Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كارين هاوس: مساعدو صدام حسين خافوا من أن أقوم بتسميمه

رئيسة تحرير "وول ستريت جورنال" سابقا في حوار مع "اندبندنت عربية": اعتقادي كقارئة للإنجيل والقرآن أن الاضطراب سيسود الشرق الأوسط للأبد

كارين إليوت هاوس خلال لقائها صدام حسين (اندبندنت عربية)

ملخص

 التقت "اندبندنت عربية" كارين إليوت هاوس في أولى حلقات برنامج "حوارات أميركية"، وتنوعت الأسئلة ما بين كواليس مقابلتها صدام ومرافقتها الملك حسين، والتوترات الحالية في الشرق الأوسط، إضافة إلى الكتاب الذي تعكف على تأليفه عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

كارين إليوت هاوس شخصية غير معروفة على نطاق واسع في الشرق الأوسط مقارنة ببعض مواطنيها الأميركيين، لكن خبرتها في هذه المنطقة أعمق بكثير من غيرها، ولا تتوقف على قراءة الكتب أو المقالات، بل تتجذر في زياراتها التي لا تُحصى إلى المنطقة ووصولها اللافت إلى زعمائه، والمدعوم بعملها مراسلة دبلوماسية لـ "وول ستريت جورنال"، ومن ثم رئيسة للتحرير وناشرة للصحيفة.


قابلت هاوس صدام حسين قبل غزو الكويت بستة أسابيع، ورافقت العاهل الأردني الراحل الملك حسين لأكثر من شهر بينما كان يحاول رونالد ريغان إقناعه بخطة السلام، كما جابت السعودية منذ السبعينيات حيث التقت الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميراً للرياض، وحطت فيها رحالها الفكرية مجدداً لتأليف كتاب عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، "الرجل الذي يعيد تشكيل ملامح السعودية"، على حد وصفها.

"اندبندنت عربية" التقت هاوس (76 سنة) في أولى حلقات برنامج "حوارات أميركية"، وتنوعت الأسئلة ما بين كواليس مقابلتها صدام ومرافقتها الملك حسين والتوترات الحالية في الشرق الأوسط، إذ قادت حربا غزة ولبنان إلى سؤالها عن رؤيتها للسلام في المنطقة، فأجابت بأن "الشرق الأوسط سيكون دائماً مضطرباً"، وهي إجابة مفاجئة ولافتة لأن هاوس قدمتها بصفتها "قارئة للإنجيل والقرآن".

وتجلت هذه الصفة في حديثها الذي لم يخل من اقتباسات دينية، فهي ترى أن تاريخ المنطقة مليء بالصراعات ولن تستقر بمجرد السلام العربي مع إسرائيل، وتلفت إلى التصعيد بين إيران وإسرائيل ودعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تغيير النظام في طهران، قائلة إنه "إذا اختار الإسرائيليون أن يردوا بضراوة أكبر على إيران، فبدلاً من جعل الشعب الإيراني أكثر استعداداً للنهوض والتخلص من قيادته، فقد يكون لذلك تأثير معاكس".

 

صدام "أقسى من التقيت"

كانت هاوس ثاني امرأة تنضم إلى مكتب "وول ستريت جورنال" في واشنطن، وبدأ اهتمامها بالشرق الأوسط عندما كُلفت بتغطية أخبار الطاقة عام 1974 عقب الحظر النفطي، وبعده بثلاثة أعوام انتقلت إلى تغطية الشؤون الدبلوماسية والعمل مراسلة للصحيفة في المنطقة، حيث تقاطعت مع صدام حسين، وفي قصره ببغداد سارت 90 متراً على سجادة حمراء طويلة وقف عليها الرئيس العراقي لتصافحه أمام كاميرات التلفزيون.

بعد محاولات دامت ثلاثة أعوام، وافق صدام على طلب هاوس بإجراء المقابلة قبل ستة أسابيع من غزو الكويت، وتقول إنها لم تلتقط أية إشارات منه بأنه سيغزو جارته، لكنها أدركت لاحقاً غايته من المقابلة، إذ أراد صدام أن يقول للإسرائيليين تنحوا جانباً فأنتم لستم هدفي، وفي الوقت نفسه كان يفكر بتصفية حساباته مع أقرب جيرانه، وفي مقدمهم السعودية والكويت والدول التي تضغط عليه لسداد القروض.

وتقول هاوس إن صدام على مدى ثلاث ساعات من الحوار لم يعرض عليها كوباً من القهوة العربية أو الماء، وهو أمر لم تعهده لا من زعيم عربي أو أجنبي على حد قولها، مضيفة "يحاول القادة التظاهر بأنهم لطيفون وديمقراطيون، فيقدمون للمرء الماء أو الزهور لكسب الود، أما صدام حسين فكان حريصاً على جعلك تعتقد بأنه رجل قاس، وفي نظري كان الرجل الأكثر قسوة من بين كل من قابلتهم في حياتي".

وكشفت رئيسة تحرير "وول ستريت جورنال" السابقة أن مساعدي الرئيس العراقي لم يخفوا شكوكهم حولها، فراقبوها باستمرار حتى إنهم خصصوا شخصاً لمرافقتها عند الذهاب إلى الحمام، وقالت "أخذ مساعدو صدام كل شيء مني قبل مقابلته، أخذوا جهاز التسجيل وقلمي ودفتر ملاحظاتي وأعادوها لي عندما جلست إلى جانبه، كانوا يخشون أني أحمل قلماً مسموماً أو شيئاً من هذا القبيل".

وعندما سُئل صدام "ماذا تفعل في وقت راحتك"، نظر إلى الجنرالات المصطفين خلفه فقالوا له بالعربية "قل لها أذهب لصيد السمك"، ليرد صدام: "أنا لا أرتاح".

 

"الملك حسين كان ودوداً مع الكل باستثناء عرفات"

انتقلنا إلى سلسلة مقابلاتها الشهيرة مع العاهل الأردني الراحل الملك حسين على مدى ستة أسابيع وقادتها للفوز بجائزة "بوليتزر"، وسألتها ما الذي فاجأك حيال شخصيته، فأجابت بأنه كان "رجلاً كريماً وودوداً، وتحدث عن الجميع بلطف باستثناء ياسر عرفات".

لم يكن الملك حسين دمثاً مع عرفات، بحسب هاوس، لأن الزعيم الفلسطيني الراحل رفض أن يقر له بتمثيل الفلسطينيين، وتجنب مقابلته أكثر من شهر قبل أن يفصح بذلك، مما أدى إلى رفض الملك حسين خطة السلام التي قدمها الرئيس الأميركي رونالد ريغان.

راقبتْ هاوس خلال الأسابيع الستة الملك حسين عن كثب وسافرت معه إلى الهند لحضور اجتماع "حركة عدم الانحياز" وإلى لندن لمقابلة مارغريت تاتشر، وحضرت حفل عيد ميلاد ابنه وإعلان خطبته من ليزا الحلبي، الملكة نور لاحقاً، والأهم من ذلك أنها شهدت على محادثاته مع ريغان، فطلبت منه إطلاعها على رسالته للرئيس وقالت، "إذا أطلعتني على ما يحصل فعلاً فلن أكتب كلمة إلا إذا فهمت سبب قولك 'نعم' أو 'لا' لخطة السلام التي قدمها الرئيس ريغان"، وعندما وافق على ذلك من دون أن تحتفظ بالرسالة، طلبت منه أن يريها مرة ثانية.

وأضافت، "كان من المثير أن أسمع وأرى كل ذلك لأنني كنت قادرة على مقابلة المسؤولين الذين تحدث معهم الملك حسين ولم يعرفوا أنني على تواصل معه، ولذلك لم يكن عليّ إعادة صياغة ما كانوا يرغبون في قوله أو ما ظنوا أنهم قالوه، بل سمعت ما قالوه في تلك اللحظة، وكانت تجربة صحافية رائعة".

"السعودية ذكرتني ببلدتي الصغيرة في تكساس"

بدأت قصة هاوس مع السعودية عام 1978 عندما حلت ضيفة على وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني، ومنذ ذلك الحين كتبت عنها وزارت كل مناطقها، وعندما كانت تُسأل عما إذا كانت خائفة من وجودها في السعودية كامرأة، كانت تجيب بـ "لا"، لأن عدداً من التقاليد التي سادت في البلاد آنذاك لم تبدُ مختلفة عما عاشته في تكساس، بل تؤكد أنها أحست بأنها في موطنها.

وتسترسل هاوس، "نشأت في بلدة ماتادور الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 900 نسمة، ولم يكن هنا شيء نفعله سوى ارتياد الكنيسة، كانت هناك أربع أو خمس كنائس، وكل ما نفعله هو الذهاب إلى الكنيسة، وقد اتسم والدي بالصرامة، ومثل السعوديين، لا شورت ولا بنطال ولا كحول، لذلك عندما ذهبت إلى السعودية شعرت أنني في بلدتي".

وتأثرت الصحافية الأميركية في هذه الفترة بالإسلام بحكم اهتمامها العام بالأديان، وقالت "كل من قابلته في السعودية أهداني مصحفاً، كنت أحمل مصاحف صغيرة باللغتين أهداها لي سعوديون باللغتين الإنجليزية والعربية، ولكنني كنت أحمل دائماً المصاحف الإنجليزية التي يمكنني قراءتها".

سافرت هاوس إلى مناطق في السعودية لم يعتد السعوديون أنفسهم الذهاب إليها، إذ كان تركيزهم في الماضي على السياحة الخارجية، وقالت "أحببت التجول في جميع أنحاء البلاد، والآن يمكنني الذهاب إلى أماكن لم يُسمح لي بالذهاب إليها في تلك الأيام، فلطالما رغبت بزيارة جبل اللوز الذي أخبرني أحدهم أنه قد يكون جبل سيناء الحقيقي، وفي الماضي كان حديث أي مسيحي عن أشياء من هذا القبيل مرفوضاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولي العهد السعودي وسع تحالفاته لهذا السبب

عدنا للسياسة ولجو بايدن، الرئيس الذي وصلت في عهده العلاقة السعودية - الأميركية إلى أدنى مستوياتها منذ 50 عاماً، قبل أن يقرر السفر إلى جدة ولقاء العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

سألتها ما سبب التحول فأجابت "أسعار النفط والانتخابات"، مضيفة أن "بايدن كان ينوي إحراج ولي العهد، لكن ولي العهد هو الذي قام بإحراجه، وقد سافر إلى جدة ليطلب رفع إنتاج النفط بهدف خفض الأسعار، وهو ما رفضه ولي العهد"، وأشارت إلى أن "ما أراده بايدن من الزيارة متعلق بمصالحه ومصالح حزبه".

ولفتت المؤلفة الأميركية إلى أن "ولي العهد السعودي يدرك أن الولايات المتحدة هي أفضل حليف متاح، ولكن نظراً إلى عدم موثوقية الولايات المتحدة فقد اختار توسيع دائرة أصدقائه لتشمل الصين، أكبر مشتر للنفط السعودي، كما عزز علاقته مع روسيا لأنه يحتاج إليها للتعاون في مجال إنتاج النفط".

"الملك سلمان قدم لي وصفاً دقيقاً للسعودية"

واستحضرت المؤلفة الأميركية لقاءها الملك سلمان عندما كان أميراً للرياض بحضور الأمير محمد بن سلمان عام 2010، وقالت "ما وجدته مثيراً للاهتمام هو قول الملك سلمان إنه لا يمكن أن يكون لدينا ديمقراطية، لأن عدد القبائل كبير وكل قبيلة ستكون حزباً، مما سيؤدي إلى الفوضى، لذلك نحن نتشاور مع الناس ثم نقرر، وأعتقد أن ذلك كان وصفاً دقيقاً لطريقة اتخاذ القرار في السعودية".

كما استذكرت الصحافية الأميركية لقاءها عام 2016 بالأمير محمد بن سلمان قائلة "أدهشني أسلوبه غير الرسمي، كان حاسر الرأس وثقته بنفسه كبيرة، وعلى رغم وجود مترجم فقد كان يصحح الترجمة باستمرار، مما يوضح أنه يجيد اللغة الإنجليزية على نحو متقن، وفي بعض الأحيان كان يتحدث الإنجليزية مباشرة، ومنذ ذلك اللقاء وفي الاجتماعات اللاحقة أصبح يتحدث الإنجليزية باستمرار، وحقاً لغته الإنجليزية ممتازة".

وتعكف هاوس على تأليف كتاب عن "العوامل التي شكلت شخصية الرجل الذي يعيد تشكيل ملامح السعودية" وتقول إن "الأمير محمد بن سلمان مختلف تماماً عن أي سعودي قابلته، فهو أكثر استعداداً للتميز والاختلاف وإثارة النقاش، وغالبية السعوديين الذين التقيتهم يحرصون على عدم لفت الأنظار أو التسبب في إحراج أنفسهم أو عائلاتهم، في الأقل إلى أن يتعرفوا عليك بصورة أفضل، لكن ولي العهد يظهر ثقة كبيرة ولا يبدو أنه ينزعج من تبني موقف مختلف عن الآخرين، بل هو قادر على شرح وجهة نظره بوضوح، وهو في نظري ذكي وفصيح وواثق وجريء للغاية".

المزيد من حوارات