ملخص
هل ينأى الأردن بنفسه عن حرب المخدرات عبر تسليح أبناء السويداء؟
منذ القصف الأخير الذي نفذته طائرات أردنية على أوكار للمخدرات في ريف محافظة السويداء جنوب سوريا ومقتل نحو 10 أشخاص، بدأت تتعالى أصوات في الداخل السوري تطالب الأردن بوقف الضربات الجوية التي يقع نتيجتها ضحايا من المدنيين وبتسليح أبناء مدينة السويداء لتولي مواجهة مهربي المخدرات.
وفي حين يحذر مراقبون من انزلاق الأردن في ما يسمونه "المستنقع السوري"، يحاجج مسؤولون سابقون بأن الضربات الجوية الأردنية لأوكار المخدرات في سوريا مدروسة وتجري وفق معلومات دقيقة.
تسليم قوائم المطلوبين
وفقاً لوسائل إعلام سورية محلية دعت حركة "رجال الكرامة" في السويداء، الأردن إلى وقف عملياته العسكرية في المدينة حفاظاً على أرواح المدنيين، مؤكدة استعدادها لملاحقة المتورطين في عمليات تهريب المخدرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الحركة في بيان لها إن على المملكة الأردنية وقف العمليات العسكرية ضد المواقع المدنية وتوخي الحذر عند تنفيذ أية عملية، وإطلاعها على التحركات العسكرية والتنسيق مع الحركة في شأنها، كما دعت عمان إلى تسليمها قوائم بأسماء المطلوبين والمتورطين في تهريب وتجارة المخدرات، مؤكدة قدرتها على ملاحقتهم.
واتهمت الحركة النظام السوري بتهريب المخدرات والاتجار بها عبر الحدود وتحويل السويداء إلى معبر لتهريبها، بينما أشارت شبكة أخبار "السويداء 24" إلى أن القصف الأردني وسقوط مدنيين أديا إلى انقلاب المزاج العام في المدينة التي كان أهلها يؤيدون بشدة جهود المملكة.
ويشرح المتخصص في الشأن السوري صلاح ملكاوي لـ"اندبندنت عربية" سبب استهداف ريف السويداء بالضربات الجوية الأردنية، قائلاً "في الصيف الماضي تم تخزين ما يقارب 180 طناً من الحشيش والكبتاغون في قرى السويداء ودرعا وأريافهما داخل منازل مدنيين أو في مستودعات قريبة من منازلهم لتهريبها خلال فصل الشتاء عبر الأردن".
ويضيف أن "هذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها أهالي السويداء الأردن بتسليحهم، فهناك مناشدات مماثلة جرت السنة الماضية، لكنني أستبعد أن يستجيب الأردن لهذه المطالب".
ويعرب ملكاوي عن اعتقاده بـأن "عمليات القصف الأخيرة كانت بالتنسيق مع النظام السوري، والسوريون ليسوا بحاجة إلى سلاح لطلبه من الأردن، فهو متوافر وبكثرة، وبإمكان أهالي السويداء الحصول عليه ومواجهة المهربين".
ويؤكد أن سياسة الأردن في هذا الملف تحديداً تقوم على التنسيق مع الدولة السورية، وهو دائماً يميل إلى التعامل والتنسيق مع الدول وليس مع أحزاب أو ميليشيات أو مجموعات، بخاصة بعد تجربة سابقة سيئة مع الجيش السوري الحر، إذ يدفع الأردن ثمن دعمه سابقاً حتى اليوم، كما يبحث دائماً عن غطاء دولي وشرعية لأي قرار يتخذه.
مقاربات أمنية
وكان أهالي قرية الشعاب في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة السويداء السورية القريبة من الحدود الأردنية، أصدروا بياناً أعلنوا فيه رفضهم المطلق لتحول مناطقهم وقراهم إلى ساحة نزاع بسبب تهريب المخدرات، وأكدوا أنهم سيمنعون كل من يقوم بذلك بالقوة ويبلغون الجهات المعنية.
وبعد أن ظلت درعا لأعوام تمثل الصداع الأبرز للأردن والخاصرة الرخوة لحدوده مع سوريا، تحولت السويداء اليوم إلى الهم الأكبر لعمان بعدما تهريب المخدرات من قراها وريفها، حيث تتمتع الميليشيات الإيرانية بالنفوذ الأكبر هناك.
ويقر مراقبون بميل الأردن إلى التعاون مع الواجهات العشائرية في السويداء للمساعدة في محاربة تخزين المخدرات ومن ثم نقلها، بخاصة بعد تزويده العام الماضي السلطات السورية بإحداثيات ومعلومات عن أوكار التهريب في المنطقة، لكن دمشق لم تنجح على ما يبدو في اختبار النوايا هذا، مما يفسر تنفيذ سلاح الجو الأردني ضربات عدة في العمق السوري.
في المقابل، تتضمن تقارير وضعت على مكاتب مسؤولين بارزين في الحكومة الأردنية تقدير موقف في ما يخص محافظة السويداء السورية المحاذية للأردن والقريبة من منطقة الأزرق والبادية الشمالية الأردنية التي تضم مكوناً اجتماعياً غالبيه من الدروز، ومدى ارتباط ذلك بتداعيات تهريب المخدرات، والحديث عن مخطط أميركي للتقسيم في هذه المنطقة، وربما الوصول إلى تكوين دويلة درزية.
والمخاوف والحسابات الأردنية لها أساس، فقد تقدم الدروز في السويداء إلى عمان بطلب لفتح معبر مشترك مع الأردن، بالتزامن مع الانتفاضة التي وقعت في المدينة ضد النظام السوري أواخر عام 2023.
تدخل عسكري
وكان وجهاء عشائر الدروز في الأردن طالبوا عام 2015 عمان بتسليح دروز سوريا في السويداء لحماية أنفسهم، بخاصة من الجماعات التكفيرية وتنظيم" داعش"، لكن السلطات لم تعلق في حينه على هذه الدعوات.
ويقول وزير الإعلام السابق سميح المعايطة إن من يتباكون على ضحايا مدنيين في القصف الأردني يتناسون أن كل المهربين مدنيون ولكنهم إرهابيون أيضاً يحاولون اقتحام حدود الأردن، ويحملون مخدرات وأسلحة ومتفجرات، لهذا يستحقون الموت.
في حين يؤكد الكاتب ماهر أبو طير أن المملكة لديها معلومات تفصيلية من داخل سوريا، وهي معلومات أمنية يتم تحديثها يومياً من خلال بعض أبناء العشائر والمعارضة، وعبر الشبكات الأمنية التي تم تأسيسها في سياق إدارة الأخطار.
ويعد أبو طير من أشد أنصار الدعوة إلى تدخل عسكري عربي ودولي في مناطق جنوب سوريا لإقامة منطقة عازلة أو آمنة، ودعم الأردن في المعركة التي يخوضها منفرداً ضد شبكات تهريب المخدرات.