ملخص
قالت مصادر فلسطينية وإسرائيلية إن الاتفاق المبدئي ينص على إبعاد الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام "الثقيلة" إلى إيران وتركيا بعد إفراج إسرائيل عنهم، فيما سيطلق سراح باقي الأسرى إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
مع وصول المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" لوقف الحرب على قطاع غزة إلى "مرحلة متقدمة جداً"، توصل الجانبان إلى "توافق مبدئي" على الإفراج عن بعض الأسرى من ذوي الأحكام العالية شرط إبعادهم إلى خارج فلسطين.
ويشرف على تلك المفاوضات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز من خلال وجوده في العاصمة القطرية الدوحة، التي يوجد فيها أيضاً قياديون من حركة "حماس" ومسؤولون إسرائيليون، وتُجرى برعاية قطرية ومصرية.
ولأن إسرائيل ترفض وقف حربها على قطاع غزة دفعة واحدة، يجري العمل للتوصل إلى اتفاق من مرحلتين، الأولى مدتها 42 يوماً وتتضمن الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمجندات الإسرائيليات"، في مقابل "إطلاق سراح عدد جيد من الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات.
وستُدخل في المرحلة الأولى المساعدات والآليات وتُرمم المستشفيات وبعض المرافق العامة ويُعاد فتح معبر رفح، إضافة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من التجمعات السكنية إلى الحدود الشرقية من قطاع غزة.
أما المرحلة الثانية فتشمل الانسحاب بصورة كاملة من قطاع غزة وإعلان وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الإسرائيليين من الجنود الرجال، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين.
لكن مع وصول المفاوضات إلى مرحلة "حاسمة" بزرت مشكلتان خلالها، إحداهما في شأن تحديد أسماء المحتجزين الإسرائيليين ومعايير تصنيفهم والمقرر إطلاق سراحهم خلال المرحلة الأولى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والنقطة الخلافية الثانية تتعلق بوجود الجيش الإسرائيلي داخل بعض المناطق في قطاع غزة واستعداد الأطراف للاتفاق على هدنة دائمة، وحول السيطرة الإسرائيلية على محوري فيلادلفي ونتساريم، وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة.
وقالت مصادر فلسطينية وإسرائيلية إن الاتفاق المبدئي ينص على إبعاد الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام "الثقيلة" إلى إيران وتركيا بعد إفراج إسرائيل عنهم، فيما سيُطلق سراح باقي الأسرى إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن بين هؤلاء الأسرى القيادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي، والقادة في كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" عبدالله البرغوثي وحسن سلامة وعباس السيد.
ومروان ولد عام 1958 وانضم لحركة "فتح" ويعد أحد قادة الانتفاضتين الأولى والثانية، واعتقلته إسرائيل عام 2002 وحُكم عليه بالسجن خمسة أحكام مؤبدة.
واعتقلت إسرائيل حسن سلامة عام 1996 وحكمت عليه بالسجن المؤبد 48 مرة، بعد إدانته بقيادة تنفيذ سلسلة تفجيرات فدائية رداً على اغتيال إسرائيل القائد في كتائب القسام، يحيى عياش.
وخلال عام 2003 اعتقلت إسرائيل عبدالله البرغوثي وحكمت عليه بالسجن 67 مؤبداً، بعد إدانته بالإشراف على تنفيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل.
واعتقلت عباس السيد عام 2002 وحكمت عليه بالسجن 35 مؤبداً و100 عام، ورفضت الإفراج عنه في صفقات تبادل الأسرى السابقة.
ومن بين الأسرى الذين تطالب "حماس" بالإفراج عنهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، واعتقلته إسرائيل عام 2006 وحكمت بسجنه 30 عاماً بتهمة المشاركة في اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي السابق رحبعاع زئيفي.
إبعاد البرغوني
لكن عائلتي سعدات ومروان البرغوثي نفتا التواصل معهما في شأن مناقشة مسألة إبعادهما إلى خارج فلسطين، بعد الإفراج عنهما.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدورة فارس لـ"اندبندنت عربية" إن مسألة إبعاد البرغوثي إلى الخارج "لم تطرح مع عائلته من أية جهة كانت"، نافياً علمه بإمكانية مناقشة ذلك خلال المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" وإسرائيل.
وحول إمكانية الموافقة على إبعاد البرغوثي أوضح فارس أن الأسرى يفضلون الإفراج عنهم إلى داخل وطنهم، إلا أنه أشار إلى وجود حالات سابقة أبعد خلالها فلسطينيون بعد الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية.
ورفض فارس الإجابة عن سؤال حول تزويد هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية حركة "حماس" بقوائم تضم أسماء الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأحكامهم.
وبحسب فارس فإن الهيئة "بحكم عملها تمتلك قاعدة بيانات بأسماء جميع الأسرى ومحكومياتهم، والأعوام التي قضوها داخل السجون الإسرائيلية.
وأشار فارس إلى أن 583 أسيراً فلسطينياً محكوم عليهم بالسجن المؤبد، إلى جانب 1500 أسير محكوم عليهم فوق خمسة أعوام.
واعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح داخل نابلس رائد الدبعي أن طلب إسرائيل إبعاد البرغوثي وسعدات يندرج ضمن "محاولاتها المستمرة لتفريغ فلسطين المحتلة من القيادات المؤثرة، القادرة على التأثير في الرأي العام الفلسطيني".
وبحسب الدبعي فإن مروان البرغوثي وأحمد سعدات "يمتلكان القدرة على إعادة صياغة المشهد الفلسطيني ضمن مقاربات جديدة تقوم على تفعيل المواجهة مع إسرائيل، وحتى إن كان ذلك عبر المقاومة الشعبية السلمية".
وأوضح أن إسرائيل تحاول عبر ذلك "منع أي احتمال لتصعيد المواجهة الميدانية داخل الضفة الغربية في حال الإفراج عن البرغوثي وسعدات وعودتهما إليها".
لكن الدبعي أشار إلى أن إبعاد البرغوثي إلى الخارج "لن يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية، إذ تعطيه استطلاعات الرأي منذ أعوام المركز الأول".
الفخ الإسرائيلي
ودعا الدبعي إلى "عدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي والاستسلام لإبعاده من فلسطين لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية"، مضيفاً أن البرغوثي "أصبح رمزاً وطنياً فلسطينياً بغض النظر عن مكان وجوده".
وفي شأن إمكانية موافقة حركة "حماس" على الإبعاد، أشار الدبعي إلى أن الحركة "لم تعد تتمسك بمواقفها السابقة لكنها أصبحت تتعامل بموضوعية أكثر على خلفية مآلات الحرب في غزة ولبنان، وسقوط النظام السوري".
ويرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن تطلع إسرائيل لإبعاد مروان البرغوثي إلى الخارج "يأتي رغبة منها في تفادي حصول تغيير في موازين القوى المحلية الفلسطينية، وذلك لما يمتلكه من قاعدة جماهيرية في حركة ’فتح‘".
وبحسب الشوبكي فإن الإفراج عن البرغوثي وإبقاءه في الضفة الغربية "يفتح أمامه المجال ليأخذ دوراً جديداً في المشهد السياسي الفلسطيني"، وأضاف أن ذلك الخيار "قد يكون غير مفضل لإسرائيل ودول إقليمية ودولية وأطراف فلسطينية في حركة ’فتح‘ بسبب الخلافات داخل الحركة".
ويمثل البرغوثي وفق الشوبكي "تياراً قوياً داخل حركة ’فتح‘ وشكل قبل أعوام قائمة منفصلة عن قائمة الحركة الرسمية للانتخابات التشريعية عام 2021، والتي ألغي إجراؤها"، ورجح الشوبكي "صعوبة ترشيح البرغوثي لرئاسة السلطة الفلسطينية حال إبعاده إلى الخارج"، لكنه أشار إلى أنه قد يلعب دوراً محورياً في منظمة التحرير الفلسطينية.
فالمنظمة كما يرى الشوبكي "ستستعيد دورها خلال الفترة المقبلة على خلفية مواصلة إسرائيل تحجيم دور السلطة الفلسطينية.