ملخص
تتوقع بيانات "هامبتونز" أن يدفع الجيل زد ما يقر 104 آلاف و400 جنيه استرليني (136 ألفاً و511 دولاراً) في المتوسط في السنوات الخمس الأولى من توقيعهم رهونهم العقارية
"هل سأتمكن يوماً من شراء منزل خاص بي؟". هذا سؤال كثيراً ما دار بخلد الشباب، لكنه أصبح أكثر إلحاحاً في السنوات الأخيرة. تواصل أسعار البيوت الارتفاع، تشبه سوق الإيجارات سيناريو من سيناريوهات سلسلة أفلام "مباريات الجوع" The Hunger Games. والآن، تبرز عقبة أخرى تواجه الراغبين في الشراء من الجيل زد. وفق بحوث أجرتها وكالة العقارات "هامبتونز"، يتوقع أفراد الجيل زد – الذين تراوح أعمارهم حالياً بين 12 و27 سنة – أن تترتب عليهم دفعات للرهون العقارية تفوق بمرتين ما ترتب منها على الأجيال التي سبقتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأرقام مذهلة. تتوقع بيانات "هامبتونز" أن يدفع الجيل زد ما يقر 104 آلاف و400 جنيه استرليني (136 ألفاً و511 دولاراً) في المتوسط في السنوات الخمس الأولى من توقيعهم رهونهم العقارية، بينما يدفع أفراد جيل الألفية الأكبر سناً، المصنفون بأنهم دون الرابعة والأربعين، ما يقرب 51 ألفاً و800 جنيه في فترة مماثلة. بالطبع، يجب ألا ننسى أن كثيرين من جيل الألفية لم يتمكنوا بعد من شراء بيتهم الأول – وأنا منهم – لكن هذه قصة أخرى. في غضون ذلك، دفع الجيل إكس، الذي تراوح أعمار أفراده بين 44 و59 سنة، ما يقرب 55 ألفاً و400 جنيه، ودفع جيل الوفرة، أي الذين تراوح أعمارهم ما بين 60 و69 سنة، ما يقرب 46 ألفاً و500 جنيه. وتظهر الأقساط الشهرية النمط نفسه: تقدر الدراسة أن المشتري من الجيل زد سيدفع في المتوسط ألفاً و739 جنيهاً شهرياً قسطاً من أقساط الرهن العقاري في مقابل منازلهم الأولى مقارنة بـ863 جنيهاً يدفعها أصحاب المنازل من جيل الألفية و923 جنيهاً دفعها الجيل إكس و775 جنيهاً دفعها جيل الوفرة.
ليس من المستغرب إذا أن يشعر الطامحون إلى امتلاك منازل من الجيل زد بالإحباط. الكاتبة شارلي، البالغة من العمر 25 سنة، تعيش مع والدها في الميدلاندز منذ تخرجها في الجامعة وهي تدخر لشراء بيتها الخاص منذ ثلاث سنوات تقريباً. تقول: "بدأت بادخار مبالغ صغيرة هنا وهناك تحسباً لأي نفقات غير متوقعة"، وتضيف: "عندما ظهرت نفقات فعلاً، واصلت الادخار. انتابني شعور حلو ومر، إذ توفرت لدي أموال ورثتها عن أجدادي وعززت مدخراتي، ولديَّ الآن مبلغ جيد كدفعة مقدمة – أكثر مما كنت أعتقد أنني سأتمكن يوماً من ادخاره".
تشعر شارلي بالحزن لأنها على رغم ادخارها هذا المبلغ، تواجه صعوبة في العثور على رهن عقاري يمكنها تحمله. تقول: "حدد لي أول موعد للحصول على رهن عقاري في وقت سابق من هذا العام، في أبريل (نيسان)، وقيل لي إنني سأدفع ما يقرب ألف و500 جنيه شهرياً". لن يكون ذلك ممكناً لشارلي بدخلها الحالي – ولا بالنسبة إلى كثيرين من الشباب. وفق استطلاع لنتائج الخريجين أجرته أخيراً وكالة إحصاءات التعليم العالي، يبلغ الراتب السنوي المتوسط للخريجين الجدد العاملين في المملكة المتحدة بدوام كامل 27 ألفاً و500 جنيه.
وبطرح قسط الرهن العقاري ذاك من أجورهم الشهرية بعد حسم ضريبة الدخل، لن تتبقى لديهم سوى بضع مئات من الجنيهات يعيشون عليها (هذا من دون احتساب الفواتير). عندما نظرت شارلي مرة أخرى في برامج أخرى، وجدت أن "بعضها وصل إلى ما يقرب ألفين و700 جنيه شهرياً، وكان ذلك وفق برنامج للرهن العقاري مدته 40 سنة". وعلى رغم أن بعض الجهات الموفرة للرهون العقارية تقدم خيارات تتضمن دفع دفعة مقدمة بنسبة واحد في المئة أو خمسة في المئة بهدف تسهيل الأمور على المشترين للمرة الأولى، "لم يعالج أي من هذه الخيارات مشكلة التسديد، ما يجعل الخيارات غير مجدية لي في الأقل".
يجد جيمس*، البالغ من العمر 25 سنة، نفسه في موقف مماثل، إذ يعيش مع أسرته بينما يحاول ادخار مبلغ لشراء منزل خاص به. لقد بحث في كلفة الدفعات المحتملة للرهن العقاري و"يبدو أنها غير واقعية إلى حد ما. قد أتمكن من تحملها لستة أشهر، لكن سيكون من الصعب تحملها في الأجل البعيد وسأقع في ضائقة مالية". لقد "قللت في شكل كبير من الإنفاق على نمط الحياة الذي أرغب فيه"، لكنه يعلم أن "عوامل عديدة أخرى" تقع خارج سيطرته، لذلك "أحاول ألا أكون قاسياً على نفسي".
لكن أبعد ذلك، يواجه الجيل زد ما يشبه عاصفة متكاملة في سوق شراء البيوت. ما الذي تسبب في هذه العاصفة المتكاملة للجيل زد؟ هو ضربة مزدوجة تتضمن ارتفاع أسعار البيوت وارتفاع معدلات الفائدة التي قفزت في شكل حاد عام 2022 (انخفضت قليلاً منذ ذلك الحين لكنها لا تزال أعلى بكثير من فترة ما قبل الجائحة). كان على الأفراد الأكبر سناً بالتأكيد التعامل مع إحدى هاتين المشكلتين، لكن ليس مع كليهما في آن واحد. إن معدلات الفائدة الآن "أقل بكثير" مما كانت عليه في الثمانينيات، كما تلاحظ خبيرة الرهن العقاري سيرينا سميث من مؤسسة "رهون عقارية مع سيرينا" التي تركز على مساعدة جيل الألفية والجيل زد على امتلاك بيتهم الأول. مثلاً، عام 1980 بلغ معدل الفائدة الأساس لدى بنك إنجلترا، الذي يؤثر في المعدلات المعروضة من الجهات المقرضة، 16 في المئة.
لكن في ذلك الوقت، كان متوسط سعر البيت يبلغ 19 ألفاً و273 جنيهاً، لذلك كان استيعاب معدلات الفائدة الأعلى أسهل. في يوليو (تموز) 2024، بلغ متوسط السعر 289 ألفاً و723 جنيهاً. تقول سميث: "العقارات التي اشتريت عندما كانت جديدة في الثمانينيات أصبحت الآن تساوي أكثر بكثير مما كانت عليه عند شرائها في الأصل... تغير حجم القرض في شكل كبير". نتيجة لذلك، تصبح الرهون العقارية الأطول مدة أكثر شيوعاً. تضيف: "كان أحد أفراد جيل آبائنا يتوقع برنامجاً للرهن العقاري مدته 25 سنة"، لكن الآن أصبحت البرامج الممتدة لـ40 سنة أكثر انتشاراً. وفق موقع البيانات المالية "موني فاكتس"، ينص 84 في المئة من الرهون العقارية الآن على فترات تسديد تصل إلى 40 سنة.
حتى عندما ارتفعت أسعار البيوت في شكل كبير في التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21 كانت معدلات الفائدة تميل إلى أن تكون أقل
حتى عندما ارتفعت أسعار البيوت في شكل كبير في التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21، كانت معدلات الفائدة أكثر ميلاً إلى الخفض (ولا سيما بعد الأزمة المالية العالمية عام 2007)، لذلك لم تختلف المدفوعات كثيراً عن تلك التي خبرتها الأجيال السابقة. جاي فاجان، البالغة من العمر 45 سنة، تعمل مديرة في مؤسسة خيرية تتخذ من بريستول مقراً. اشترت وزوجها منزلهما الأول في جنوب لندن عام 2005 وبدآ بدفع ما يقرب ألف و100 جنيه شهرياً كأقساط لرهنهما العقاري. تقول: "في ذلك الوقت، أعترف بأنني شعرت بالضغط – أعتقد أن السبب كان يتعلق بمستوى الالتزام أكثر من السعر الفعلي. كان المبلغ أكثر بقليل من بدل إيجار لكنه كان بالطبع استثماراً".
وتشير أيضاً إلى أنهما لم يضطرا إلى القيام بتغييرات كبيرة في نمط الحياة المفضل لديهما كما هو متوقع من الأجيال الأصغر سناً في مقابل شراء منزل. تقول: "كنا ندفع رهننا العقاري وفواتيرنا، ونتسوق من 'وايتروز'، ونشترك في ناد رياضي، ونتناول الطعام خارج المنزل بانتظام". تغيرت ظروفهما خلال الأزمة المالية، "لكن بفضل اتباع معدل رهننا العقاري معدل الفائدة الأساس [لدى بنك إنجلترا] من كثب، انخفض القسط الشهري إلى 700 جنيه". وبعدما احتسبت الأرقام، استنتجت "أننا لو أردنا شراء الشقة نفسها اليوم مع الدفعة المقدمة المطلوبة والزيادات المرتبطة بأسعار العقارات، لكان علينا أن نحقق دخلاً أسرياً يبلغ تقريباً 300 ألف جنيه سنوياً. لذلك لا طريقة تمكننا اليوم من شراء الشقة". في الواقع، من بين أصدقائها الأصغر سناً البالغين أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات، "قلائل منهم فقط يمتلكون عقاراً، ويصح هذا عادة لأن الأهل ساعدوهم أو لأنهم ورثوا أموالاً من أجدادهم".
كان أيضاً الحصول على رهن عقاري أمراً سهلاً نسبياً بالنسبة إلى ليزا فرانسيسكا ناند، وهي مقدمة برنامج تلفزيوني عن السفر ومالكة شركة "أل أف أن" التي تعرض المشورة على الآخرين لبدء أعمالهم الخاصة في مجال السفر. تقول: "اشتريت أول شقة لي في يوليو 2003 عندما كان عمري 28 سنة". وتضيف: "لو لم أرَ إعلاناً في صحيفة 'الإيفنينغ ستاندرد' لشخص يعرض مشورة حول الرهن العقاري، ربما لم أكن لأبحث عن مشورة، وربما كانت حياتي ستواجه صعوبات أكبر بكثير". لم تتوفر لديها "أي دفعة مقدمة أو أي أموال عائلية تمكنها من الاقتراض"، لكن مستشار الرهن العقاري أخبرها أنها "يمكنها أن تقترض مبلغاً أكبر مما كانت تساوي الشقة في مقابل رهن عقاري من دون دفعة مقدمة أو كلف مصرفية" وذلك عبر "نورذرن روك" (المصرف الذي أصبح لاحقاً ضحية بارزة في أزمة المصارف عام 2007 عندما اضطرت إلى تأميمه الحكومة البريطانية).
بلغ أول معدل رهن عقاري لها "ما يقرب ثلاثة في المئة وأتذكر أن الأقساط كانت بحدود 600 جنيه أو نحو ذلك شهرياً". وأعادت تمويل الرهن خلال سنة وباعت الشقة للانتقال إلى عقار أكبر عام 2007. تقول: "أنا مدركة تماماً مدى حظي، إذ تمكنت من الحصول على رهن عقاري من دون دفعة مقدمة أو كلف مصرفية في وقت كانت فيه أسعار البيوت في ارتفاع". وكانت تجربتها الأخيرة مختلفة تماماً: اشترت ناند منزلها العائلي الجديد عام 2023 وأثر ارتفاع معدلات الفائدة فيها "بشدة"، ولا سيما كونها أماً عزباء.
على رغم الحديث عن الأسعار كله، يعد جمع دفعة مقدمة أثناء دفع جزء كبير من الدخل الشهري بدل إيجار تحدياً صعباً بالنسبة إلى كثيرين من الشباب. تقول ريبيكا*، البالغة من العمر 24 سنة وتعمل في التسويق: "لم أنظر حتى في أقساط الرهن العقاري المستقبلية، هذا أمر سأفكر فيه في وقت لاحق". في نظرها، "تتمثل العقبة الأولى بالتأكيد في الدفعة المقدمة – على رغم أن لديَّ بعض المدخرات، أعلم أنها لن تكفي حتى لشراء شقة متوسطة. أفكر في تقاسم الشراء مع صديقي، مدخراته أقل من مدخراتي، لذلك لا نزال نناقش الأمر".
على رغم أن فكرة امتلاك منزل قد تكون مغرية كرمز للاستقرار لدى "الراشدين"، لا ينتهي القلق عند نيل المرء الموافقة للحصول على رهن عقاري. باريس، البالغة من العمر 26 سنة والعاملة في السياسة والشؤون العامة، في صدد شراء شقة بغرفتين في لندن الآن بعد خمس سنوات من الادخار. كانت تعتقد سابقاً بأن الملكية المشتركة ستكون خيارها الوحيد في العاصمة، لكن مستشارها أخبرها بأنها مؤهلة للحصول على برنامج للرهن العقاري مخصص للمشترين للمرة الأولى يتيح لها اقتراض ما يصل إلى خمسة أضعاف راتبها. تقول: "إذا وقع الاقتصاد في ركود... قد يتوقف راتبي عن التزايد وهذا أمر يقلقني". ويخضع عقارها أيضاً إلى نظام الإيجار المحدد الأجل "لذلك تزداد رسوم الخدمات"، وشعرت أخيراً بقلق مع انتشار إشاعات تشير إلى أن الحكومة قد تلغي الإعفاء الممنوح إلى العازبين على الضرائب البلدية، وهذا كفيل برفع كلف معيشتها في شكل كبير.
في هذه المرحلة، لا يبدو لي أنني سأمتلك منزلاً يوماً ما، وهذا أمر مؤلم" – شارلي (25 سنة)
يعتقد الآن بأن هذا الإلغاء مستبعد من قبل رئاسة الوزراء، لكن العقبات التي تواجه الأشخاص الأصغر سناً الآملين في الشراء كعازبين وليس كمتزوجين لا تزال كبيرة. تقول تاشا، البالغة من العمر 27 سنة والتي تعيش في شيفيلد، إنها تدخر منذ عام 2020 لكنها تدفع ما يقرب 950 جنيهاً لقاء الإيجار والفواتير. وتضيف: "لحسن الحظ لدي وظيفة مستقرة للغاية، لكن الأثر [المالي] لا يزال كبيراً لأنني أقوم بكل شيء بنفسي". وتقول: "لا أفهم حقاً كيف أن برامج المشترين للمرة الأولى تستهدف الأزواج والعائلات لكنها لا تدعم الأفراد الذين يحاولون القيام بذلك بأنفسهم. لا دعم لهؤلاء".
وتقول تاشا إنها تتوق إلى "امتلاك مكان خاص بها والاستقرار فيه وجعله ملكاً لها"، وتضيف: "أحاول أن أقول لنفسي: 'سيحدث الأمر حين يؤون الأوان'، لكنني أدخر منذ ما يقارب خمس سنوات ولدي مدخرات لا بأس بها [لكنها] لا تزال غير كافية... هذا أمر محبط للغاية".
تعكس مشاعرها مشاعر شارلي، "في هذه المرحلة، لا يبدو لي أنني سأمتلك منزلاً يوماً ما، وهذا أمر مؤلم لأنني لا أرغب في شيء أكثر من امتلاك مساحة خاصة بي بالكامل، لكنني لن أستطيع أبداً تحمل أقساط الرهن العقاري كما هي الآن". في الواقع، هي تفكر في استخدام الأموال التي ادخرتها للدفعة المقدمة لدفع مبلغ كبير للإيجار مقدماً بدلاً من ذلك. تقول: "لا أحد ممن أعرفهم يعتقد أنه سيمتلك منزلاً يوماً ما. في الواقع، يعاني كثر منهم في مجرد الاستئجار في الوقت الحالي. انتقل كثر من أصدقائي للعيش مع والديهم أو أفراد عائلاتهم مثلي. لذلك، حتى الاستئجار هو حلم، ناهيك بامتلاك عقار".
* جرى تغيير الاسمين
© The Independent