Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ممر اقتصادي خليجي- أوروبي ينعش تبادل الطاقة

منافع كبرى لجميع الأطراف وتكامل متوقع بين الجانبين في جميع القطاعات المالية للصناديق السيادية والتعاون التجاري والاستثماري

يرى المحللون أن دول الاتحاد الأوروبي تبحث عن بدائل موثوق بها عوضاً عن روسيا (اندبندنت عربية)

ملخص

تعد السعودية اللاعب الأكثر أهمية في هذا التكتل إذ إن الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الثاني للرياض اقتصادياً

أكد محللون ومتخصصون اقتصاديون لـ"اندبندنت عربية"، أن المساعي الأوروبية الخليجية لبناء "ممر اقتصادي" لديها كثير من المقومات لإنجاحها، وتحقيق استفادة كبيرة للطرفين.

ويرى المحللون أن دول الاتحاد الأوروبي تبحث عن بدائل موثوق بها عوضاً عن روسيا على صعيد قطاعات التجارة والاستثمار والطاقة، ويمكن في تكتل مثل بلدان الخليج أن يوفر عديداً من هذه الطموحات.

وأوضح المحللون، أن التعاون الخليجي- الأوروبي يأتي في وقت مناسب تعمل فيه عدد من دول التكتل العربي على تطوير صناعة الغاز، لكي تصبح لاعباً رئيساً في هذا المجال عالمياً، في الوقت نفسه تتخلى أوروبا عن الغاز الروسي الذي يعتمد عليه حتى الآن.

قمة خليجية - أوروبية

وفي هذا الشأن، نشرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين في منشور على "إكس" مرفق بصورة للقائها بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي رأس وفد بلاده الأسبوع الماضي في أول قمة خليجية- أوروبية منذ بدء العلاقات الرسمية بين الكتلتين منذ عام 1989 التي انعقدت في بروكسل، وقالت دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي يريد تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضافت أن الاتحاد الذي يضم 27 دولة، يريد بناء "ممر اقتصادي لزيادة التجارة في الطاقة المتجددة والبيانات، إضافة لرفع التبادلات التجارية" بين شعوب التكتلين، وأعربت عن الرغبة في "العمل معاً لضمان الأمن الذي نحتاج إليه جميعاً للنمو الاقتصادي". 

واردات الوقود الروسي

وبحسب بيانات صادرة عن مركز الأبحاث "بروغيل" في بروكسل، فإنه بحلول نهاية عام 2023 بلغت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من الوقود الأحفوري الروسي نحو مليار دولار شهرياً، بخفض كبير عن ذروتها التي وصلت إلى 16 مليار دولار شهرياً في أوائل عام 2022.

وقبل ثلاثة أعوام، كانت روسيا المصدر الأكبر للغاز الطبيعي وأوروبا أكبر مستهلك، إذ فاقت الفوائد الاقتصادية للطاقة الروسية الرخيصة مخاوف التعامل مع النظام الروسي.

وبحسب بيانات المفوضية الأوروبية، ظلت روسيا تمثل نحو 15 في المئة من إجمالي واردات الغاز للاتحاد الأوروبي عام 2023، متراجعة خلف النرويج (30 في المئة) والولايات المتحدة (19 في المئة)، بينما تأتي دول شمال أفريقيا في المرتبة التالية بنسبة 14 في المئة، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية.

وتحاول بعض دول الخليج رفع قدرتها الإنتاجية للغاز ومن بينها السعودية على سبيل المثال، التي تستهدف رفع قدرتها الإنتاجية للغاز بنحو 63 في المئة بحلول 2030، لتبلغ 21.3 مليار قدم مكعب يومياً، مقارنة بنحو 13.5 مليار قدم مكعب حالياً، وستقفز القدرة الإنتاجية للغاز لدى السعودية بنسبة 63 في المئة بحلول 2030، لتبلغ 21.3 مليار قدم مكعب يومياً، وفقاً لما كشفه وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في تصريحات صحافية سابقة.

أمن الطاقة

وقال الرئيس التنفيذي لمركز "التنمية والتطوير" للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين، إن السعي لتعزيز التعاون الاقتصادي الأوروبي الخليجي يؤكد أهمية دول مجلس التعاون كمصدر استراتيجي لسد حاجات الدول الأوروبية من إمدادات الطاقة، وذلك كبديل عن روسيا التي أصبحت غير مرغوب فيها لما تمثله من خطر داهم لأوروبا.

وأشار بوخمسين إلى أن هذا التعاون سينشط ملف الطاقة النظيفة وسيكون للجانب السعودي دور كبير فيه مع المشاريع العملاق التي تنفذها الرياض حالياً.

وأوضح بوخمسين أن أحد الملفات العامة التي سيعزز من أهميته هذا التعاون هو ملف السياحة، إذ إن دول الخليج والسعودية تشهد أعداداً متزايدة للأوروبيين الذين يزورون المنطقة بغرض السياحة واستكشاف تطور بلدان المنطقة والنهضة الثقافية والعمرانية التي تشهدها.

في المقابل يرى بوخمسين، أن أوروبا تعد وجهة دائمة للسياح السعوديين والخليجيين نظراً إلى التنوع الكبير الذي تقدمه دول الاتحاد الأوروبي، وهذا تحديداً ما حفز إطلاق نظام "تدرج التأشيرات" الذي يعد خطوة ممهدة لإلغاء التأشيرة الأوروبية الموحدة لرعايا الدول الخليجية قريباً جداً كما هو متوقع.

تكتل اقتصادي

من جانبه قال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد" للأوراق المالية والاستثمار في الإمارات وضاح الطه، إن الاتحاد الأوروبي في حاجة ماسة إلى التعاون مع تكتل اقتصادي مهم مثل دول الخليج.

وأضاف الطه، أن هذا التقارب بين الجانبين مدفوع من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية منذ عام 2022، إذ تسعى البلدان الأوروبية إلى البحث عن بديل موثوق فيه لاستيراد النفط والغاز.

وأشار الطه إلى أن أوروبا أيضاً تبحث عن منطقة مستقرة في مسألة التبادلات التجارية، مرجحة أن يشهد التعاون المتوقع مجالات جديدة وهي مجال الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي.

وأوضح الطه أن الصناديق الاستثمارية السيادية التي تمتلكها دول الخليج قد تتجه لتنفيذ عمليات استحواذ جديدة بقطاعات أساسية أوروبية لتقتنص فرصاً بشركات مهمة ذات طبيعية استراتيجية تتكامل مع طبيعة الصناعات النفطية، التي تهتم بها السعودية والإمارات وقطر خصوصاً.

آفاق واعدة

وعلى ذات الصعيد، أكد مدير مشاريع العمليات المالية في بنك "كريدي أجريكول" نادر حداد، أن آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي واعدة، خصوصاً مع التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأخيرة التي زادت من حاجة الطرفين إلى تعزيز الشراكات المتينة.

ولفت حداد، إلى أن هناك عدداً من العوامل يسهم في إمكانات توسيع هذا التعاون ويأتي في مقدمها تنويع الاقتصاد، إذ إن دول الخليج تسعى إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً من النفط، خصوصاً في ظل "رؤية 2030" في السعودية ومبادرات مماثلة في الإمارات وقطر. 

وأوضح حداد أن هذه الاستراتيجيات توفر فرصاً للتعاون في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة، وهي قطاعات تمتلك فيها الدول الأوروبية خبرات كبيرة.

5 أسباب رئيسة 

وحول بناء ممر اقتصادي خليجي- أوروبي، أشار نادر حداد إلى أن هذا سيحدث نوعاً من التكامل الكبير بين الجانبين في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، لافتاً إلى أنه من الممكن تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع لخمسة أسباب رئيسة في مقدمها أن هناك رغبة واضحة من كلا الجانبين في توثيق التعاون الاقتصادي، وخصوصاً في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية وتبعات الأزمات الاقتصادية التي دفعت الدول للبحث عن شركاء اقتصاديين جدد ومستقرين.

وذكر حداد أن من تلك الأسباب أن الاتحاد الأوروبي لديه خبرات واسعة في مجال التكنولوجيا والمعرفة المتقدمة، وفي المقابل تمتلك دول الخليج موارد هائلة في الطاقة ومجالات البنية التحتية والقدرة الاستثمارية. وأكد حداد أن هذا التكامل يمكن أن يترجم إلى مشروعات كبرى وممرات اقتصادية تربط بين الصناعات الخليجية والتكنولوجيا الأوروبية، مما يحقق مكاسب للطرفين. 

ولفت حداد إلى أن المشاريع العملاق والتنمية المستدامة قد تكون عاملاً محفزاً أيضاً، إذ تعمل السعودية والإمارات خصوصاً على مشروعات طموحة مثل "نيوم" و"إكسبو الرياض"، وتستثمر بكثافة في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مؤكداً أن هذه المشروعات توفر أرضية مشتركة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى إلى تعزيز انتقاله نحو اقتصاد أخضر.

وأفاد حداد، بأن دول الخليج تمتلك بنية تحتية متميزة تشمل بعض أهم الموانئ البحرية في العالم، مثل موانئ دبي والدوحة، مما يوفر إمكانات ربط كبيرة بين أوروبا وآسيا وهو ما يعزز تدفق السلع والبضائع ويقلل الكلفة اللوجيستية.

وأكد حداد، على أن توقيع اتفاقات تجارية واستثمارية بين الطرفين سيكون عاملاً حاسماً في بناء هذا الممر، مشيراً إلى هناك بالفعل تعاوناً مستمراً في هذا المجال، لكن التوصل إلى اتفاق تجارة حرة شاملة قد يسهم في إرساء قاعدة قانونية وتنظيمية تدعم هذا التعاون، وتسهل تدفق الاستثمارات والبضائع والخدمات. 

شراكة شاملة

من جهته شدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في كلمة له خلال انطلاق أعمال القمة الأوروبية الخليجية، على أهمية طرح "شراكة شاملة وأقوى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي من أجل تحقيق رخاء الشعوب"، مشدداً على أن الجانب الأوروبي على استعداد للعمل مع الجانب الخليجي، "لمعالجة المشكلات الدولية وخصوصاً في الشرق الأوسط لما تمر به من اضطرابات وتحديات جسيمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، فعد هذه القمة في كلمته "محطة انطلاقة إضافية لتعميق التعاون والشراكة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي"، معرباً عن أمله في أن "تثمر نتائج تعزز الاستقرار والازدهار في منطقتينا وكل دول العالم".

وشدد البديوي على أن مستقبل التعاون بين التكتلين "واعد، ونمتلك إمكانات كبيرة لتحقيق تطلعات شعوبنا نحو مزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني، آملاً أن تمهد هذه القمة الطريق نحو مستقبل أرحب، يحقق آمالنا المشتركة في بناء عالم أكثر سلاماً ورخاء".

وتعد السعودية اللاعب الأكثر أهمية في هذا التكتل، إذ يعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الثاني للرياض اقتصادياً، وفي المقابل يحتل الاتحاد الأوروبي المركز الأول في جلب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية، إذ تستثمر نحو 500 شركة أوروبية في قطاعات مختلفة من النشاطاًت التجارية، ويبلغ إجمالي العاملين الأوروبيين في البلاد نحو 20 ألف شخص.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية والاتحاد الأوروبي عام 2023م، ما قيمته 78.8 مليار دولار، إذ صدرت السعودية للاتحاد الأوروبي ما قيمته 38.4 مليار دولار، بينما استوردت منه في العام ذاته بقيمة 40.39 مليار دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز