Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراء يجلد نازحي السودان بردا وحرا

تعيش الأسر في مساكن طارئة من القش وخيام موقتة لا تتحمل التقلبات المناخية

يعيش السودانيون حياة الشتات بسبب النزوح (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في أبريل 2023 نزح نحو 7.1 مليون شخص داخل البلاد وفق تقارير أممية ومحلية، فمنهم من هجر قسراً جراء تعرض مناطقهم للقصف، وآخرون يعيشون حياة الشتات بسبب نزوح أسرهم بحثاً عن النجاة بحياتهم.

يستقبل آلاف النازحين السودانيين فصل الخريف وسط أوضاع صعبة وقاسية، إذ تعيش الأسر في مساكن طارئة مثل منازل القش (القطاطي)، والخيام الموقتة التي لا تتحمل ظروف التقلبات المناخية وتتضرر باستمرار في مواسم الأمطار، فضلاً عن الحاجة لمطالب يومية من الغذاء والدواء ووسائل التدفئة.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل (نيسان) 2023، نزح نحو 7.1 مليون شخص داخل البلاد وفق تقارير أممية ومحلية، فمنهم من هجر قسراً جراء تعرض مناطقهم للقصف، وآخرون يعيشون حياة الشتات بسبب نزوح أسرهم بحثاً عن النجاة بحياتهم.

أوضاع كارثية

يقول آدم إبراهيم وهو أحد النازحين في معسكر "كلمة" بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، إنهم "تغلبوا على الظروف العادية، على رغم تفاقم الأزمات، لكن مع هطول الأمطار وزيادة معدلاتها المتوقعة، يصبح كل شيء على حافة الخطر، بخاصة في ظل عدم قدرة المساكن على استيعاب مزيد من تدفقات المياه نظراً لأن غالبيتها منازل مصنوعة من (أجولة الخيش) والقماش، وكذلك المشمعات والخيام التي باتت مهترئة وممزقة بسبب الرياح العاتية التي اقتعلت بعضها من جذورها".

 

 

وأضاف "اضطر كثير من النازحين الأسبوع الماضي لقضاء ليلتهم في العراء، وتقاسمت الأسر  في ما بينها ما تبقى من مساكن ما زالت صامدة حتى الآن وسط مخاوف من تزايد الخسائر مع تواصل فصل الخريف".

ونوه إبراهيم إلى أن "حالات الإصابة بأمراض الحميات وسوء التغذية والملاريا ارتفعت بصورة ملحوظة، إلى جانب بعض الأمراض المعدية المنقولة عبر المياه وانتشار الالتهابات الرئوية وسط الأطفال والكبار، فضلاً عن انعدام الرعاية الصحية".

ولفت النازح في معسكر "كلمة" إلى أن "أكثر ما يفتقدونه هو المواد الغذائية والمعينات الصحية، لأن بعض الأسر نفدت مدخراتها المالية ولا تستطيع تدبير الوجبات لأطفالها، علاوة على عدم إمكانية شراء الأدوية".

جوع وانعدام الرعاية

تتنامى المخاوف من مآلات تمدد الكارثة وانتظار الأسوأ في ظل توقعات بهطول مزيد من الأمطار خلال الفترة من يونيو (حزيران) الجاري وحتى سبتمبر (أيلول) المقبل.

يشكو عباس خضر، أحد النازحين بمحلية القوز في ولاية جنوب كردفان من تأثير فصل الخريف على الفارين من ويلات الحرب، خصوصاً الموجودين في مراكز إيواء لا تقوى على صرف مياه الأمطار ولا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا تسد عن قاطنيها رمال الرياح العاتية".

وأوضح أن "غالبية المساكن تصنع من مواد آوية موقتة، وهي عبارة عن منازل القش (القطاطي)، والخيام وبيوت جولات الخيش وفروع الأشجار، بالتالي لا تستطيع مقاومة الظروف المناخية القاسية خلال فترة طويلة، وتنهار مع أول عواصف مطرية".

 

 

وأشار خضر إلى أن "الأوضاع الإنسانية تفاقمت بشكل غير مسبوق، لا سيما بعد هطول الأمطار بغزارة، إذ تدهورت الأحوال المعيشية بصورة تضعهم في مواجهة الموت البطيء تضوراً، بخاصة كبار السن والعجزة إلى جانب الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء".

استغاثة عاجلة

في السياق ذاته، حذر عضو منسقية النازحين بكردفان عبدالكريم الصديق من أن الجوع يداهم سكان المعسكرات الذين يعيشون ظروفاً في غاية الصعوبة في ظل شح المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بصورة جنونية".

وأضاف أن "معظم الأسر باتت تكتفي بوجبة واحدة في اليوم، الأمر الذي أدى إلى بلوغ حالات سوء التغذية مستويات غير مسبوقة، وحدثت وفيات لأطفال ومرضعات وحوامل".

وأطلق الصديق نداءً عاجلاً إلى جميع المنظمات الدولية، بضرورة التدخل مراعاة للأوضاع الحرجة التي يعيشها النازحون في المعسكرات بتقديم خدمات طارئة لهم، فضلاً عن أهمية توافر الممرات الآمنة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بلا استثناء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت عضو منسقية النازحين إلى أن "هناك مصاعب كبيرة تعيق وصول المعونات الإغاثية بسبب تحفظ الجيش والدعم السريع على دخول المساعدات إلى مناطق سيطرة كل منهما، مما يزيد من صعوبة الاستجابة، في وقت يعد الوضع على الأرض كارثياً ويحتاج إلى إجراءات فورية لنقل الإمدادات، لا سيما في فصل الخريف الذي يشهد هطول الأمطار وتفاقم معاناة النازحين".

أخطار وأزمات

بدوره، قال فتحي الشيخ أحد النازحين في مدينة سنار (وسط البلاد) إن "المدارس التي تؤوي الآلاف تعاني تشققات وتصدعات خطرة، وبعضها آيل إلى السقوط وغير قادرة على صد الرياح العاتية وتحمل معدلات الأمطار الغزيرة، الأمر الذي يهدد بانهيارها في أي لحظة في حال غمرتها المياه".

وأوضح الشيخ أن "هناك عدداً من النازحين اضطروا لمغادرة المدارس والسكن في الخيام الموقتة ومنازل (القطاطي)، خشية انهيار المباني، بالتالي فإن هطول الأمطار بغزارة خلال الأيام المقبلة يجبرهم على البقاء في العراء، مما يفاقم من معاناتهم".

 

 

ونوه إلى ضرورة توفير معونات إغاثية عاجلة تشمل مواد غذائية وأدوية ومشمعات وناموسيات، نظراً لوجود نساء ورجال يعانون من أمراض مزمنة وسوء تغذية، في وقت تفتقر مراكز الإيواء للعيادات الدائمة لمتابعة الحالات الحرجة".

وتابع المتحدث "من أسباب تفشي الملاريا موسم الأمطار وما ينتج منها من انتشار البرك الملوثة التي تعد بيئة خصبة لتكاثر البعوض، إضافة إلى أسباب تتعلق بسوء إدارة البيئة والنفايات المتراكمة بسبب الحرب".

مواد محلية

وعلى رغم غزارة الأمطار في موسم الخريف بولاية القضارف، شرع الوالي محمد أحمد حسين في تنفيذ مشروع "الرواكيب والكرانك"، من مواد محلية عبارة عن حطب و"قطاطي القش"، كمساكن بديلة للنازحين وتوفيق أوضاعهم من أجل إخلاء مقار المدارس وسكن الطلاب، التي يتخذونها دوراً للإيواء بعد قرار السلطات القاضي بافتتاح المدارس عقب عطلة عيد الأضحى.

واعتبر الكاتب والصحافي حسن محمد علي أنه "من غير العادل بقاء النازحين في مساكن من المواد المحلية (رواكيب) معرضة لكارثة كبيرة خلال فصل الأمطار لأن التربة في القضارف عبارة عن برك من اللزوجة، ولا يمكن التعايش معها إلا بردم مستمر للأرض".

وأضاف "اعتقد أن الدولة تعاملت بكل تراخِ مع ملف النازحين، وأبعدت عنه المنظمات لعوامل الكسب السياسي، إذ كان في تصوراتها نهاية الحرب في وقت وجيز وعودة الفارين من ويلات الصراع المسلح إلى منازلهم".

ويتابع محمد علي "لن يدافع أحد عن النازحين في سياق حكومة الأمر الواقع التي تبحث عن بقاء حتى ولو على أجساد السودانيين".

تحذير أممي

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمانتين نكويتا سلامي "بعد استمرار الحرب لأكثر من عام، أصبح شعب السودان محاصراً في جحيم من العنف الوحشي. المجاعة تقترب، والمرض يقترب، والقتال يقترب، ولا يوجد أي مخرج في الأفق".

 

 

وشددت سلامي على أن "هذا يتزامن مع بداية موسم الأمطار حين يصبح الوصول إلى السكان المحتاجين أكثر صعوبة، ونهاية موسم الزراعة الذي قد يفشل في حال لم نتمكن من توفير بذور للمزارعين".

وقالت "باختصار، شعب السودان يتجه نحو عاصفة كاملة تزداد فتكاً كل يوم"، ونددت في هذا السياق بـ"العقبات غير المقبولة التي تواجهها المنظمات الإنسانية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير