Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملابس مسرطنة؟... حرب سياسية وتجارية في عالم التسوق الإلكتروني

ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي أثارتها أخبار عن تفتيش السلطات الكورية لمنتجات شركة صينية

تستخدم في صناعة الملابس آلاف المواد الكيماوية التي قد تتكدس في الجسم للمدى البعيد (أدوب ستوك - اندبندنت عربية)

ملخص

السرطان والاضطرابات الهرمونية أخطار يمكن التعرض لها على المدى البعيد بسبب الملابس واحتكاك الجلد بها، ويزيد الخطر أكثر بعد في تجربة التسوق الإلكتروني بسبب المواد الكيماوية... فأين الضوابط في هذا المجال؟

منذ انتشار وباء كورونا، تغيرت عادات التسوق في مختلف أنحاء العالم، وزاد الاتجاه نحو التسوق أونلاين، ولو بنسب متفاوتة بين الدول. كان عشاق التسوق يجدون متعة خاصة في التنقل بين المحلات التجارية لاختيار قطعهم المفضلة لما يؤمنه لهم ذلك من لذة، إلى أن أتت الجائحة لتفرض تغييراً في هذه العادات وترغمهم على الاعتماد على التسوق الإلكتروني كوسيلة وحيدة آنذاك للتبضع.

وسرعان ما فرض التسوق الإلكتروني نفسه بعد انتهاء الوباء وإزالة القيود التي فرضتها تلك المرحلة، إلا أن هذا النوع من التسوق لا يخلو من المحاذير، وإذا كان قد استطاع أن يؤمن الحماية من الفيروس في فترة انتشار الوباء، ترافق مع أخطار أخرى قد لا تخطر ببال من يعتمدون عليه بشكل أساسي في التبضع. إذ أشارت تقارير عدة إلى وجود مواد كيماوية عدة تستخدم في صناعة الملابس عامة، سواء لصباغها أو لتليينها، ومنها ما يستخدم ضد العفن ولأسباب أخرى تسبب أضراراً صحية للمدى البعيد.

من المفترض أن تستخدم تلك المواد الكيماوية بنسب معينة تجنباً للحد من الضرر الذي يمكن أن ينتج منها عند التعرض لها كالسرطان وغيره من الأمراض، لكن قد يزيد هذا الخطر في البضائع التي تباع إلكترونياً لأسباب عدة.

خطر غير متوقع

دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين الكوريين أعادت إلى الواجهة هذه الأخطار، وتدعو إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لتجنبها.

الدراسة الجديدة أحدثت ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث توصل العلماء إلى وجود مخالفات جسيمة في منتجات إحدى منصات البيع الإلكتروني العملاقة التي تقدم منتجات بأسعار مخفضة ويستخدمها المستهلكون بمعدلات مرتفعة، وذلك بعد اختبارات أجروها على الحقائب والملابس وأحذية الأطفال.

 

ووفق ما ورد في التقارير، كانت السلطات الكورية قد بدأت من شهر أبريل (نيسان) الماضي باختبارات وعمليات تفتيش أسبوعية لمنتجات الشركة الصينية، فحصت خلالها 93 منتجاً منها ساعات أطفال وأقلام تلوين. وتبين وجود منتجات تحتوي على كميات عالية من المواد السامة.

وأشارت التقارير إلى أنهم وجدوا في زوج حذاء 428 ضعفاً من المقدار المسموح به من مادة سامة هي الفثالات الكيماوية التي تستخدم عادة لتليين البلاستيك. علماً أن هذه المادة موجودة في المنتجات عادة بنسب بسيطة لخطورتها الزائدة عندما تدخل إلى الجسم من خلال الطعام أو عبر الاستنشاق أو من خلال الجلد. فهي تسهم في الإصابة ببعض أنواع السرطان وأمراض القلب، وتسهم في مشكلات الخصوبة واضطرابات هرمونية، إضافة إلى أنها تزيد خطر حصول وفاة مبكرة، كما أظهرت الاختبارات وجود مواد سامة في ملابس الأطفال، ما يؤكد عدم مراعاة الشركة لشروط السلامة المطلوبة في منتجاتها.

تقدمت الشركة المعنية برد على هذا التقرير مؤكدة أنها حريصة على سلامة منتجاتها وأنها تطالب الموردين الالتزام بمعاييرها وضوابطها، وأكدت أنها تعمل مع وكالات دولية لضمان الامتثال لمعايير سلامة المنتجات، وأنها أجرت 400 ألف اختبار لسلامة منتجاتها كيماوياً في عام 2023.

حرب سياسية واقتصادية؟

على رغم ردود الفعل المدافعة عن الشركة التي اعتبرت في هذه الخطوة حرباً سياسية واقتصادية بين الدولتين ليس إلا، ولا تستند إلى أسس علمية، تعيد هذه الدراسة تسليط الضوء على الأخطار المرتبطة بصناعة الملابس بشكل عام، والملابس التي تباع أونلاين بشكل خاص لما يمكن أن تحمله بالفعل من مواد سامة قد تدخل إلى الجسم وتتكدس فيه لتحمل معها أخطاراً صحية عدة للمدى البعيد لدى التعرض لها.

طبيبة الطوارئ والاختصاصية في طب السموم في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة ثروت زهران قالت إن طرح المواد السامة الموجودة في الألبسة ليس بجديد، إذ لطالما كانت هناك مواد كيماوية الفثالات موجودة في البلاستيك، وفي الألعاب، وأواني المطبخ، ومستحضرات التجميل، والعطور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى أن تلك المواد موجودة في الكثير من المنتجات، لذلك ثمة ضوابط معينة بهذا الشأن، حيث تفرض معايير للتقيد بنسب معينة منها تجنباً للأضرار التي يمكن أن تنتج من التعرض لها، خصوصاً أنه تبين وجود علاقة بينها وبين الإصابة بالسرطان والاضطرابات الهرمونية، مع ما قد ينتج من هذه الاضطرابات الهرمونية من مشكلات في الخصوبة.

انطلاقاً من ذلك، ثمة حرص على التحذير من هذه المادة والدعوة إلى اختيار المنتجات التي دون عليها أنها خالية من الفثالات والـBPA، كما ينصح بتجنب حفظ الماء أو الطعام في الأواني البلاستيكية، بل في تلك الزجاجية تجنباً للتعرض إلى هذا الخطر.

خطر أكبر في التسوق الإلكتروني

إذا كانت هذه المواد مستخدمة بدرجات معينة في صناعة الملابس، وقد يكون هناك إشراف جدي على تقيد الشركات المصنعة ودور الأزياء بمعايير معينة ونسب محددة منها في بضائعها، لكن، قد يزيد الخطر في البضائع التي تباع أونلاين، خصوصاً أنه من الممكن أن تضاف إلى هذه المواد المستخدمة في عملية الإنتاج، مواد أخرى كيماوية في عملية التوضيب والتغليف والحفظ التي تتطلبها عملية البيع الإلكتروني، خصوصاً أنه من هذه المنتجات ما لا يخضع إلى معايير صارمة في الرقابة دوماً، بحسب المنصات التي تباع عبرها.

 

يميز طبيب الأمراض الجلدية الدكتور حسين ياسين بين الأثر المباشر والقصير المدى للمواد الكيماوية السامة الموجودة في الملابس، والأثر البعيد المدى. فعلى المدى القصير تحتوي مثل هذه المنتجات على مواد عدة كالكروم وغيرها والنحاس التي تسبب حساسية جلدية للبعض أو ما يعرف بالإكزيما لدى تعرض الجلد لهذه المواد. فمنها ما يؤدي إلى تهيج الجلد ويسبب احمراراً فيه، وقد تظهر فقاعات صغيرة أو تقشر أيضاً، هذا ما قد يستدعي اللجوء إلى فحص خاص للحساسية يسمح بكشف المواد التي ثمة حساسية ضدها، وقد تكون في الملابس أو المجوهرات أو غيرها ومن المفترض تجنبها.

أما الأثر البعيد المدى للمواد المستخدمة في صناعة الملابس عامة، وفي الملابس التي تباع أونلاين، فيظهر لأنها تدخل إلى الجسم عبر الجلد فتخترقه وتتكدس في الجسم للمدى البعيد، هذا ما يزيد خطر الإصابة بالسرطان، وفق ما أثبتت الدراسات، ويسهم في اضطرابات هرمونية في الجسم، ما قد يؤدي إلى مشكلات في الجسم، منها تراجع مستويات الخصوبة بسبب الخلل الهرموني، والسمنة التي تنتج أيضاً من هذه الاضطرابات في الغدد والهرمونات، كما أوضح ياسين.

غسل الملابس قبل ارتدائها

ويزيد هذا الخطر بشكل خاص في حال وجود تشققات جلدية ناتجة من الإصابة بالإكزيما بسبب الحساسية على أثر التعرض للملابس أو الأحذية أو مستحضرات التجميل بسبب مكونات معينة فيها. فمثل هذه الجروح أو التشققات تترك المجال مفتوحاً أكثر في الجلد لتخترقه المواد الكيماوية التي يمكن التعرض لها وتتكدس في الجسم، وإن كان من الممكن أصلاً أن تخترق الجلد وتدخل إلى الجسم بغياب هذه التشققات بما أن الجلد يمتصها في الحالات العادية.

ويشدد الأطباء على ضرورة غسل الملابس قبل ارتدائها، إذا كانت من تلك التي تحتك بالجلد بشكل خاص، تجنباً للتعرض للمواد السامة التي فيها وللأضرار التي تسببها. وقد تكون هناك حاجة إلى غسل الملابس مرتين قبل ارتدائها، خصوصاً في حال شرائها أونلاين حيث يمكن أن تزيد معدلات المواد الكيماوية التي فيها.

وقد يكون من الممكن ملاحظة ارتفاع معدلات المواد الكيماوية المستخدمة فيها من خلال رائحة هذه الملابس فتكون قوية ولافتة عند شمها. أما في ما عدا ذلك فما من طريقة للتأكد من كمية هذه المواد السامة في كل من القطع التي يتم شراؤها، والأفضل يكون بشراء الملابس من مصادر موثوقة ومحلات تجارية تتمتع بالصدقية وتلتزم بالمعايير المطلوبة حفاظاً على سلامة مستهلكيها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات