Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علاقة جدلية تجمع بين القبيلة والدولة في موريتانيا

"معقدة ومتقلبة ولا يمكن بشكل عام فصلها نهائياً"

يحتدم النقاش دائماً في الأوساط الفكرية الموريتانية حول ثنائية القبيلة والدولة (اندبندنت عربية)

قبل أسابيع قليلة، انتشر في صالونات العاصمة الموريتانية نواكشوط المليئة بأحاديث السياسة، تسجيل صوتي يتحدث فيه من يُعتقَد أنه الرئيس السابق لـ "حزب الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، سيدي محمد ولد الطالب أعمر، وجّه فيه كلاماً اعتبر غير لائق لمكون قبلي موريتاني، ما دفع رئيس الحزب إلى الاعتذار وزيارة شيخ القبيلة المعنية لرأب الصدع.

وضم الوفد الذي رافق رئيس الحزب، أعياناً من قبائل أخرى ووجهاء سياسيين، فعُقدت جلسة مصالحة بين رجال القبيلتين، أنهت الخلاف، إلا أن هذه الخطوة لم تشفع لولد الطالب أعمر إذ تم استبداله بعد الحادثة بأيام.

هذه الواقعة تختصر قوة القبيلة في مجتمع ما زالت الدولة بالنسبة إليه "وافداً جديداً" على حد قول بعض أبناء القبائل، فالدولة "تقوى بضعف القبيلة وتضعف بقوة الأخيرة".

الخصوصية الموريتانية

يرى ديدي السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات المغاربية أن "القبيلة في موريتانيا بنية اجتماعية تضامنية أكثر مما هي بنية عصبية بالمعنى الخلدوني، مقارنة بالبنية القبلية والعشائرية في المنطقة العربية، وذلك لأنه لا يوجد مفهوم الشرف الذي يعتبر عاملاً أساسياً في تركيبة القبيلة وتداولها مع المجتمع ومع الدولة في المشرق العربي مثلاً، والعامل الثاني في ترابطها أنه ليس ترابطاً عصبياً وإنما ترابط تحالفي، بالتالي تكون بنيتها بسيطة تتعزز أكثر بفعل العامل الجغرافي وليس النسب". ويضيف السالك "القبيلة هنا بطبيعتها بنية عضوية سابقة على الدولة ونقيض لها، بالتالي كلما وجدت الدولة وتعززت تضعف القبيلة، لأنها بنية عضوية تقوم بوظائف اجتماعية، وهذه الوظائف عندما تقوم بها الدولة تتلاشى القبيلة من دون قرارات أو قوانين. أما حين تضطلع القبيلة بوظائف الدولة، فتضعف الأخيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


علاقة معقدة

تتشابك العلاقة بين الدولة والقبيلة في موريتانيا وتتداخل بشكل يربك المواطن البسيط، فهو ميال بطبعه إلى حضنه الاجتماعي. ويرى أحمد محمد الأمين انداري، أستاذ القانون العام أن "العلاقة بين الدولة والقبيلة هي علاقة "يجور بها الملاح ويهتدي" كما يقال، فهي علاقة معقدة ومتقلبة من جهة. كما أنه لا يمكن بشكل عام فصلها عن العلاقة بين الدولة والبنى التقليدية، وتعبير البنى التقليدية في ارتباطه بالحالة الموريتانية يحيل الى مجموع الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الناظمة لحياة المجتمع في الفترة السابقة لعهد الدولة الوطنية". ويضيف أن "الدولة الوطنية قامت على أساس هذا الموروث الاجتماعي-السياسي وإن دثّرته برداء النظم الحديثة، فالدولة الوطنية الحديثة عندنا في موريتانيا قامت على أساسين موروثين للسلطة هما النموذج الكولونيالي الوافد بأساليبه التنظيمية المختلفة المرتكزة على التجربة السياسية والتشريعية الأوروبية الحديثة، والنموذج السلطوي التقليدي الذي تقوم الشرعية فيه على أساس الدين والمناطقية والذي شكّل إطاراً عاماً لتجربة الدولة في الإسلام".

الدولة توظف القبيلة

وأسهم الوعي المدني منذ بواكير الدولة الوطنية في موريتانيا في التخفيف من دور القبيلة كمنظومة اجتماعية تقوم بأدوار الدولة، إلا أنه في منتصف التسعينيات وعودة الحياة الديمقراطية، أطلت القبيلة من جديد، إذ يعتبر ديدي السالك أن "مختلف السلطات السياسية التي تعاقبت على حكم موريتانيا وظفت القبيلة من أجل الحكم، فلولا توظيفها لكانت تلاشت نهائياً، وخير دليل على ذلك تجربة الرئيس الأسبق معاوية الطائع الذي أعطى امتيازات إلى شيوخ القبائل وجعل ممثليها وسطاء بين المجتمع والدولة وجرى تعيين أبنائهم في مواقع متقدمة وتمكينهم من أدوات الدولة".

إحتفاء في السر

لا يعبر الموريتانيون عن اعتزازهم بقبائلهم إلا في حالات نادرة وبعيداً من عيون الرقيب، فتتغنى غالبيتهم بأمجاد قبائلهم الغابرة ويساعدهم في ذلك موروث فني احتفظت به الأسر الفنية التي يميز وجودها معظم القبائل الموريتانية.
وتنتشر المقاطع الفنية التي تمجد القبائل في المناسبات الاجتماعية وفي التعيينات الكبيرة التي يحظى بها أبناء القبائل وتُستدعى سرديات القبيلة بشكل لافت قد يهدد حضور مفهوم المواطنة والدولة الحديثة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير