Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

ما سر شغف ترمب الدائم بإرث جون كينيدي وعائلته؟

عائلة الرئيس الراحل جسدت مزيجاً من القوة السياسية والشهرة ونفوذ الحكم

في ولايته الأولى تصدر ترمب عناوين الصحف الأميركية والعالمية عبر سماحه بنشر آلاف الوثائق المتعلقة باغتيال جون كينيدي (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

بالنسبة إلى من نشأوا في الستينيات من القرن الـ20، كان آل كينيدي يمثلون مزيجاً من القوة السياسية والشهرة ونفوذ الحكم الذي تجسد في شيء أشبه بعائلة مالكة أميركية، وهو أمر ربما أثار في هذا الجيل ولأجيال لاحقة أخرى بمن فيهم الشاب اليافع آنذاك دونالد ترمب فضولاً استمر متأثراً به طوال حياته.

كان حرص الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الكشف عن الوثائق المتعلقة بحادثة اغتيال الرئيس جون كينيدي هو آخر دليل على شغف ترمب الدائم بإرث كينيدي وعائلته، إذ لم تكن هذه الحادثة المأسوية التي وقعت في الـ22 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1963 لحظة محورية في التاريخ الأميركي فحسب، بل كانت مؤثرة بشدة على شاب من نيويورك في الـ17 من عمره آنذاك هو دونالد ترمب، مما جعله شغوفاً إلى الدرجة التي تجلت في أفعال مختلفة له طوال مسيرته السياسية. فما هذه الأفعال؟ وما سر كل هذا الشغف؟ 

الحكم والنفوذ والشهرة

بالنسبة إلى من نشأوا في الستينيات من القرن الـ20، كان آل كينيدي يمثلون مزيجاً من القوة السياسية والشهرة ونفوذ الحكم الذي تجسد في شيء أشبه بعائلة مالكة أميركية، وهو أمر ربما أثار في هذا الجيل ولأجيال لاحقة أخرى بمن فيهم الشاب اليافع آنذاك دونالد ترمب فضولاً استمر متأثراً به طوال حياته، مما انعكس على تصرفات ترمب وقراراته اللاحقة المتعلقة بالعائلة وإرثها، بدءاً من نشر ملفات اغتيال جون كينيدي للمرة الثانية بأمر رئاسي بعد أن نشر جزءاً منها في دورته الرئاسية الأولى، إلى اختيار روبرت كينيدي جونيور (ابن شقيق الرئيس كينيدي) وزيراً للصحة، ثم تواصله مع مركز "جون كينيدي" للفنون، وفصل غالبية موظفي مكتبة "جون كينيدي" الرئاسية، ورسم أوجه تشابه بين ميلانيا ترمب وجاكلين زوجة الرئيس كينيدي ثم زوجة أوناسيس، فإن انخراط ترمب في إرث كينيدي ظل على الدوام مثيراً ومتعدد الجوانب.

وسواء كان ذلك بدافع الإعجاب، أم الاستراتيجية السياسية، أو الرغبة في الارتباط بالغموض الدائم الذي يكتنف اسم كينيدي، فإن تصرفات ترمب تعكس علاقة معقدة مع إحدى أكثر العائلات الأميركية شهرة وتأثيراً في الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

اهتمام راسخ

في ولايته الأولى، تصدر ترمب عناوين الصحف الأميركية والعالمية عبر سماحه بنشر آلاف الوثائق المتعلقة باغتيال جون كينيدي، إذ كانت هذه الخطوة، جزءاً من جهد أوسع لتعزيز الشفافية ومعالجة الاهتمام العام الراسخ بالأحداث المحيطة باغتيال رئيس محبوب في وضح النهار بمدينة دالاس في ولاية تكساس، ومع ذلك أبقى الإصدار الأول بعض الوثائق سرية.

ثم في يوم الثلاثاء، أمر ترمب برفع السرية عن 80 ألف صفحة إضافية من ملفات اغتيال جون كينيدي تتعلق بصورة أساسية بتحقيق "لجنة وارن" عام 1964 التي أسسها الرئيس ليندون جونسون عقب الحادثة، وخلص إلى أن لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده في عملية الاغتيال، لكن على رغم هذا الكشف الضخم، لا يتوقع المسؤولون أي كشف جديد ذي أهمية من شأنه أن يغير الرواية السابقة أو يكشف عن جوانب مفاجئة من هذه الملفات.

الإصدار الثاني

وبينما وصفت الإدارة الأميركية هذا الإصدار الثاني بأنه يبشر بعهد جديد من الشفافية القصوى، فإن ترمب كأي شخص آخر عاصر تلك الفترة، واجه أسئلة كثيرة ومعقدة حول من وكيف ولماذا تورط في عملية اغتيال كينيدي؟ وما إذا كانت هناك مؤامرة داخلية أو خارجية وسط تفاعلات وأحداث دولية ساخنة بين القوتين العظميين في ذلك الوقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي؟

وكما يقول الكاتب والمحلل السياسي جون كيسي فإن نرجسية ترمب، ربما دفعته إلى نشر الوثائق بدافع أن لديه معلومات أكثر من الجمهور الأميركي، وبأن لديه سلطة أكبر من أسلافه من الرؤساء السابقين أو بصفته حاكماً متوجاً يستطيع مشاركة هذه المعلومات السرية مع الشعب الأميركي الشغوف أيضاً بتفاصيل وأسرار الاغتيال الذي هز العالم منذ أكثر من 60 عاماً، وهذا يشمل معلومات عن عائلة كينيدي.

اختيار روبرت كينيدي

ثم هناك مهرجان الود والتقدير الكبير لروبرت كينيدي جونيور (ابن شقيق الرئيس جون كينيدي)، الذي كان مرشحاً رئاسياً ديمقراطياً، ثم مستقلاً عام 2024، قبل أن يستقطبه ترمب لدعمه في الانتخابات وترشيحه لتولي منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية على رغم كل ما أثير حوله من اعتراضات وشكوك بسبب آرائه ومواقفه الصحية والمناخية المثيرة للجدل، وتفاخر ترمب بهذا الترشيح باعتباره محاولة لتجاوز الانقسامات السياسية، نظراً إلى نشاط كينيدي جونيور البيئي ودفاعه عن القضايا الصحية.

ويبدو أن انخراط روبرت كينيدي جونيور في عالم "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، وقبوله فيه، يؤكد استمرار ترمب في تقدير إرث عائلة كينيدي، عبر ضم عضو بارز من سلالة العائلة الشهيرة إلى إدارته، حتى لو كان هذا العضو انشق عن إرث العائلة وتبرأ منه غالبية أفراد عائلته.

"مركز كينيدي" للفنون

قبل أسابيع قليلة، وفي محاولة أخرى للتقرب من عائلة كينيدي، أبدى ترمب اهتماماً بالغاً غير معتاد بمركز "جون كينيدي" للفنون الأدائية في واشنطن العاصمة، إذ أقال أعضاء مجلس الإدارة والموظفين الإداريين، ثم نصب نفسه رئيساً لمجلس إدارة هذه المؤسسة العريقة، ثم أعلن خططاً لزيادة التمويل والدعم للمركز، مؤكداً دوره في تعزيز الفنون والثقافة الأميركية.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع زار الرئيس ترمب "مركز كينيدي" بصحبة نائبه جي دي فانس وزوجته، واصفاً إياه بأنه في حالة تداع على رغم خضوعه لعملية تجديد حائزة على جوائز في عام 2019.

اقرأ المزيد

مكتبة ومتحف كينيدي

بعد انتخابه بفترة وجيزة، اتخذت إدارة ترمب قراراً بإغلاق مكتبة ومتحف جون كينيدي الرئاسيين في بوسطن موقتاً، وعزت الأسباب الرسمية تلك إلى قيود الموازنة والتحول نحو الأرشفة الرقمية، إلا أن النقاد جادلوا بأن الإغلاق يمثل تجاهلاً للحفاظ على المواقع التاريخية المتعلقة بإرث كينيدي لأسباب سياسية.

ميلانيا وجاكي

في ما يتعلق بجون كينيدي، فإن هوس ترمب بإرث العائلة يمكن أن يذهب إلى أبعد مدى وهو ما تجلى في مقارنة زوجته ميلانيا ترمب، وجاكلين كينيدي أوناسيس المعروفة اختصاراً باسم "جاكي"، إذ أشاد ترمب مراراً بذوق ميلانيا وأناقتها، مشبهاً إياها بالسيدة الأولى السابقة للرئيس الـ35 للولايات المتحدة. وتجسد هذه المقارنة على الأرجح محاولة ترمب ربط نفسه بالجاذبية والرقي اللذين ينسبان غالباً إلى عهد كينيدي.

عائلة ترمب

وفي ما يشبه محاكاة لعائلة كينيدي، يحاول ترمب، مساواة عائلته بالإرث السياسي لعائلة كينيدي من خلال إشراك أبنائه في أدوار سياسية واستشارية مهمة من أجل ترسيخ سلالة عائلية تذكر بعائلة كينيدي، فخلال ولايته الأولى، عين ترمب ابنته إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر مستشارين بارزين في البيت الأبيض، وفي ولاية ترمب الثانية، برز دونالد ترمب الابن كشخصية بارزة في الأوساط المحافظة، مستغلاً برنامجه للتأثير في توجه الحزب الجمهوري، كما لم يستبعد دونالد الابن مساعيه السياسية المستقبلية كالترشح لمنصب حاكم أو عضو مجلس شيوخ في نيويورك.

في مناظرة نائب الرئيس عام 1988، حاول المرشح الجمهوري، السيناتور الأميركي دان كويل، مقارنة نفسه بالرئيس كينيدي، ورد عليه المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في ذلك العام، السيناتور الأميركي لويد بنتسن، الذي طرح مقولة خالدة عن أخطار مقارنة نفسك بآل كينيدي، وهو ما يشير إلى الموقف الذي يجد ترمب نفسه فيه الآن. فهل يشعر بأخطار هذه المقارنة أم أن ترمب الشغوف بإرث عائلة كينيدي يمكن أن يتجاوز كل الحدود؟

المزيد من تحلیل