ملخص
يخشى الأردن من أن تطاوله العمليات الإرهابية كما تبدي عمان قلقها من الاضطرار إلى إغلاق حدودها المشتركة مع العراق وسوريا
دخل الأردن مرغماً في دائرة التداعيات التي قد تترتب على الضربات العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة إلى مواقع لفصائل مسلحة موالية لإيران انتقاماً لجنودها الثلاثة الذين قتلوا في عملية "البرج 22". ففي الساعات الماضية ترددت مخاوف في دوائر صنع القرار الأردنية من تصاعد التوتر مع قوى سياسية وميليشيات مسلحة في كل من العراق وسوريا بسبب الضربات الأميركية.
ويخشى مراقبون من زج الولايات المتحدة للأردن في مواجهة إقليمية اعتماداً على اتفاقية الدفاع المشتركة بين البلدين، بخاصة أنه عالق في منطقة جغرافية ما بين سوريا والعراق اللتين تشكلان هدفاً للضربات الأميركية، لكن آخرين يستبعدون ذلك لأن القصف الأميركي لم يكن برأيهم أكثر من مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه دون التورط في مواجهة مباشرة مع إيران.
نفي المشاركة
وعلى رغم النفي الرسمي لأي مشاركة أميركية في الغارات الجوية كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الأردن شارك في هجمات جوية عبر طائرات "أف-16" تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني عندما تحددت أهداف لها، وذلك لإظهار التضامن مع حليفتها القوية واشنطن في أعقاب عملية "البرج 22".
وقال مسؤول أميركي رفيع لشبكة "سي أن أن" إن الأردن يشارك في العمليات ضد أهداف لميليشيات مدعومة من إيران، لكن كان لافتاً الإشارة إلى الغارات التي نفذت في الأراضي العراقية فقط دون التطرق إلى الضربات التي استهدفت مواقع سورية، ولعل ذلك ما دفع مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية لتأكيد أن سلاح الجو الملكي لم يشارك في الغارات الجوية التي نفذتها القوات الجوية الأميركية داخل الأراضي العراقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المصدر العسكري الأردني إنه لا صحة للتقارير الصحافية في شأن مشاركة طائرات أردنية في الضربات الأميركية داخل العراق، مشيراً إلى احترام القوات المسلحة الأردنية سيادة العراق، ونبه إلى عمق العلاقات الأخوية التي تجمع الأردن مع الدول العربية كافة، فيما قال مدير الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية العميد الركن مصطفى الحيارى إن أي عمل مفترض داخل العراق لن يكون إلا بالتنسيق مع بغداد.
"ليست حربنا"
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي حذر ناشطون من تورط الأردن في مواجهة الفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا، وتداولوا هاشتاغ "ليست حربنا" في إشارة إلى أن الأردن ليس معنياً بالمشاركة في الهجمات الأميركية.
أمام ذلك، أعاد وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة التذكير بنفي القوات المسلحة الأردنية مشاركتها في الضربات الأميركية على العراق، قائلاً "من روج لذلك أراد إدخال الأردن في مواجهة مباشرة مع الميليشيات وإحراجه بانتهاك السيادة العراقية".
يذكر أن الأردن شارك في الضربات الجوية خلال الحملة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، والتي بدأت في عام 2014، إذ أسر طيار أردني بيد التنظيم الإرهابي بعد إسقاط طائرته ومن ثم إعدامه حرقاً.
تداعيات محتملة
ومع وجود حدود مشتركة وطويلة مع سوريا والعراق يخشى الأردن من أن تطاوله العمليات الإرهابية بعد الهجمات الانتقامية الأميركية، مما قد يؤثر في استقرار هذا البلد العربي الذي ينظر إليه باعتباره واحة أمن في وسط محيط ملتهب.
والخشية الأردنية هنا تتعلق بميليشيات عراقية وسورية مرتبطة بإيران، فضلاً عن فصائل محسوبة على ما يسمى "محور المقاومة" مثل "حزب الله" اللبناني.
ويقول مراقبون إن الأردن ينظر بقلق من ناحية اقتصادية أيضاً، بخاصة إذا ما تم فرض عقوبات اقتصادية على العراق وإيران، على غرار تلك التي طاولت النظام السوري باسم عقوبات قيصر، والتي أضرت بالاقتصاد الأردني والتبادل التجاري مع دمشق، كما تبدي عمان قلقها من الاضطرار إلى إغلاق حدودها المشتركة مع العراق وسوريا مجدداً مع ازدياد وتيرة المواجهة بين واشنطن وفصائل عراقية وأخرى إيرانية في سوريا.
وفي السياق ذاته، تحدثت وسائل إعلام عراقية عن حملة برلمانية لإيقاف تصدير النفط إلى الأردن أو بيعه بأسعار تفضيلية، على خلفية الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الأميركية في مناطق غرب العراق.
ووفقاً لشركة تسويق النفط العراقية "سومو"، فإن معدل سعر بيع النفط الخام المصدر إلى الأردن بلغ 75.5 دولار، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وارتفعت صادرات النفط العراقي إلى الأردن من 10 آلاف برميل إلى 15 ألف برميل يومياً بأسعار تقل نحو 16 دولاراً عن السعر العالمي.
ويبدو أن الحكومة الأردنية استشعرت مسبقاً هذه التداعيات فبدأت تفكر في بدائل لتأمين وارداتها وصادراتها، فضلاً عن وضع خطة طوارئ لأزمة الشحن واحتياطات المخزون الغذائي وسلاسل التزويد.