Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

الأخطار تحاصر العقارات الأميركية مع تفاقم أزمة التخلف عن السداد

الأسعار تراجعت بأكثر من 11 في المئة فمحت المكاسب السابقة

 1.2 تريليون دولار من ديون العقارات التجارية في الولايات المتحدة تستحق حتى عام 2026 (أ ف ب)

لا تزال العقارات التجارية في الولايات المتحدة تشكل خطراً على رغم آمال المستثمرين في الهبوط السهل، فقد كشف تقرير حديث عن أن قطاع العقارات التجارية تعرض لضغوط شديدة على مستوى العالم مع ارتفاع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين، إذ تسبب اتجاه البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية في إطار مواجهة التضخم المرتفع، وترويض ارتفاعات الأسعار بسبب صعود أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى خلال أكثر من ثلاثة عقود.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة أكبر سوق للعقارات التجارية في العالم، تشير البيانات إلى أن الأسعار تراجعت 11 في المئة منذ أن بدأ بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) رفع أسعار الفائدة في مارس (آذار) 2022، مما أدى إلى محو مكاسب العامين السابقين.

وقال صندوق النقد الدولي في تقرير حديث إن كلف الاقتراض المرتفعة تميل إلى خفض أسعار العقارات التجارية بصورة مباشرة من خلال جعل الاستثمارات في هذا القطاع أكثر كلفة، ولكن أيضاً بصورة غير مباشرة من طريق تباطؤ النشاط الاقتصادي وتقليل الطلب على هذه العقارات.

ومع ذلك فإن الانخفاض الحاد في الأسعار خلال دورة تشديد السياسة النقدية الحالية في الولايات المتحدة الأميركية كان لافتاً للنظر، وخلافاً لدورة السياسة التشديدية الحالية ظلت أسعار العقارات التجارية مستقرة بصورة عامة، أو شهدت خسائر أقل خلال الزيادات السابقة لأسعار الفائدة الفيدرالية.

ومع ذلك فقد أعقب بعض الزيادات السابقة في أسعار الفائدة، كما حدث خلال الفترة من 2004 وحتى 2006، ركود سجلت خلاله أسعار العقارات التجارية انخفاضات ملحوظة مع انخفاض الطلب.

ارتفاع كلفة التمويل في ظل الفائدة المرتفعة

ويمكن أن يعود جزء من هذا الاختلاف في سلوك الأسعار بين دورات تشديد السياسة النقدية الأخيرة والسابقة لوتيرة الحادة لتشديد السياسة النقدية هذه المرة، وهو عامل أسهم في الزيادة الحادة في معدلات الرهن العقاري وهوامش الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التجاري، وأدى ذلك إلى تباطؤ ملحوظ في جمع الأموال من الأسهم الخاصة، وهو مصدر مهم لتمويل هذا القطاع خلال الأعوام الأخيرة، مثلما ورد في تقريرنا الأخير عن الاستقرار المالي العالمي.

وعلى رغم الانخفاض الأخير في عائدات سندات الخزانة الأميركية فقد أدى ارتفاع كلف التمويل منذ بداية دورة التشديد وتراجع أسعار العقارات إلى ارتفاع خسائر القروض العقارية التجارية، وأدت معايير الإقراض الأكثر صرامة من قبل البنوك الأميركية إلى تقييد توفر التمويل.

وعلى سبيل المثال فقد أعلن نحو ثلثي البنوك الأميركية أخيراً عن تشديد معايير الإقراض لقروض البناء التجاري وتطوير الأراضي بعد أن كانت النسبة أقل من خمسة في المئة أوائل العام الماضي.

وتفاقمت آثار تشديد الأوضاع المالية على أسعار العقارات التجارية على مدى العامين الماضيين بسبب الاتجاهات التي حفزتها الجائحة، مثل العمل من بعد والتجارة الإلكترونية، والتي أدت إلى انخفاض كبير في الطلب على مباني المكاتب والتجزئة ودفعت معدلات الشواغر أعلى.

وفي الواقع تراجعت الأسعار في هذه القطاعات وارتفعت معدلات التأخر في السداد على القروض المدعومة بهذه العقارات في هذه الدورة من تشديد السياسة النقدية.

وتسبب التضخم المرتفع وحزم الدعم السخية التي أنفقتها الحكومة الأميركية في تفاقم أزمة ارتفاعات الأسعار منذ جائحة كورونا، وتسبب الاتجاه إلى ترويض التضخم في قيام البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى خلال أكثر من 22 عاماً، وهو ما تسبب بالتبعية في زيادة أعباء وكلفة الرهن العقاري.

أخطار التخلف عن السداد تلوح في الأفق

وتعد هذه التحديات شاقة بصورة خاصة مع اقتراب موعد استحقاق كميات كبيرة من إعادة التمويل، ووفقاً لجمعية المصرفيين للرهن العقاري فإن ما يقدر بنحو 1.2 تريليون دولار من ديون العقارات التجارية في الولايات المتحدة ستستحق خلال العامين المقبلين، 25 في المئة منها عبارة عن قروض لقطاعات المكاتب والتجزئة، ومعظمها مملوكة من قبل البنوك والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التجاري.

وفي الوقت نفسه لا تزال آفاق القطاع صعبة حتى مع إشارة مسؤولي "الفيدرالي" إلى خفوض في أسعار الفائدة هذا العام، وتزايد تفاؤل المستثمرين في شأن الهبوط الناعم للاقتصاد.

ويواجه الوسطاء الماليون والمستثمرون الذين لديهم تعرض كبير للعقارات التجارية لأخطار متزايدة على جودة الأصول، والبنوك الأميركية الصغيرة والإقليمية معرضة للخطر بصورة خاصة لأنها معرضة للقطاع أكثر بخمس مرات تقريباً من البنوك الكبيرة.

كما أن الأخطار التي يفرضها قطاع العقارات التجارية تنطبق أيضاً على مناطق أخرى في أوروبا، إذ إن كثيراً من العوامل نفسها تلعب دوراً كما هو الحال في الولايات المتحدة.

ويجب على المشرفين الماليين أن يظلوا يقظين، ومن الممكن أن يؤدي ارتفاع حالات التعثر وعدم السداد في ظل تفاقم أزمة التخلف عن السداد في هذا القطاع إلى تقييد الإقراض وإشعال حلقة مفرغة من تشديد شروط التمويل، وانخفاض أسعار العقارات التجارية وخسائر للوسطاء الماليين مع آثار غير مباشرة على بقية الاقتصاد.

وسيكون الرصد المستمر وإدارة الأخطار المتعلقة بالقطاع أمراً مهماً للتخفيف من الأخطار المحتملة على الاستقرار المالي الكلي.