ملخص
زاد الترقب في شأن مثول اللورد كاميرون أمام لجنة الشؤون الخارجية، ليس فقط لأنه من النادر أن يحضرها وزير من مجلس اللوردات ولكن أيضاً لأن جلسته السابقة التي كانت مقررة قبل عيد الميلاد قد جرى تأجيلها لحضوره جنازة أمير الكويت
كان أداء اللورد ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، طليق اللسان في شهادته لأعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، إلا أنه كان مراوغاً في إجاباته. عندما سُئِل عما إذا كان قد تلقى مشورة قانونية في شأن انتهاك إسرائيل المحتمل للقانون الدولي في غزة، قال إنه "لا يريد الإجابة عن هذا السؤال".
إذاً هذا ما يعنيه رئيس الوزراء سوناك عندما يقول إن الوزراء الأعضاء في مجلس اللوردات سيخضعون للمساءلة من قِبل مجلس العموم شأنهم شأن الوزراء أعضاء مجلس العموم. بوسعهم القدوم إلى لجنة استماع ليرفضوا الإجابة عن الأسئلة كما لو كانوا يرفضون الإجابة عن الأسئلة في مجلس العموم.
زاد الترقب في شأن مثول اللورد كاميرون أمام لجنة الشؤون الخارجية، ليس فقط لأنه من النادر أن يحضرها وزير من مجلس اللوردات، وبالتالي كانت هذه هي الفرصة الأولى التي أتيحت للنواب لاستجوابه منذ تعيينه في نوفمبر (تشرين الثاني) ولكن أيضاً لأن جلسته السابقة التي كانت مقررة قبل عيد الميلاد قد جرى تأجيلها لحضوره جنازة أمير الكويت.
يبدو أن ظنون مُهاجِمي كاميرون في لجنة الشؤون الخارجية قد خابت في العثور على نقطة ضعف في الدفاع المثالي لرئيس الوزراء الأسبق.
عندما سأله دان كاردين من حزب "العمال"، عن هزيمة "حماس" من خلال التدخل العسكري، أعاد اللورد كاميرون صياغة السؤال وأجاب على نسخته الخاصة، قائلاً: "هل يمكنك هزيمة أيديولوجية من خلال التدخل المسلح؟ لا".
أشار كاميرون إلى أن بإمكان "حماس" أن تنهي الحرب في أي لحظة إذا ألقت سلاحها، وهو أمر صحيح من الناحية الواقعية إلا أنه لا يقدم حلاً عملياً لما يجري. كاميرون خاض أيضاً نقاشاً مطولاً مع أليسيا كيرنز، رئيسة اللجنة من حزب المحافظين والمعروفة بمهاراتها الاستعراضية، حول التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي باعتبارها قوة احتلال.
كان اللورد كاميرون متردداً في الاعتراف بإسرائيل كقوة احتلال، مشيراً إلى انسحاب قواتها من غزة عام 2005. لكن السير فيليب بارتون، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية، والذي كان جالساً إلى جانبه، أشار إلى أن غزة والضفة الغربية ما زالتا تعتبران أراضي فلسطينية محتلة. وقد دفع هذا التدخل كاميرون إلى الإقرار بأن إسرائيل قد تتحمل مسؤوليات قانونية معينة، رغم أنه حصر ذلك بالقول: "لكنني لست محامياً".
اعترف كاميرون بأنه "قلق" في شأن ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي، لكنه لم يتمكن من التأكد مما ورد في جميع الأوراق التي وُضعت على طاولة مكتبه.
بعد ذلك انضمت كيرنز إلى بريندان أوهارا، النائب عن الحزب الوطني الأسكتلندي، في التضييق على وزير الخارجية. سأل أوهارا اللورد كاميرون عما إذا كان قد رأى أي دليل على انتهاك إسرائيل للقانون الإنساني الدولي. تردد كاميرون في الرد... "لا أريد – لا أريد..." لينهي أوهارا جملته: "الإجابة عن السؤال؟".
بدا هذا ذكياً جداً، باستثناء أن اللورد كاميرون، بعد استجواب مستمر من كيرنز، أنهى أخيراً الجملة بنفسه: "لا أريد الإجابة عن هذا السؤال". بالطبع لا يريد ذلك، هو أعلى مسؤول دبلوماسي في البلاد. لا يمكنه أن يتهم الحلفاء بارتكاب جرائم حرب. ستخسر المملكة المتحدة حينها أي نفوذ متواضع لها على الحكومة الإسرائيلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حافظ اللورد كاميرون على نهج حذر في ردوده. وأعرب عن تحفظاته في شأن استخدام مصطلحات قوية مثل "الإبادة الجماعية" بشكل عرضي، واختلف مع مبادرة جنوب أفريقيا لرفع دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية على هذه الأسس. ومع ذلك، فقد أقر بوجود عديد من القضايا المعقدة والدقيقة في القانون الدولي والتي تقع بين طرفي الإبادة الجماعية والتبرئة الكاملة.
اعترف بأنه "قلق" في شأن ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي، لكنه لم يرغب في الإجابة عن السؤال لأنه – وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي بدا فيها تحت الضغط – لم يتمكن من التأكد مما ورد في جميع الأوراق التي وُضِعَت على مكتبه. كما لو أن في ذلك إشارة ضمنية إلى أن بعض المعلومات الواردة في هذه الأوراق تقول إن قوات الدفاع الإسرائيلية قد تكون عُرضةً للمحاكمة أمام بعض المحاكم.
مع اختتام جلسة اللجنة حول إسرائيل وغزة بعد ما يقرب من الساعة، تحول اللورد كاميرون إلى مناقشة قضايا عالمية أخرى مثل أوكرانيا والصين، مستخدماً لغة أكثر قبولاً وأقل إثارة للجدل.
كان هذا مثالاً للمساءلة البرلمانية، لكن لطالما كان كاميرون بارعاً في مثل هذه المواقف، وبالتالي لا يمكن القول إن كاميرون قد وُضع تحت الاختبار بعد.
© The Independent