Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زواج الطفلة... التدبير والتبرير خلف الأبواب المغلقة

"لم يعد أمراً تقشعر له الأبدان بالضرورة صارت له قواعد شعبية مؤيدة إما من منطلق تفسيرات دينية حديثة نسبياً أو بدوافع اقتصادية لمواجهة الفقر"

عشرات المواقع والصفحات تتنافس في شرح أسباب جواز زواج الطفلة (يوتيوب)

ملخص

في العقد الثالث من الألفية الثالثة وبعد قرون من حسم البشرية أمرها تجاه المرأة وتأكد عدد من المجتمعات والأمم من أنها إنسان كامل الأهلية ما زال هناك من يمسك بتلابيب دونية الأنثى وخلقها من أجل متعة الرجل وإشباع حاجاته الجنسية فقط، والتعامل مع منظومة الزواج بما في ذلك الزواج من الطفلة باعتبارها متاعاً يسلمه الأب أو الأخ أو الجد أو العم لرجل بغرض النكاح، وسواء قيل إن ذلك في مصلحة الصغيرة من حفاظ على عفتها وصوناً لطهارتها وحماية لعرضها أو إن في ذلك صحة المجتمع النفسية والجنسية.

يقع الباحث عن المعلومة عن حكم الزواج من طفلة في حيرة من أمره، في عصر التمكين الرقمي ودمقرطة المعلومات، يبحث بعض منهم باستماتة واستدامة: ما حكم الزواج من فتاة في التاسعة؟ هل الزواج من طفلة حلال؟ هل المفاخذة حلال لو كان جسد الزوجة الطفلة أضعف من أن يحتمل العلاقة الزوجية؟ هل يجوز تسليم الزوجة لزوجها حتى لو كانت غير مؤهلة للوطء؟ هل يجوز فعلاً تزويج الصغيرة ولو كانت في المهد؟ هل يجوز الاستمتاع بالرضيعة ولو بالتقبيل فقط؟ لو رغب الزوج في الاكتفاء بالتفخيذ فقط إلى أن يشتد عود الزوجة، هل له أن يختار بين رضيعة وطفلة؟

زواج الطفلة والرضيعة

أسئلة كهذه وغيرها أقل وطأة وأخرى أكثر فداحة تطالع الباحث عن إجابة لسؤال: هل يجوز تزويج الطفلة أو الزواج منها؟ وبعد عشرات المواقع والصفحات التي تتنافس في شرح أسباب جواز زواج الطفلة، وأحياناً الرضيعة، لا مناقشة الجواز من عدمه، تظهر صفحات لمنظمات أممية وحقوقية ورسمية لبعض الدول تحوي معلومات أو شروحاً غالبها يفند أسباب عدم جواز الزواج الطفلة، ويسرد النصوص العقابية والجهود التوعوية والخطوات الإجرائية، لكن تبقى العبرة في الخواتيم وأرض الواقع وحكايات الإصرار على زواج الصغيرات، وكأن المسألة قضية جدلية بين الحق والباطل، حق زواج الطفلة ومفاخذتها وطردها بإصرار من عالم الطفولة ليمارس الآخرون حق نكاحها والاستمتاع بها، وباطل اعتبارها طفلة حتى السن القانونية والتعامل معها باعتبارها كائناً لا ينكح ويفاخذ ويتعرض لقياس القدرة على تحمل الوطء فقط، ولكن ربما تكون له آمال تعليمية وطموحات حياتية واختيارات إنسانية.

في العقد الثالث من الألفية الثالثة، وبعد قرون من حسم البشرية أمرها تجاه المرأة، وتأكد عدد من المجتمعات والأمم من أنها إنسان كامل الأهلية، ما زال هناك من يمسك بتلابيب دونية الأنثى، وخلقها من أجل متعة الرجل وإشباع حاجاته الجنسية فقط، والتعامل مع منظومة الزواج باعتبارها متاعاً يسلمه الأب أو الأخ أو الجد أو العم، لرجل بغرض النكاح، وسواء قيل إن ذلك في مصلحة الصغيرة من أجل الحفاظ على عفتها وصوناً لطهارتها وحماية لعرضها أو أن في ذلك صحة المجتمع النفسية والجنسية.


تشريح زواج الطفلة

عشرات السنوات وآلاف الدراسات والأوراق والمؤتمرات ونصوص قانونية وحملات توعية ومناهج دراسية وحلقات نقاشية تتناول زواج الطفلة تارة من منظور اجتماعي، وآخر من منطلق حقوقي، وثالث على سبيل الإنسانية والمساواة، ورابع لدحض حجة الفقر القاتلة، وخامس لتفنيد العادات وتشريح التقاليد، وسادس لتقديم تفسيرات غير تلك السائدة دينياً والمتوغلة شعبياً.
عقود طويلة ومنظرو الدول المعروفة بشيوع زواج الطفلات تدور في دوائر مفرغة، يسردون عوامل اجتماعية، ويستعرضون معايير ثقافية، وينتقدون قصوراً في القوانين وعواراً في التشريعات، ويطرقون أبواب الفقر المدقع ويدقون على أوتار "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"، وذلك بينما فئات في المجتمعات تسأل فقهاء ومشرعين عن حكم تلك الزيجة دينياً، ورجال دين يؤكدون جوازها، وآخرون محسوبون على المؤسسات الرسمية يمسكون بعصا الجواز (الدين) مع التقنين (الدولة)، والأهم أن الزيجات تعقد على مدار الساعة.

ملايين "العرائس"

في شتى أرجاء الأرض، لا سيما شرقها وجنوبها، تتزوج طفلات يومياً، بعضهن لا يتجاوز عمرها السابعة أو الثامنة. بحسب منظمة "يونيسيف"، 21 في المئة من شابات الكوكب تزوجن قبل عمر 18 سنة، و650 مليون شابة وامرأة على قيد الحياة حالياً تزوجن في مرحلة الطفولة، و12 مليون طفلة يتزوجن كل عام.
النسبة الأكبر لزواج الطفلات تحدث في جنوب آسيا (44 في المئة)، تليها دول أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 18 في المئة. نصيب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خمسة في المئة فقط من مجموع طفلات العالم المتزوجات، لكن هذه النسبة تعني بين 35 و37 مليون طفلة متزوجة.

المنظمات الأممية والجمعيات الحقوقية والمؤسسات الرسمية وأحياناً بعض الأحزاب السياسية والكيانات الثقافية والمجتمعية في غالب الدول العربية لا تألو جهداً في إطلاق المبادرات، وسن القوانين، ودمج فكرة عدم تزويج الطفلات في المناهج، والاحتفاء بالطفلة ذات الحقوق الكاملة والكيان غير المجتزأ في يوم الطفلة، ويوم المرأة، ويوم الطفولة، واليوم العالم لحقوق الإنسان، واليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة، واليوم الدولي لإلغاء الرق، واليوم العالمي لمنع ممارسات الاستغلال والانتهاك والعنف الجنسي ضد الأطفال والتشافي منها، والقائمة تطول. لا تمضي مناسبة أممية أو إقليمية أو وطنية من دون أن يجري التطرق الاحتفائي إلى التحذير من زواج الطفلة وانتهاك الطفولة واستغلال الصغيرة واستعبادها تحت مسميات الدين أو الزواج أو الستر أو غيرها.


السلطات والسرية والطفلة

نهى طفلة في العاشرة من العمر، زور والدها والعريس والمأذون عمرها وزوجوها. حالت الشرطة دون تزويج طفلة في الـ14 من عمرها من رجل في العقد الخامس من العمر. في يوم واحد احتفلت أسرة بتزويج طفلة في الـ16 من عمرها، وكذلك شقيقتها التي لم تتعد أربع سنوات من العمر، خرجت ابنة 15 سنة من عند "الكوافير" (مزين الشعر)، وهي بفستان الزفاف لتجد الشرطة في انتظارها لمنع إتمام الزيجة.
تلك الفتيات وغيرهن كثيرات في دول عربية عدة تعرضن لتجربة زواج الطفلة، منها ما أوقف على يد السلطات، ربما لتعيد الأسرة الكرة في ما بعد، ولكن في سرية تامة، ومنها ما استمر بصورة أو بأخرى.
زواج الطفلة مستمر في العالم العربي، عدد من المنظمات الأممية مثل "يونيسيف" و"صندوق الأمم المتحدة للسكان" و"هيئة الأمم المتحدة للمرأة" وغيرها من الحكومات العربية أكدت على مدار سنوات أن معدلات تزويج الطفلة في غالب الدول انخفضت بصورة كبيرة على مدار ربع قرن من العمل والتوعية والمواجهة، إلا أن هذا الإنجاز تباطأ في السنوات الـ10 الماضية.

توليفة كلاسيكية

التوليفة الكلاسيكية لزواج الطفلة في المنطقة العربية تحوي أعرافاً وفقراً وفكراً وعادات وتقاليد، أضيف إليها وباء باغت الجميع، ثم صراعات متفاقمة تنجم عنها كوارث إنسانية ومقاومات شعبية وفرص ذهبية للعودة للمربع صفر، وبحسب الرؤية التفسيرية التي يقدمها المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، يحدث زواج الأطفال مدفوعاً بأعراف اجتماعية ضارة، وعدم المساواة بين الجنسين، وتتقاطع معه عوامل الفقر والتصور بأن الزواج سيوفر الحماية، وأفكار ملتبسة عن شرف الأسرة، والأعراف الاجتماعية، والأطر التشريعية غير الكافية، وحالة نظام التسجيل المدني، والقوانين العرفية (الأعراف) أو الدينية أو كلها ممتزجة في تناغم يسمح بل ويشجع تلك الممارسة.


أعراف ممتزجة بالدين

هذه الأخيرة - الأعراف الممتزجة بالدين - هي الأكثر تعقيداً وقدرة على مقاومة جهود الوقاية والتوعية ومنع حدوث زواج الطفلة، على رغم أن الفقر يطل برأسه دائماً في زواج الأطفال، إلا أن هناك سبلاً عدة للخروج من الفقر أو تقليص هامشه والحد من آثاره، ولم ولن يحدث أن سلمت أسرة من براثنه بفضل زواج الطفلة. وعلى رغم حسابات المكسب والخسارة التي تدور خلف كثير من الأبواب المغلقة، حيث المهر الذي يدفعه العريس للعروس، أو بالأحرى لأهل العروس، مما يشجع بعض الأهل على الدفع بصغيراتهم إلى الزواج المبكر، إلا أنه لم يحدث يوماً أن مثل المهر طوق نجاة لأسرة الطفلة.
المواقف والبيانات والمؤتمرات المعلنة للمؤسسات الدينية الرسمية في عدد من دول المنطقة تلتزم خط الدولة الرسمي في تجريم زواج الطفلة، يغلب تيار ديني مرة، فتلين القوانين المجرمة، يقوى الصوت المدني مرة فتنشط سطوة القوانين وسطوة الحقوق والمساواة، تمعن التيارات الدينية في تشددها بفعل ظروف سياسية أو عوامل اقتصادية، فتغض الدولة الطرف عن الحديث عن جواز تزويج الصغيرة ومحاسن تكوين أسرة في سن صغيرة. تتخاصم الدولة والتيارات الدينية، فتتربص الدولة بهذه الزيجات وتنشط مبادرات التوعية وجهود المنع والتقويم، وهلم جرا.

لا صوت يعلو على صوت رجل الدين

في كل الحالات لا صوت يعلو على صوت رجل دين، غالباً خارج المؤسسات الدينية الرسمية، ويحظى بشعبية عارمة، ويتمتع بقاعدة متابعين مليونية، ويحظى بهالة من الاحترام والصدقية بغض النظر عن محتوى أو مرجعية أو عقلانية ما يقول.
مواقع وصفحات مراكز دينية ورجال دين معروفين في العالم العربي كله ويحظون بشعبية جارفة عامرة ليس فقط بالتأكيد على جواز زواج الطفلة، بل بالتشجيع عليه ومهاجمة من يلمح بمناقضته للحقوق البديهية للإنسان، أو تنافره وطبيعة الطفل(ة) التي يفترض أن تكون بعيدة من الشهوات الجنسية. اللافت أن الجدال على هذه المواقع والصفحات ليس في جواز زواج الصغيرة - وأحياناً الرضيعة - من عدمه، بل في تفاوت الجوانب الإنسانية بين مرجح للمفاخذة بديلاً للعلاقة الكاملة إلى حين تحمل الصغيرة الوطء، ومنبه إلى أن خطورة إنكار بلوغ الصغيرة تحججاً بالسن القانونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رصد بالعين المجردة

الصيف الماضي، فجع المصريون بخبر مصرع زوجة "طفلة" في الـ13 من عمرها، بعد تعرضها لاعتداء وحشي من الزوج. ضربها بشدة، ثم ألقاها من أعلى العمارة مما أدى إلى وفاتها. الرصد بالعين المجردة يشير إلى أن الغضب والحزن الشعبيين جاءا نتيجة لطريقة الموت البشعة، أكثر من سن الزوجة القتيلة.
الكاتبة الصحافية سحر الجعارة وتحت عنوان "زواج على شهادة وفاة" تعليقاً على الحادثة، وبعد الإشارة إلى جواز زواج الطفلة من غالب التفسيرات الدينية السائدة شعبياً، كتبت وقتها: "حتى لا ندخل في جدل ديني لا ينتهي إلا بدعاوى الحسبة والرمي بالكفر والزندقة، ينص القانون المصري رقم 64 لعام 2010 على اعتبار الزواج المبكر حالة من حالات الاتجار في البشر، تصل عقوبتها إلى المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه على كل من المسؤول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات. وعلى رغم ذلك، فلا أحد يعاقب أو يلام، ولا نفكر في تطبيق هذه المادة لردع المتاجرين بلحم بناتنا".
ووصفت الكاتبة زواج الصغيرات بأنه أصبح يتم تحت مسمى "على السنة" بديلاً للعرفي سيئ السمعة، وطالبت بالبحث عن القاتل الحقيقي في حالة الزوجة الطفلة، مشيرة إلى رجال دين لهم متابعين بالملايين على الإنترنت، ويتحدثون أحياناً عن جواز زواج القاصرات ما أن يبلغن سن تسع سنوات، ولكن بشرط أن تطيق الوطء، وإذا كانت سمينة الجسد، وهو ما اعتبرته الجعارة "تحريضاً سافراً على انتهاك أعراض الأطفال، وتبريراً للمهووسين جنسياً بممارسة الـ'بيدوفيليا'، أو من يقولون بجواز تزويج البنت وهي جنين في بطن الأم".
وأشارت إلى أن مثل هؤلاء "يتحالفون لإسقاط القانون وهيبة الدولة، من أجل نشر الجهل والتخلف والرجعية والنخاسة المغلفة بالحلال، يتحالفون من أجل العودة للجاهلية وإسقاط الدولة المدنية".

سندان ومطرقة وأحلام

"سندان الواقع ومطرقة القانون"، "طفولة مسروقة وأحلام محطمة"، "قضية قانون أم وعي مجتمعي؟"، "زواج بلا أوراق وأطفال بلا نسب"، وغيرها من آلاف العناوين التي لا تصل في الغالب إلا إلى المدافعين عن الحقوق وأنصار الدولة المدنية، بينما تضل طريقها إلى من يقترف أو يشارك أو يروج أو يدعم، أو يؤمن بزواج الطفلة، وإن وصلت، فهي والعدم سواء.
واقع الحال يشير إلى شيوع خطاب خلف الأبواب المغلقة، ولكن ملء السمع والبصر، غلافه ديني، محتواه يدغدغ مشاعر الرجال الجنسية مغلفة برداء ديني مريح، يدور غالبه في فلك شرعنة تفريغ شهوات الذكور في أوعية النساء، وربط وجود المرأة في أي مكان أو زمان بالرغبة الجنسية. "السلام باليد يحرك الشهوات ويسهل مهمة الشياطين"، و"حواس الإنسان الخمس جميعها يزني، العينان تزنيان بالنظر، والأذنان بالسمع، واللسان بالكلام، واليد باللمس"، وهكذا. ويصل الأمر إلى درجة أن بعضاً ممن تشيع آراؤهم وتنتشر تفسيراتهم "الدينية" عبر الأثير، يوكد أن الرجل الذي يمد يده لمصافحة المرأة، ويقول إنه "إنسان وليس حيواناً في حالة هياج مستمر"، إنما هو يعترف بذلك أنه "ناقص الرجولة".
أحد أشهر رجال الدين الذين رحلوا عن الدنيا قبل نحو ثلاثة عقود، وما زال ملايين تستمع لما قال وتتبع ما أمر به، قال ضمن ما قال عن المرأة، "المرأة مش معمولة (لم تخلق) للإهاجة، بل معمولة حتى إذا هاجت طبيعة تكوينه (الرجل) يجد مصرفاً".


تداخلات في الخطاب الشعبي

خطاب شعبي تداخل فيه محتوى ثقافي موروث من العادات والتقاليد التي تؤمن بفوقية الرجال ودونية النساء مع حصر أدوراهن في الإمتاع الجنسي والإنجاب، مع توجه ديني تفجر نجمه في السبعينيات واحتوى - ضمن ما احتوى - على كثير من فتاوى النكاح، والحديث عن الشهوات، وتبرير غالب حوادث التحرش والاغتصاب وغيرها من صنوف العنف الجنسي، بأنها ناجمة عن عرض الإناث لأنفسهن بطريقة لا تناسب طبيعة الرجل وفطرته "السليمة" التي تمنعه من السيطرة على نفسه، كما نجح هذا النوع من الخطاب في تحويل الطفلة الأنثى إلى مشروع أداة جنسية يمكن اللجوء إليه عبر زواج الطفلة.
وكأن كل ما سبق لم يكن كافياً لدعم تحول الطفلة إلى "عروس" بموافقة فئات عريضة في المجتمعات ومباركة أشخاص يقدمون أنفسهم باعتبارهم رجال دين، تحالفت الصراعات والأزمات في المنطقة العربية لتضع مزيداً من ملايين الطفلات في مرمى الزواج.

الزواج في الصراع

وتكرر الأمم المتحدة تحذيراتها على مدار أكثر من عقد مضى من الصراعات المتفجرة في المنطقة العربية من أنه في مواجهة انعدام الأمن وزيادة أخطار العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وانهيار سيادة القانون، ترى أعداد متزايدة من الأسر في زواج الأطفال وسيلة للتعامل مع الصعوبات الاقتصادية، أو لحماية الفتيات من العنف الجنسي، أو حماية شرف الأسرة في أجواء تفتقد إلى الأمن والأمان، إذ يتفاقم زواج الأطفال بين النازحين داخلياً، كما يستخدم زواج الأطفال القسري كتكتيك في الصراعات.
لم يعد زواج الطفلة أمراً تقشعر له الأبدان بالضرورة، بل صارت له قواعد شعبية مؤيدة إما من منطلق تفسيرات دينية حديثة نسبياً، أو بدوافع اقتصادية لمواجهة الفقر، أو بمؤثرات ثقافية مشتقة من عادات وتقاليد، أو لمخاوف تتعلق بشرف الأسرة وعفة ذكورها قبل إناثها.
الأدهى من ذلك إنه تجري بين الحين والآخر تراشقات مذهبية، يتهم فيها أتباع المذاهب المختلفة بعضهم بعضاً بتحليل زواج الطفلة، وهو ما يعد عواراً في المعتقد، على رغم أن الأطراف المتراشقة على نقيضها، وعلى رغم اختلافها، تسمح بخنق الطفلة جنسياً، ولو خلف الأبواب المغلقة.

المزيد من تحقيقات ومطولات