ملخص
تعودت الدراما مناقشة كثير من القضايا المهمة التي تثير الجدل وتوجه الرأي العام وتكشف عن خبايا جديدة في قضايا حساسة مثل التحرش وأحدث هذه الأعمال هو مسلسل "لام شمسية" الذي فجر منذ الحلقات الأولى أزمة التحرش خصوصاً بالأطفال أو ما يسمى علمياً باضطراب الـ"بيدوفيليا".
التحرش من أكثر القضايا الحساسة التي تثير الحرج للجاني والمجني عليه ويتجنب المجتمع الحديث عنها في معظم الوقت لتدخل ضمن أكثر الملفات المسكوت عنها.
تعودت الدراما مناقشة كثير من القضايا المهمة التي تثير الجدل وتوجه الرأي العام وتكشف عن خبايا جديدة في قضايا حساسة مثل التحرش وأحدث هذه الأعمال هو مسلسل "لام شمسية" الذي فجر منذ الحلقات الأولى أزمة التحرش خصوصاً بالأطفال أو ما يسمى علمياً باضطراب الـ"بيدوفيليا".
مناقشة جريئة
وأثار العمل كثيراً من الجدل والمناقشات الجريئة حول أسباب التحرش وآثاره النفسية على كل الأطراف وخوف العائلات من الكشف عن وقوع حالات حقيقية تجنباً للقيل والقال والإساءة للضحية وخوفاً من مواجهة آراء الناس وانقسام ردود أفعالهم.
وكشف العمل عن جهل المجتمع وعدم قدرته على التعامل بطريقة صحيحة مع هذه الحالات، وفي معظم الأحيان يكون الطفل عرضة للتنمر والازدراء المجتمعي وتعاني عائلته النبذ والإهانة أيضاً.
مسلسل "لام شمسية" يتناول قصة طفل يدعى "يوسف" من أسرة متوسطة يدرس في مراحل التعليم الأولى ويعاني بعض الاضطرابات النفسية غير المفهومة، وتحاول "نيللي" زوجة أبيه اكتشاف سر تصرفاته وغموض ما يعانيه حتى تكتشف ليلة عيد ميلاده أن صديق والده الأقرب وهو أستاذ جامعي ومتزوج يتحرش بالطفل في غرفته، ويضمه بصورة غير منطقية وتثير الشكوك، فتستنجد بوالد الطفل الذي ينفعل مما سمعه ويستشيط غضباً فيشتبك مع صديقه ويضربه بعنف حتى يدخل في غيبوبة، وتتصاعد الأحداث بعد اعتقال الأب من قبل الشرطة وتحرير نيللي محضراً ضد صديق الأب "الدكتور وسام" تتهمه فيه بمحاولة الاعتداء الجنسي "هتك عرض" الطفل.
ومن هنا تنطلق سلسلة من التطورات تكشف التأثير النفسي البشع في الطفل الضحية وعدم قدرته على التعامل مع الحدث وإصابته بحال نفسية خطرة، إضافة إلى معاناة عائلته نظرة المجتمع والتفاعل السلبي من المجتمع مع القضية.
وعلى جانب آخر تعاني عائلة المتهم الذي يرقد في غيبوبة صدمة في استقبال الوضع المشين الذي وجدت نفسها فيه، فزوجة الجاني وأمه وابنته لا يستطعن التعامل مع الجريمة من ناحية ومع خطورة حال الجاني من ناحية أخرى.
ملف شائك
وربما يكون موضوع التحرش ضد النساء نوقش في كثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية لكن التحرش ضد الأطفال، بخاصة الذكور من الأمور شديدة الندرة في التناول التلفزيوني والفني وأيضاً على المستوى الاجتماعي.
مسلسل "لام شمسية" سمي هذا الاسم لأن حرف "لام" يكتب ولا ينطق كإشارة من أسرة المسلسل إلى أن هناك مواضيع وقضايا موجودة ومعترف بها لكن لا يمكن التحدث عنها أو النطق بها لظروف مختلفة.
والمسلسل بطولة أمينة خليل وأحمد السعدني ومحمد شاهين ويسرا اللوزي ومن تأليف مريم نعوم وإخراج كريم الشناوي.
تماسك درامي
وحول جرأة الموضوع وأهميته والطرح الفني من خلال المسلسل قال الناقد أندرو محسن "المسلسل من أفضل الأعمال التي عرضت حتى الآن في رمضان، وظهر بالحلقات الأولى موضوع شديد الأهمية وجريء جداً من ناحية الطرح الفني، ومنذ انطلاقه هناك تماسك في التناول الدرامي وسلاسة في الوقت ذاته فلم يعرض الموضوع الأساس بصورة مباشرة بل قُدم من خلال الشخصيات والعلاقات المتشابكة والمعقدة بين الأبطال على نحو يصل بنا إلى درجة الارتباك الذي يستحقه المسلسل وموضوعه المهم".
وأوضحت الناقدة مريم فارس أن "موضوع التحرش من المواضيع الشائكة جداً في التناول الدرامي، تحديدا لأن المجتمع يحاول تجاهل هذه القضايا الحساسة بسبب تأثيرها النفسي الثقيل في كل الأطراف التي لها علاقة بالموضوع سواء الفاعل أو الضحية، لذلك يكون التردد هو السمة الأساس لصناع الدراما بالنسبة إلى هذه المواضيع لأنها تجلب كثيراً من النقد وأحياناً تتهم بالإساءة لسمعة المجتمع ومحاولة تشويهه باختيار قضية غير أخلاقية وطرحها درامياً".
وعن "لام شمسية" رأت فارس أنه عمل فني جريء ومهم جداً لأنه يطرح قضية التحرش ضد طفل ذكر والجاني هو صديق الأب، ولهذا فالموضوع شديد الخطورة وطرحه مهم وحتمي لأن هناك كثيراً من تلك الحالات في الواقع وتحدث من أقارب العائلات نفسها وبصورة متكررة، ويرفض الأب والعائلة الحديث عن الأمر خوفاً من الفضيحة كما يقولون، لكن أهمية المسلسل هي إلقاء الضوء على تلك الخبايا المسكوت عنها، وفي الوقت نفسه توعية الأسر من أمور قد تحدث ولا يعلمون عنها شيئاً ولا يستطيع الطفل الإفصاح عنها لأنه لن يفهم خطورة الأمر".
السلامة النفسية
وتناول التحرش ضد طفل وتعرضه لألم نفسي على الشاشة أمر شديد الخطورة حتى على مستوى التمثيل وقد يعرض أسرة العمل للمساءلة الجماهيرية أو غيرها، لذلك حاول مخرج المسلسل كريم الشناوي أن يكشف عن حقيقة ما حدث مع علي البيلي بطل العمل الذي قام بدور الطفل "يوسف" ضحية التحرش ونشر الشناوي فيديو يؤكد فيه أنه جرت الاستعانة بخبراء سلامة نفسية حتى يتفهم الطفل الدور من دون وجود أضرار نفسيه تترك بصماتها عليه.
ونظراً إلى ردود الفعل والانقسامات في الرأي التي دان بعضها وجود طفل يجسد هذه الواقعة المؤلمة، نشرت مؤلفة المسلسل مريم نعوم توضيحاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي طالبت فيه الجمهور بالتوقف عن تحميل الطفل بطل العمل فوق طاقته النفسية".
وقالت إنها أطلقت هذا المنشور بصفتها أماً وليست مؤلفة العمل وتتمنى ألا يكتب الناس منشورات سلبية مربكة تؤثر في نفسية الطفل الذي يجسد الدور، خصوصاً أن بعضهم يحاول أن يضع تعليقات مسيئة من شأنها الإهانة ووصم الطفل في وقت يجب أن نشجعه لأنه جسد شخصية مهمة لتسليط الضوء على مسألة لا يستهان به ولا بد من أن يكون التلقي من الجمهور مشجع، لا سيما أن الهدف الجماعي هو فتح ملف خطر وحماية الأطفال من أمور صعبة جداً تؤثر في حياتهم.
ويعرف التحرش بالأطفال علمياً باسم "بيدوفيليا"، وهو أحد الاضطرابات النفسية الذي يتسبب في أن يصبح لدى الفرد البالغ اهتمام جنسي تجاه الأطفال الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ، ومن الممكن أن يتضمن هذا الاهتمام الاعتداء الجنسي، إضافة إلى القيام بعدد من الممارسات أو السلوكيات الجنسية غير الطبيعية مع الأطفال.