Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رماد حرب الخرطوم يردم مناجم الذهب السوداني

ساهم الصراع المسلح في انخفاض إنتاج المعدن الأصفر بسبب تراجع عمليات التعدين لكن زاد عدد الباحثين عنه

صادر الذهب في الربع الأول من هذا العام تجاوز سبعة أطنان و626 كيلوغراماً (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

يعتمد الاقتصاد السوداني على صادرات الذهب بصورة كبيرة في الحصول على النقد الأجنبي وبخاصة بعد انفصال دولة جنوب السودان عام 2011، إذ عادلت خلال العام الماضي 46 في المئة من إجمال عائدات صادرات البلاد البالغة 4.357 مليار دولار.

يعتمد نحو ثلاثة ملايين شخص من سكان السودان على قطاع التعدين التقليدي للذهب كمصدر رئيس للعيش، بيد أن اندلاع الحرب في البلاد وأخطار التنقل أسهما في تراجع نسبة العاملين في القطاع وبخاصة القادمين من ولايات كردفان ودارفور والجزيرة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الكلى للمعدن الأصفر الذي كان يقدر بـ80 في المئة من أعمال المنقبين التقليديين قبل بدء الصراع المسلح.

وبحسب دراسة أجرتها الشركة السودانية للموارد المعدنية، فإن القطاع تعمل فيه شرائح المجتمع كافة، من طلاب وموظفين وعمال، ومزارعين ورعاة بغرض الثراء السريع وتحسين ظروف أسرهم المعيشية، على رغم مشقة العمل وسط الصحارى والأصقاع النائية، فضلاً عن الأخطار الصحية وحوادث الموت المتكررة تحت أنقاض آبار التعدين.

طفرة في الإنتاج

ووفقاً لتقرير صادر الذهب للربع الأول من هذا العام، فإنه تجاوز سبعة أطنان و626 كيلوغراماً بقيمة 428 مليون دولار.

 

 

وقال مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة محمد طاهر عمر إن "السياسات الأخيرة كان لها الأثر الكبير في تحسين عملية الصادر"، مشيراً إلى أن "الشركة تتوقع في نهاية هذا العام وصول صادر الذهب إلى 2.182 مليار دولار".

مصادر للرزق

تنتشر مواقع التنقيب التقليدي في ولايات نهر النيل والبحر الأحمر وجنوب كردفان وشمالها، وتنشأ حول أماكن التعدين مخيمات عشوائية وأكشاك موقتة يوجد فيها العاملون في النشاطات الاقتصادية الصغيرة من مطاعم وتجارة جوالة.

أحمد إبراهيم، من سكان منطقة أبو حراز بولاية شمال كردفان (عمل في فترة سابقة بمجال التعدين التقليدي)، اعتبر أن "الحرب أسهمت في توقف عمل ملايين السودانيين بمواقع التعدين التقليدي للذهب، مما انعكس على ظروف أسرهم خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية والأوضاع المعيشية المتفاقمة، في وقت عانى فيه آخرون الأمرين بعد المغامرة والسفر إلى مناطق التنقيب في الولاية الشمالية، إذ تعرضوا للتوقيف والاعتقال من قبل المجموعات المسلحة".

وأضاف إبراهيم أن "العمل في مجال التعدين يعد مصدراً جيداً للدخل بالنسبة إلى الشباب الذين لا يجدون وظائف، علاوة على ذوي الدخل المحدود والمزارعين والرعاة من أجل إصلاح الأوضاع الاقتصادية وتوفير المتطلبات الأسرية".

وتابع المتحدث "قبل اندلاع الصراع المسلح غامرت بالذهاب إلى ولاية نهر النيل بحثاً عن الذهب، وبعد مضى ستة أشهر، نجحت في الحصول على بضعة كيلوغرامات من المعدن الأصفر فتحت لي باب الثراء، وشيدت منزلاً جديداً، إلى جانب امتلاك دكاناً في سوق مدينة الأبيض، وحين هممت بالعودة مرة ثانية بات الوضع كارثياً بسبب تداعيات الحرب وأخطار التنقل عبر الطرق القومية".

تأثير الحرب

قبل عامين، قصد مأمون إسحاق شمال السودان قادماً من منطقة تلودي في ولاية جنوب كردفان، ومكث هناك فترة طويلة عمل خلالها بجهد في آبار التعدين، وعاد إلى قريته في نهاية مارس (آذار) 2023، محملاً بالمال، فقد باع حصيلته من الذهب في الموقع، غير أن تصاعد وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حال بينه وحلم العودة إلى مقر عمله رفقة عدد كبير من أفراد عائلته، الذين يعملون في طواحين الذهب التقليدي".

 

 

يرى إسحاق أن "الحرب تسببت في توقف أعمال ملايين السودانيين بمهنة التنقيب عن المعدن الأصفر، نظراً لاعتمادهم عليها في مساعدة أسرهم وتوفير مستلزمات الدرس لأطفالهم، فمنهم من يجد مطلبه ويحالفه الحظ في الثراء السريع، وآخرون يحصلون على أموال محدودة تسهم في إعانة أهلهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن "الغالبية لديهم الرغبة الملحة في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، على رغم حوادث الموت المتكررة والأخطار الصحية في مناطق التعدين التقليدي، لكن اندلاع الصراع المسلح وصعوبة التنقل أسهما في تراجع نسبة المعدنين وبخاصة الآتين من ولايتي كردفان ودارفور".

توافد وتسهيلات

وقال بخيت مقدم أحد الموجودين في محلية بربر شمال السودان، إن "تصاعد القتال لم يمنع كثيراً من عمال قطاع التعدين من التوافد إلى المنطقة للعمل، في ظل تزايد نشاط عدد كبير من التجار في مجال التنقيب عن الذهب، ووجود آلاف الطواحين وأجهزة الكشف السطحي".

وأضاف أن "القطاع يعد الخيار الأمثل حالياً في البلاد، وتبدو أفضليته في حصول العامل على 40 ألف جنيه سوداني ’نحو 20 دولاراً‘ يومياً، وهو ما لا يمكن تحقيقه في أعمال أخرى".

ونبه مقدم إلى وجود تسهيلات من قبل التجار خصوصاً "الاستدانة لتسيير العمل وتوفير المواد الغذائية وأدوات الإنتاج، وكذلك الحرية في بيع المنتج".

توقف وعودة

ويقول الباحث في مجال التعدين أمجد جمعة إن "المنقبين التقليديين يمثلون الشريحة الأكبر في إنتاج الذهب بالسودان، ويوفر هذا القطاع فرص عمل للملايين من مختلف ولايات البلاد، منهم أطفال وشباب دفعت بهم ظروف المعيشة القاهرة إلى العمل في مهنة صعبة وخطرة، فتحت لكثير منهم باباً للثراء، ودفع بعضهم حياته ثمناً لطموحه وأحلامه تحت أنقاض آبار التعدين".

 

 

ونوه بأن "تداعيات الحرب أثرت في القطاع، إذ ارتفعت كلف الإنتاج وأدوات التشغيل وبخاصة أجهزة الاستشعار المحمولة يدوياً والزئبق، وكذلك الوقود والمواد الغذائية، فضلاً عن صعوبة وصول أعداد كبيرة من المعدنين إلى مناطق التنقيب بسبب أخطار التنقل خشية التعرض للقتل أو الاعتقال".

وأشار جمعة إلى أن "مصفاة السودان للذهب توقفت عن العمل بعد الأضرار التي لحقت بها، جراء الاشتباكات المسلحة في العاصمة الخرطوم، علاوة على الفجوات التي حدثت لمدخلات الإنتاج، خصوصاً الشح الشديد في مادة الزئبق نسبة إلى توقف عمل شركة ’سودامين‘ المسؤولة عن توريد هذه المواد".

ولفت الباحث في مجال التعدين إلى أن "إطالة أمد الحرب أسهم في عودة آلاف المعدنين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، بمن فيهم بعض الواقعين تحت خط النار، من أجل مساعدة أسرهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها الغالبية".

الذهب والاقتصاد

ويعتمد الاقتصاد السوداني على صادرات الذهب بصورة كبيرة في الحصول على النقد الأجنبي، وبخاصة بعد انفصال دولة جنوب السودان خلال عام 2011، إذ عادلت في العام الماضي 46 في المئة من إجمال عائدات صادرات البلاد البالغة 4.357 مليار دولار.

 

 

وتأتي ولاية البحر الأحمر على رأس قائمة الولايات، مستحوذة على 51 مربعاً للاستكشاف والبحث، ثم ولاية نهر النيل بعدد 23 مربعاً، ونصيب الولاية الشمالية 17 مربعاً، وولاية جنوب كردفان بها 12 مربعاً.

وبلغت عوائد الصادرات السنوية من الذهب خلال عام 2014 نحو 1.271 مليار دولار، وبلغت 1.5 مليار دولار خلال عام 2017، و1.2 مليار دولار خلال عام 2019، وقفزت إلى 2.021 مليار دولار خلال عام 2022.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير