Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأب الروحي لـ"طالبان" يزور كابول... فما هي الرسالة؟

إذا عاد فضل الرحمن إلى إسلام آباد بنتائج مرضية فقد يصبح جسراً مباشراً بين الحركة والحكومة الباكستانية المقبلة لحل القضايا العالقة

منذ تشكيل "طالبان" كان فضل الرحمن أحد الداعمين للحركة وهو ينظر إليها الآن بعين الأستاذ والطالب (أ ف ب)

ملخص

يعتبر فضل الرحمن أحد أهم القادة الرئيسين للمدرسة الديوبندية ومرشداً للتنظيمات المتطرفة في باكستان وأفغانستان... لكن ماذا يفعل الآن في كابول؟

مولانا فضل الرحمن، رئيس جمعية علماء الإسلام وأحد رجال الدين الأكثر نفوذاً في باكستان، الذي يعرف عنه أنه "الأب الروحي لطالبان أفغانستان"، وصل إلى العاصمة الأفغانية كابول، الأحد الماضي، واجتمع بقادة "طالبان" هناك.

يرأس فضل الرحمن مدرسة "دار العلوم حقانية" ويتبع للمدرسة الدينية الديوبندية التي تعتبر أكبر حركة دينية في باكستان. عديد من قادة "طالبان" أفغانستان وباكستان كانوا طلاباً في هذه المدرسة الدينية. وتعرف "دار العلوم حقانية" التي تقع في منطقة "أكوره ختك" باسم "جامعة الجهاد" بين المتطرفين في جنوب آسيا، كما أن هذه المدرسة تعتبر المصدر الرئيس للتجنيد والترويج للأيديولوجية الإسلامية وتدريب العناصر الجهادية وإصدار الفتاوى والحروب والجهاد خلال النصف قرن الأخير على الأقل.

هدف عسكري لـ"داعش"

منذ بداية تشكيل حركة "طالبان" في أفغانستان، كان فضل الرحمن من الداعمين لهذه الحركة. وخلال حرب "طالبان" مع الحكومات الأفغانية السابقة، أجاز الحرب في أفغانستان بإصداره فتوى الجهاد.

وفي لقاء له مع الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، أكد في حينها فضل الرحمن وجوب الحرب في أفغانستان. وقال، "إننا لا نقبل وجود الأجانب في أفغانستان وجهودنا الدفاعية ضدهم ستستمر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد انهيار النظام الجمهوري واستعادة "طالبان" الحكم في كابول، استقبل فضل الرحمن مسؤولي الحركة في باكستان، وأعرب عن ارتياحه لوصولها إلى السلطة في أفغانستان من جديد.

وينظر فضل الرحمن إلى "طالبان" أفغانستان بعين الأستاذ والطالب، وهم الآن على كرسي الحكم. ولهذا فهو يعرفهم على أنهم "مقاتلون من أجل الحرية، وأبناء أفغانستان الحقيقيون".

يوم الأحد، عندما وصل فضل الرحمن إلى كابول، كانت الطرق المؤدية إلى المطار مغلقة، واصطفت قافلة من المدرعات لاستقباله. وفي الصور التي نشرتها الوسائل الإعلامية التابعة لـ"طالبان"، شوهد عديد من مسؤولي الحركة يعبرون عن سعادتهم بلقاء فضل الرحمن. وهذا يدل على إخلاص "طالبان" أفغانستان لرجل الدين الباكستاني ذي التأثير الكبير.

في السنوات الماضية، كان فضل الرحمن يدعم تطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان، لكنه في الآونة الأخيرة، دخل في ائتلاف مع الأحزاب العلمانية، وبالتحديد مع "حزب الرابط الإسلامية" بزعامة نواز شريف، وقد تخلى عن إقامة الشريعة الإسلامية في باكستان، في الوقت الذي كانت أفكاره مصدر إلهام لعديد من المنظمات الإرهابية والإجرامية في باكستان وأفغانستان، لكن اليوم، ووفقاً لتصنيف تنظيم "داعش" فقد بات فضل الرحمن "مؤيداً للديمقراطية"، لذلك أصبح هدفاً عسكرياً.

هاجم التنظيم المتطرف فضل الرحمن وتجمعات لأنصاره في باكستان ثلاث مرات على الأقل. وفي أحدث الهجمات التي تعرض لها الرجل، مهاجمة القافلة التي كانت تقله في ديره إسماعيل خان، لكنه لم يصب بأذى.

تأتي زيارة فضل الرحمن إلى كابول، التي حظيت باهتمام كبير من قبل مسؤولي "طالبان"، في الوقت الذي تزايدت وتيرة الهجمات الإرهابية في باكستان، واتهام "طالبان" بتسهيل هذه العمليات الإرهابية، وكان المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد، صرح قبل أسبوع من هذه الزيارة، بأن الغرض هو "منع الدعاية السلبية ضد الحركة في باكستان ونقل الحقيقة للشعب الباكستاني"، لكن يبدو أن الهدف الرئيس لفضل الرحمن من زيارة كابول هو أبعد بكثير من نقل "الحقائق" إلى الشعب الباكستاني، كما سماها المتحدث باسم "طالبان".

أتى فضل الرحمن، الحليف السياسي الحالي لـ"حزب الرابطة الإسلامية"، من دولة توجد فيها المرأة على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية والاقتصادية. وكان يقف بجانب مريم نواز ابنة نواز شريف في التجمعات السياسية التي أقيمت في الأسابيع القليلة الماضية. وفضل الرحمن يدعم "حزب الرابطة الإسلامية" الباكستاني، ومع بقاء عمران خان في السجن. في واقع الأمر، إن مولانا فضل الرحمن أحد الداعمين الرئيسين للحكومة الباكستانية العلمانية التي تكفل للنساء والفتيات حقوقاً متساوية في الدراسة والعمل مع الرجال وفقاً للقانون الباكستاني.

وفضل الرحمن الذي يعتبر الأب الروحي لحركة "طالبان" أفغانستان، في العامين الماضيين، رفض إدانة المراسيم والقرارات المناهضة للنساء التي أصدرتها الحركة، لا بل دافع عنها. وكما هو معلوم فقد قوبلت هذه القرارات التي تحظر التعليم والعمل وتلغي الحقوق الأساسية الأخرى للمرأة في أفغانستان بإدانات عالمية، كما قوبلت هذه القرارات برد قوي من شيخ الأزهر أحمد الطيب، لكن زعيم "جمعية علماء الإسلام" في باكستان، وهو رجل دين من أصول بشتونية وذو نفوذ بين التنظيمات المتطرفة، ظل صامتاً في هذا الخصوص.

خلال هذه الأثناء، وفي ظل وجوده في كابول، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يتحدث فيه فضل الرحمن عن تعليم الفتيات والنساء في أفغانستان. في هذا الفيديو يقول، "في الوضع الذي تحدث فيه جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة، هناك من يقول لماذا لا تدرس الفتيات في أفغانستان". في واقع الأمر يحاول فضل الرحمن تبرير منع المرأة الأفغانية من التعليم والعمل جراء عشرات القرارات التي أصدرها الملا هبة الله ضد النساء الأفغانيات، هذا في الوقت الذي لا توجد أي صلة بين هاتين القضيتين (أفغانستان وغزة).

أكثر الأنظمة عزلة

مصادرة قريبة من فضل الرحمن أكدت لوسائل الإعلام الباكستانية، أن من المفترض أن يلتقي زعيم "طالبان" هبة الله آخوند زادة، في قندهار، لكن "طالبان" لم تؤكد بعد هذه الأخبار التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الباكستانية، كما أنه وقبل أسبوع من زيارة فضل الرحمن إلى العاصمة كابول، وصفت الوزارة الخارجية الباكستانية هذه الزيارة بأنها "مسألة شخصية، ولا علاقة لها بالحكومة الباكستانية".

نظام "طالبان" ونظراً إلى الاستبداد الديني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وعدم الالتزام بالمواثيق الدولية واحتكار السلطة في أفغانستان، أصبح أكثر الأنظمة عزلة في العالم، بالتالي فهو يحاول استثمار زيارة فضل الرحمن لتحسين صورته وتعزيز علاقاته مع باكستان. وفي هذا السياق، ترى حكومة باكستان أن حركة "طالبان" أفغانستان تستضيف قوات "طالبان" باكستان، وأن زيادة وتيرة الهجمات الإرهابية الدموية في باكستان تعود إلى التحالف بين الحركتين.

وحكومة باكستان، التي تمر حالياً بأصعب فتراتها بسبب الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية، غاضبة جداً من عدم جدية "طالبان" أفغانستان في السيطرة على نظيرتها الباكستانية وكبح جماحها. هذه القضية تسببت في خسارة "طالبان" أفغانستان دعم الحكومة الباكستانية التي تعتبر حليفتها التقليدية، حيث كانت في السابق الداعم والملاذ الأمن لقادة "طالبان"، وقد يتمكن فضل الرحمن من لعب دور الوسيط بين "طالبان" أفغانستان والحكومة الباكستانية الموقتة والحكومة المستقبلية التي ستحدد بعد الانتخابات المقبلة.

يستعد الحليف السياسي لفضل الرحمن نواز شريف الذي يعمل على إزالة عديد من القيود القانونية، لإجراء الانتخابات والعودة إلى السلطة في باكستان. وإذا  ما عاد فضل الرحمن إلى إسلام آباد بنتائج مرضية، فقد يصبح جسراً مباشراً وجديراً بالثقة بين نظام "طالبان" والحكومة الباكستانية المقبلة في مجال حل القضايا العالقة، بخاصة تلك التي أدت إلى انعدام الثقة بين الطرفين.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات