ملخص
منذ خروجه ووالده عن السلطة عام 2011، التزم أحمد الصمت على عكس والده الذي قتل على يد الميليشيات الحوثية وهو الصمت أو الانكفاء الذي خيب آمال قطاع واسع من اليمنيين المناصرين له والمناهضين للمشروع الحوثي والإيراني في اليمن وخصوصاً المنتمين إلى حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه صالح عام 1982.
تتوالى التسويات اليمنية التي تسعى إلى التأثير في مشهد الأزمة المصاب بالجمود بخطوات قد يكون لها ما بعدها تمثلت بقرار لجنة العقوبات التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإزالة اسمي الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح ونجله العميد أحمد من قائمة العقوبات التي كانت قد اتخذت ضدهما مع قادة حوثيين قبل نحو 10 أعوام بعد مطالبات رئاسية وإقليمية وجماهيرية.
وقال بيان بثه موقع الأمم المتحدة على الإنترنت، مساء أمس الأربعاء، إن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن قررت إزالة الإدخالات الخاصة بالأفراد والكيانات لكل من الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ونجله أحمد علي من قائمة العقوبات.
وبموجب هذا الخبر استبشر أنصار أحمد علي بقرار رفع العقوبات، حيث يعدونه خليفة والده الذي قتل في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2017 على يد الحوثيين إثر انتفاضه واسعة قادها ضدهم، في حين نجا ابن عمه طارق صالح وأدخل في صفوف الشرعية وبات عضواً بارزاً في مجلس القيادة الرئاسي الحالي ويتولى قيادة قوة عسكرية متطورة وضخمة تتخذ من السواحل الغربية مقراً.
متغيرات مهمة
وسبق وأقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات على الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح ونجله في إطار القرار (رقم 2140) الصادر عام 2014، وكان يهدف إلى دعم العملية السياسية في اليمن ووقف الأعمال العدائية، وشمل قيوداً عدة منها تجميد أصولهم المالية والممتلكات المرتبطة بهم خارج اليمن وحظر السفر وحظر تزويدهم بالأسلحة أو الدعم العسكري.
يقول محامي الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، محمد المسوري، إن قرار رفع العقوبات عن السفير أحمد علي عبدالله صالح "في هذا التوقيت يؤكد وجود متغيرات مهمة ستشهدها الساحة اليمنية في القريب العاجل وبخاصة بعدما تمادى الحوثي في جرائمه وانتهاكاته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "انتظرنا طويلاً هذا القرار لأعوام طويلة وبطلبات مستمرة كان يرفضها بعض من القائمين على القرار بمجلس الأمن".
ويعتبر رفع العقوبات "تأكيداً على نية المجتمع الدولي بضرورة العمل بصورة مختلفة للمرحلة القادمة في شأن اليمن بعد اقتناعهم بأن العقوبات أصبحت ظالمة".
في شأن مستقبل نجل صالح في طبيعة المشهد السياسي اليمني يرى المسوري أنه من المبكر التوقع في شأنه الآن.
دور سياسي
وشغل أحمد علي صالح قيادة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة أيام حكم والده ذات التجهيز العسكري الاحترافي الأبرز حتى إزاحته من المنصب في 2013 وتعيينه سفيراً لليمن لدى الإمارات التي بقي فيها بعد عزله من منصب السفير.
ومنذ خروجه ووالده عن السلطة عام 2011، التزم أحمد الصمت على عكس والده الذي قتل على يد الميليشيات الحوثية وهو الصمت أو الانكفاء الذي خيب آمال قطاع واسع من اليمنيين المناصرين له والمناهضين للمشروع الحوثي والإيراني في اليمن وخصوصاً المنتمين إلى حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه صالح عام 1982.
وبرفع اسمه عن قائمة العقوبات الأممية سيكون بإمكان نجل صالح السفر واستخدام الأموال المجمدة والتابعة لوالده التي يتردد أنها تقدر بنحو 60 مليار دولار في حين يترقب أنصاره أداءه دوراً سياسياً في مستقبل اليمن.
كما ينظر إلى الخطوة باعتبارها ضمن جهد تبذله كل من السعودية ودولة الإمارات لدعم جهود الحل السياسي وتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء السياسيين في اليمن.
ولهذا رحب نجل شقيق الرئيس السابق وعضو مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق صالح، مساء الأربعاء، برفع العقوبات عن عمه ونجله أحمد وأعرب في تغريدة له عبر منصة "إكس" عن شكره لكل الجهود التي بذلت من أجل ذلك من مجلس القيادة، ودعم من الأشقاء في السعودية والإمارات العربية المتحدة.
اصطفاف
فيما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" عن عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي تهنئته للعميد أحمد صالح بشطب اسمه واسم والده من لائحة العقوبات الأممية.
وقالت إن مجلي عبر عن سعادته بهذا الإعلان الذي جاء نتيجة للجهود المخلصة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ودعم الأشقاء في السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، داعياً إلى وحدة الصف وتكاتف الجهود لاستعادة الوطن وهزيمة الانقلاب الحوثي.
مراقبون اعتبروا القرار خطوة نحو اصطفاف يمني ضد الحوثيين من خلال إعطاء دور سياسي مرتقب للشاب الذي كان يعده والده لخلافته قبل أن تبعده الاحتجاجات الشعبية التي اشتعلت في اليمن عام 2011، والدفع بعملية السلام التي في حال فشلها سيقدم ضمن قوة مرتقبة ضد الحوثيين.
بداية التصحيح
وبحسب مصدر مسؤول في مجلس القيادة الرئاسي، فإن المجلس طالب قبل أسابيع برفع اسم صالح ونجله من قائمة العقوبات، وسبق أن وجه أحمد علي صالح، في منتصف مايو (أيار) الماضي، رسالة إلى لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن الدولي، دعاها فيه إلى مراجعة قراراتها الخاصة بفرض عقوبات ضده.
وفور صدور القرار شهدت وسائل التواصل الاجتماعي ابتهاجاً من أنصار المؤتمر الشعبي العام الذي كأن يترأسه علي عبدالله صالح، وتوالت التهاني من الشخصيات الحكومية بمناسبة قرار رفع العقوبات، بمن فيهم خصوم صالح السياسيون العسكريون، وكتب الجنرال علي محسن الأحمر "نهنئ ونبارك قرار رفع العقوبات عن الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح رحمه الله، ونجله الأخ السفير أحمد علي عبدالله صالح".
من جانبه قال رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني على منصة أكس "إن رفع العقوبات على الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونجله هو البداية لتصحيح الأخطاء التي وقعت، والولوج إن شاء الله في مرحلة جديدة يسودها السلام والوئام والمودة والإخاء".
وأضاف أن يوم رفع العقوبات "يوم مشهود أعاد الحق إلى نصابه وينصف الرجل الذي أعطى شبابه وحياته مقاتلاً جمهورياً وقائداً محنكاً، ورجل دولة بنى نهضة وطن وحقق أحلامه".
الإعلامي والسياسي اليمني كمال السلامي يشير في حديثه لــ"اندبندنت عربية" عن تداعيات وأبعاد رفع أحمد علي عبدالله من قائمة العقوبات إلى أن العالم "يرغب في طي صفحة الأزمة اليمنية، وهذا يقتضي إرضاء جميع الأطراف، وفي المقدمة أسرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبغض النظر عن تقدير الأمم المتحدة فالأمر كما يبدو خضوع لطلب وتوجهات الأطراف اليمنية والإقليمية ذات العلاقة بملف الأزمة اليمنية".
وأضاف السلامي أن ما آلت إليه الأوضاع في اليمن الآن يستدعي استخدام كل الأوراق المتاحة، وبالنظر إلى مكانة الرئيس السابق وأسرته، "فمن الجيد استخدام هذه الورقة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا متغولين أكثر من أي وقت مضى"، معتبراً أن أسرة الرئيس السابق لها مكانتها في الأوساط اليمنية شمالاً وجنوباً، وبالنظر إلى فشل النخب اليمنية التي جاءت بعد 2011 فإن "هذه الخطوة من شانها أن تعيد الأمل لقطاع عريض من اليمنيين، ممن يرتبطون عاطفياً بهذه الأسرة"، على حد قوله.
وفي السياق يرى السياسي السلامي أن "إدخال أسرة صالح كطرف جديد في المعادلة، ربما يخلق حالاً من توازن القوى مع الحوثيين".
مخاوف
وعن مخاوف القوى السياسية في اليمن يرى أن "القرار لا يثير أي مخاوف، فأحمد علي عبدالله صالح مواطن يمني، اليوم الأمور تتجه نحو شرعنة عبدالملك الحوثي، فكيف بمن سواه"؟ لكنه استبعد أي دور على المدى القريب والمتوسط لنجل صالح "لكن إجمالاً عودة أسرة صالح، ربما تخلق حالاً من الأمل الشعبي في مواجهة مرحلة اليأس الحالية".
من جهته يعتبر الكاتب اليمني عبدالكريم المدي أن الخطوة قد تدفع بإجراءات بناء الثقة والتمهيد "لطاولة مفاوضات وحوار يفضي إلى نهاية الحرب في اليمن ما بين الأطراف السياسية والوصول إلى مرحلة توافقية، لكن هناك شكوكاً في ما يتعلق بالجانب الحوثي أنه ليس جاداً في ما يتعلق بالسلام ولديه أجندة مختلفة".