ملخص
وفق دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية فإن نحو 42 في المئة من النساء تعرضن للإيذاء الجسدي أو اللفظي أو التمييز أثناء الولادة في المراكز الصحية... إليكم القصة
تعد لحظة الإنجاب من أهم اللحظات في حياة النساء، فيمتزج وجع الولادة الطبيعي بفرحة قدوم طفل إلى هذا العالم، لكن هذه اللحظة يمكن أن تتحول لدى بعض النساء إلى موعد مع الإهانة وأحياناً الضرب.
تحكي أسماء عن تجربتها مع عنف الولادة في أحد المستشفيات العمومية في مدينة الدار البيضاء بالمغرب قائلة "بينما كنت أشعر بالألم كانت الطبيبة تصرخ وتشتم، وكانت من أصعب لحظات حياتي التي لا أرغب في أن تتكرر".
مشاهد راسخة
وتضيف أسماء التي كانت تبلغ حينها 23 سنة أنه "عندما أحضرتني والدتي إلى المستشفى، كنت في حال حمل صحي مكتمل، وطلبت مني الممرضة أن أنتظر في غرفة إلى جوار نساء أخريات، ينتظرن موعد ولادتهن، ورفضت الممرضة أن ترافقني والدتي، كما أنهن كنّ لا يهتممن بنا ويتجاهلن أسئلتنا".
وتابعت أنه "عندما جاء موعد الولادة، ضغطت الطبيبة على بطني بصورة عنيفة إلى درجة أني وجدت صعوبة في التنفس، بينما كانت تشتم وتصرخ، وشقت بطني على رغم أنه كان من الممكن أن أنجب من دون أن تشق بطني، وهو ألم لا يزال يرافقني وأيضاً البرد والجوع والعنف مشاهد راسخة في ذاكرتي إلى اليوم".
شق المهبل من أجل تسريع الولادة من دون موافقة النساء، يعد بحسب منظمة الصحة العالمية أحد الممارسات العنيفة وغير الإنسانية.
وحول الإبلاغ عن العنف الذي تعرضت له، قالت أسماء "عندما تشتكي في المستشفى، يخبرونك أنك إذا أردت رعاية صحية جيدة، عليك أن تتوجه إلى المستشفى الخاص".
عنف الولادة
يعد العنف التوليدي من المواضيع المسكوت عنها لأن النساء اللواتي يتعرضن له من الطبقات الاجتماعية الهشة العاجزات عن دفع فواتير الولادة في المستشفيات الخاصة.
ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، فإن العنف ضد المرأة يمارس في جميع أنحاء العالم، كما تتعرض النساء، بخاصة أثناء الحمل والولادة، لسوء المعاملة وعدم الاحترام والإيذاء والإهمال وانتهاك حقوق الإنسان، وكذلك الحرمان من الحق في الغذاء والمشي أثناء المخاض وهي حقوق أساسية لجميع النساء في العالم.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الفحص اليدوي المتكرر وغير المبرر للمناطق المهبلية يعد عنفاً ضد النساء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجدت دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية أن نحو 42 في المئة من النساء اللواتي شاركن في البحث، كشفن عن أنهن تعرضن للإيذاء الجسدي أو اللفظي أو التمييز أثناء الولادة في المراكز الصحية، كما تعرضت بعض النساء للّكم والصفع والصراخ في وجههن، أو السخرية أو الضغط عليهن بقوة، وتعد الأمهات العازبات من أكثر الفئات تعرضاً للعنف.
مبررات طبية
وبحسب بحث أعدته "مجلة السياسة الصحية والتخطيط" التي تركز على البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فإن العاملين في مجال الطب التوليدي يبررون العنف "بسبب رغبتهم في إنقاذ الطفل، لا سيما عندما تكون المرأة غير متعاونة أو صعبة ولا تتبع التعليمات، ولا تحترم مقدمي الخدمة.
ووفق البحث، "قال مقدمو الخدمة إنهم أحسوا في بعض الأحيان بالإرهاق عندما شعروا بأن الطفل قد يموت بسبب عدم تعاون المرأة، ثم كان رد فعلهم هو الإساءة لفظياً أو جسدياً".
وظروف العمل المرهق ونقص الموظفين والإمدادات الأساسية والأدوية، جميعها أسباب برر بها العاملون في القطاع الصحي العنف ضد النساء.
ويقول أحد العاملين "يمكنك أن تجد نفسك في مهمة ليلية وفي الوقت نفسه كان لديك عمل في النهار، لذا لا يمكنك تقديم الخدمات الجيدة التي ترغب في توفيرها للمريض لأنك مرهق".
ويحتاج النساء في غرف الولادة إلى الدعم النفسي والرعاية الخاصة، لكن غالبية العاملين في هذا القطاع في الدول ذات الدخل المحدود، يشعرون بأنهم أيضاً يعانون الضغط بسبب ظروف العمل.
وبحسب "مجلة السياسة الصحية والتخطيط" فإنه "من الصعب في بعض الأحيان الحفاظ على خصوصية المرأة وسريتها بسبب قلة غرف الولادة وعدم وجود حواجز للخصوصية، كما أن على النساء إحضار مستلزماتهن الخاصة مثل المنظفات والغطاء، واللواتي لم يحضرن أغراضهن الخاصة يتركن في بعض الأحيان بأجساد مكشوفة للمارة".
أهمية التبليغ
من جهتها أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب آمنة بوعياش أن "هناك حاجة ماسة لبيئات تدفع ضحايا العنف إلى الحديث والتبليغ عن الجرائم المرتكبة ضدهن، كما أنه من الضروري أن يحصلن على الدعم الضروري ويتم حفظ كرامتهن".
وأضافت أن "التبليغ يعد وسيلة مهمة لتعبئة المجتمع بهدف محاربة العنف بجميع أشكاله ضد النساء، كما أنه يسهم في تطوير النقاش حول الظاهرة".