Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الكتاتيب" تسترجع بريق التعليم الديني في تونس

تستقبل نحو 2040 داراً أكثر من 60 ألف طفل يدرسون في قسمي التحضيري والتمهيدي

رجعت مكانة الكتاتيب القرآنية في مصعد المناهج التربوية بتونس (مواقع التواصل)

ملخص

زار وزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي في بداية انطلاق العام الدراسي الحالي عدداً من الكتاتيب في العاصمة تونس، وأوصى بتطبيق مناهج وبرامج وزارتي الشؤون الدينية والتربية مع المحافظة على خصوصية مؤسسة الكتّاب، بحسب بيان نشرته الوزارة.

مرت صورة "الكتاتيب" القرآنية في تونس بمراحل عدة في المخيال الشعبي التونسي، ومن ذلك الشيخ الصارم صاحب العصا الغليظة الذي يلقن الأطفال القرآن، إلى تلك الصورة التي أصبحت عليها بعد تحولات عام 2011، وهي ذلك الوكر الذي قد يسهم في إخراج جيل من المتشددين الدينيين كقنابل موقوتة، يلقنونهم دروساً خاصة لا تخضع لرقابة الدولة، بخاصة بعد صعود الإسلام السياسي سدة الحكم وفتح الباب على مصراعيه أمام مئات الجمعيات التي تنشط في المجال الديني.

لكن خلال الأعوام الأخيرة أمسكت الدولة التونسية بزمام الأمور ورجعت مكانة الكتاتيب القرآنية في مصعد المناهج التربوية، بخاصة لدى فئات معينة من المجتمع بعد أن شهدت أسعار رياض الأطفال ارتفاعاً غير مسبوق.

فضاء مشجع

رانيا سيدة ثلاثينية وأم لثلاث بنات اختارت أن تدرس ابنتها الصغيرة ذات الأربع سنوات في إحدى كتاتيب الحي الذي تسكن فيه، وتقول إنها أخذت القرار معية زوجها لأسباب عدة من أهمها "أن الكتّاب أصبح مراقباً من الدولة، وأن الفضاء العام مشجع للطفل لانهم يعتمدون منهجاً تعليمياً مدروساً"، مضيفة أنها تفضل هذا النوع من التدريس الذي يعتمد تلقين القرآن الذي يساعد الطفل في تحسن مهاراته في اللغة العربية وأيضاً المساعدة في النطق السليم.

محمد أب لطفلين توأم يقول، "أجبرت على تدريس ولدي في الكتّاب لأنني لست قادراً على توفير كلف رياض الأطفال، على رغم أنه يفضلها على الكتّاب لأن توقيت الكتاتيب لا يناسب أوقات عمله وعمل زوجته".

ويستقبل نحو 2040 كتّاباً في تونس أكثر من 60 ألف طفل يدرسون في قسمي السنة التحضيرية والتمهيدية، أي سنوات ما قبل الدراسة، وتعتمد الكتاتيب التي تشرف عليها وزارة الشؤون الدينية برنامج دليل مرجعي للتربية بالكتاتيب ومنهاج العام التحضيرية لوزارة التربية.

وكان وزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي زار في بداية انطلاق العام الدراسي الحالي عدداً من الكتاتيب في العاصمة تونس، وأوصى بتطبيق مناهج وبرامج وزارتي الشؤون الدينية والتربية مع المحافظة على خصوصية مؤسسة الكتّاب، بحسب بيان نشرته الوزارة.

 

 

ودعا في هذا الصدد إلى تحسين ظروف الفضاء الذي يدرس فيه الأطفال والالتزام بتوصيات وزارة الصحة، مؤكداً أهمية غرس القيم السمحة لدى النشء.

وأفاد البيان أن وزارة الشؤون الدينية تحرص على تنظيم برامج تكوينية دورية للمؤدبين على المستويين الجهوي والوطني لتطوير أدائهم ومواكبة المستجدات في قطاع التربية والطفولة.

خدمات اجتماعية وتربوية

وفي هذا الصدد يعرف المدير العام العناية بالقرآن الكريم بوزارة الشؤون الدينية نوفل جراد الكتاتيب بأنها "مؤسسات ضاربة في القدم في تونس وتقدم خدمات تربوية اجتماعية للأطفال بين الأربع والست سنوات، أي ما قبل الدراسة"، مضيفاً أنها "فضاء تربوي عمومي يؤمه الأطفال، ويعمل بخاصة على تحفيظ الأطفال نصيباً من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وعلى تربيتهم على الآداب والأخلاق الفاضلة وتعليمهم المبادئ الأساس للغة العربية، وكذلك تدريبهم على الأنشطة الرياضية المناسبة لهم بما يسهم في تنمية مهاراتهم وتطوير ملكاتهم ونموهم الذهني والبدني والنفسي وإعدادهم لمراحل التعليم اللاحقة، ويحجر ترسيم الأطفال الذين يقل سنهم عن أربع سنوات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول جراد إن "الكتّاب له أهداف تربوية واجتماعية"، لافتاً إلى أن "الوزارة أقرت مجانية الكتاتيب لبعض الفئات مثل العائلات المعوزة وبسعر رمزي مقداره 10 دولارات شهرياً لبقية الفئات".

ويواصل جراد أن "الوزارة حاولت كسر الصورة النمطية للكتاتيب التي كانت في عقود سابقة أو بعد الثورة، واليوم الكتاتيب هي قسم عصري ومؤدب عصري وليست شيخاً وعصا غليظة وحصيراً يجلس عليه الأطفال، بل أصبحت قاعة عصرية تتلاءم وروح العصر".

يشار إلى أن وزارة الشؤون الدينية أصدرت قراراً مطلع العام الدراسي الماضي يقضي بمجانية التعليم في الكتاتيب للأيتام وأطفال العائلات المعوزة والأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.

التوظيف لاستقطاب الناشئة

من جهته يقول كاتب عام المنظمة التونسية للأسرة عامر الجريدي إن "المدارس القرآنية (الكتاتيب) هي مؤسسة راسخة في تاريخ البلاد كبلد مسلم وفي هويته وقيم الشعب"، مواصلاً "لهذه الكتاتيب رسالة تربوية أخلاقية عبر تعاليم القرآن إلا أنه وقع توظيفها مع الإسلام السياسي لاستقطاب النشء، وأصبحت في نظر كثيرين محل ريبة واستنكاف"، بحسب الجريدي.

ويضيف، "على رغم أن الأسباب المادية هي المحدد الرئيس في تسجيل أولياء الأمور لأطفالهم في المدرسة القرآنية فإن الجانب العقائدي له دور هو الآخر".

وتابع المتحدث "المهم في أن البرامج التربوية لهذه الكتاتيب مراقبة من الدولة وخاضعة لتراخيص، وأن تكون رسالتها تربوية خالصة عبر الجانب العقائدي الديني الذي لا يمكن نفيه أو شطبه بجرة قلم، بل إن باحثين في سياسات التربية والتعليم في الغرب في دراساتهم الأخيرة يوصون بإيلاء أهمية أكثر للجانب الديني في البرامج التعليمية المدرسية، بالنظر إلى تدني الأخلاق وحس الانتماء الوطني في دول مثل بريطانيا وهولندا".

ولتنظيم عمل الكتاتيب وإخضاعها لرقابة الدولة صدر عبر الجريدة الرسمية، في عددها المنشور في الـ 26 من سبتمبر (أيلول) 2023 قرار وزارة الشؤون الدينية يتعلق بتنظيم الكتاتيب في تونس، وأن "تخضع لإشراف الوزارة إدارياً وفنياً من حيث برامجها التربوية ونظام وتوقيت التدريس فيها وطاقة استيعابها، ويتولى المؤدبون مهمة التربية بمقتضى قرار تكليف من الوزير، ويحجر التدريس على من ليس له صفة (مؤدب)"، بحسب هذا القرار.

كما ينص القرار على أن الكتاتيب تخضع للترتيب الجاري به العمل في مجال الصحة والسلامة، وبخاصة منها أحكام القانون المتعلق بإصدار مجلة السلامة والوقاية من أخطار الحريق والانفجار والفزع والبنايات، ويتولى متفقدو الشؤون الدينية والوعاظ تفقد ومتابعة سير الأنشطة التربوية بالكتاتيب كل في نطاق مهماته.

ويقع تأجير المؤدبين على أساس مقتضيات الأمر الحكومي، ويحجر اعتماد برامج تربوية مخالفة لبرنامج التربية بالكتاتيب المقرر من قبل وزارة الشؤون الدينية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات