ملخص
بما يمهد لتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدأت إسرائيل في إعادة احتلال غزة وحشر السكان في منطقة ضيقة، وتولي توزيع المساعدات الغذائية على المدنيين، لخلق بيئة طاردة وتهجير الغزاويين لتسليم أرض القطاع إلى الولايات المتحدة.
بلغت قلوب الغزاويين الحناجر عندما حدثت إسرائيل خططها العسكرية ضد غزة، وقررت تبني استراتيجية "الأرض مقابل الرهائن" وإعادة احتلال القطاع من جديد ثم إقامة حكومة عسكرية في منطقة الحرب، وتولي الجيش مهمة توزيع المساعدات الإنسانية.
عندما استأنفت إسرائيل الحرب على غزة، عادت بقيادة عسكرية جديدة، إذ عين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رئيساً جديداً للجيش ووزيراً موالياً للدفاع، ويتجهز لتغيير رئيس "الشاباك"، وهذه القيادة تحمل خططاً عسكرية قاسية لغزة.
احتلال
يخطط الجيش لاحتلال القطاع بالكامل وإخضاعه للسيطرة الإسرائيلية، وخلق حال من التماس بين الجنود وسكان غزة، بما يمهد لاحقاً لتولي القوات مهمة توزيع المساعدات الإنسانية على المدنيين، وتربط تل أبيب السيطرة على الأرض بالرهائن الذين تحتجزهم "حماس".
لم يكن هذا نهج الجيش الإسرائيلي بتاتاً في تعامله مع غزة، إذ كانت تل أبيب تركز منذ بداية الحرب على القتال العالي الكثافة، والتوغل البري المحدود، وتعتمد على الغارات الجوية، والاحتياج المرهون بتدمير قدرات "حماس" وتحقيق هدف القضاء على فلولها.
لكن هذه الخطط لم تعجب الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي ترغب في الاستيلاء على الأرض، وترى الآن فرصة في تحقيق ذلك، إذ عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الداعم القوي لتل أبيب إلى البيت الأبيض.
"الأرض مقابل الرهائن"
بمجرد تولى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير منصبه، حدث الخطط العسكرية للتعامل مع غزة، وأعلن صراحة أنه جاهز لإعادة احتلال غزة من جديد، إذ يقول "وجهت تعليماتي للجيش للاستيلاء على غزة".
تسمى خطة الجيش الجديدة ضد غزة "الأرض مقابل الرهائن"، وتقوم على إخلاء مساحات شاسعة من غزة واستهداف من يرفضون إخلاء المناطق واعتبارهم عناصر "حماس"، وحصر المدنيين الذين استجابوا للأوامر العسكرية في مناطق إنسانية.
أما الخطوة الثانية من "الأرض مقابل الرهائن" فهي تنفيذ عملية برية واسعة خلالها يحتل الجيش جميع أراضي القطاع مرة واحدة، ويحتاج الجيش لهذه العملية إلى نحو 50 ألف جندي، أي خمس فرق قتالية.
استيلاء على الأرض
على أرض الواقع، بدأت إسرائيل في تنفيذ الخطة، حين أمرت سكان بعض مناطق القطاع بإخلاء أحيائهم، كذلك توغلت القوات العسكرية في محاور القتال استعداداً لتنفيذ هجوم بري، وإضافة إلى ذلك استعدت تل أبيب فرقها القتالية.
يقول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "أصدرت تعليماتي للجيش بالاستيلاء على مزيد من الأراضي في غزة، مع إجلاء السكان، كلما استمرت ’حماس‘ في رفضها إطلاق سراح الرهائن خسرت مزيداً من الأراضي التي ستضم إلى إسرائيل".
وبعد إجلاء السكان وحصرهم في منطقة ضيقة واحتلال الجيش القطاع، يخطط رئيس الأركان إلى تولي جنوده توزيع جميع المساعدات الإنسانية، يقول إيال زامير "وافقت على تولي قواتنا مسؤولية توزيع المساعدات في قطاع غزة، قيمنا عدد السعرات الحرارية التي يحتاج إليها كل فلسطيني".
فكرة ممكنة
خطة "الأرض مقابل الرهائن" تؤدي في نهاية المطاف إلى احتلال الجيش الإسرائيلي للقطاع، وأقر نتنياهو الخطة، لكنه فعل ذلك وحده، أي لم يرجع إلى مجلس الوزراء، بما قد يعرقل تنفيذها إلا بعد موافقة "الكابنيت".
بإعادة احتلال إسرائيل لغزة تكون عادت إليه بعد 20 عاماً من انسحابها من القطاع، إذ عام 2005 انسحبت منه بعد احتلال دام أربعة عقود من عام 1967.
يقول أستاذ العلوم العسكرية مهند راضي "بدأ الجيش ميدانياً في تنفيذ الخطة، إنها فكرة ممكنة في ظل وجود الرئيس ترمب في البيت الأبيض الذي يرغب في تولي السيطرة على القطاع".
ويضيف "احتلال غزة يعني اقتلاع المدنيين وحشرهم في مساحة من الأرض القاحلة، وجعلهم يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، لكن ذلك يعني احتمال اشتعال انتفاضة طويلة الأمد ضد القوات الإسرائيلية، ومواجهة التمردات أعواماً".
الاتحاد الأوروبي يرفضها
انتشرت خطة "الأرض مقابل الرهائن" ونية إسرائيل احتلال القطاع وضم أجزاء منه إلى الدولة العبرية بسرعة، وأثارت غضب الاتحاد الأوروبي، وتقول مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس "تل أبيب لا تحترم القانون الدولي، التهديدات بضم أجزاء من غزة غير مقبولة نهائياً".
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن إسرائيل تهدف إلى تثبيت سيطرة دائمة في القطاع، وتحقيق إقامة حكم عسكري في غزة، وهذا ما يصبو إليه نتنياهو الذي عين حاكماً عسكرياً للقطاع قبل أشهر.
حكومة عسكرية لخطة ترمب
يقول وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر "تفكر إسرائيل في فرض حكومة عسكرية في غزة، لكن حتى الآن لم تتخذ قراراً بعد في شأن ذلك، ننتظر ما ستؤول إليه الأمور".
يوضح أستاذ العلوم العسكرية مهند راضي أن حكومة عسكرية إسرائيلية في غزة وإعادة احتلال القطاع لا يعنيان خطة الأرض مقابل الرهائن، وإنما سيطرة طويلة على القطاع.
ويتساءل راضي "إذا سلمت ’حماس‘ الرهائن هل يعني ذلك أن إسرائيل ستنسحب من غزة خاصة بعد نشرها 50 ألف جندي، وتوليها توزيع المساعدات الإنسانية؟"، من وجهة نظره فإن تل أبيب لن تسحب قواتها من القطاع بعد سيطرتها عليه.
يبين الأستاذ العسكري أن نتنياهو ينوي من خطته تنفيذ خطة ترمب في شأن غزة، ويرغب في تسليم القطاع إلى الإدارة الأميركية، كما أوضح رئيس البيت الأبيض عندما كشف عن خطته، أن تل أبيب بعد انتهاء الحرب ستسلم غزة إلى واشنطن.