لهذه الأسباب يفضل الموظفون السعوديون الإجازة في رمضان

باتت ظاهرة استنزاف الرصيد المتبقي من الإجازات بالنسبة إلى الموظفين السعوديين ملازمة لشهر رمضان، الذي ينخرط فيه المجتمع في عادات مختلفة عن بقية أشهر السنة، بدءاً من الساعة البيولوجية للنوم ووصولاً إلى عادات أخرى سلوكية واقتصادية واجتماعية.

يأتي ذلك على رغم تقليص الحكومة ساعات العمل في رمضان من ثمان إلى ست ساعات، لكن نسبة من السعوديات والسعوديين يفضلون التخفف من أعباء العمل في شهر الإمساك عن الطعام لساعات طوال.

وعادة ما يصاحب أقدس الأشهر لدى المسلمين طقوس وتقاليد روحانية، وفيه تتضاعف ركعات الصلوات بجانب الصيام، ويسعى فيه المسلمون إلى التقرب إلى الله من أجل النجاح الروحي والإيماني، وهذه واحدة من حجج تفضيل فريق للإجازة في رمضان، إذ عادة ما يبرر أنه "شهر عبادة ولأداء الصلاة والقراءة والذكر".

فيما يرى فريق آخر أن الإنتاجية تقل مع الحال المزاجية التي لا تكون على ما يرام، وبخاصة مدمنو الكافيين والنيكوتين والسهر.

وعادة السهر تشيع بشكل كبير في هذا الشهر، إذ يتغير روتين النوم لدى شريحة كبيرة من المجتمع، وهي العادة التي حذر منها المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية في البلاد في منشور عبر موقعه، وبأنها عادة "مؤثرة وبشكل كبير في أداء الموظف، ويقلل السهر من التركيز ويسبب اضطرابات المزاج، كما أن الحرمان من النوم يمكن أن يزيد من إفراز هرمونات الشعور بالجوع، مما يجعل الصيام أكثر صعوبة".

"العمل عن بعد"

وترى الاختصاصية في الموارد البشرية والقريبة من دوائر الوظائف رنا هشام أن "العمل عن بعد" يعد حلاً لظاهرة الإجازات الملفتة المصاحبة لشهر رمضان، لكنها ترى أن ليس ثمة مشكلة إلا ببعض الوظائف التشغيلية مثل خدمات العملاء وغيرها، وربما أن أنسب الحلول يكون بالعمل على طريقة ما جرى في فترة كورونا حين كان "افتراضياً".

ويفسر الاختصاصي النفسي فاروق جهلان هذه الظاهرة لـ"اندبندنت عربية" بتقسيمهم إلى فئتين، الفئة الأولى من يعتبرونه شهراً روحانياً، ويحتاجون إلى تصفية للذهن والهدوء النفسي الكبير من دون ضغوط العمل، أما الفئة الأخرى فهم الأشخاص الذين لا يستطيعون العمل في نهار رمضان بسبب الأعراض الانسحابية للنيكوتين أو الكافيين وهي العصبية والغضب.

هل للعقل الباطن علاقة بالتعب؟

ويتساءل بعضهم حول ما إذا كان الشعور بالإرهاق والتعب شعوراً مختلقاً صور للعقل الباطن نتيجة كثرة الشكوى، ليكون مبرراً لعدم القدرة على ممارسة العمل وتفضيل الإجازة، يعلق جهلان بأن الموضوع مرتبط بالتعود، فالأشخاص الذين اعتادوا على الأكل طوال الوقت من الممكن أن يشعروا بانخفاض الطاقة والكسل، لكن لو كان الأكل صحياً في الفترات المسائية وغنياً بالتنوع الغذائي الصحيح قد لا يصاحبهم هذا الشعور، وبهذه الحالة ينصح جهلان بالصيام المتقطع قبل شهر رمضان لكي يعتاد الجسم على فترات طويلة من عدم الأكل.

للعادات الاجتماعية أثر في جودة النوم

ويتغير نمط الحياة اليومي للناس في رمضان بشكل كبير بسبب الصيام والتقاليد الدينية، ومن التغييرات الرئيسة التي تحدث خلال هذا الشهر هو تحكم العادات الاجتماعية على مواعيد النوم، من هذه العادات في السعودية تعتبر الفترة ما بعد صلاه التراويح فترة اجتماعات عائلية ولقاء الأصدقاء إلى ساعات تمتد إلى وقت تناول وجبة السحور، وهي الوجبة التي تسبق موعد أذان الفجر وقبل طلوع الشمس.

الصيام وعلاقته بالقلق والاكتئاب

وبحسب مقالة نشرها المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية السعودي فإن النوم المتقطع يشاع في رمضان، وهو بدوره يؤثر في الأداء أثناء النهار، ويمكن أن يقلل من التركيز ويسبب اضطرابات المزاج ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض، كما أن الحرمان من النوم يمكن أن يزيد من إفراز هرمونات الشعور بالجوع مما يجعل الصيام أكثر صعوبة.

وعلى رغم ما يشاع عن ارتباط الصوم خلال شهر رمضان بانخفاض الإنتاجية بسبب انخفاض الطاقة، إلا أنه علمياً بحسب المركز نفسه فهو يؤثر بشكل إيجابي في المشاعر السلبية مثل الاكتئاب والقلق والغضب والإرهاق، ويعزز الحالة المزاجية الإيجابية إذا تمت ممارسة الصيام مع غذاء ونوم صحيين.