Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإسكندرية وأثينا "قصة مدينتين" صاغها البحر

معرض تشكيلي في "الأكروبوليس" لفنانين من مصر واليونان يستوحي الروابط الثقافية الممتدة عبر العصور

يهدف المعرض الذي يستضيفه متحف الأكروبوليس إلى خلق حوار بصري يستكشف النسيج الغني للإرث المشترك (أ ف ب)

ملخص

على رغم تعاقب العصور لم ينقطع التواصل الثقافي، واستمر اليونانيون في مصر خصوصاً في الإسكندرية حتى يومنا هذا، وبقي أثرهم في المدينة التي شهدت حياة كثير من الشخصيات اليونانية المؤثرة، مثل الشاعر قسطنطين كفافيس الذي أصبح بيته مزاراً.

احتفالاً بذكرى الاتحاد اليوناني - المصري نظم متحف الأكروبوليس بالعاصمة اليونانية أثينا معرضاً بعنوان "قصة مدينتين" ليعيد إحياء العلاقات التاريخية والثقافية العميقة التي ربطت بين البلدين على مر الزمن.

يشارك في المعرض نخبة من الفنانين المعاصرين من كل من مصر واليونان عبر أعمال معاصرة مستوحاة من حضارة وتاريخ كلا البلدين، لتسليط الضوء على الروابط العميقة التي تجمع بينهما، مع إظهار الهوية المميزة لكل منهما، وفي الوقت ذاته سيتم عرض مجموعة من أعمال فنانين راحلين من كل من الإسكندرية واليونان مثل الفنان المصري محمود سعيد وبابا جورج الفنان اليوناني، وهما من مواليد الإسكندرية.

عن طريق البحر

يهدف المعرض إلى خلق حوار بصري يستكشف النسيج الغني للإرث المشترك بين مصر واليونان لتعزيز فهم أعمق للترابط بين هذه الحضارات القديمة. ومن خلال أعمال الفنانين المعاصرين سيعمل المعرض على الربط بين العصور القديمة والحاضر، مما يوضح كيف يستمر الارتباط الثقافي بين اليونان ومصر في إلهام وتشكيل المشهد الفني والثقافي اليوم.

بالتوازي مع هذا المعرض يقام معرض جانبي بعنوان "الفن عن طريق البحر"، ويهدف إلى خلق حوار بين الإنسانية وامتداد البحر الشاسع، ومن بين الفعاليات التي تمت إقامتها تقديم أعمال الفنان التشكيلي المصري السكندري أحمد فريد.

 

والمعرض المقام حالياً في متحف الأكروبوليس ستعاد إقامته في مصر في وقت لاحق، إذ ستستضيفه مكتبة الإسكندرية.

نادين عبدالغفار، من مؤسسة "آرت دي إيجيبت، كلتشرفيتور" المنظمة للمعرض تقول إن "هذا المعرض هو الأول من نوعه في متحف الأكروبوليس، الذي يعد من أهم المتاحف في أثينا، وهو نجاح كبير في حد ذاته، إذ لا بد أن نسعى للخروج بفننا المصري إلى العالمية، وهذا المعرض يعتمد في فكرته الأساسية على الربط بين أثينا والإسكندرية، وهو أمر قائم بالفعل ويمتد منذ قيام الإسكندر الأكبر بإنشاء الإسكندرية، لا كمجرد مدينة ولكن كمركز للإشعاع الثقافي، فالطبيعة الفريدة لها أسهمت في خروج أجيال من الفنانين عبر العصور التاريخية وحتى وقتنا الحالي".

مصادر مشتركة للإلهام

عناصر متعددة تشترك فيها الإسكندرية وأثينا، من بينها أن كلتا المدينتين تطل على شاطئ المتوسط، وكلتاهما كانت مقراً لحضارة عظيمة، والتفاعل بين المدينتين على مدى التاريخ نتج منه سمات أخرى أصبحت تميز الطابع العام للمدينة، من بينها الطرز المعمارية والمواقع الأثرية وغيرها من السمات التي تحولت لاحقاً إلى مفردات يستلهم منها الفنانون إبداعاتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من بين المشاركين في المعرض الفنان السكندري عمر طوسون، الذي يقول إن "العلاقة بين الإسكندرية وأثينا قديمة وعميقة تعود إلى بداية نشأة الإسكندرية التي كانت عاصمة للثقافة في العالم، والتأثير اليوناني لا يزال طاغياً في السكندريين عموماً حتى في العصر الحديث، بسبب أن الإسكندرية كانت دائماً مدينة كوزموبوليتانية، وضمت جالية يونانية كبيرة حتى عصر قريب، وإلى الآن لا تزال محال اليونانيين وعائلاتهم التي يديرها بعض من لا يزال يقيم في مصر. أيضاً الطراز المعماري اليوناني له حضور واضح في الإسكندرية، وكل هذه العناصر تؤثر كثيراً في الفنانين السكندريين، وتعد من مصادر الإلهام في إبداعهم الفني".

 

 

ويستكمل "عملي الفني المشارك في المعرض مستوحى من (هيباتيا) الفيلسوفة والعالمة والمفكرة التي كانت لها قيمة كبيرة وأياد بيضاء على مكتبة الإسكندرية القديمة، لتنتهي حياتها نهاية مأسوية بسبب التشدد الديني، فهي رمز وشخصية تستحق التقدير بعمل فني، وحاولت أن أقدمها في صورة تعكس صفاتها، فالعنق الطويل دلالة على رفعة الشأن، والشعر الطويل الممتد يعبر عن القوة، كما حاولت إبراز أنوثتها كامرأة جميلة. وعموماً مثل هذه الفعاليات لها أهمية كبيرة وهي صورة من صور التواصل الثقافي والتعريف بالفنون والتاريخ، فالفن تراكمي والثقافة لا تنشأ من فراغ وإنما هي نتاج إبداعات سابقة يتأثر بها الفنان ويضيف إليها".

تواصل ثقافي ممتد

بعد عهد مصر القديمة كان حكم البطالمة اليونانيين هو التالي، واستمر حكمهم حتى موقعة "أكتيوم" الشهيرة التي هزمت فيها كليوباترا السابعة آخر ملوك البطالمة ليبدأ عهد الرومان في مصر، وعلى رغم انتهاء حكم البطالمة في مصر منذ زمن طويل وتعاقب عصور وثقافات متعددة فإن تأثيراتهم استمرت ولم ينقطع التواصل الثقافي، واستمر اليونانيون في مصر خصوصاً في الإسكندرية طوال العصور اللاحقة وحتى يومنا هذا، وبقي أثرهم في المدينة التي شهدت حياة وإقامة كثير من الشخصيات المؤثرة في المستوى اليوناني، مثل الشاعر قسطنطين كفافيس الذي أصبح بيته مزاراً سياحياً لأهل مصر واليونان.

 

 

من المشاركين في المعرض أيضاً الفنان سعيد بدر، الذي يقول إن "الفن هو القوة الناعمة التي يمكن أن تكون أحد سبل التواصل بين الدول، والبيئة والتاريخ يؤثران في الفنان في كل المجالات، وفي حال الإسكندرية وأثينا هناك كثير من العوامل المتشابهة التي يستلهم منها فنانو المدينتين إبداعهم، مثل الطابع المعماري والآثار والتراث الفني المشترك، فمصر واليونان بينهما عوامل مشتركة كثيرة، والإسكندرية وأثينا جمعت بينهما حضارة واحدة كمدينتين تطلان على شاطئ المتوسط".

ويضيف "أركز في أعمالي ومن بينها المشاركة في معرض (قصة مدينتين) على حجر الغرانيت، وهو خامة تساعد خواصها على إبراز القيم التشكيلية والتعبيرية في العمل الفني، وكان الغرانيت يستخدم بقوة في الحضارة المصرية القديمة ومن بعدها العصر البطلمي. وبصورة عامة تأثرت كثيراً في تجربتي الفنية بحجر رشيد، واستلهمت منه عديداً من أعمالي، فهو كتلة من الغرانيت الأسود محفورة عليها كتابات بلغات مختلفة، وأحاول صياغة هذا المفهوم بصورة معاصرة في أعمالي، ودائماً الكتابات بلغات مختلفة حاضرة فيها، إذ أسعى إلى الربط بين الكيان المعماري والعنصر الآدمي، لأن الكتابات لها بعد تعبيري مفاهيمي يربط بين العمل الفني ومفهومه الفكري، وفي الوقت ذاته تحقق إيقاعاً بصرياً كقيمة تشكيلية من خلال التضاد البصري".

المزيد من فنون