Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما أصبح العبث بالطعام هواية على وسائل التواصل

أصبحت ظاهرة تشكيل وتلوين الزبادي المصفى هوساً غذائياً تجاوز الحدود في الآونة الأخيرة

هناك شيئ محزن في هذه المنشورات والجنون الذي تثيره بين المستخدمين، الذين يشعرون بأنه لا بد من تقليد كل ما يظهر بصورة متكررة على  صفحاتهم (يوتيوب)

ملخص

لم يعد الطعام على وسائل التواصل الاجتماعي يتعلق بمظهره أو مذاقه الجيد بل بكونه غريباً بما يكفي لإرضاء خوارزميات المنصة وتغذية دائرة التكرار اللامتناهية.

إذا كنت تبحث عن أطعمة شُوّهت إلى درجة فقدانها كل ميزاتها الأصلية، يمكنك العثور عليها بسهولة على تطبيق "تيك توك".

عادت العقول التي قدمت لنا كوكتيل "الفتاة النائمة" و"خبز السحابة" [أمثلة على صيحات طعام غريبة أثارت ضجة بسبب غرابتها أو بساطتها المبالغ فيها. "مشروب الفتاة النائمة" (Sleepy Girl Mocktail): عبارة عن مشروب وصفه بعض المستخدمين بأنه مريح ومهدئ، يتكون من مكونات بسيطة مثل عصير الكرز والمياه الفوارة وبعض الإضافات المهدئة، الفكرة هي أنه يساعدك على النوم بصورة أفضل. أما "خبز السحاب" (Cloud Bread):  فهو اتجاه آخر ظهر خلال جائحة كورونا، وهو خبز خفيف جداً ومليء بالهواء يتم إعداده باستخدام ثلاثة مكونات فقط: بياض البيض، السكر، والنشاء، المظهر النهائي يشبه السحاب، وكان هدفه الأساس جعله يبدو جذاباً للتصوير والمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي] وتجارب غريبة مع الجبن، مجدداً بابتكار "الزبادي الجاف" وهي ظاهرة جديدة اجتاحت التطبيق وحصدت ملايين المشاهدات.

وبالمقارنة مع صيحات الطعام الأخرى، يبدو هذا الاتجاه أكثر بساطة حيث يتم تلوين لبن الزبادي ثم تصفيته باستخدام قماش الجبن لمدة 48 ساعة لإزالة الماء، بعد ذلك يتم تشكيل المزيج الذي أصبح أشبه بالطين في أشكال مبتكرة، مع رش البسكويت أو شرائح الموز فوقه.

وفي أحد الفيديوهات التي نالت إعجاب أكثر من 1.5 مليون شخص، تقول جدة عصرية "يلتصق بكل جزء من فمك (لذيذ!)"، مضيفة أن "الطعم لا يزال كما هو تقريباً، وأنه سيكون رائعاً لو أضفنا بعض الفواكه والشوفان المحمص"، هل يشبه الزبادي الذي بدأت في العبث به قبل 48 ساعة؟

ومع تزايد شعبية "اللبنة" كأحد الأطباق المفضلة في المطاعم، لا شك أن الزبادي الخالي من الماء يشهد لحظة من التألق.

لكن هناك شيئاً محزناً في هذه المنشورات والجنون الذي تثيره بين المستخدمين، الذين يشعرون بأنه لا بد من تقليد كل ما يظهر بصورة متكررة على صفحاتهم، إذ لم يعد الطعام يتعلق بمظهره أو مذاقه الجيد –لا قدر الله- بل بكونه غريباً بما يكفي لإرضاء خوارزميات المنصة وتغذية دائرة التكرار اللامتناهية.

ويتبادر سؤال "لماذا يحدث كل هذا؟" عند مشاهدة أي من الظواهر الشائعة على تيك توك، مثل رقائق المعكرونة (المعكرونة المطبوخة المغطاة بالزيت التي توضع بعدها في المقلاة الهوائية)، ألواح الزبدة (خبز مدهون بالزبدة)، ألواح الفواكه (خبز مغطى بشرائح الفواكه)، أو حتى خليط البانكيك المخفوق، لا يوجد ما يمكن قوله بعد ذلك.

بعض المبدعين بدأوا بصناعة محتوى طهي يثير الاشمئزاز عن عمد بهدف إثارة الغضب، على سبيل المثال في أحد المقاطع تم وضع دجاجة نيئة داخل اليقطين وصفها الطاهي الشهير غوردون رامزي بـ"سالمونيلا الهالوين".

الجزء المحير هنا ليس (فقط) لماذا يسعى الناس هكذا إلى إهدار الطعام، بل تلك الحلقة المفرغة من العبث التي تثيرها هذه الظاهرة.

أعتقد أن من ينشرون هذه المحتويات ليسوا مهتمين بالطعام بقدر اهتمامهم بمشاركة المجتمع في هذه الظاهرة، تلك الحاجة العميقة التي تجعلنا جميعاً نسعى إلى أن نكون جزءاً من مجتمع أكبر، ولسوء الحظ، بالنسبة إلى أصغر البالغين في المجتمع، فإن هذا الشعور بالانتماء غالباً ما يجدونه في هواتفهم، التي أظهرت الدراسات أنها تزيد من تعاستهم، وظاهرة الأطعمة على تيك توك #foodTok لا يبدو أنها تسهم بشكل جيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبينما يعتبر الطعام إحدى أقدم طرق التواصل بين الناس، إذ يجمعهم على طاولة لتبادل الحديث ومشاركة اللحظات، تبدو الظاهرة الشائعة بعيدة كل البعد عن ذلك.

حتى أن وقت العشاء أصبح مجرد فرصة لابتكار أطباق غريبة لتظهر في صفحات الآخرين الذين يقضون وقتهم في التصفح لجذب انتباههم، ليقوموا بتكرار هذه التجارب من أجل مزيد من التفاعل، وتصل هذه الظاهرة وتهيمن على الثقافة ثم تختفي بسرعة، الهدف ليس الطعام، بل الشهرة العابرة، لتكون جزءاً من لحظة بلا معنى لن يتذكرها أحد.

بينما تغرق وسائل التواصل الاجتماعي في الكثير من التفاهات، يبدو أن تقليص أكثر أشكال التواصل الإنسانية عمقاً إلى مجرد صبغ وجبات الإفطار أو إحياء الوجبات الخفيفة المهملة من السبعينيات هو أمر محبط للغاية.

كما أصبحت هذه الظاهرة شائعة لدرجة أن المتاجر الكبرى بدأت بالمشاركة أيضاً، فقد أعلن أقرب فرع لي من متاجر "ويتروز" Waitrose بحماسة عن وجوده على "تيك توك" (ومن المفترض أن الفيديوهات لن تشمل السرقات المتفشية أو آلة القهوة المعطلة)، وفي الصيف أيضاً، نفد الخيار من متاجر "آيسلاند" Iceland بعدما أدى تحدي سلطة شائع إلى إفراغ رفوفها.

كنت سأقبل النقص المستمر في المنتجات إذا كان سيؤدي إلى تفاعل حقيقي ومشاركة بين الناس على الإنترنت، أما إذا استمر الأمر على حاله، فإن هذه الظاهرة السطحية ستستمر دون أي جدوى.

© The Independent

المزيد من منوعات