Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نجا اللاجئون إلى بريطانيا من "لعنة رواندا"؟

كبار الأطباء يحذرون من صدمات نفسية للمهاجرين الخائفين من الترحيل والتجريم والاحتجاز

نحو 39 ألف مهاجر غير قانوني وصلوا إلى المملكة المتحدة خلال عام واحد (رويترز) 

ملخص

لم تنته معاناة المهاجرين غير الشرعيين إلى المملكة المتحدة بإلغاء الحكومة الجديدة خطة ترحيلهم إلى رواندا، فالقانون الذي أصدره البرلمان السابق في عهد حزب المحافظين لتنفيذ تلك الخطة لا تزال بنوده قائمة إلى اليوم، والقادم عبر البحر مهدد بالترحيل والتجريم لدخوله البلاد بصورة غير قانونية، إضافة إلى بقائه في إقامة سيئة المعايير بانتظار حسم طلب لجوئه، مما يعرضه لمشكلات عقلية تحذر منها الكلية الملكية للأطباء النفسيين.

أعرب كبار الأطباء في بريطانيا عن قلقهم إزاء الصحة العقلية والنفسية للاجئين إلى المملكة المتحدة نتيجة الضرر الذي يلاحقهم بفعل "خطة رواندا" التي أقرتها الحكومة السابقة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى الدولة الإفريقية، فصحيح أن رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر ألغى الخطة تكتيكياً أو من حيث الوجهة، ولكن "قانون رواندا" الذي أقره البرلمان السابق العام الماضي لا يزال قائماً في غالبية بنوده ومضامينه. 

ثمة ثلاث نقاط رئيسة في ذلك القانون لا تزال قائمة حتى اليوم، وتحذر الكلية الملكية للأطباء النفسيين من تأثيرها في الصحة العقلية للمهاجرين الفارين من بلاد الحروب والأزمات بحثاً عن حياة آمنة، إذ تعرضهم وفق لتقرير حديث صادر عن الكلية إلى "صدمة أخرى" مثل التي عاشوها في أوطان فروا منها خشية على حياتهم، أو هرباً من اضطهاد أو معاملة سيئة تعرضوا لها من قبل السلطات أو الأجهزة الأمنية هناك.

ولم تلغ الحكومة الجديدة مواد تجريم المهاجر القادم إلى بريطانيا بطرق غير قانونية، كما أبقت على المضمون الذي يتيح ترحيل المهاجرين إلى وجهة ثالثة آمنة لحين مراجعة طلب لجوئهم والفصل فيه سلباً أو إيجاباً، إضافة إلى أن ستارمر ووزراءه لم يحسّنوا شروط إقامة اللاجئين ولم يعيدوا النظر في ظروف احتجازهم، فتواصلت معاناة كثيرين منهم في الفنادق ومراكز إقامتهم الموقتة بانتظار مصيرهم المجهول.

هذه البنود الثلاثة تجعل اللاجئ يعيش داخل دوائر الخوف التي تمتد في جذورها إلى أوطانهم الأصلية، مما يؤدي إلى استمرار مجمل المشكلات والأمراض العقلية والنفسية التي حملها معه في رحلة قدومه إلى المملكة المتحدة، ووفقاً لحالات كثيرة رصدتها الكلية في ظل قوانين الهجرة الصادرة بين عامي 2022 و2024، فقد استمر اللاجئون في اضطرابهم أو اكتئابهم أو قلقهم حتى كبرت إشكالاتهم وتحول بعضها إلى مرض نفسي جديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعت الكلية الملكية الوزراء إلى مراجعة قوانين الهجرة التي أدخلتها الحكومة الأخيرة، قائلة إن "حزب العمال لديه التزام أخلاقي تجاه أولئك الذين يبحثون عن ملاذ في المملكة المتحدة". ولفت رئيس الكلية الدكتور ليد سميث إلى أنه "لا يزال من الممكن صياغة سياسة الدولة في هذا المجال مع مراعاة العدل والرحمة واللطف البشري"، منوهاً بأن حرمان اللاجئين من بعض الحقوق مثل العمل وإبقائهم في دوامة الخوف من الترحيل يعرضهم لصدمات نفسية تعوق تجاوزهم للمشكلات العقلية التي أصابتهم في أوطانهم. 

تعهد متحدث باسم الحكومة بالتدقيق والاستفادة من توصيات تقرير "الكلية الملكية"، ولكنه شدد في الوقت ذاته على أن خدمات الصحة النفسية والعقلية متوافرة للذين يصلون إلى المملكة المتحدة ويعانون مشكلات بسبب أوطانهم الأصلية.

من جهته قال مدير الشؤون الخارجية في "مجلس اللاجئين" عمران حسين إن "طلب اللجوء في هذا البلد يكون غالباً تجربة مرهقة للغاية وطويلة الأمد للأشخاص الذين عانوا صدمات كثيرة داخل بلدانهم الأصلية وفي رحلات خطرة للعثور على الأمان في المملكة المتحدة" منوهاً بأن دعوات "الكلية الملكية" مهمة جداً وتبدو صحيحة استناداً إلى تجربة "مجلس اللاجئين" الممتدة لعقود طويلة، وتتلخص في "فشل نظام اللجوء حيال رؤية ما يقبع خلف طلبات اللجوء التي تقدم للسلطات المتخصصة ومعاملة الناس باحترام وإنسانية".

وشدد حسين على "أن الرجال والنساء والأطفال اللاجئين داخل المملكة المتحدة يعيشون جنباً إلى جنب لأشهر وأحياناً لأعوام في حال من انعدام الأمن في شأن مستقبلهم، مع عجز عن ترسيخ جذورهم"، وهؤلاء برأيه لا يحصلون غالباً على دعم قانوني جيد عند تقديم طلبات لجوئهم، وبالتالي تجنب قرار "رديء الجودة" من قبل وزارة الداخلية، فينتهي بهم الأمر وسط حرب قاسية في المحاكم من أجل إثبات حاجتهم إلى الحماية.

من هنا يدعو حسين الحكومة إلى الاستجابة للتحذيرات الصادرة في هذا المجال وبناء نظام لجوء عادل ومنظم ورحيم يعطي الأولوية لحياة الإنسان وكرامته، على حد تعبيره.

وتقول الأرقام الرسمية إن عدد المهاجرين غير القانونيين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة خلال العام الممتد بين يونيو (حزيران) 2023 ونظيره في 2024 يقارب 39 ألف مهاجر، بنسبة تراجع 26 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه، أما الطريقة الرئيسة لوصول أكثر من 81 في المئة منهم فهي القنال الإنجليزي بين فرنسا وبريطانيا.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير