Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة رحلة المشاريع الكبرى في السعودية

أهداف خطط الرياض هي رسم خريطة اقتصادية مستقبلية للبلاد وليس خططاً عقارية محدودة وسط الإسراع في وتيرة التنويع ومشاركة القطاع الخاص

 تهدف مبادرة "رؤية 2030" إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وجذب الاستثمار الأجنبي (اندبندنت عربية)

ملخص

المشاريع الاستثمارية السياحية والسكنية والتجارية والصناعية ومشاريع التجزئة في مناطق جغرافية سعودية متنوعة التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات وينظر إليها على أنها مرادفة تقريباً للرؤية التي حققت تقدماً كبيراً خلال الأعوام القليلة الماضية متنقلة من مرحلة التصميم إلى البناء

تمضي السعودية قدماً نحو تحقيق أهداف "رؤية 2030" مع دخول عامها التاسع من خلال سلسلة من المشاريع الاستثمارية السياحية والسكنية والتجارية والصناعية ومشاريع التجزئة في مناطق جغرافية متنوعة، بما في ذلك "نيوم" وشركتي "البحر الأحمر الدولية" و"العلا".

وهذه المشاريع التي تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات وينظر إليها على أنها مرادفة تقريباً للرؤية التي حققت تقدماً كبيراً خلال الأعوام القليلة الماضية متنقلة من مرحلة التصميم إلى البناء، ولعل المشروع الأبرز من بين المشاريع الكبرى والذي يعد أكبر بكثير من جميع المشاريع الأخرى مجتمعة هو مشروع "نيوم"، إذ يجتذب أكبر قدر من الاهتمام نظراً إلى نطاقه الهائل على المستويين الإقليمي والعالمي.

وأفاد محللون اقتصاديون في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" بأن "الجهات الحكومية في السعودية قد تلجأ إلى تغيير أولوياتها أو تضطر إلى التكيف مع تغير الظروف، بهدف إحراز تقدم في الأهداف الأخرى خلال الأعوام الستة الباقية من عمر الرؤية"، معتبرين أن الأمر يتعلق بأفضل طريقة لاستخدام الموارد من أجل تحقيق العوائد المثلي من وراء تلك المشاريع الضخمة التي تمثل على وجه الخصوص مساعي تمتد للمدى البعيد.

وتهدف مبادرة "رؤية 2030" التي كشف عنها للمرة الأولى عام 2016 إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وجذب الاستثمار الأجنبي.

وسلط التقرير السنوي لـ"رؤية 2030" الذي صدر هذا الشهر الضوء على أداء برامج تحقيق الرؤية في عام 2023، إذ تعد 87 في المئة من المبادرات البالغة 1064 لعام 2023 مكتملة أو تسير على المسار الصحيح، في حين قدرت مؤشرات الأداء الرئيسة لعام 2023 بـ243 مؤشراً، حقق 81 في المئة من مؤشرات الأداء للمستوى الثالث مستهدفاتها، فيما تخطت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية للعامين الحالي والمقبل.

تعديل مشاريع "رؤية 2030" بحسب الحاجة

بدوره قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن بلاده ستعدل خطتها المتعلقة برؤية 2030 لتحويل اقتصادها وفقاً لما تقتضيه الحاجة، مما يقلص حجم بعض المشاريع وتسريع وتيرة مشاريع أخرى.

وأشار الجدعان إلى أن السعودية تركز على ضمان جودة النمو الاقتصادي المستقبلي وتدرك أن التحديات التي تواجهها تتطلب المرونة، قائلاً إن ’رؤية 2030‘ أسهمت في رسم الخطط الاقتصادية للدولة، وأنها تبقى متعلقة بتنويع الاقتصاد بعيداً من النفط، وأنها تركز على النمو النوعي وليس الكمي".

وأضاف الجدعان خلال مشاركته هذا الأسبوع في المنتدى المفتوح ضمن أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض أن "الرؤية تركز على النمو النوعي وليس الكمي، فلو أردنا لأنتجنا 10 ملايين برميل نفط يومياً بدلاً من 9.5 مليون برميل، وحققنا نمواً أكبر بكثير في الناتج المحلي الإجمالي".

وأكد مجدداً على دور القطاع الخاص الموسع في تنفيذ الرؤية السعودية قائلاً إن "’رؤية 2030‘ تتمحور حول تمكين القطاع الخاص ودور الحكومة هو الخروج من التجارة، ودور الحكومة هو وضع سياسات لتمكين القطاع الخاص دون مزاولة التجارة بنفسها".

تنويع الاقتصاد

وتعمل السعودية على تسريع الجهود الرامية إلى تنويع اقتصادها بعيداً من النفط في إطار خطة تعرف باسم "رؤية 2030"، وتهدف إلى تطوير قطاعات مثل السياحة والصناعة وتوسيع القطاع الخاص وتوفير فرص العمل.

وتفوقت الأنشطة غير النفطية بصورة كبيرة في الأداء على توسع القطاع النفطي العام الماضي، إذ سجلت نمواً بـ 4.4 في المئة، في حين انكمش الاقتصاد ككل 0.8 في المئة على خلفية خفوض إنتاج النفط وتراجع الأسعار.

في غضون ذلك توقع صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن التوقعات الإقليمية على خلفية استمرار خفوض الإنتاج أن يسجل اقتصاد السعودية نمواً بـ 2.6 في المئة هذا العام، وهو تعديل نزولي من توقعات أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بتسجيل نمو أربعة في المئة. 

تحول نوعي

وفي هذا الصدد قال الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بو خمسين إن المشاريع السعودية الكبرى التي أطلقتها من رحم "رؤية 2030" هي ليست توجهاً مستقبلياً للدولة وحسب، بل هي تمثل مرحلة تحول نوعي لرسم مستقبل بآفاق نمو غير محدود ومرتفع السقف، إذ إنها تؤسس لواقع مختلف تماماً عما هو موجود حالياً ليضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً وعلميا وثقافياً وحضاريا وفي كل مناحي الحياة، وتابع بو خمسين  أن "من هنا نتلمس كيف استطاعت الرؤية السعودية أن تطلق مشاريعها العملاقة بما يجعلها فعالة في تحقيق النقلة الحضارية المستهدفة مع انتقاء نوعية مشاريعها بعناية".

تحديات على الطريق

ويرى بو خمسين أنه كان من الطبيعي أن تواجه هذه المشاريع تحديات على الطريق سواء في توافر الظروف المناسبة لإطلاقها بما تتطلبه من حجم تمويل هائل أو من حيث توفير مواقع جغرافية مناسبة، ومن حيث المساحات اللازمة والبنية التحتية الجيدة ومن حيث توافر الكوادر البشرية الملائمة لمتطلبات تنفيذ وتطوير هذه المشاريع، ومن ثم تشغيلها وغيرها من تحديات تتعلق بتوفير البيئة الجاذبة للاستثمار الأجنبي واستقطاب الخبرات العالمية لدعم نجاح هذه المشاريع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية أن المشاريع السعودية العملاقة ليست مثل المشاريع العقارية في مناطق أخرى في الخليج مثل دبي، بل هي تحول مستقبلي يجمع الحياة العصرية مع التكنولوجيا، إذ لا تقوم على إطلاق مشاريع عقارية ضخمة وإن كان هذا هو الأساس، لكن هذا وحده لا يكفي ولا يلبي الطموح فالأهداف أشمل وأكبر من ذلك بكثير، لأن المطلوب أنسنة هذه المشاريع وتوظيفها بأفضل شكل يلبي أهداف الرؤية، ولتكون رافداً اقتصادياً مستداماً من جانب، وداعماً لعجلة نمو الاقتصاد السعودي ورافداً لتعزيز الحضارة البشرية في جانب آخر، أي تكون منتجاً للتقدم العلمي وليس مستهلكاً وحسب.

أيقونة المشاريع

وأضاف أن مشروع "نيوم" هو أيقونة المشاريع السعودية الكبرى لأنه ليس مشروعاً عقارياً ضخماً وحسب من حيث كونه إنشاء مدينه من الصفر، فالأمر هنا مختلف إذ إننا نتحدث عن استحداث مدينه عصريه تحاكي المستقبل البشري على كوكب الأرض وبصورة حرفية، فقد أريد لهذه المدينة أن تكون أيقونه حضارية عالمية ولذلك اختير لها طراز معماري مبتكر من حيث التصميم العمراني للمدينة التي سميت "ذا لاين".

وأضاف بو خمسين أنه "لا شك في أن التحول الكبير في السعودية أحدث حيزاً كبيراً من التأثير في دول الجوار في الخليج والدائرة الإقليمية بصورة ملحوظة من خلال نقل خبراتها النظرية والعملية للدول الشقيقة في الخليج والعراق ومصر وتركيا وبعض الدول الآسيوية".

قوة دافعة

إلى ذلك قال أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد مكني إن "المشاريع الإستراتيجية الكبرى في السعودية تعتبر قوة دافعة لنمو للاقتصاد المحلي ومستهدفات ’رؤية 2030‘"، مشيراً إلى أن المشاريع الكبرى مثل "نيوم" و"الدرعية" وغيرها ستكون هي الرافد الأكبر المستقبلي للإيرادات غير النفطية محدداً.

وأضاف أن تلك المشاريع ستقوم بتحقيق تحول كبير في الاقتصاد السعودي من خلال جذب حجم استثمارات أجنبية ضخمة، إذ إن معظمها مشاريع صديقة للبيئة، مشيراً إلى أن تلك المشاريع تقوم على مساحات كبيرة وتعتمد على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، ولافتاً إلى أنها تحتاج إلى مبالغ ضخمة مختلفة.

وأوضح مكني أن "’نيوم‘ يحوي مشروعاً لتوفير المعيشة الحضرية مثل مشروع ’ذا لاين‘ وهو ما سيحدث ثورة في الحياة الحضرية ويضع الإنسان على رأس أولوياته بمنحه تجربة معيشة حضرية خالية من السيارات، ويعتمد على الطاقة المتجددة، وهو ما يعتبر تحدياً لتوفير استدامة بيئية".

وتابع أن مشروع "نيوم" يحوي أيضاً مشاريع كبرى للترفيه وهو من القطاعات غير النفطية نوعية، مشيراً إلى أن "رؤية 2030" سيمتد أثرها وأثر مشاريعها الإيجابي إلى اقتصادات المنطقة ككل في ظل عدم معاناة دول الخليج من نسب عالية من التضخم، ووجود استقرار جيوسياسي وبيئة اقتصادية واجتماعية متجانسة، ولذلك سيكون لها انعكاس جيد وخصوصاً في معدلات التنافسية في خلق النمو الاقتصادي، ومن ثم تزايد الفرص في سوق العمل.