانيين الذين يعيشون في منازل رطبة وباردة.

وتبين من استطلاع جديد للرأي أن نحو 3.4 مليون (38 في المئة) من الأشخاص في المملكة المتحدة الذين لديهم أطفال دون سن السادسة، هم عرضة لتشكل العفن داخل منازلهم، إما بصورة متكررة أو في بعض الأحيان. ووجد استطلاع أجرته مؤسسة "أوبينيوم"  Opinium لأبحاث السوق أن 850 ألفاً من هؤلاء الآباء يعيشون في منازل تعاني مشكلة العفن بصورة دائمة، أي ما يمثل 10 في المئة من جميع الآباء الذين لديهم أطفال دون سن السادسة.

ويتزامن هذا الكشف مع صدور توقعات جديدة تشير إلى أن نحو 200 ألف أسرة أخرى ستغرق في فقر الوقود خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مع ارتفاع أسعار الطاقة مرة أخرى، مما يزيد العدد الإجمالي للأسر التي تجد مصاعب في دفع فواتير الطاقة إلى 6.8 مليون أسرة.

وجاءت آخر النتائج المتعلقة بظروف السكن في بريطانيا في أعقاب الوفاة المأسوية للطفل أواب إسحاق التي تبين أنها ناجمة عن تفشي عفن "واسع نطاق" في شقة عائلته في روتشديل، وأثارت هذه الحادثة غضباً عارماً في شأن الوضع المزري الذي يواجهه الأفراد الأكثر ضعفاً.

 

واستناداً إلى التوجيهات الرسمية للحكومة البريطانية فإن الرطوبة والعفن يصنفان على أنهما من الأخطار الصحية من الفئة الأولى، أي المشكلات التي من المحتمل أن تسبب الوفاة أو فقدان الأطراف وتهدد صحة الأفراد.

نائبة زعيم حزب "العمال" المعارض أنجيلا راينر نبهت إلى أن "عدداً كبيراً للغاية من أطفال البلاد يعيشون في منازل رطبة وباردة وعفنة"، وطالبت حكومة حزب "المحافظين" باتخاذ إجراءات من خلال تعديل وتحديث مزيد من العقارات وتوسيع نطاق الحماية للمستأجرين.

"تحالف القضاء على فقر الوقود"  End Fuel Poverty Coalition (وهو ائتلاف ناشطين وجمعيات يسعى إلى أن يكون لكل فرد الحق في منزل دافئ ويمكنه تحمّل كلف التدفئة والطاقة) الذي كلف مؤسسة "أوبينيوم" بإجراء المسح الجديد كجزء من حملة "فلنجعل هذا الشتاء دافئاً" Warm This Winter (تحالف يضم 50 جمعية خيرية يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لخفض فواتير الطاقة) نبّه إلى أن "النتائج المروعة" في ما يتعلق بالعفن في المنازل تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة من السيد سوناك ووزير الخزانة البريطانية جيريمي هانت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال منسق التحالف سايمون فرانسيس إن الاستطلاع يسلط الضوء على فشل الحكومة في الاستثمار في حلول كفيلة بمعالجة فقر الوقود، بما في ذلك اتخاذ تدابير مثل العزل المناسب ووضع استراتيجيات للتخفيف من تأثير ارتفاع كلف الطاقة.

وأضاف، "نشعر بقلق متزايد على الأفراد الذين يعانون باستمرار مشكلة العفن في منازلهم، فهذه الظروف المعيشية خطرة للغاية وتؤكد الحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات العاجلة من جانب الحكومة لجهة التدخل ومساعدة الأسر على البقاء دافئة هذا الشتاء".

يشار في هذا الإطار إلى أن التكثف والرطوبة في المنازل يمكن أن يؤديا إلى نمو العفن والفطريات مما قد يسبب تفاعلات تحسسية وتفاقم أمراض الجهاز التنفسي وزيادة خطر الإصابة بأمراض ومشكلات في القلب.

تيري هاريغان، وهي أم لثلاثة أطفال، أكدت لـ "اندبندنت" أن العفن في شقتها شرق لندن يزداد سوءاً وهي تجد صعوبات في تأمين التدفئة لأفراد أسرتها.

وأدى هذا الوضع إلى إصابة أرييلا الابنة الصغرى لموظفة الاستقبال في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS البالغة من العمر ثلاث سنوات بمرض الربو بسبب العفن، وهي بحاجة إلى بيئة دافئة للحفاظ على سلامة صدرها.

 

وفي معرض وصف الظروف التي تعيشها الأسرة قالت السيدة هاريغان إن الجو في المنزل بارد للغاية بحيث لا يمكنها فتح النوافذ لتهويته، في وقت تجد نفسها عاجزة عن تحمل كلف التدفئة كل يوم لأن فواتير الغاز والكهرباء ارتفعت بصورة هائلة.

وأضافت أن "عدم القدرة على تشغيل التدفئة يؤدي إلى عودة العفن والفطريات بصورة أسوأ، وبما أنه لا يمكننا فتح النوافذ بسبب البرد القارس فإن الهواء يتكثف داخل المنزل ويصبح جوه رطباً".

وتابعت السيدة هاريغان، "إن هذا الوضع مزعج للغاية، فأنا لا أريد لابنتي أن تعاني المرض، وينبغي ألا تعيش طفلتي البالغة من العمر ثلاث سنوات في مثل هذه الظروف، وفي العام الماضي حصلنا على بعض المساعدة من الحكومة لكنها توقفت الآن، ومن الوهم تماماً أن يعتقد المسؤولون أن الناس لم يعودوا بحاجة إلى الدعم بعد الآن".

وتظهر أرقام كشفت عنها "اندبندنت" في شهر أغسطس (آب) الماضي أن هذا النوع من المشكلات يزداد سوءاً، فقد ارتفع عدد الشكاوى المقدمة إلى "خدمة أمين مظالم الإسكان" Housing Ombudsman Service في شأن الأخطار الصحية للعفن والرطوبة والتسريبات بنسبة 35 في المئة خلال العام الماضي.

رئيس "اتحاد العمال الاجتماعيين" Social Workers Union (نقابة عمالية لمحترفي العمل الاجتماعي) جون ماكاغوين أكد أن الاختصاصين الاجتماعيين العاملين على الخطوط الأمامية يلتقون أسراً تكافح وسط ظروف معيشية "أشبه بتلك التي كانت محور الروايات ’الفيكتورية’ أكثر منها في بريطانيا الحديثة"، مضيفاً أنه "من الواضح أن الأسر، ولا سيما التي هي أكثر عرضة للخطر من المضاعفات الصحية الناجمة عن العيش في منازل باردة ورطبة، تحتاج فعلاً إلى مزيد من الدعم".

نائبة زعيم حزب "العمال" السيدة راينر لفتت إلى أن المنازل المستأجرة في القطاع الخاص لا تزال تعاني "مشكلات واسعة النطاق مرتبطة بالرطوبة والعفن المنهكين الناجمين عن ضعف كفاءة استخدام الطاقة"، وتعهدت بأن تتولى خطة المنازل الدافئة التي وضعها حزب "العمال" (في حال وصوله إلى السلطة) "العمل على ترقية كل منزل يحتاج إليها".

وعلى رغم أن وفاة الطفل أواب أدت إلى وضع "قانون أواب" Awaab’s Law الذي يلزم أصحاب المساكن الاجتماعية بالتأكد من أن عقاراتهم خالية من المواد الخطرة، فقد اتهم حزب "العمال" الحكومة بالفشل في السيطرة على أصحاب العقارات في القطاع الخاص، مشبهة الوضع بـ "الغرب المتوحش" Wild West (مصطلح كان يطلق في الثقافة الشعبية على الفوضى وغياب القانون اللذين سادا في الغرب الأميركي خلال القرن الـ 19).

وحضت السيدة راينر وزير تحسين أوضاع المناطق والإسكان مايكل غوف على تحصين "مشروع قانون إصلاح أوضاع المستأجرين" Renters Reform Bill قائلة إنه "في مواجهة مثل هذه المشكلة المتفشية فإن حزب ’العمال‘ يطالب الحكومة بتوسيع نطاق هذه الحماية لتشمل المستأجرين من القطاع الخاص، والتأكد من التحقيق في الأخطار ومعالجتها على نحو صحيح".

وفي المقابل حذر "تحالف القضاء على فقر الوقود" الذي يضم في عضويته منظمة "إنقاذ الطفولة"  Save the Children  و"مؤسسة جوزيف راونتري" Joseph Rowntree Foundation (منظمة بريطانية للبحوث الاجتماعية وتطوير السياسات) من حدوث أزمة إنسانية إذا ما اضطُر عدد متزايد من الأسر إلى العدول عن تشغيل أجهزة التدفئة خلال الشتاء.

ويشار إلى أن عدداً من الأهالي باتوا يستعينون ببنوك الطعام، فيما يواجه بعضهم أوضاعاً رهيبة في الاضطرار إلى الاختيار بين التدفئة وتناول الطعام، لكن خبراء نبهوا إلى أن هذه المعاناة من المتوقع أن تزداد سوءاً هذا الشتاء.

وفي أرقام جديدة حصلت عليها "اندبندنت" فإن "تحالف القضاء على فقر الوقود" يرجح ارتفاع عدد الأسر التي تعاني فقر الوقود من 6.6 مليون أسرة إلى 6.8 مليون أسرة اعتباراً من يناير المقبل عندما تطبق التسعيرة الجديدة لفواتير الطاقة.

ويتوقع التحالف أيضاً أن تعاني 1.1 مليون أسرة لديها أطفال دون سن الخامسة فقر الوقود، علماً أن هذا الرقم سيقفز إلى 1.2 مليون أسرة اعتباراً من يناير المقبل عندما ترفع الهيئة المنظمة لقطاع الطاقة (أوفغام) Ofgem مرة أخرى الحد الأقصى لفواتير الطاقة.

وكان وزير الخزانة جيريمي هانت امتنع من تقديم أي دعم، حتى للأسر الأشد فقراً، في بيان الخريف الذي قدمه قبل نحو أسبوعين، وتم إيقاف حسم ضمان أسعار الطاقة الذي كانت قدمته الحكومة وكان يوفر في السابق للأسرة النموذجية البريطانية ما متوسطه ألف جنيه استرليني (1250دولاراً) سنوياً على فواتيرها، وذلك اعتباراً من يونيو (حزيران) الماضي.

وأشار منسق "تحالف القضاء على فقر الوقود" السيد فرانسيس إلى أن "الرد الذي تلقاه الآباء من وزير الخزانة البريطاني في بيان الخريف كان الإهمال واللامبالاة"، معتبراً أن "العواقب الناجمة عن القرارات التي اتخذت في ويستمنستر باتت الآن واضحة للعيان".

ويدعو الناشطون إلى فرض تعرفة طاقة طارئة من شأنها أن تسهم في خفض الفواتير الشهرية للغاز والكهرباء بالنسبة إلى الفئات الضعيفة التي تستفيد من الإعانات الحكومية في معيشتها بنسبة 50 في المئة تقريباً.

ويحض الناشطون أيضاً وزير الخزانة البريطاني على تنفيذ خطة "المساعدة على السداد" Help to Repay التي من شأنها أن تخفف بعضاً من عبء الديون عن الأفراد الذين يواجهون متأخرات لا يمكن تحملها في فواتير الطاقة.

ومن المقرر أن يتم تسليم الالتماسات التي تحمل مئات آلاف التواقيع وتطالب الحكومة باتخاذ مزيد من الإجراءات للمساعدة في إنهاء أزمة المنازل الباردة والرطبة إلى مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" هذا الأسبوع. وكجزء من حملة "فلنجعل هذا الشتاء دافئاً" فستنضم منظمات بما فيها جمعية "عدالة الديون" Debt Justice، ومنظمة "الدرجة 38" 38 Degrees، ومنظمة "العمل لمكافحة فقر الوقود" Fuel Poverty Action إلى تحرك ينظمه الأشخاص المتضررون من فقر الوقود أمام مقر رئاسة الوزراء.

وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم وزارة تحسين أوضاع المناطق والإسكان والمجتمعات المحلية إن الجميع "يستحقون أن يقيموا في منازل آمنة ودافئة ولائقة، لكن كثيراً منهم يعيشون في ظروف أقل بكثير مما هو مقبول".

وأضاف، "سيطبق ’مشروع قانون إصلاح أوضاع المستأجرين‘ الذي تقدمنا به معايير للمنازل اللائقة على القطاع الخاص المستأجر للمرة الأولى مما يساعد في تحقيق الهدف الموضوع والقاضي بخفض عدد المنازل المستأجرة غير اللائقة بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030".

© The Independent

المزيد من تقارير