ملخص
توماس توخيل يبدأ عهده مع المنتخب الإنجليزي بخطوات واعدة على رغم التحديات، إذ حقق الفريق فوزين متواضعين لكنه أظهر تطوراً تكتيكياً ملحوظاً، كذلك يركز المدرب الألماني على بناء نظام مرن وخط وسط ديناميكي، بينما يستعد لاختبارات أكبر في البطولات المقبلة.
في صباح الثلاثاء الماضي استعرض توماس توخيل وفريقه المعاون تحليلات أول معسكر له مع المنتخب الإنجليزي، وعلى رغم أن تفكيره يتجه بالفعل نحو قائمة معسكر يونيو (حزيران)، فإن الانطباع العام حتى الآن كان "إيجابياً للغاية".
قد يبدو هذا التفاؤل مبالغاً فيه بعض الشيء بعد تحقيق فوزين متواضعين بنتيجة إجمال (5 - 0) على حساب خصمين متوسطي المستوى على أرضه، لكن الأمر يتجاوز مجرد النتائج، فقد أكد توخيل نفسه أن هذه المباريات الأولى كانت أمام فرق تلعب بكثافة دفاعية عالية، مما يزيد من تعقيد مهمته في التأقلم مع متطلبات كرة القدم الدولية.
لا شيء من هذا يثير قلقاً حقيقياً على المدى البعيد، وهو بالطبع الهدف الرئيس، فالتركيز ينصب على بناء مشروع متكامل، وليس مجرد تحقيق نتائج فورية.
لا يحاول توخيل بناء فريق قادر على الفوز بسهولة في مباريات التصفيات المريحة، فقد كانت إنجلترا قادرة بالفعل على ذلك، لكن ما عجزت عنه منذ فترة هو التغلب على أفضل المنتخبات في المباريات الحاسمة، وهذا بالضبط ما يسعى توخيل إلى تغييره.
الأمر يشبه انعكاساً غريباً للمنطق القديم، ففي السابق، كان رد الفعل على الفوز المتواضع بنتيجة (3 - 0) على لاتفيا في أرضك هو التساؤل، "ما فرصتك أمام الكبار إذا كان هذا كل ما يمكنك فعله ضد الصغار؟" أما اليوم، فأصبح من المتفق عليه أن السياق مختلف تماماً، فمهما بلغ تطور نظامك الكروي الشامل ستظل إمكاناتك محدودة عندما يواجهك خصم يكتفي بالدفاع والانكفاء على ذاته.
وفسر قائد المنتخب الإنجليزي هاري كين الموقف الحالي قائلاً، "ربما بقيت في موقع متقدم بعض الشيء لأن دفاعهم كان منكمشاً جداً، ولم يكن هناك سبب كي أرجع للخلف أيضاً".
وفي ما يتعلق بهذه النقطة، لفت توخيل انتباه اللاعبين بمدى تعمقه في التفاصيل التكتيكية، لكن عند سؤال كين عن أبرز ما لاحظه في مدربه الجديد خلال الأيام الماضية، قال، "طاقته وحماسه".
وأضاف القائد، "إنه منخرط جداً مع الفريق، سواء في التدريبات أو خارج الملعب، سواء بمشاهدته المباريات في صالة الاستراحة أو بقضائه وقتاً أطول مع اللاعبين".
"إنه يريد أن يظل موجوداً باستمرار، يريد رؤية اللاعبين طوال الوقت، ليعرف أحوالهم وكيف يستجيبون للأمور".
لقد أثارت الرؤية التكتيكية العميقة التي يقدمها توخيل إعجاب اللاعبين، إذ إن عنصراً صغيراً يلاحظه يمكن أن يشعرهم بأنه يفتح مساحة كاملة من الملعب، وكان استخدام مايلز لويس سكيلي خير دليل على ذلك، بخاصة من خلال المناطق التي وجهه توخيل للتحرك نحوها.
يشعر بعض اللاعبين أنهم بالفعل يطورون أنظمة أكثر مما كانوا عليه تحت قيادة غاريث ساوثغيت، إذ لم تعد خطوط اللعب صلبة، وأصبح الفريق أكثر مرونة، وخط الوسط يتمتع بسيولة أكبر، وهو التغيير الأكثر وضوحاً.
لم يعد هناك ثنائي أو ثلاثي ثابتاً، فمرة أخرى، يتحرك لويس سكيلي بسلاسة من تقديم التوازن على الجهة اليسرى إلى دور "الستة المزدوج" المطلوب بشدة في هذا المركز.
المعضلة الوحيدة المتكررة هنا هي التي لن يكون لها حل حقيقي حتى الصيف المقبل، جوهرياً من المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الأساليب ستنجح حتى تلعب ضد خصوم من المستوى الأول، ومع ذلك لا ينبغي أن تكون هذه حجة للتوقف، إنها طبيعة المستوى، ومن الأفضل التجربة بدلاً من عدمها.
هناك أيضاً وضوح في بعض ما تفعله إنجلترا في الهجوم، على رغم محاولة ألبانيا ولاتفيا - بشكل مفهوم - تكوين سحابة من اللاعبين في منطقتهم، الفريق يلعب في مناطق أعلى بكثير مع لمسات كثيرة داخل وحول منطقة جزاء المنافس، مع لعب سريع على الأجنحة، شبه البريميرليغ (الدوري الإنجليزي الممتاز) إلى حد كبير، بالطريقة التي يريدها توخيل.
لكن ما زال الأمر يثير السؤال الأكبر حول ما إذا كان هذا مناسباً لبطولة في صيف حار، ولكن يمكن بالطبع تخفيف الحدة.
قد يشكل خط الدفاع مصدر قلق أيضاً، بخاصة أن توخيل لا يبدو متأكداً بعد من شكل قلب دفاعه، إذ عاد مارك غيهي إلى التشكيلة الأساس لمباراة لاتفيا، فقط ليخلق لحظة كادت أن تكون كارثية مع حارس المرمى جوردان بيكفورد.
وسئُل توخيل عن هاري ماغواير فأجاب أنه لم يُستدع لأنه لم يكن بـ"إيقاع" المدافعين الآخرين نفسه في الأشهر القليلة الماضية، وكذلك لأنه لم يكن لائقاً تماماً وقت الاختيار، ويبدو أن المدرب لم يرغب في المجازفة باستدعائه.
وقال توخيل، "هاري يعرف ذلك، الوضع ليس سهلاً عليه في النادي حالياً، يلعب في دفاع ثلاثي فوق كل ذلك، لكنه محترف من الطراز الأول وهو مهم جداً لإنجلترا، تقبل الأمر بشكل رائع، أرسل إليّ رسائل يتمنى لنا الحظ، أنتم تعرفونه جيداً، إنه رجل رائع وسيظل دائماً ضمن المنافسة".
بعيداً من التكتيك، يُحتفى بالأثر الإيجابي الذي أعاده جوردان هندرسون جالباً معه أجواء أفضل أيام حقبة ساوثغيت، والمتمثلة في الجانب النفسي والروح المعنوية، وعلى رغم أن الأيام الأولى مع مدرب جديد تسهم في ذلك، فإن لاعب خط الوسط السابق لليفربول قد أسهم بشكل إيجابي في تحسين الحالة المعنوية، فهو لا يكل عن التشجيع، وفي الوقت نفسه يرفع سقف التوقعات خلال التدريبات.
وقد ربط استدعاء هندرسون بشكل متكرر بالتأثير الكبير لنجم ريال مدريد جود بيلينغهام، الذي يبعث على الحماس عندما يقدم تمريرات حاسمة مثل تلك التي سجلها لويس سكيلي أمام ألبانيا معلنةً بدء عصر توخيل، لكنه يكون أقل تأثيراً عندما يستبدل لتجنب إنذار ثانٍ كما حدث ضد لاتفيا.
وسُئل توخيل عن قرار استبدال بيلينغهام، في إشارة إلى ما كان يمكن أن يحدث لو كانت المباراة في كأس العالم، فكان رد المدرب الألماني متجاهلاً هذا السيناريو.
وأوضح توخيل، "نعم، لكنه لم يُطرد، لذا لا داعي لنصنع دراما كما لو أنه سيعود بالطائرة إلى بلاده، لم يُطرد واستبدلناه وفزنا (3 - 0)، لذا كنت سأقبل بهذا النتيجة لو كانت المباراة الأولى في كأس العالم"، وأضاف، "هذه ليست مشكلة انضباط، ارتكب مخالفتين وحصل على إنذار مبكر، الثانية كانت تستحق إنذاراً لكنه كان سيكون قراراً قاسياً... هو يعرف أنه لا يستطيع تحمل ذلك، إنه عاطفي ولا يزال صغيراً في السن، وهذا جزء من طريقة لعبه".
كان المدرب يبتسم ويمزح خلال كل هذا، مما يدل على رضاه الواضح، والشيء نفسه ينطبق على اللاعبين.
وقد لخص كين كل شيء قائلاً، "إجمالاً، كان معسكراً إيجابياً حقاً، لقد رأينا اليوم مزيداً من علامات ما يريده المدرب، وأعتقد أن هذا سيتعزز أكثر فأكثر مع كل معسكر".
© The Independent