Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسلحة الليزر... ضربات شعاعية قاتلة تقلب معادلات الحروب

باستطاعة هذه المنظومة إصابة هدف صغير بحجم العملة المعدنية بدقة شديدة

منظومة دراغون فاير الليزرية البريطانية (dstlmod X)

ملخص

ستتمكن هذه المنظومة من اعتراض الصواريخ بكلفة زهيدة تراوح ما بين ثلاثة وأربعة دولارات لكل صاروخ مقابل ما يقارب 50 ألف دولار عند استخدام منظومة "القبة الحديدية"

دأبت دول عدة خلال الأعوام الأخيرة على تطوير أسلحة ليزر عالية الطاقة تتمحور مهمتها في الأساس حول التصدي للأخطار براً وبحراً وجواً وبكلفة رخيصة، وتغني عن الحاجة إلى منظومات الدفاع الاعتراضية التي تتطلب إنفاقاً عسكرياً ضخماً.

وأثبتت الاختبارات الميدانية التي أولتها بعض الحكومات أولوية قصوى للحصول على أجهزة ليزر ذات قوة كهربائية متزايدة، أننا دخلنا عصر التطبيق العملي لجعل ما كان يُعد يوماً مشهداً من الخيال العلمي، حقيقة واقعة.

ويوفر هذا النوع الجديد من الأسلحة ميزة استثنائية، إذ إنه على عكس الأسلحة التقليدية مثل البنادق والمدافع وبطاريات الصواريخ التي تحوي كمية محدودة من الذخيرة، يمكنه الاستمرار في إطلاق الضربات الشعاعية القاتلة ما دام أنه مزود بالطاقة الكهربائية.

كيف يعمل الليزر؟

يستخدم الليزر الكهرباء لتوليد الفوتونات، أو جزيئات الضوء، وتمر هذه الفوتونات عبر مادة تخلق سلسلة من الفوتونات الإضافية، مما يؤدي إلى زيادة عددها بسرعة ليتم بعد ذلك تركيز كل هذه الفوتونات في شعاع ضيق بواسطة مخرج شعاع.

ويعمل الليزر عن طريق تحويل الكهرباء إلى فوتونات وارتدادها ذهاباً وإياباً بين مرآتين من خلال مادة خاصة تخلق سلسلة فيها فوتونات عدة. وفي العقود التي تلت الكشف عن أول ليزر عام 1960، طور المهندسون مجموعة متنوعة من أجهزة الليزر التي تولد فوتونات بأطوال موجية مختلفة في الطيف الكهرومغناطيسي، من الأشعة تحت الحمراء إلى الأشعة فوق البنفسجية. وتعتمد أنظمة الليزر عالية الطاقة التي تُختبر لأغراض عسكرية، على أشعة ليزر من الحال الصلبة التي تستخدم بلورات خاصة لتحويل الطاقة الكهربائية المدخلة إلى فوتونات.

عندما يتفاعل شعاع الليزر مع سطح ما، فإنه يولد تأثيرات مختلفة بناءً على طول موجة الفوتون وقوة الشعاع والمواد المكونة للسطح. وتعتبر أشعة الليزر منخفضة الطاقة التي تولد الفوتونات في الجزء المرئي من الطيف، مفيدة كمصادر للضوء التي نراها في المناسبات العامة، وتتميز هذه الحزم بقوة منخفضة لدرجة أنها تنعكس ببساطة عن السطح من دون الإضرار به.

استخدامات أسلحة الليزر

في الماضي، افترض خبراء الدفاع أن استخدام أسلحة الليزر التي تسمى علمياً "أسلحة الطاقة الموجهة"، ربما يكون أفضل لتعمية أجهزة استشعار العدو أو حجب رؤية الطيارين الذين يحلقون بالطائرات أو المروحيات. أما اليوم، فتغيرت هذه النظرة جذرياً، ليصبح الليزر جزءاً لا يتجزأ من مشاريع الدفاع الصاروخي الهادفة إلى التصدي للصواريخ والطائرات من دون طيار المعادية.

وتستخدم الأسلحة الكهرومغناطيسية التي تدخل في فئة الأسلحة آنفة الذكر، طاقة الموجات الدقيقة عالية الطاقة، مما يعطيها مزايا عدة مقارنة بالأسلحة التقليدية، وبذلك ما دام أن السلاح مزود بالطاقة الكهربائية، فإنه لا يحتاج إلى حمل ذخيرة أو إعادة تحميل، ويمكنه تدمير الأهداف بصورة متكررة.

وعلى مدى الأعوام الستة الماضية، انتقلت الاختبارات العسكرية من أجهزة الليزر بقدرة 60 كيلووات إلى أجهزة الليزر بقدرة 300 كيلووات، وفي غضون عامين آخرين، ترجح المعلومات أن تنشر الولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة لها أنظمة بقدرة 300 كيلووات وربما حتى 500 كيلووات.

الجهود الأميركية

بدأت بحوث الطاقة الموجهة في الولايات المتحدة تؤتي بثمارها، إذ تركز "وكالة الدفاع الصاروخي" بصورة متزايدة على تطوير أسلحة الطاقة الموجهة لإسقاط الصواريخ المعادية، لتتصدر هذه الجهود شركة الدفاع العملاقة "لوكهيد مارتن" التي لديها خبرة كبيرة في تطوير أسلحة الليزر، وتستكشف حالياً كيفية دمج أسلحة الطاقة الموجهة مع أنظمة "وكالة الدفاع الصاروخي" الحالية التي تعتمد على الاعتراض الحركي للصواريخ الباليستية والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

وقام الجيش الأميركي العام الماضي بنشر ليزر عالي الطاقة مثبت على مركبات عسكرية استعداداً لخطوات تجريبية تقضي بإسقاط مجموعة من الأهداف، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والمروحيات وقذائف الهاون والصواريخ. وتم تركيب الليزر بقوة 50 كيلووات على مركبة المشاة القتالية "سترايكر"، ونشر أربعة منها لاختبارها في ساحة المعركة ضمن منطقة الشرق الأوسط هذا العام.

فيما نشرت البحرية الأميركية عام 2022 سلاح ليزر عالي الطاقة بقدرة 60 كيلووات على متن المدمرة "يو إس إس بريبلي" لاختبار قدرة التصدي للسفن الصغيرة سريعة الحركة، إضافة إلى الصواريخ والطائرات من دون طيار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منظومة "الشعاع الحديدي" الإسرائيلية

في موازاة ذلك، تجري إسرائيل الاختبارات النهائية على منظومة "الشعاع الحديدي" التي طورتها شركة "رافائيل" لاعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى بواسطة شعاع ليزر مضاد للصواريخ.

وبحسب شركة "رافائيل" الإسرائيلية المصنعة لمنظومة "القبة الحديدية"، ستدخل منظومة "الشعاع الحديدي" الخدمة بحلول العام المقبل، وستتمكن من اعتراض الصواريخ بكلفة زهيدة تراوح ما بين ثلاثة وأربعة دولارات لكل صاروخ مقابل الكلفة الباهظة التي تبلغ نحو 50 ألف دولار عند استعمال منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصاروخ الواحد.

ويستخدم هذا النظام سلاح طاقة موجهاً بقدرة 100 كيلووات أو أكثر، وسيعمل مع منظومة "القبة الحديدية" باعتباره طبقة أخرى في استراتيجية الدفاع الجوي. وهكذا سيكون الجيش الإسرائيلي قادراً على اختيار ما إذا كان يريد تحييد التهديدات باللجوء إلى الصواريخ الحركية التقليدية أو ليزر "الشعاع الحديدي".

وباستخدام الليزر بدلاً من الاعتراضات الحركية، يتمتع "الشعاع الحديدي" بمخزون غير محدود وكلفة منخفضة لكل طلقة، وكذلك يخلق الحد الأدنى من الأضرار الجانبية.

منظومة "دراغون فاير" البريطانية

من جانبها، اختبرت بريطانيا العام الماضي منظومة "دراغون فاير" التي تعمل بالليزر والقادرة على التصدي لصواريخ فتاكة أو للطائرات من دون طيار مقابل نحو 13 دولاراً للضربة الشعاعية الواحدة، مما يوفر عشرات ملايين الدولارات لتغطية كلفة الصواريخ الاعتراضية التي تقوم بهذه المهمة حالياً.

وأشارت وزارة الدفاع البريطانية إلى أن هذه المنظومة باستطاعتها إصابة هدف صغير بحجم العملة المعدنية بدقة شديدة، وأنها من الممكن أن تكون بديلاً طويل المدى ومنخفض الكلفة عن مهمات معينة تقوم بها الصواريخ الدفاعية، وبذلك تحدث ثورة في ساحة المعركة من خلال تقليل الاعتماد على الذخيرة باهظة الثمن.

التحديات المتوقعة

قبل نشر هذه الأسلحة المعتمدة على شعاع الليزر على نطاق واسع، هناك تحديات جوهرية يجب على الجيوش المطورة لهذه المنظومات التعامل معها، لعل أحدها المستويات العالية من الطاقة اللازمة لخلق تأثيرات مفيدة من بعيد. فعلى عكس الليزر الصناعي الذي قد يكون على بعد بضع بوصات فحسب من هدفه، فإن العمليات العسكرية تشمل مسافات أكبر بكثير للدفاع ضد تهديد وارد مثل قذيفة هاون أو قارب صغير، وهنا تحتاج أسلحة الليزر إلى الاشتباك مع أهدافها قبل أن تتمكن من إلحاق أي ضرر.

وهناك تحدٍّ آخر يكمن في ضرورة إدارة الطاقة المستهلكة، إذ يستهلك أصغر سلاح ليزر نموذجي 10 كيلووات من الطاقة، أي ما يعادل تقريباً حاجة السيارة الكهربائية، بينما يستهلك أحدث سلاح ليزر عالي الطاقة قيد التطوير 300 كيلووات من الطاقة، مما يكفي لتزويد 30 أسرة بالطاقة. ولأن أشعة الليزر عالية الطاقة تبلغ كفاءتها 50 في المئة فحسب في أحسن الأحوال، فإنها تولد كمية هائلة من الطاقة المهدرة التي يجب إدارتها.

وما ذكرناه أعلاه يعني أن أجهزة الليزر عالية الطاقة تتطلب بنية تحتية واسعة النطاق لتوليد الطاقة والتبريد، مما يضع حدوداً لأنواع التأثيرات التي يمكن توليدها من منصات عسكرية مختلفة، لذا فإن الفاعلية القصوى لهذه الأسلحة تقتصر على الأهداف التي تتطلب طاقة منخفضة نسبياً، مثل إسقاط الطائرات من دون طيار أو تعطيل الصواريخ.

وهناك أيضاً حدود لأسلحة الليزر عالية الطاقة، تتلخص بانخفاض فاعليتها في المطر والضباب والدخان، وهي عوامل تشتت أشعة الليزر، إضافة إلى ضرورة تركيز أشعة الليزر على الأهداف المتحركة لمدة تصل إلى 10 ثوانٍ لإحداث ضرر فيها.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم