ملخص
تطبيق "سيغنال" هو تطبيق مراسلة فورية مشفر يركز على الخصوصية والأمان، وقد اكتسب شهرة متزايدة في السنوات الأخيرة كبديل لتطبيقات مثل "واتساب"
هزت فضيحة كبرى الأوساط السياسية والأمنية في الولايات المتحدة وأوروبا بعد تسريب محادثة سرية عبر تطبيق Signal "سيغنال"، كشفت عن خطط عسكرية حساسة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. المحادثة، التي جرت ضمن مجموعة تُسمى Houthi PC small group، ضمت مسؤولين كباراً مثل نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو، إضافة إلى مستشار الأمن القومي مايك والتز، وتناولت خططاً لضربات عسكرية ضد ميليشيات الحوثي في اليمن تهدف إلى حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وفقاً لتقرير نشرته مجلة "أتلنتيك" The Atlantic، وقع الحادث عندما أضاف والتز، عن طريق الخطأ، رئيس تحرير المجلة جيفري غولدبيرغ إلى المحادثة الجماعية، مما سمح له بمتابعة المناقشات التفصيلية حول توقيت وطبيعة العملية العسكرية. الرسائل المسربة، التي أكدت الإدارة الأميركية صحتها، كشفت عن نقاشات حساسة للغاية لم يكن من المفترض أن تُجرى خارج الأنظمة الحكومية المصنفة، مما أثار تساؤلات حول الاعتماد المفرط على تطبيقات المراسلة المشفرة مثل "سيغنال" في الأعمال الحكومية.ويعود تفضيل جهات عدة تطبيق المحادثة هذا عوضاً عن الرائجة مثل "الواتساب" إلى أنه مملوك لمؤسسة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، وتحصل على أموالها من خلال التبرعات بدلاً من الإعلانات التي يمكنها تتبع المستخدمين.
ردود فعل دولية
في الولايات المتحدة، أثارت الحادثة موجة من الانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. دعا أعضاء في الكونغرس إلى إجراء تحقيقات قانونية فورية، مع تحديد جلسات استماع لمراجعة استخدام تطبيقات مثل "سيغنال" في مناقشة المعلومات الدفاعية. ونفى وزير الدفاع بيت هيغسيث التقارير التي تتحدث عن تعمد مشاركة معلومات حساسة، لكنه لم يقدم تفسيراً واضحاً لسبب استخدام التطبيق بدلاً من القنوات الرسمية. من جانبه، نفى الرئيس ترمب علمه بالمحادثة، مما زاد من الجدل حول مستوى الإشراف داخل إدارته.
على الصعيد الأوروبي، أعربت مصادر دبلوماسية عن قلقها من تداعيات التسريب على الثقة بين الحلفاء. وفقاً لتقارير، قد يتردد شركاء الولايات المتحدة في حلف "الناتو" ودول أخرى في مشاركة معلومات استخباراتية حساسة، خشية تكرار مثل هذه الأخطاء. كما حذرت مصادر أوروبية من أن الخصوم، مثل روسيا أو إيران، قد يستغلون هذا الخرق لتعزيز رواياتهم الدعائية أو لتطوير استراتيجيات مضادة.
لماذا "سيغنال" وليس "واتساب"؟
تطبيق "سيغنال" هو تطبيق مراسلة فورية مشفر يركز على الخصوصية والأمان، وقد اكتسب شهرة متزايدة في السنوات الأخيرة كبديل لتطبيقات مثل "واتساب". يتميز بتقديم تشفير قوي من طرف إلى طرف، وهو مفتوح المصدر، مما يعني أن أي شخص يمكنه التحقق من سلامة برمجياته. في هذا التقرير، نستعرض ما نعرفه عن التطبيق، أعداد مستخدميه، مناطق انتشاره، وأسباب تفضيل الصحافيين وخبراء الأمن له على "واتساب".يهدف التطبيق إلى توفير وسيلة اتصال آمنة تحمي خصوصية المستخدمين من التجسس الحكومي أو الشركات الخاصة. يستخدم التطبيق رقم الهاتف كمعرف أساسي، ويوفر ميزات مثل الرسائل النصية، المكالمات الصوتية والمرئية، والمحادثات الجماعية، مع تشفير شامل لكل ذلك.
أعداد مستخدميه
حتى مارس (آذار) 2025، لا توجد أرقام دقيقة ومحدثة بشكل رسمي لعدد مستخدمي "سيغنال"، لكن التقديرات تشير إلى أنه يتراوح بين 40 و70 مليون مستخدم نشط شهرياً، وفقاً لتقارير سابقة وتوقعات النمو. في عام 2021، شهد التطبيق طفرة كبيرة في التحميلات بعد إعلان "واتساب" عن تغييرات في سياسة الخصوصية، حين وصل عدد التنزيلات إلى أكثر من 50 مليون مرة في غضون أسابيع. ومع ذلك، فإن هذا العدد لا يزال متواضعاً مقارنة بـ"واتساب"، الذي يضم أكثر من 2 مليار مستخدم عالمياً.
ينتشر "سيغنال" بشكل رئيسي في الدول الغربية، بخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يحظى بشعبية بين الأفراد المهتمين بالخصوصية، مثل الصحافيين، النشطاء، وخبراء التكنولوجيا. في الشرق الأوسط، استخدامه أقل شيوعاً ولكنه يتزايد تدريجياً، بخاصة في دول مثل مصر والإمارات والسعودية، حيث يبحث البعض عن بدائل لتطبيقات المراسلة التقليدية. في آسيا، يحظى بشعبية في دول مثل الهند واليابان، بينما تواجه بعض الدول الأخرى قيوداً على استخدامه، مثل الصين التي حظرت التطبيق منذ 2021. في أفريقيا، الانتشار محدود ولكنه ينمو ببطء بين المجتمعات التقنية.
لماذا يفضله خبراء الأمن على "واتساب"؟
يعود ذلك إلى الخصوصية والتشفير القوي، إذ يوفر تشفيراً من طرف إلى طرف لجميع الاتصالات، وهو مفتوح المصدر، مما يسمح للخبراء بفحص الكود واكتشاف أي ثغرات محتملة. على عكسه، "واتساب"، على رغم أنه يستخدم تشفيراً مشابهاً مستنداً إلى بروتوكول "سيغنال" نفسه، مملوك لشركة "ميتا"، التي تثير مخاوف بسبب جمعها لبيانات المستخدمين مثل أرقام الهواتف، عناوين IP، والتفاعلات لأغراض إعلانية.كما أن التطبيق لا يجمع سوى رقم الهاتف كمعلومة أساسية، ولا يخزن بيانات تعريفية إضافية عن المستخدمين. في المقابل، "واتساب" يشارك بيانات مع "فيسبوك"، مما يجعله أقل جاذبية لمن يخشون المراقبة أو استغلال المعلومات.
ميزات أمان متقدمة
تشير المراجعات التقنية إلى توافر التطبيق على خيارات مثل الرسائل ذاتية التدمير، وحماية الشاشة من اللقطات، وإخفاء المعلومات الحساسة، وهي أدوات حاسمة للصحافيين الذين يتعاملون مع مصادر سرية أو يعملون في مناطق نزاع. "واتساب" يفتقر إلى بعض هذه الخيارات أو يقدمها بشكل أقل شمولية.حظي "سيغنال" بتأييد من شخصيات بارزة مثل إدوارد سنودن وإيلون ماسك، مما عزز مكانته كخيار موثوق للصحافيين وخبراء الأمن الذين يحتاجون إلى حماية هوياتهم ومصادرهم، بخاصة في التحقيقات الحساسة أو العمل في بيئات معادية.
الشعبية مقابل الأمان
"واتساب" يتفوق بشعبيته الهائلة وسهولة استخدامه، مما يجعله عملياً للاتصال اليومي العام. لكن هذه الشعبية تأتي على حساب الخصوصية، إذ يجمع بيانات أكثر ويفتقر إلى الشفافية الكاملة التي يقدمها "سيغنال"، يضاف إلى ذلك أن "واتساب" يوفر ميزات مثل الحالات والنسخ الاحتياطي السحابي، بينما "سيغنال" يركز على البساطة والأمان، مما قد يجعله أقل جاذبية للمستخدم العادي لكنه مثالي لمن يضعون الأمان أولوية.
وتشير "بي بي سي" البريطانية إلى أن ذلك "يعني أن خبراء الأمن السيبراني والصحافيين ينظرون بإيجابية إلى تطبيق "سيغنال"، ولكنه يبقى آمناً بقدر أمان الجهاز الذي يعمل عليه والشخص الذي يستخدمه"، فإذا تمكن أحدهم من الوصول إلى هاتفك بينما تطبيق "سيغنال" مفتوح، أو إذا عرف كلمة مرورك، فسيتمكن من رؤية رسائلك. ولهذا السبب ترى أنه "لا يمكن لأي تطبيق مراسلة أن يحل محل القنوات الحكومية الآمنة".