ملخص
يقول المتحدث العسكري لحركة "حماس" أبو عبيدة، "لدينا معلومات استخباراتية تفيد بأن القوات الإسرائيلية تعمدت شن غارة على مكان احتجاز الرهائن بهدف قتلهم، لقد كررت الطائرة الحربية القصف مرتين على المكان نفسه للتأكد من مقتل المحتجزين، هذه ليست المرة الأولى التي تقتل فيها إسرائيل الرهائن عن عمد".
في مقطع مصور أعلنت حركة "حماس" عن قصف الجيش الإسرائيلي مكاناً يضم بعض الرهائن المحتجزين في غزة بصورة متعمدة ومن دون أن تأخذ القوات بعين الاعتبار أية أهمية لمصير المحتجزين بعد الضربة الجوية، فهل إسرائيل فعلاً مستعدة لقتل رهائنها؟
يظهر المقطع الذي نشرته "حماس" مكان القصف الإسرائيلي على غزة، وأجزاء من جسد رهينة مجهول لإخفاء هويته، ومقاتل من الحركة يحاول انتشاله أو إنقاذه، وتغريدة جاء فيها "نتنياهو يسعى إلى التخلص من الرهائن في غزة بكل السبل".
يقول المتحدث العسكري لحركة "حماس" أبو عبيدة، "لدينا معلومات استخباراتية تفيد بأن القوات الإسرائيلية تعمدت شن غارة على مكان احتجاز الرهائن بهدف قتلهم، لقد كررت الطائرة الحربية القصف مرتين على المكان نفسه للتأكد من مقتل المحتجزين، هذه ليست المرة الأولى التي تقتل فيها إسرائيل الرهائن عن عمد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بعد هذه الحادثة ثار المجتمع الإسرائيلي ضد نتنياهو، وخرج الآلاف في تظاهرات داخل مدن إسرائيل تطالب بإبرام صفقة تبادل بأسرع وقت، كما أن كبار المسؤولين الأمنيين في تل أبيب اتهموا رئيس حكومتهم بالتضحية بالمختطفين من أجل إنقاذ ائتلافه.
اضطر نتنياهو إلى تبرير ما حدث، ففي فيديو قصير قال إن "'حماس' تكذب، وتبث مقاطع دعائية هدفها التأثير في معنويات المجتمع الإسرائيلي، إنها تمارس حرباً نفسية وحشية وشريرة، من يمس بأسرانا دمه مهدور، قلت ذلك سابقاً وأكرره 'حماس' هي التي لديها سوابق في قتل الرهائن عن قصد، في أية حال سنواصل العمل بلا كلل من أجل إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم".
على غرار الحرب بين "حماس" وإسرائيل التي عنوانها القتال العسكري، هناك حرب أخرى تدور بين الطرفين تتعلق بالرهائن، إذ تحاول تل أبيب تحريرهم من طريق الضغط العسكري والعمليات الخاصة لها داخل غزة، وتسعى "حماس" في الوقت نفسه إلى إفشال هذا المخطط بصورة كاملة وبجميع الوسائل.
حرب الرهائن
في يونيو (حزيران) الماضي بدأت تظهر ملامح "حرب الرهائن" بين "حماس" وإسرائيل، إذ في ذلك الوقت نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية عملية معقدة لتحرير أربع رهائن من مخيم "النصيرات" وسط القطاع، ونجحت تل أبيب في مهمتها وأنقذتهم أحياءً، لكنها قتلت 270 غزاوياً في المقابل.
اعتبر مراقبون عسكريون أن "حماس" تلقت صفعة قوية في تلك العملية، وأن إسرائيل نجحت في مهمتها، ويبدو أن الحركة أدركت جيداً أنها تلقت لطمة قاسية، إذ غيرت قواعد اللعبة، وبحسب بيان لأبو عبيدة فإنهم أصدروا تعليمات جديدة لحراس الرهائن في شأن التعامل معهم حال اقتراب قوات إسرائيلية من مواقع الاحتجاز في غزة، وصدرت تلك التوجيهات بعد عملية الإنقاذ التي نفذتها إسرائيل.
لم توضح "حماس" فحوى التعليمات الجديدة في شأن تعامل حراسها مع الرهائن، وتركت الباب مفتوحاً لتفسيرين، إما قتلهم قبل تحريرهم أحياء أو محاولة تهريبهم وتغيير مكان احتجازهم، وظل ذلك الأمر غامضاً حتى أغسطس (آب) الماضي.
في ذلك الوقت تمكنت القوات الإسرائيلية المتوغلة داخل غزة من انتشال جثامين ستة رهائن وستة مسلحين من نفق تحت الأرض، وفي المعاينة الأولية تبين أن حراس الرهائن أطلقوا أعيرة نارية على رؤوسهم.
وبحسب التفسير الإسرائيلي والفلسطيني لتلك الحادثة فإن جنود الجيش كانوا قريبين من موقع احتجاز الرهائن على بعد خطوة من تحريرهم، ولمنع نجاح تلك المحاولة أطلق الحراس النار على رؤوس الرهائن وقتلوهم استجابة للتعليمات الجديدة التي أصدرتها "حماس".
لم تتبن "حماس" رسمياً قتل عناصرها للرهائن، ولكنها لمحت إلى ذلك إذ لا ترغب في إثارة الرأي العام العالمي ضدها نتيجة هذا الإجراء، لكن إسرائيل جزمت قطعاً بأن حراس الحركة فعلوها استجابة لتعليمات قياداتهم.
يقول الباحث العسكري رائد صافي، "منذ ذلك الوقت أصبحت قواعد اللعبة في ملف الرهائن مكشوفة بين حماس وإسرائيل. إن أية محاولة سينفذها الجيش لتحرير المحتجزين سيقابلها رد فعل من عناصر الحركة يقوم على مبدأ قتل الرهائن قبل تحريرهم أحياء". ويضيف، "في إسرائيل الرهينة الحي أفضل من الميت، والمجتمع اليهودي يفضل أن يتم إطلاق سراح المحتجزين أحياء أكثر مما يرغبون في تشييع جثامينهم، لذلك فإن على طرفي الحرب محاولة التفكير بطريقة أخرى لإنقاذ الرهائن، والحل هو صفقة تبادل، لكن في الحروب يفضل الأعداء عدم دفع ذلك الثمن".
يوضح صافي أن إسرائيل قد تلجأ فعلياً إلى قتل رهائنها لدى "حماس" فهذا يعني تقليص ثمن الصفقة، كما أنه أمر قانوني حسب "بروتوكول هانيبال" الذي يتيح ذلك، لهذا هناك اعتقاد أن قتل الجيش للرهائن وحراسهم بات الحل الأمثل.
ويشير إلى أن إسرائيل تستفيد من ذلك أنها قلصت ثمن الصفقة، ولم تنجح "حماس" في نقل أماكن احتجازهم، وكذلك تمكنت تل أبيب من القضاء على مقاتلين فاعلين في الفصائل الفلسطينية، والأهم أنها لم تفشل في مهمة إنقاذهم، بخاصة إذا كان احتجازهم وسط تعداد سكاني كبير.
بروتوكول هانيبال
فعلياً تطبق إسرائيل "بروتوكول هانيبال"، وهو آلية عسكرية تتيح تنفيذ هجمات يمكن أن تهدد حياة الجنود الإسرائيليين لمنع احتجازهم أحياء، وكذلك يسمح بقتل الإسرائيلي لإسرائيلي آخر إذا وقع في الأسر أو كان عرضة لذلك، كما يسمح باستخدام القوة المفرطة بهدف منع وقوع أي إسرائيلي في أيادي العدو، ويوصف ذلك بأنه الملاذ الأخير للجيش الإسرائيلي.
تؤكد وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها أوقفت العمل بـ"بروتوكول هانيبال" منذ سنوات طويلة، لكن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة المعنية في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، أكدت أن الجيش الإسرائيلي استخدم "بروتوكول هانيبال" في حربه ضد "حماس" مرات عدة بهدف منع مسلحي الحركة من اختطاف الإسرائيليين، أو منع بقاء الرهائن في الأسر، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى مقتلهم.
ترفض إسرائيل نتائج لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، وكذلك تنفي اتهام "حماس" بأنها قصفت أماكن الرهائن، ويقول المتحدث العسكري دانيال هاغاري، "تخلت قواتنا عن بروتوكول هانيبال، ولم نستخدمه في حربنا ضد 'حماس' في أي مرة، لم نقصف أماكن احتجاز رهائن، وذلك بحسب المعلومات الاستخباراتية". ويضيف، "راجعنا سجل عمليات الجيش في غزة ولم نجد ما تدعيه 'حماس'، على العكس نحن نحاول إنقاذ الرهائن دائماً وتحريرهم بواسطة جميع الوسائل، كما أن نتائج لجنة الأمم المتحدة منحازة وملوثة بأجندة معادية لإسرائيل".
تنفي إسرائيل قتلها الرهائن، لكن "حماس" تؤكده. يقول القيادي في الحركة عزت الرشق، "نتنياهو وجيشه من يقتلون الرهائن ويعطلون صفقة التبادل الأسرى لمصالح ضيقة، إن المؤسسة الأمنية في تل أبيب تعمدت قتل عشرات الرهائن من خلال القصف الجوي المباشر على أماكن احتجازهم".