في تصعيد جديد، عاودت ميليشيات الحوثي الانقلابية، مساء الأحد، قصفها للمدنيين بالصواريخ الباليستية في مدينة مأرب المكتظة بالسكان والنازحين (شرق اليمن) بعد سقوط العشرات من القتلى والجرحى.
وأفاد وزير الصحة اليمني في بيان بأن 29 مدنياً سقطوا، في إحصائية أولية، ما بين قتلى وجرحى في القصف الصاروخي الحوثي الذي استهدف المدنيين في مدينة مأرب بينهم 5 أطفال و 4 نساء.
في المقابل، أكد مصدر في مكتب الإعلام بالمحافظة لـ "اندبندنت عربية" أن ميليشيات الحوثي استهدفت الأحياء السكنية في حي الروضة السكني بمدينة مأرب المكتظ بالسكان والنازحين، بثلاثة صواريخ باليستية وسُمع دوي انفجارات عنيفة هزت المدينة جراء هذا القصف.
وأوضح المصدر أن القصف الحوثي على حي الروضة تسبّب في تدمير منازل عدة ما بين الجزئي والكلي، إضافة إلى إتلاف العديد من سيارات المواطنين.
فيما تسببت الصواريخ الأخرى التي استهدفت مخيم الميل للنازحين بأضرار واسعة بالمخيم الذي يؤوي آلاف النازحين ويعاني قاطنيه أصلاً من ظروف معيشية صعبة وقاسية لجأ إليه أبناء اليمن هرباً من بطش الميليشيات وحربها.
انفجار غير مسبوق
وفيما ذُكر أن ضخامة الانفجار ومساحة التدمير غير مسبوقة، إذ امتدت مسافات كبيرة، فضلاً عن صوت الدوي الذي سمع إلى القرى البعيدة، يتوقع أن تكون الميليشيات قد "نجحت في إدخال صواريخ جديدة أكثر ضخامة وفتكاً لقتل اليمنيين بعد أن فشلت في إخضاع المحافظة لمشروعها الإيراني".
هزيمة الانقلاب
وفي أول تعليق رسمي، قال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك إن تصاعد الجرائم الإرهابية لميليشيات الحوثي واستهدافها المتكرر للمدنيين في مأرب وغيرها، يدفع "أهمية استشعار الجميع لمسؤولياتهم في وضع حد لهذه الجرائم الإرهابية بهزيمة المشروع الانقلاب"، في إشارة إلى التباينات الحاصلة التي تعصف بصف الشرعية اليمنية في مواجهة الميليشيات المدعومة من إيران.
وتابع عبد الملك خلال اتصال مع وزير الدفاع، محمد المقدشي ورئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة، صغير بن عزيز، "تداعيات هذه الجريمة الإرهابية"، واستمع إلى "تقرير حول الأوضاع الميدانية وسير العمليات العسكرية ضد ميليشيات الحوثي في عدد من الجبهات، ومعنويات الأبطال في استكمال معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".
وعلق رئيس الحكومة على سير المعارك المشتعلة والتحديات التي تواجهها الشرعية اليمنية بالتأكيد على أنه "لا خيار أمام اليمنيين والعرب جميعاً في هذه المعركة المصيرية إلا الانتصار وهزيمة المشروع الإيراني في موطن العروبة".
300 باليستي
وكانت السلطة المحلية بمحافظة مأرب قد أفادت في وقت سابق، بأن ميليشيات الحوثي قصفت المدينة حتى الآن بأكثر من 300 صاروخ باليستي وغير باليستي إلى جانب الطائرات المسيرة التي استهدفت الأحياء المكتظة بالمدنيين الآمنين والنازحين في المخيمات، مستنكرة الصمت الدولي المطبق إزاء الأعمال الإرهابية التي تمارسها الميليشيات واستهدافها المتكرر للمدنيين والنازحين بالمخيمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ما شجعها على ممارسة المزيد من هذه الجرائم التي ترتقي إلى جرائم حرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وغالباً ما تعزو الحكومة الشرعية دوافع الميليشيات الحوثية قصف الأحياء السكنية لعجزها عن تحقيق تقدم عسكري في المحافظة النفطية التي تشهد تخومها الشمالية والغربية والجنوبية الشرقية، أعنف المعارك بعد تصاعد العمليات القتالية في أعقاب الضغط الحوثي المستميت في السيطرة على آخر معاقل الحكومة الشرعية شمالاً.
القصف الحوثي يقتل 2032 شخصاً
في سياق متصل، كشف تحالف حقوقي يمني، عن تسبب الميليشيات، في مقتل وإصابة 2032 شخصاً بينهم 294 طفلاً و132 امرأة و 104 مسنين خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2014 وحتى يونيو (حزيران) 2021، من خلال استهدافها المباشر والمتعمد للأحياء المأهولة بالسكان ومخيمات النازحين بمحافظة مأرب.
وأفاد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، في تقرير عن انتهاكات الميليشيات الحوثية بمأرب، عنوانه "مأرب: مدنيون تحت القصف والحصار"، أن الضحايا الذين سقطوا بين قتيل وجريح بسبب الاستخدام المفرط من قبل الميليشيات الحوثية للصواريخ الباليستية وصواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة والقذائف المدفعية والألغام والعبوات الناسفة.
ورصد التقرير 1287 بلاغاً وشكوى تتعلق بوقائع القصف وحوادث انفجار الألغام التي نفذتها الميليشيات، بحق السكان المدنيين بمحافظة مأرب، حيث تم رصد 871 واقعة قصف صاروخي، و119 واقعة قصف مدفعي، و44 واقعة هجوم بطائرات مسيرة، و262 واقعة انفجار ألغام وعبوات ناسفة وذخائر غير متفجرة.
ووثق التقرير مقتل 440 مدنياً بينهم 61 طفلاً و37 امرأة و29 مسناً، وإصابة 914 مدنياً بينهم 124 طفلاً و73 امرأة و60 مسناً جراء أعمال القصف الصاروخي على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في 11 مديرية بمأرب.
"نازحون دواعش"
سبق ووصف الناطق الرسمي لجماعة الحوثي، محمد عبد السلام، مطلع أبريل (نيسان) النازحين اليمنيين في مأرب بأنهم ينتمون لـ"داعش" و"القاعدة".
واتهم في تغريدة أثارت ردود فعل غاضبة، القوات الشرعية اليمنية بالتمترس خلف مخيمات النازحين. وبرّر إصرار الميليشيات استهداف المخيمات بذريعة وجود عناصر من "القاعدة" و"داعش" يتمترسون بين النازحين.
حرب ونزوح
ويأتي هذا القصف بالتوازي مع تصعيد الحوثيين هجومهم الضاغط على مأرب، الذي دخل شهره التاسع، في محاولة للسيطرة على المدينة النفطية.
وتسببت العمليات العسكرية في مأرب بسقوط المئات من الضحايا المدنيين، إضافة إلى موجات كبيرة من النزوح القسري للسكان المحليين نحو مناطق بعيدة من المواجهات في ظل فقر متفشٍ وظروف إنسانية صعبة، وسط مخاوف دولية متزايدة من سقوط ضحايا آخرين مع تصاعد وتيرة الهجوم الحوثي على المدينة التي يقطنها أكثر من مليوني شخص، وفقاً لإحصائيات رسمية.
سلوك ممنهج لا أخطاء
في المقابل، سبق وأطلقت الحكومة اليمنية نداء دعت فيه المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية مخيمات النازحين التي تحوي 60 في المئة من نازحي الحرب اليمنية.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، استنكرت الحكومة في بيان أصدرته وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان ما وصفته بـ "خطاب الميليشيات التحريضي"، واعتبرته "دليلاً على أن الاعتداء على المدنيين، بمن فيهم النازحون، سلوك مقر من قبل الجماعة، وليست مجرد أخطاء".
وقال البيان إن هذا الخطاب الذي صدر من المسؤول الحوثي، المصحوب بالقصف الصاروخي والمدفعي المتكرر على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في محافظة مأرب، "يكشف عن النية المسبقة لتصعيد جرائم الميليشيات ضد النازحين، ويؤكد ضلوعها في جرائم القصف السابقة".
جرائم فاقمها الصمت
وأوردت وزارة حقوق الإنسان اليمنية رصداً يحصي الهجمات التي تعرضت لها مخيمات النازحين خلال الأيام الماضية، ومنها "قصف مخيمات السويداء والميل والخير".
ودعت الوزارة الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، إلى تحمل مسؤوليتهم في حماية أكثر من مليونين و200 ألف نازح، قالت إنهم "يتعرضون للقصف اليومي والتحريض الإرهابي الممنهج"، وناشدتهم "اتخاذ مواقف حازمة حيال هذه الجرائم التي فاقمها الصمت والتغاضي الدولي تجاهها".