ملخص
تبين من تقرير عرض في المحكمة الإسرائيلية خلال جلسة مقاضاة أحد المتسللين أن ظاهرة اختراق الحدود الأردنية تتزايد من دون أن تكون هناك مراقبة عليها. وكشف التقرير أنه حتى نهاية يوليو الماضي تسلل إلى إسرائيل ما لا يقل عن 4 آلاف شخص، في وقت شهدت إسرائيل تصعيداً أمنياً خطراً.
في وقت تواصل إسرائيل استعدادها وجهوزيتها لمواجهة الرد الإيراني المتوقع، وحصولها على عتاد عسكري أميركي كبير بانتظار وصول الغواصة الصاروخية ومجموعة حاملة طائرات "يو أس أس أبراهام لينكولن"، المجهزة بمقاتلات "أف 35" إلى المنطقة، واجهت تهديداً إيرانياً جديداً فتح أمام تل أبيب جبهة أخرى من جهة الشرق، عند حدودها مع الأردن.
وكشف تقرير إسرائيلي عن ارتفاع عدد المتسللين إلى إسرائيل عبر الحدود مع الأردن ليصل إلى نحو 600 متسلل في الشهر، بما في ذلك محاولة تسلل عناصر من ميليشيات تابعة لإيران إلى الحدود الإسرائيلية بهدف تقويض الاستقرار، وفق التقرير الذي أشار إلى أن التهديدات الأمنية عند الحدود مع الأردن متزايدة.
وفي أعقاب جلسة تقييم بين المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية قرر رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، تشكيل وحدة عسكرية جديدة خاصة، تهدف إلى توفير رد أمني كامل ونوعي أكثر في هذه المنطقة، وفق ما نقل عن الجلسة التي اتخذ فيها القرار، على رغم حاجة الجيش لـ10 آلاف جندي في الأقل، لاستكمال جهوزيته في مواجهة التحديات على مختلف الجبهات.
الوحدة ستنتشر على مئات الكيلومترات على طول الحدود مع الأردن من بيسان وحتى إيلات.
عملية غور الأردن أشعلت الضوء الأحمر
جاء طرح الحدود الشرقية مع الأردن بعد تنفيذ عملية غور الأردن مطلع هذا الأسبوع التي أدت إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخر بجراح، إثر إطلاق النيران عليهما في مكانين منفصلين من دون تمكن إسرائيل حتى اللحظة، من إلقاء القبض على منفذي العملية أو معرفة هويتهم.
وفي حالة استثنائية لمثل نوعية هذه العمليات، وصل رئيس أركان الجيش بنفسه إلى المكان ليضع هذه المنطقة الحدودية، على أجندة الجيش والأجهزة الأمنية والمستوى السياسي، الذين لم يدرجوا الحدود الشرقية مع الأردن خلال تقييماتهم للوضع الأمني والخطط التي صادقوا عليها لتعزيز الجهوزية والاستعداد لضمان أمن الحدود في مختلف الجبهات، منذ بداية حرب طوفان الأقصى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يخف هليفي القلق الإسرائيلي من طريقة تنفيذ العملية واختفاء منفذيها، مشيراً إلى أن "الوقت المتبقي للقبض على الخلية التي نفذت هذه العملية ينفد بسرعة، لكننا سنصل إليها ومع الحزن الشديد على كل ضحية لهذا الإرهاب، سنزداد قوة في محاربته"، في وقت ارتفعت الشكوك الإسرائيلية بأن يكون المنفذ لدخول وخروج هذه الخلايا هو الحدود الأردنية.
"من الشرق سيأتي الأسوأ"
مع إدراج الحدود الشرقية إلى الأبحاث الأمنية والعسكرية وسبل ضمان أمنها كشف عن أن هذه الحدود شهدت منذ مطلع العام ارتفاعاً غير مسبوق لمتسللين منها إلى إسرائيل. وتبين من تقرير عرض في المحكمة الإسرائيلية خلال جلسة مقاضاة أحد المتسللين أن ظاهرة اختراق الحدود الأردنية تتزايد من دون أن تكون هناك مراقبة عليها. وكشف التقرير أنه حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي تسلل إلى إسرائيل ما لا يقل عن 4 آلاف شخص، في وقت شهدت إسرائيل تصعيداً أمنياً خطراً.
وأظهر التقرير الذي تضمن معطيات من سلطة "الهجرة والسكان" التي تعمل بتنسيق مع وزارة الهجرة والقادمين الجدد ومختلف المؤسسات الحكومة ذات الشأن، أن المتسللين المقبوض عليهم داخل إسرائيل جاءوا من دول مختلفة وادعوا أنهم جاءوا للعمل، لكن هناك المئات ممن يخترقون الحدود ولا يمكن معرفة أهداف وصولهم ومكان توجههم في إسرائيل.
وجاء في جلسة للمحكمة، نظرت في تمديد اعتقال أحد المتسللين أنه "في الأشهر الأخيرة، شهدت إسرائيل ظاهرة متزايدة للتسلل إليها عبر الحدود مع الأردن، ومن شأن هذا الوضع أن يضع تل أبيب في مواجهة معقدة ذات تداعيات واسعة مختلفة، بما في ذلك الجوانب الأمنية، وسيكون من الأفضل لو تعلم المسؤولون الدروس من عواقب التسلل إلى البلاد عبر الحدود مع مصر منذ سنوات".
وجاء في جلسة أخرى للمحكمة للنظر في تمديد اعتقال أحد المتسللين الذي وصل من تركيا "تتكشف أمامنا صورة مقلقة خصوصاً، التي بموجبها تسلل المعتقل إلى إسرائيل في الأيام القليلة الماضية، خلال الحرب التي تجد إسرائيل نفسها فيها. وفي هذه الظروف على وجه الخصوص، فإن استمرار تسلل مواطني تركيا ودول أخرى إلى إسرائيل بأعداد كبيرة، دون عوائق، يجب أن يثير القلق بين الأطراف المعنية، خصوصاً من منظور أمني".
وعلق مسؤول أمني على هذه الظاهرة بقوله، إن "إيران قد تستغل الحدود بين إسرائيل والأردن التي باتت مفتوحة على مصراعيها، ومن شهر لآخر يدخل مزيد ومزيد من المتسللين إلى أراضينا. يمكن أن يكونوا باحثين عن عمل لكن أيضاً تستغلهم إيران ومنهم، أيضاً، من يصل إلى السلطة الفلسطينية لغرض إدخال الأسلحة".
وأضاف، "من الشرق سيأتي الأسوأ"، تعليقاً على ظاهرة تسلل بعد عملية الطعن في غور الأردن، الأحد الماضي. وتابع، "إنه حدث استراتيجي خطر علينا مواجهته فوراً، على رغم مما نواجه من صعوبة في خوضنا حرباً متعددة الجبهات".
ونظرت لجنة وزارية متخصصة في مكافحة الأسلحة وتهريبها، بمشاركة مسؤولين من مكتب رئيس الحكومة والشاباك والشرطة ووزارة الداخلية، في خطورة وضع الحدود الشرقية مع الأردن واستغلالها لتسلل عناصر معادية لإسرائيل، تحديداً من إيران، وكذلك تهريب أسلحة إلى السلطة الفلسطينية وداخل الخط الأخضر.
ونقل عن رئيس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية الجنرال يغئال بن شالوم الذي شارك في الاجتماع، أن هذه الحدود باتت الأكثر خطورة ودعا إلى تعزيز الجدار الشرقي لإسرائيل وعدَّ عمليات التسلل وتهريب الأسلحة تحدياً كبيراً لتل أبيب. وأصدر المجتمعون قراراً موقتاً بإغلاق هذه الحدود خلال هذه الفترة الأكثر حساسية.
المواجهة من داخل إسرائيل
وإذا كانت الحدود الشرقية تقلق الإسرائيليين من خطر استغلالها من قبل إيران لتنفيذ عمليات تستهدف شخصيات أو مواقع استراتيجية عبر متسللين، فإن الاستعداد للرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، منذ أسبوعين، استكمل بانتظار ما وعد به وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بتسريع وصول حاملة الطائرات أبراهام لينكولن والمجموعة المرافقة إلى المنطقة.
وقد أبلغ غالانت نظيره الأميركي في مكالمة أخيرة بينهما بأن تقديرات إسرائيل أن الاستعدادات العسكرية الإيرانية تشير إلى أن طهران تستعد لشن هجوم كبير ضد إسرائيل، في الأيام المقبلة أوسع من هجوم أبريل (نيسان) الماضي.
من جهته قال اللواء الاحتياطي آغيرشون هكوهين، إن إسرائيل في انتظار الرد من إيران و"حزب الله" وبات الجيش وجهاز الأمن على استعداد وتأهب كامل، بكل وسيلة مناسبة للاستعداد لسيناريو متنوع وإبداعي أكثر من ذاك الذي استخدم في ليل الـ14 من أبريل.
وأضاف، "في هذه الأثناء، اختارت إيران وحزب الله الانتظار للحظة المناسبة وما عليهما إلا مشاهدة الاستعداد والدعم الأميركي لإسرائيل. لقد كان الإيرانيون يفضلون بالطبع أن يروا إسرائيل معزولة في هذه الساعة بلا دعم أميركي. غير أن العملية الجراحية الإسرائيلية في بيروت، وتلك المنسوبة لإسرائيل في طهران أيضاً قبل أسبوعين، منحتا تل أبيب إسناداً ودعماً أميركياً معلناً. في حرب لبنان الثانية 2006 تركزت الحرب في ساحة واحدة. أما الآن فتنطوي الحرب على إمكانية توحيد الساحات، في سوريا، وأيضاً في حوض اليرموك على حدود الأردن".
وأشار هكوهين إلى أن التنسيق المشترك مع القيادة المركزية الأميركية إلى جانب بث القوة المتمثل بالسفن والغواصات وحاملات الطائرات، يغير خريطة موازين القوى في المنطقة.
وبحسب هكوهين وعلى رغم الاستعداد الإسرائيلي، فإن الولايات المتحدة وحدها تستطيع أن ترجح الكفة لصالح تل أبيب قائلاً، "بإمكان الجيش الإسرائيلي أن يلحق ضرراً بالغاً في إيران، ومع ذلك، ومع كل قوته لا يزال بعيداً من تحقيق الحسم. في مثل هذا الوضع من التعادل في الضربات التي تحدث دماراً متبادلاً، فإن الجيش الأميركي وحده يمكنه أن يرجح كفة الميزان في صالح إسرائيل. في هذه الظروف فإن الانتظار الإسرائيلي، بكونه منسقاً مع الولايات المتحدة، ليس تعبيراً عن الضعف".