ملخص
تقرر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة السياسة النقدية في اجتماعات دورية على مدار العام. تتكون اللجنة من 12 عضواً هم سبعة أعضاء في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي ومحافظ بنك الاحتياطي لنيويورك إضافة إلى أربعة أعضاء من رؤساء بنوك الاحتياطي الأخرى يتم تداول مواقعهم كل عام
يحدد الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" السياسة النقدية للولايات المتحدة ويتمتع باستقلالية عن الإدارة التنفيذية في البيت الأبيض. إلا أنه يتخذ قراراته استناداً إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي بالطبع وتوقعات أداء الاقتصاد بصورة عامة. مهمة البنك الأساسية هي الحفاظ على توازن العرض والطلب بما يضمن قدراً أساساً من ضبط الأسعار في الاقتصاد. مما يجعل الفكرة العامة عن دور البنوك المركزية الحفاظ على معدلات التضخم عند مستوى منخفض، في حدود نسبة اثنين في المئة في غالبية الاقتصادات المتقدمة.
تقرر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة السياسة النقدية في اجتماعات دورية على مدار العام. تتكون اللجنة من 12 عضواً هم سبعة أعضاء في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي ومحافظ بنك الاحتياطي لنيويورك إضافة إلى أربعة أعضاء من رؤساء بنوك الاحتياطي الأخرى يتم تداول مواقعهم كل عام. تجتمع اللجنة ثماني مرات في العام من يناير (كانون الثاني) إلى ديسمبر (كانون الأول)، لكنها يمكن أن تجتمع أكثر من ذلك إذا دعت الضرورة. وليس بالضرورة أن تقرر في كل اجتماع تغيير أسعار الفائدة، لكن محضر اجتماعاتها يعد رسالة للأسواق بتوجه السياسة النقدية بصورة عامة.
بعد كل اجتماع يعقد مؤتمر صحافي تعلن فيه مناقشات اللجنة وتقديراتها لأوضاع الاقتصاد بصورة عامة، والجانب النقدي منه بصورة خاصة، وأي قرارات تكون قد اتخذت. ثم بعد فترة ينشر محضر اجتماع اللجنة الذي تعرف منه توجهات السياسة النقدية للفترة المقبلة.
توقعات وتكهنات
أكثر ما يشغل المستثمرين والأسواق والمحللين في البنوك الاستثمارية والصناديق ومراكز الاستشارات الاستثمارية هو من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وما هي سياسته في شأن أسعار الفائدة والاقتصاد عموماً. بالطبع، وكما هو متوقع يعد المرشحان عن الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري بالعمل على خفض الأسعار، أي الحفاظ على معدلات التضخم منخفضة، ومن ثم يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة تدرجاً على مدى العامين المقبلين عن مستواها المرتفع لأعلى نطاق منذ ربع قرن عند 5.25 – 5.50 في المئة.
لكن الوعود الانتخابية شيء، والواقع الفعلي من موقع السلطة شيء آخر. لذا، ليس أمام الجميع سوى محاولة قراءة الخطط المستقبلية للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس والمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب. ومما يعلنان عنه في الحملة الانتخابية من الآن حتى مطلع نوفمبر المقبل، وأيضاً مما هو معروف عن توجهات الحزبين الاقتصادية، يمكن وضع سيناريوهات تقديرية تتصرف على أساسها الأسواق والمستثمرون. وبخاصة أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أشار إلى أن البنك يمكن أن يتوقف عن خفض أسعار الفائدة إذا دعت الضرورة، أي إذا عادت الضغوط التخمية في الاقتصاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الأرجح سيستبق الاحتياطي الفيدرالي الانتخابات ببدء مسار التيسير النقدي، أي خفض سعر الفائدة، في ظل اقتراب معدلات التضخم من المعدل المستهدف إذ إنه الآن عند نسبة 2.5 في المئة. كما أن سوق العمل بدأت في التباطؤ بالفعل. لكن خفض سعر الفائدة بنسبة ربع نقطة (0.25 في المئة) لن يكون بالأمر المؤثر بقوة، وبخاصة أن الأسواق حسبت ذلك الخفض بالفعل منذ فترة. إنما المهم هو التوجه في ما بعد، وهل سيواصل البنك المركزي الخفض ليقترب بالفائدة إلى نسبة أربعة في المئة بنهاية العام أم لا. ثم بعد ذلك ما هو مسار سعر الفائدة في العامين الأولين من فترة الرئيس المقبل، سواء كان ترمب أم هاريس.
الفائدة ومرشحا الحزبين
بالنسبة إلى هاريس والديمقراطيين عموماً، فلا يتوقع تغييرات كبيرة في ما يتعلق باستمرار استقلالية البنك المركزي والسياسة النقدية. لكن الخطط الاقتصادية المعلنة سيكون لها تأثير في مسار خفض أسعار الفائدة. أما بالنسبة إلى ترمب، فإنه لا يخفي رغبته في أن يكون له رأي في تحديد السياسة النقدية ويسعى إلى النيل من استقلالية البنك المركزي. أما خططه الاقتصادية المعلنة فهناك شبه إجماع بين المحللين والاقتصاديين على أنها يمكن أن تؤدي إلى عودة معدلات التضخم للارتفاع، ربما بأكثر من مما يمكن أن تؤدي إليه خطط هاريس، كما جاء في تحليل لشبكة "سي إن بي سي".
مطلع هذا الأسبوع، نشرت مجلة "فوربس" تحليلاً لخطط الميزانية لكل من المرشحين ترمب وهاريس خلاصته أن جهود كليهما إذا أصبح في البيت الأبيض لخفض معدلات التضخم، ومن ثم استمرار البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة، ليست قابلة للتتحقق. فوعود خفض الضرائب وفرض رسوم على الواردات من الصين بنسبة 60 في المئة ومن الدول الأخرى بنسبة 20 في المئة التي أطلقها ترمب لن تخفض السعار كما يدعي، بل على العكس. كما أن وعود هاريس بدعم مشتري المساكن للمرة الأولى ووضع سقف لأسعار الغذاء ستزيد الضغوط التضخمية لاختلال معادلة العرض والطلب في السوق.
كل ذلك قد يدفع البنك المركزي إلى التردد في استمرار خفض أسعار الفائدة خشية عودة التضخم مرة أخرى إلى الارتفاع كما حدث قبل ثلاثة أعوام، ويتذكر الاحتياطي الفيدرالي جيداً أنه، مثل كثير من البنوك المركزية الأخرى، فشل في توقع ارتفاع التضخم بهذه الصورة وقتها وأيضاً في تقدير مدى استمراره وتعمقه. لذا لا يريد تكرار هذا الخطأ والتوسع في التيسير النقدي ليفاجَأ بارتفاع الأسعار مرة أخرى.