عقد رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي عبد الفتاح البرهان اليوم الثلاثاء اجتماعاً مع المجلس الحاكم لاطلاعه على ما تداول به خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، بعدما أعلن الأخير أنهما بحثا تطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال مصدر حكومي سوداني لوكالة الصحافة الفرنسية إن المجلس السيادي الانتقالي، الذي يضمّ مدنيين وعسكريين، "عقد اجتماعاً لمناقشة الأمر"، مؤكداً أن البرهان الذي عاد من مدينة عنتيبي الأوغندية أطلع المجلس على الاجتماع بنتنياهو.
وفي أول تعليق له عقب الاجتماع، أكد البرهان عدم وجود تغيير في موقف بلاده تجاه القضية الفلسطينية، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن مسألة "بحث وتطوير العلاقة بين السودان وإسرائيل مسؤولية المؤسسات المعنية". وقال البرهان في بيان "قمت بهذه الخطوة من موقع مسؤوليتي... لحفظ وصيانة الامن الوطني السوداني وتحقيق المصالح العليا للشعب السوداني".
من جهته، قال نتنياهو إنه حصل على إذن لتحليق الطيران الإسرائيلي في الأجواء السودانية.
وشكّل اجتماع الرجلين في أوغندا مفاجأةً لمجلس الوزراء الانتقالي، علماً أنه اللقاء الأول من نوعه على هذا المستوى بين البلدين، اللذين هما نظرياً في حالة حرب.
أما قوى الحرية والتغيير فأصدرت بياناً، اعتبرت لقاء البرهان ونتنياهو "تجاوز كبير للسلطة التنفيذية".
"خروج السودان من عزلته"
وذكر مكتب نتنياهو الاثنين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي التقى البرهان في عنتيبي الأوغندية، مضيفاً أنهما "اتفقا على بدء التعاون للوصول إلى التطبيع الكامل في علاقة البلدين". وأضاف المكتب أن السودان يسير في "اتجاه إيجابي جديد" وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي "أطلع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على الموقف". وجاء في البيان "يحاول البرهان المساعدة على تحديث بلاده من خلال إخراجها من عزلتها وإعادتها إلى الخريطة الدولية". لكن مجلس الوزراء السوداني قال في بيان مساء الاثنين إنه لم يكن على علم باجتماع الزعيمين، وإنه سيعقد الثلاثاء اجتماعاً طارئاً لبحث الأمر، وفق مصدر حكومي.
وجاء "لقاء عنتيبي" بين البرهان ونتنياهو بعد إعلان السودان أن بومبيو دعا المسؤول السوداني إلى زيارة واشنطن لبحث العلاقات الثنائية، وهي الدعوة الأولى التي يتلقاها رئيس سوداني منذ ثلاثة عقود.
وما زالت الولايات المتحدة تضع السودان على لائحتها للدول التي تصفها بأنها "راعية للإرهاب"، وذلك منذ عهد الرئيس المخلوع عمر البشير الذي استضاف زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامه بن لادن بين عامي 1992 و1996.
الحكومة السودانية لم تعلم باللقاء
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكّد المتحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح الاثنين أن مجلس الوزراء علم باللقاء بين البرهان ونتنياهو من وسائل الإعلام، قائلاً "لم يتم إعلامنا أو مشاورتنا حول اجتماع رئيس مجلس السيادة الانتقالي برئيس الوزراء الإسرائيلي".
والتزم السودان على مدى عقود بالمقاطعة العربية لإسرائيل بسبب احتلالها الأراضي الفلسطينية وجراء معاملتها للفلسطينيين.
ويتطلع الفلسطينيون إلى موقف عربي موحّد لمواجهة خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي بحضور نتنياهو في البيت الأبيض، والتي تعطي إسرائيل ضوءاً أخضر لضم أراض محتلة في الضفة الغربية، بما فيها غور الأردن. وتعدّ هذه الأراضي جزءاً رئيسياً من الدولة التي ينشدها الفلسطينيون.
طعنة في الظهر
ووصف أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات مساء الاثنين، لقاء البرهان ونتنياهو بالـ"طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني"، مضيفاً أنه "خروج صارخ عن مبادرة السلام العربية في وقت تحاول إدارة ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي تصفية القضية الفلسطينية".
ووصف الحزب الشيوعي السوداني، الاجتماع بأنه "خيانة للقضية الفلسطينية". وقال المتحدث باسم الحزب فتحي فضل في تصريح بثه بالصورة والصوت عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن "ما حدث طعنةً في ظهر الشعب السوداني ومواقفه المساندة للقضية الفلسطينية ومساندته لحقوق الشعب الفلسطيني".
كما انتقد فضل بيان المتحدث باسم الحكومة الانتقالية السودانية قائلاً إنه "كان على بيان مجلس الوزراء والناطق الرسمي باسمه فيصل صالح أن يدين هذه الخطوة ويرفضها، لا أن يتحدث عن عدم إبلاغه بها وأن يعلن عن موقفه صراحةً من الاجتماع".
يُذكر أن الحزب الشيوعي جزء من تحالف الحرية والتغيير المكوّن للحكومة، وهو التحالف الذي قاد الاحتجاجات التي أطاحت البشير.