Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تفاقمت مشكلة الطاقة الفائضة في الصين؟

واصلت استثمارات بكين في السلع العالية التقنية الارتفاع مما أدى إلى مزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا

بلغ نمو الاستثمار في قطاع السيارات ما يقارب 25 في المئة على أساس سنوي في أوائل عام 2023 (أ ف ب)

ملخص

منذ عام 2021 استثمرت الشركات الصينية في التصنيع أكثر من المعتاد على رغم ضعف الطلب المحلي والصادرات

غمرت السلع الصينية الرخيصة العالية التقنية الاقتصاد العالمي هذا العام، مما أثار مخاوف في واشنطن وبروكسل مع شكوى الشركات الغربية مما تعتبره جولة جديدة من المنافسة غير العادلة. ونفى الرئيس الصيني شي جينبينغ هذه الاتهامات، قائلاً "لا يوجد ما يسمى مشكلة الطاقة الفائضة الصينية". وبدلاً من ذلك يقول المسؤولون الصينيون إن السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وغيرها من المنتجات في البلاد هي ببساطة أفضل وأكثر تنافسية من الإصدارات الغربية.

وبنظرة فاحصة على القطاع الصناعي في الصين ستظهر علامات واضحة على الطاقة الفائضة، بخاصة في صناعات مثل الألواح الشمسية والسيارات والصلب. وفي بعض القطاعات، يبدو الوضع مستعداً للتفاقم، مع استمرار الصين في توسيع قدرتها حتى مع بقاء الطلب المحلي ضعيفاً.

قد لا يكون من السهل تعريف "القدرة الفائضة"، لأنه من غير الواضح ما المقصود بـ"الفائض"، فهل ينبغي مقارنة الحجم الصناعي والاستثمارات الجديدة في الصين بنموها الحالي؟ وهل هو ضد نمو العالم، أم ضد نمو الصين المستقبلي؟

يفضل الساسة الغربيون الذين يتطلعون إلى موجة عارمة من السلع الرخيصة التعريف الأول، فيما تفضل بكين الخيار الثاني أو الثالث.

والأمر الواضح هو أنه منذ عام 2021 استثمرت الشركات الصينية في التصنيع أكثر من المعتاد، على رغم ضعف الطلب المحلي والصادرات في كثير من الأحيان. وكان هذا الاتجاه صارخاً خصوصاً بالنسبة إلى بعض القطاعات التي تفضلها بكين والتي غالباً ما تستفيد من الإعانات مثل السيارات الكهربائية.

بلغ نمو الاستثمار في قطاع السيارات ما يقارب 25 في المئة على أساس سنوي في أوائل عام 2023، وكانت الزيادة في الاستثمار في الألواح الشمسية والرقائق والبطاريات أكثر إثارة للإعجاب.

مؤشر آخر إلى الطاقة الفائضة

لكن مع ارتفاع الاستثمار انخفضت هوامش الربح للمنتجين الصينيين، بخاصة في مجال صناعة السيارات والصلب.

وكانت هوامش الربح الصافية لقطاع التصنيع في الصين ككل أقل من أربعة في المئة في أوائل عام 2024، وهو أقل بكثير من المتوسط ​​الذي بلغ نحو ستة في المئة في أواخر العقد الأول من القرن الـ21، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".

أسعار تصدير المنتجات الصينية

وأدت القدرة الهائلة المقترنة بضعف الطلب وانخفاض الهوامش في الداخل إلى دفع مزيد من البضائع الصينية إلى الأسواق العالمية، وأدى هذا العرض الزائد إلى انخفاض أسعار بعض السلع الصينية وإضعاف المنافسين في الخارج، لكن التأثير كان مختلفاً بالنسبة إلى المنتجات المختلفة.

وفي وقت ركز فيه الساسة الغربيون على التهديد الذي تشكله السيارات الصينية، فإن انخفاض الأسعار كان حتى الآن أسوأ بكثير في قطاعات الصلب والألواح الشمسية. وارتفعت أسعار بطاريات الليثيوم أيون بصورة حادة منذ عام 2020، على رغم أنها كانت تنخفض بسرعة في الآونة الأخيرة.

سوق العقارات الضعيفة

ظهرت مشكلة الطاقة الفائضة الأخيرة في الصين بصورة جدية في الوقت نفسه تقريباً الذي حدث فيه الانهيار الملحمي في قطاع العقارات في البلاد، وهذا ليس من قبيل الصدفة، إذ أدى انهيار العقارات إلى الحد من الطلب على الصلب ومواد البناء الأخرى. ومع جفاف الاقتراض من الرهن العقاري أدى الكساد أيضاً إلى تحرير المدخرات الفائضة للاستثمار في أشياء مثل السيارات والرقائق ومصانع الخلايا الشمسية، مما شجعته بكين بجدية، والتي تفضل سياسة تعتمد على التصنيع، بدلاً من العقارات والاستهلاك كنموذج للنمو.

وما دامت سوق العقارات في الصين في حالة ركود وما دامت الأسر الصينية مستمرة في الادخار وما دامت بكين عازمة على شق طريقها للخروج من المتاعب الاقتصادية، فمن غير المرجح أن تتحسن مشكلة القدرة الفائضة في الصين بصورة كبيرة.

القدرة الفائضة الأسوأ

وتبدو القدرة الفائضة لدى الصين أسوأ ما يمكن في مجال تصنيع الخلايا الشمسية، التي تعد، إلى جانب تطبيقات الطاقة النظيفة الأخرى، واحدة مما تسمى "القوى الإنتاجية الجديدة" التي سلطت بكين الضوء عليها باعتبارها عنصراً أساساً في استراتيجية النمو المستقبلية.

وأنتجت الصين في عام 2023 أكثر من 450 غيغاواط من الخلايا الشمسية، وفقاً للبيانات الرسمية، وركبت أقل من 220 غيغاواط في المنازل، وهو رقم ضخم ولكنه لا يزال أقل من نصف ما تنتجه.

وتشير تقديرات "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن الصين ستصنع نحو 750 غيغاواط هذا العام، وإذا ظلت المنشآت على المستوى نفسه فهذا يعني أن الصين تنتج نحو 500 غيغاواط من الخلايا الشمسية "الزائدة" في عام 2024، وهذا ما يقارب أربعة أضعاف إجمالي عدد اللوحات التي ركبت في عام 2023 في بقية أنحاء العالم.

يمكن أن تسوء الأمور

وتعد الصين أكبر منتج ومستهلك للصلب في العالم، إلا أن صادراتها تميل إلى الارتفاع عندما تواجه سوق العقارات مشكلات، لكن البلاد لا تزال تستخدم نسبة أعلى من إنتاجها من الصلب محلياً مقارنة بما كانت عليه في ذروة الانكماش العقاري الكبير الأخير في عام 2015، وخلال الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

في حين تبدو هوامش الربح للصلب أسوأ بكثير مما كانت عليه في عام 2015، ويرجع ذلك جزئياً إلى خام الحديد الباهظ الثمن، وهذا يعني أن شركات صناعة الصلب لديها حافز قوي للعثور على أسعار أعلى في الخارج.

 أما بالنسبة إلى البطاريات فقد بدا التوازن العالمي بين العرض والطلب أفضل حتى وقت قريب، لكن اليوم هناك علامات تحذير واضحة في المستقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتجهت أسعار تصدير بطاريات الليثيوم أيون الصينية إلى الانخفاض بصورة حادة منذ أواخر عام 2023، إذ كبحت شركات صناعة السيارات العالمية جماح ثورة السيارات الكهربائية. وفي الوقت نفسه يستعد المصنعون الصينيون لزيادة تاريخية في العرض، على رغم المبادئ التوجيهية الأخيرة من بكين التي تهدف إلى تقييد الاستثمار في سعة البطاريات المنخفضة.

وقدر بنك "غولدمان ساكس" العام الماضي أن قدرة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية الصينية، بعد تعديلها بحسب العائد، ستصل إلى نحو 1000 غيغاواط/ ساعة بحلول عام 2025، وهو ما يقارب ضعف توقعات البنك للطلب الصيني. ويتوقع "غولدمان" أن تنخفض معدلات استخدام مصانع البطاريات خارج الصين من نحو 100 في المئة في عام 2022 إلى نحو 80 في المئة بحلول عام 2026.

بصيص من الأمل في السيارات

تركز الاهتمام السياسي على ارتفاع صادرات الصين من السيارات وطاقتها الفائضة لسبب وجيه، نظراً إلى مدى أهمية قطاع السيارات بالنسبة إلى الاقتصادات الغربية.

ولكن في حين أن الوضع بالنسبة إلى بعض شركات صناعة السيارات الغربية رهيب لا يمكن إنكاره، فإن ارتفاع الاستثمار في قطاع السيارات في الصين في عامي 2022 و2023 بدأ يهدأ الآن، إذ انخفض الاستثمار، الذي كان ينمو بنحو 20 في المئة على أساس سنوي في عام 2023، إلى 5.7 في المئة، وهو ما يتماشى تقريباً مع المتوسط ​​التاريخي، ويبدو أن هوامش الربح استقرت أيضاً، وإن كان عند مستوى أقل مما كانت عليه في الماضي.

وبعبارة أخرى على رغم أن الطاقة الفائضة لا تزال شديدة، فإنها ربما لم تعد تتفاقم بسرعة، لذا يبدو أن حرب أسعار السيارات في الصين وتباطؤ اعتماد السيارات الكهربائية في الخارج قد أسهما أخيراً في الحد من هوس الاستثمار في الداخل.

مع ذلك فإن الهوامش في المعدات الكهربائية تتجه نحو الانخفاض مرة أخرى، وهي علامة تحذير أخرى للخلايا الشمسية وغيرها من المعدات مثل البطاريات.

اقرأ المزيد