Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ضغطت الشركات على "الفيدرالي" في شأن أسعار الفائدة؟

سوق العمل هو المؤشر الأهم الأكبر للبنك المركزي الأميركي أكثر من معدل التضخم

أبقى الفيدرالي على سعر الفائدة في أكبر اقتصاد في العالم عند 5.25 إلى 5.5 في المئة للمرة الثامنة (أ ف ب)

ملخص

تجاوبت الأسواق على الفور بارتفاع مؤشراتها الأساسية وتراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية بصورة طفيفة (انخفض بنسبة 0.1 في المئة)

أرسل رئيس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الأميركي جيروم باول إلى الأسواق الرسالة المرتقبة التي كانت تترقبها منذ أشهر، إذ إنه قال "قد نبدأ في خفض سعر الفائدة الشهر المقبل".

فبعد الاجتماع الدوري للجنة السوق المفتوحة  بـ"الفيدرالي" قرر البنك الإبقاء على سعر الفائدة في أكبر اقتصاد في العالم عند 5.25 إلى 5.5 في المئة للمرة الثامنة، لكن تصريحات باول بعد الاجتماع أكدت أن نقاشات اللجنة تعني أن خفض سعر الفائدة "سيكون مطروحاً على الطاولة" في اجتماعها في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتجاوبت الأسواق على الفور بارتفاع مؤشراتها الأساسية وتراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية بصورة طفيفة (انخفض بنسبة 0.1 في المئة).

في غضون ذلك نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" تعليق كبير مسؤولي الاستثمار في "جيه بي مورغان آسيت مانغمنت" بوب ميتشيل على تصريحات باول، قائلاً إنه "يرسل رسالة بكل الطرق الممكنة أنه إذا لم يحدث أي تطور تضخم من الآن وحتى سبتمبر المقبل فإنهم سيخفضون سعر الفائدة بربع نقطة مئوية في ذلك الاجتماع المقبل".

إلى ذلك كشفت مناقشات لجنة "الفيدرالي" أنها تنظر بعين الاهتمام إلى سوق العمل ربما بأكثر من معدل التضخم الذي أخذ في التراجع مقترباً من مستهدف البنك المركزي عند نسبة اثنين في المئة، بخاصة أن أرقام التضخم عن الربع الثاني من العام الحالي تشجع على أن معدله يقترب من الاستقرار عند نسبة معقولة.

أما باول فقال في تصريحاته إن "الفيدرالي لم يعد يريد أن يرى مزيداً من ضعف سوق العمل، للتأكد من أنه تمكن من كبح جماح التضخم".

الشركات وسوق العمل

في الأثناء علق كبير استراتيجي الاستثمار في شركة "بلاك روك" غارغي شودري على تلك التصريحات قائلاً "كان هناك تركيز كبير في المؤتمر الصحافي على الأخطار المزدوجة سواء التضخم أو سوق العمل، وسمعنا كثيراً من باول عن أخطار سوق العمل ربما أكثر مما سمعت لفترة".

ويستهدف الفيدرالي الحد من ارتفاع التضخم، لكن من دون أن يجعل الاقتصاد يدخل في ركود.

وبدأت معدلات ارتفاع الأجور تتراجع بالفعل، مما يقلل من الضغوط التضخمية في الاقتصاد، وأظهرت الأرقام الصادرة أيضاً أن النمو في سوق العمل يتباطأ ويفقد الزخم الكبير الذي حظي به منذ ما بعد أزمة وباء كورونا، وفي الشهر الأخيرة ارتفع معدل البطالة إلى 4.1 في المئة.

وبحسب معظم المحللين والاقتصاديين فإن الشركات بدأت تقلل من أعداد التوظيف، لكن من دون تسريح العمالة لديها أو إلغاء الوظائف، وهو ما اعتبره المحلل الاقتصادي لوكالة "بلومبيرغ" كونور صن في مقالة له أداة الشركات للضغط على الفيدرالي كي يبدأ في خفض أسعار الفائدة، وكأنما الأعمال تقول له "إما خفض الفائدة أو تسريح الموظفين"، وكان هذا عنوان مقالة صن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فعلى مدى أشهر كان صناع السياسة النقدية يشيرون إلى قوة ومرونة أرقام التوظيف، ويعتبرونها دليلاً على أن خفض أسعار الفائدة لا يشكل ضرورة عاجلة، إلا أن الشركات الأميركية التي يتسم نشاطها بحساسية، خصوصاً لأسعار الفائدة، كانت واضحة في موسم الإفصاح المالي الحالي.

وأشار صن إلى أن رسالتها إلى المركزي الأميركي تقول إن مستوى الطلب يتراجع، والأمر الوحيد الذي يؤخر عملية تسريح العمال هو ثقة الشركات في أن سلسلة خفض الفائدة ستبدأ قريباً وتبشر بتوقعات براقة لعام 2025.

وبحسب بيانات تحليل "بلومبيرغ إنتليغنس" لإفصاحات الشركات حتى الآن فإن نسبة الشركات التي تجاوزت توقعات الإيرادات هي الأدنى منذ عام 2019، ويبدو التباطؤ أشد في قطاعات الاقتصاد المرتبطة باقتراض الأسر والائتمان الاستهلاكي.

 إفصاح الشركات وتوقعاتها

وأدى ضغط موازنات الإنفاق إلى فصل بائس بالنسبة إلى صناعة السيارات، إذ أظهر ارتفاع المخزون ضغوطاً على الأسعار نحو الهبوط وتراجع هامش الربح، وانخفضت مبيعات المنازل القائمة في شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى ما يقارب أدنى مستوياتها منذ 10 أعوام، وهي أخبار سيئة للشركات التي تعتمد على معدل دوران المنازل.

وأسهمت التغيرات بهذه الصناعات التي تتعامل بصورة مباشرة مع المستهلكين في الارتفاع المستمر في معدل البطالة، الذي وصل الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين.

وبالنظر إلى البيانات المصاحبة للإفصاح المالي عن الربع الثاني ونصف العام، فإن الشركات الأكثر تضرراً ما زالت ترى أن دوامة الهبوط الشديد التي شهدها سوق العمل في الأزمة المالية العالمية قبل عقد ونصف عقد قد لا تتكرر إذا تحرك الفيدرالي بسرعة، إذ تتوقع معظم تلك الشركات تحسن آفاق أعمالها، من مبيعات وعائدات وارباح، ما إن تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض.

تضع الشركات خطط التوظيف بناء على توقعاتها للمستقبل، وبالنسبة إلى الشركات التي تعتقد أنها ستستفيد من تيسير السياسة النقدية (خفض الفائدة)، فإن "تباطؤاً في عام 2024 أكثر من المتوقع أمر مخيب للآمال، ولكن من الحماقة أن تستغني عن الموظفين الآن إذا كانت إعادة التوظيف ستكون صعبة بمجرد انتعاش الثقة، ومن الأفضل الحفاظ على القوى العاملة الحالية وإدارة الكلف قدر الإمكان حتى يتسارع النشاط الاقتصادي في العام المقبل، وفقاً لما قاله صن في مقالته، لكنه يحذر الفيدرالي من "خطر الاطمئنان" إلى الاستقرار النسبي في وتيرة تسريح الموظفين ويؤخر بدء خفض أسعار الفائدة، فعمليات تسريح العاملين لم تحدث لأن الشركات تعتقد أن سياسة التيسير النقدي التي ستفيدها باتت قريبة، وهي تضع خططاً بناء على تلك التوقعات تماماً، بينما يقرر الفيدرالي سياسته بناء على أداء المؤشرات الاقتصادية، وفقاً لصن.

ويعني تحليل كونو صن سرعة وقوة استجابة الاقتصاد لخفض الفائدة، لكن هناك غيره ممن يرون أن بدء خفض أسعار الفائدة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في نحو ربع قرن (23 سنة) قد لا يكون هذا التأثير الكبير في الشركات والأسواق التي حسبت بالفعل معدلات خفض الفائدة من قبل.