Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

قانون الصكوك التونسي الجديد يرفع السيولة النقدية وموجة الانتقادات

محللون: الفاعلون الاقتصاديون غير جاهزين ولم يجدوا الحلول البديلة في ظل شح الاقتراض

السيولة النقدية في السوق ارتفعت بـ94.04 مليون دولار في غضون أسبوعين فقط بفعل سريان القانون (أ ف ب)

ملخص

يلغي القانون تجريم عملية إصدار شيك من دون رصيد تتعلق بمبلغ يساوي أو أقل من 5 آلاف دينار (1.56 ألف دولار)، ويغير من قواعد التتبعات العدلية التي تظل حصراً على المستفيد من الصك وليس بطريقة آلية على ألا تقام إلا إذا كان المبلغ المنصوص عليه بالشيك أرفع من 5 آلاف دينار (1.56 ألف دولار)، إضافة إلى السماح بتسوية وضعية المحكوم عليهم أو التتبعات العدلية لأجل إصدار شيك من دون رصيد مع توفير ضمانات لفائدة الدائن

دخل قانون الشيكات الجديد في تونس حيز التنفيذ في الثاني من فبراير (شباط) الجاري مع انطلاق تطبيق المنصة الرقمية الخاصة به التي أنشأها البنك المركزي التونسي. وأتى التطبيق الجديد تجسيداً للقانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في الثاني من أغسطس (آب) 2024 بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وتهم التشريعات الجديدة للصكوك.

ويؤثر التغيير في كل الجهات الفاعلة في استعمال الشيك انطلاقاً من إسناد دفتر الصكوك إلى حدود تسوية الإشكالات المحتملة عند عملية الدفع.
ويهدف القانون الحالي وفق المشرع التونسي إلى تعزيز سلامة وصدقية المبادلات باعتماد الشيك، وتحسين الممارسات البنكية وتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتسوية وضعية الأفراد المحكوم عليهم أو الجاري في حقهم تتبعات عدلية بسبب إصدار شيكات من دون رصيد. وبموجبه سيتحتم على كل مصرف أن يفتح حساباً يجري العمل به بالشيك لكل عميل يطلبه ويسترشد لدى البنك المركزي التونسي عن وضع صاحب الحساب ويتخذ التدابير اللازمة لتجنب صدور شيكات من دون رصيد.
سيحدد المصرف قيمة السقف العام لكل دفتر شيكات على ألا يتجاوز 30 ألف دينار (9.4 آلاف دولار) لكل شيك، ويحتوي الدفتر على صيغ صكوك مسطرة تسطيراً عاماً، وللبنك أن يسلم العميل بناءً على طلبه دفتر شيكات يتضمن صيغاً غير مسطرة عند ثبوت الضرورة، ويحدد لكل دفتر شيكات مدة صلاحية لا تقل عن ستة أشهر، وتتضمن ورقة الشيك معلومات التحقق الإلكتروني ورمز الاستجابة السريعة الخاص بها وعناصر الأمان الضرورية للحفاظ على السر البنكي وتأمين المعاملة الإلكترونية.

وينص القانون على إحداث منصة رقمية موحدة خاصة بالمعاملات بالشيك، ويتولى البنك المركزي الإشراف على إرساء هذه المنصة وإدارتها وسيرها على أن تنتظم وجوباً جميع البنوك في المنصة الرقمية عبر آلية الترابط البيني.

وسيتعين على كل بنك ضمان تكامل أنظمته المعلوماتية مع هذه المنصة ومع آلية الترابط البيني المعتمدة مع توفير خدمات إلكترونية مجانية بواسطة المنصة الرقمية تمكن العميل من النفاذ إلى المعلومات المتعلقة بحساباته المالية وتمكن المستفيد من الشيك من التثبت الفوري من وجود رصيد كاف له أو من وجود اعتراض على خلاصة بسبب السرقة أو الضياع أو تحاجير على ساحبه أو قفل الحساب المسحوب عليه.

ويلغي القانون تجريم عملية إصدار شيك من دون رصيد تتعلق بمبلغ يساوي أو أقل من 5 آلاف دينار (1.56 ألف دولار)، ويغير من قواعد التتبعات العدلية التي تظل حصراً على المستفيد من الصك وليس بطريقة آلية على ألا تقام إلا إذا كان المبلغ المنصوص عليه بالشيك أرفع من 5 آلاف دينار (1.56 ألف دولار)، إضافة إلى السماح بتسوية وضعية المحكوم عليهم أو التتبعات العدلية لأجل إصدار شيك من دون رصيد مع توفير ضمانات لفائدة الدائن.

وكشف المدير العام للدفوعات والإدماج المالي بالبنك المركزي التونسي نزار شداد عن أن منصة الشيكات الرقمية الجديدة شهدت إقبالاً، وفتح 68 ألف حساب في الأيام الأولى لعملها، ويمكن للمستخدم مسح لشيفرة QR code للحصول على معلومات تمكنه من الولوج لبنك الساحب أو صاحب الصك للتأكد من وجود الحساب البنكي ومن المبلغ المحدد للمستفيد.

صعوبات تقنية

وقال رئيس منظمة كونفيدرالية المؤسسات التونسية أصلان بن رجب إن الفاعلين الاقتصاديين غير جاهزين إجمالاً لتطبيق القانون الجديد، وإنهم لم يجدوا بعد الحلول البديلة لتعويض استعمالهم المعتاد للشيك كوسيلة ضمان عوضاً عن وظيفته الحقيقية، وهي التسديد الحيني.

وفي إشارة إلى الإكراهات التي أدت بالفاعلين الاقتصاديين والتونسيين بصفة عامة إلى اعتماد للشيك أداة ضمان أشار إلى إشكالية التمويل التي تواجهها المؤسسات والقدرة الشرائية المتهالكة للمواطنين في تونس، وأن نقص التمويل والضرورة القصوى أديا بالتونسيين أفراداً ومؤسسات إلى اللجوء لاستعمال الشيك كوسيلة ضمان.

وعن ظروف تطبيقه رأى بن رجب أن الجميع في تونس في حاجة إلى فترة أطول للتأقلم مع القانون الجديد، مقترحاً فترة تجربة بالنظر للواقع الاقتصادي للبلاد.

اقرأ المزيد

وعن المنظومة الجديدة أشار إلى بعض البنوك التي لم تدخل بعد منصة البنك المركزي التونسي لأسباب تقنية، بينما يظل الحل الوحيد هو التأقلم من طرف كامل الشبكة الاقتصادية بحكم أن القانون الجديد هو خطوة جيدة نحو رقمنة المعاملات المالية، لكن يستوجب الوضع المالي في المقابل المرافقة في تحديات التمويل. ودعا إلى العمل على تحسين آليات جعل "الكمبيالة" أكثر ضماناً مما قبل على خلفية العودة إلى اعتمادها بكثافة في حين تظل التخوفات من قدرة البنية التحتية الرقمية على الاستيعاب في أوقات الذروة، مما قد يخلق إشكاليات تقنية.

ارتفاع السيولة إلى 94.04 مليون دولار

من جهة أخرى كشف بن رجب عن أن السيولة النقدية ارتفعت بـ300 مليون دينار (94.04 مليون دولار) في غضون أسبوعين في السوق بفعل سريان القانون، وأن التوجس يتجسد في تحول الاقتصاد التونسي إلى اقتصاد طلب بدل اقتصاد العرض، لكن يظل السؤال وفق تقدير بن رجب هو هل المنظومة التقنية والمالية جاهزة؟ الاستفسار نفسه الذي طرحه رئيس المجمع المهني الوطني للنقل والخدمات اللوجيستية بمنظمة "كونكت" عبدالله تنازفتي في حديث إلى "اندبندنت عربية"، مشيراً إلى أن الشركات والأفراد على حد السواء يواجهون نقصاً في المعلومات الواضحة حول كيفية عمل المنصة الجديدة المخصصة للشيكات، وهذا يعقد الوصول إلى المعطيات الضرورية ويزيد من أخطار الأخطاء، مما يمس من موثوقية المنصة حالياً بسبب الأخطاء التقنية، مما يجعل من الصعب تطبيقها بصورة فعالة. ويلفت إلى أن تحديد سقف الشيكات بـ30 ألف دينار (9.4 ألف دولار) يهدد بانعكاسات سلبية على التجار الصغار والمؤسسات الصغرى والأسر ذات الدخل المنخفض، وذلك بحكم استحالة استخدام الدفع المؤجل بالشيك، مما سيفاقم من الصعوبات المالية التي تواجهها بعض الشركات، بخاصة تلك العاملة في القطاع، والتي تحتاج إلى المرونة في معاملاتها.

وخلافاً لذلك يقدم القانون في جانبه الإيجابي حلولاً للشركات للتكيف بسرعة مع طرق الدفع الجديدة مثل التحويل المصرفي أو الدفع الإلكتروني للتعويض عن انخفاض استخدام الشيكات، وإن كان يعد هذا القانون الجديد تحديثاً ضرورياً، فإنه يفرض أيضاً تحديات فورية يتعين على كل من الحكومة والقطاع الخاص معالجتها بسرعة لضمان الانتقال السلس إلى هذه الممارسات المالية الجديدة.

من جانبه رأى عضو كونفيدرالية المؤسسات المواطنة "كونكت" شكيب بن مصطفى أن الانعكاسات مباشرة على المؤسسات التونسية التي اعتمدت الصكوك كوسيلة ضمان بسبب الصعوبات المزمنة في التوصل إلى التمويلات البنكية في تعاملها مع مزوديها وتحول قائم الصكوك البنكية إلى ضمان العمليات المالية للمؤسسات مع المزودين. وأضاف "من البديهي أن الشيكات حادت عن مهمتها الأساسية في سبيل التأقلم مع الواقع المالي والبيئة الاقتصادية الذي يخيم عليه شح الاقتراض، وهي التي تفتقر إلى تنويع آليات التمويل، وتنامت هذه الظاهرة حتى تحولت الصكوك إلى الضمان الأساس، كما تحول المزودون إلى مصارف للمؤسسات، وهو النظام الذي ركزه الواقع مند عقود ويعالجه القانون الجديد، وبموجبه تجد المؤسسات واقعاً يجبرها على البحث عن وسائل جديدة للتمويل وأنماط مستحدثة  للتصرف لخلق علاقات ربحية، فهذا القانون يدمر النموذج القديم ويؤسس لنظام جديد، وهو فرصة لخلق نموذج يتأقلم مع اقتصاد المستقبل".