ملخص
منذ اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل تشديد حصارها المفروض منذ أعوام على قطاع غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء. وتوقفت محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة عن العمل.
أخرجت الحرب المتواصلة منذ أكثر من 10 أشهر بين إسرائيل وحركة "حماس"، عديداً من مستشفيات القطاع المحاصر عن العمل. أما تلك التي بقيت قيد الخدمة، فتقدم خدمات محدودة في ظل النقص الحاد في مختلف حاجاتها.
الظلام
ويهيمن الظلام على أروقة مستشفى "كمال عدوان" في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ولا تخرقه سوى أضواء خافتة من هواتف نقالة أو أجهزة تعمل على ما تبقى من بطارياتها، في ظل نقص حاد في الوقود.
وفي "كمال عدوان" فوجئ أيمن زقوت الذي نقل إلى المستشفى بعد معاناته المغص الكلوي، بأن الأطباء وأفراد الطاقم الطبي يضطرون إلى استخدام مصابيح هواتفهم النقالة لكتابة التقارير الطبية، أو حتى قراءة بيانات الأجهزة القليلة التي لا تزال تعمل بما توفر من طاقة الشحن.
استمرار القصف
وعانى زقوت لبلوغ المستشفى، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي وأوامر الإخلاء المتكررة، والمعارك المتواصلة في القطاع منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحركة "حماس" على جنوب إسرائيل. ويقول أيمن وهو يغالب الألم "بصعوبة، وصلت إلى المستشفى. لكن كما ترون لا كهرباء ولا أي شيء"، ويضيف الرجل وهو يرتدي زي الاستشفاء الأخضر وقد علق له محلول في الذراع "لا أعرف كيف سيتم العلاج، ربنا يعيننا".
خطر التوقف الكامل
تواجه منشآت طبية في القطاع الفلسطيني المدمر والمحاصر جراء الحرب خطر التوقف الكامل عن تقديم حتى الخدمات المحدودة التي لا تزال قادرة على توفيرها، في ظل انقطاع الكهرباء والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.
وتثير هذه المخاوف قلقاً إضافياً على سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، الذين يعانون أصلاً أزمة إنسانية حادة وتبعات النزوح المتكرر والأمراض.
ويؤكد الطبيب محمود أبو عمشة أن مستشفى "كمال عدوان" حيث يعمل مضطر إلى إعلان "توقف خدمة المرضى بالكامل نتيجة لنقص الوقود وتوقف إمداد الجهات الدولية بالوقود اللازم لتشغيل المحطة وتشغيل المستشفى"، مضيفاً "لدينا نقص في الأوكسيجين. محطة الأوكسيجين أصبحت متوقفة بالكامل".
ملجأ أخير
ويبقى لمستشفى "كمال عدوان" ملجأ أخير على صعيد الطاقة، وإن كان محدوداً.
ويوضح الطبيب أبو عمشة "لا نستطيع تشغيل الطاقة الشمسية إلا عند وقوع الإصابات والمجازر الحرجة جراء الاستهداف الصهيوني. الطاقة الشمسية لا تستطيع أن تكفي المرضى 24 ساعة في ظل هذا الانقطاع في الكهرباء"، ويتابع أن الأجهزة "متوقفة، البطارية لم يعد يتوافر فيها شحن. لدينا أطفال خدج ورضع، مما ينذر بوقوع كارثة"، مشيراً إلى أن "الأطفال الموجودين داخل هذه الحضانات مهددون بتوقف القلب ومفارقة الحياة. العناية المركزة أيضاً للأطفال فيها سبع حالات، هؤلاء سيموتون نتيجة توقف ونقص الوقود".
ووفق أرقام الأمم المتحدة، يعاني سكان القطاع نقصاً حاداً في الخدمات الطبية، إذ إن 16 مستشفى فقط لا يزال قادراً على العمل وبصورة جزئية حصراً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نقص الوقود
وتؤكد وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" أن نقص الوقود يهدد أيضاً مهمة سيارات الإسعاف البالغة الأهمية خلال الحرب التي تسبب بمقتل أكثر من 40 ألف شخص وإصابة 93 ألفاً، وفق أرقام الوزارة.
وينتظر مستشفى "العودة" في شمال مدينة غزة بدوره تسلم شحنات من الوقود. ويقول القائم بأعمال مدير المستشفى محمد صالحة إن "الأمور صعبة جداً عندنا"، ويضيف "أعلنا قبل يومين أننا سنتوقف عن تقديم بعض الخدمات بخاصة تأجيل العمليات المجدولة نظراً إلى عدم وجود الوقود اللازم لتشغيل المستشفى"، محذراً من "خطر على المرضى والجرحى"، ويشير إلى أن المستشفى تمكن من "استلاف الوقود من مستشفيات في مدينة غزة، مما يمكنه إلى الآن من مواصلة تقديم الخدمات بالحد الأدنى".
وإضافة إلى نقص الموارد، تواجه المستشفيات ومرضاها والجرحى الذين يسقطون يومياً أخطاراً أخرى تتعلق خصوصاً بالقصف الإسرائيلي والمعارك.
نداء
وأطلقت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" هذا الأسبوع نداءً في شأن "مئات المرضى" في مستشفى "شهداء الأقصى" في مدينة دير البلح وسط القطاع "في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة واقتراب عملياته العسكرية من محيط" المستشفى. وناشدت "المؤسسات الدولية والأممية ذات العلاقة اتخاذ ما يلزم لحماية المستشفى والطواقم الطبية والمرضى الموجودين بداخله، في وقت لا يوجد أمام الوزارة أي خيارات أو بدائل أخرى".
ومنذ اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل تشديد حصارها المفروض منذ أعوام على قطاع غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء. كما توقفت محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة عن العمل.
ومع تواصل الحرب الأطول في تاريخ الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، تدخل شاحنات الوقود بكميات قليلة إلى القطاع، حالها كحال بقية المساعدات الإنسانية التي تؤكد المنظمات الدولية أنها تبقى ما دون حاجات السكان.