Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورقة إسرائيل الأخيرة لتهجير سكان شمال غزة

فرض الجيش حصاراً على المنطقة ومنع تدفق الغذاء والدواء والوقود

الطائرات الإسرائيلية نسفت البيوت فوق رؤوس قاطنيها (أ ف ب)

ملخص

بعد فرض حصار كامل على شمال غزة بدأت إسرائيل تقتل سكان المنطقة بالجملة لدفعهم للهجرة بصورة قسرية، هذا اختصار ما يحدث في الشمال.

في طلعة جوية واحدة دمرت الطائرات الإسرائيلية المقاتلة مربعاً سكنياً كاملاً في بيت لاهيا شمال غزة، ونسفت البيوت فوق رؤوس قاطنيها، وعلى رغم ذلك فإن السكان المدنيين هناك رفضوا إخلاء منازلهم والهجرة نحو المنطقة الإنسانية كما تأمرهم تل أبيب وتحاول إجبارهم على ذلك.

من دون إنذارات سابقة، أغارت الطائرات الإسرائيلية المقاتلة على مربع سكني مأهول بالمدنيين في بيت لاهيا يتكون من 25 منزلاً، وقصفت المكان بقنابل قوية لها قدرة تدميرية هائلة، وتسببت الغارات المفاجئة في تحويل بيت لاهيا إلى كومة ركام كبيرة تدفن تحتها جثث الفلسطينيين.

قتل بالجملة

تقول أمل طومان إنها سمعت صوت الانفجارات من بعد ثلاثة كيلومترات ولم يسبق لها أن سمعت غارات مشابهة ما يوحي بأن الجيش يستخدم أسلحة غريبة وقوية، ويهدف من ذلك إلى دب الرعب في قلوب سكان المنطقة لإجبارهم على الهجرة إلى جنوب القطاع.

قتل في القصف العنيف المروع نحو 130 فلسطينياً وفقدت آثار 98 آخرين، فيما أصيب عشرات، وهذه ليست أول مجزرة ترتكبها إسرائيل في شمال غزة، إذ قتلت الجيش قبل يوم واحد 33 مدنياً و21 امرأة وأصيب 85 آخرون في قصف جوي على مخيم جباليا أيضاً في الشمال.

تعتقد أمل أن القصف الذي يطاول البيوت ويقتل المدنيين وهم داخل منازلهم هدفه تهجير سكان شمال غزة وإخلاء المنطقة بالكامل، ويؤمن جميع سكان الشمال بهذا المعتقد ويفكرون بأن إسرائيل تحاول السيطرة على تلك البقعة ولإفشال مخططها يرفضون الاستجابة لأوامر الإخلاء.

لم يأت اعتقاد أمل وسكان شمال غزة من فراغ، إذ بعد القصف الجوي المروع للغاية على بيت لاهيا، أرسل الجيش الإسرائيلي طائرات مسيرة من نوع "درون" تبث رسائل صوتية تطلب من سكان تلك المنطقة مغادرتها على الفور والتوجه نحو الجنوب.

قصة ما يحدث في شمال غزة

في الواقع وراء تلك الأحداث قصة طويلة بدأت فصولها في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، عندما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء مرحلة جديدة في حرب القطاع، وخصصها إلى شمال غزة.

 

 

وهنا يجب الإشارة إلى أن محافظة شمال غزة تختلف عن النصف الشمالي للقطاع، إذ تعد محافظة شمال غزة جزءاً صغيراً من النصف الشمالي للقطاع، ومنها انطلقت حركة "حماس" لتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر 2023.

تقع محافظة شمال غزة قرب إسرائيل، وهي منطقة صغيرة المساحة لا تتجاوز مساحتها 61 كيلومتراً مربعاً، وكان يسكنها قبل السابع من أكتوبر نحو 27 ألف نسمة، وتضم بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومخيم جباليا وبعض القرى والأحياء الصغيرة.

أوامر إخلاء

في السادس من أكتوبر الجاري أمرت إسرائيل سكان شمال غزة الإخلاء الفوري والتوجه نحو جنوب القطاع، وأعلنت أن الهدف من ذلك هو منع حركة "حماس" من إعادة تأهيل نفسها وعلى الفور بدأت القوات في تنفيذ عملية عسكرية في المنطقة.

منذ فترة طويلة يسود عند سكان شمال غزة اعتقاد بأن إسرائيل تخطط للسيطرة على أراضيهم، ولذلك عادت إلى منطقتهم للقتال من جديد وطلبت منهم الإخلاء، يقول رافي السيد "تحاول إسرائيل تحويل مناطقنا إلى بؤرة عسكرية وربما تصبح منطقة عازلة أو حدودية أي تنقل تل أبيب السياج الحدودي الجديد لها".

وتقول أزهار حمودة "قرأت خطة الجنرالات، فهمت أنها محاولة لإفراغ شمال غزة من السكان وتحويل المنطقة إلى حدود جديدة، هذا مخطط خطر يجب إفشاله، ولعدم تنفيذه يجب البقاء هنا، لن تستطيع إسرائيل قتلنا جميعاً".

السيطرة على شمال القطاع

يرفض سكان شمال غزة الذين يقدر عددهم اليوم حوالى 200 ألف نسمة النزوح من مناطق سكنهم، ويعتقدون أن عدم مغادرة منازلهم سوف يفشل مخطط إسرائيل في السيطرة على شمال القطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن إسرائيل سعت عبر وسائل مختلفة إلى إجبار المدنيين في شمال غزة على النزوح، يشرح مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "منعت تل أبيب تدفق المؤن والغذاء والماء والدواء وأدوات النظافة والوقود إلى شمال غزة".

ويقول الثوابتة "فرض الجيش حصاراً مطبقاً، ويعتقد أن ثمار هذا الخناق سوف تأتي نتائجها بمجرد انتهاء الغذاء من بيوت السكان، وبعد ذلك أوقف تدفق الدواء للمستشفيات ثم منع الوقود عن المرافق الصحية، هذه الظروف لن يتحملها إنسان وبعد أيام سوف يغادر إلى منطقة فيها حياة".

طلبت إسرائيل من مستشفيات شمال غزة (العودة والإندونيسي وكمال عدوان) الإخلاء وإلا القصف، وعلى رغم هذه الظروف لم تغادر سوى سبع عائلات محافظة الشمال، أي متوسط 30 فرداً نزحوا إلى مدينة غزة وليس إلى الجنوب.

عمليات قتل 

فشل النتائج المتوقعة من الحصار دفع الجيش الإسرائيلي إلى مواصلة عمليات القتل والتدمير، إذ يجري في شمال غزة عمليات عسكرية واسعة ومستمرة على مدار الساعة منذ 15 يوماً، ويؤمن سكان تلك المنطقة أن هدف تلك العمليات هو دفعهم للتهجير.

يقول المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل "كل ثانية نسمع انفجارات، الدبابات تطلق قذائف والطائرات المروحية تطلق نيراناً، والطائرات المسيرة تقصف التجمعات البشرية، والطائرات المقاتلة تدمر المنازل، حتى أن الجيش أصبح يستخدم روبوتات مفخخة".

خلال خمسة أيام قتلت إسرائيل أكثر من 400 فلسطيني في شمال غزة، واقتحم الجنود مراكز إيواء اعتقلوا منها الشباب ورحلوا النساء وقصفوا منازل فوق رؤوس ساكنيها ودمروا الأسواق ومخازن الطعام، لكن سكان شمال غزة رفضوا الإخلاء.

يقول أشرف الكفارنة "نفهم ما يفعله الجيش إنه يمارس الإبادة في حقنا ويرهبنا بالموت من أجل النزوح، هذا لن يحدث إذا تركنا بيوتنا لن نعود إليها، نفضل الموت شمال غزة على أن ننزح، لن تستطيع إسرائيل قتلنا جميعاً".

ممارسات إبادة وتهجير قسري

تصف الأمم المتحدة ما يحدث في شمال غزة بأنه أهوال تفوق الوصف، ويقول مدير عام أونروا فيليب لازاريني "تم محو شمال غزة من الخريطة، ما يطلبه الجيش الإسرائيلي ليس إخلاء وإنما تهجير قسري، أفعال الموت المروعة تؤكد ذلك".

 

 

ويضيف "لا ينبغي إجبار المدنيين على الفرار لتلقي المساعدات، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تندرج في نطاق الإبادة الجماعية، لكن ما يحدث في شمال غزة إبادة جماعية هدفها ترهيب الناس لتهجريهم".

ذكرت نحو 55 منظمة دولية أن ممارسات إسرائيل في شمال غزة تندرج تحت الإبادة الجماعية وهي وسيلة الجيش لترهيب المدنيين وإجبارهم على النزوح الذي يصنف بأنه هجرة قسرية تخالف القانون الدولي.

يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري "أمرنا بعمليات إخلاء جديدة في منطقة بيت لاهيا لأنها منطقة قتال خطرة، وعلى رغم ذلك نستخدم الأسلحة وفق نطاق قوانين الحرب وأبلغنا جنودنا بأهمية الحد من الأضرار على البنى التحتية البشرية والطبية".

ترفض إسرائيل التعليق على الإبادة الجماعية وعلى الهدف من تهجير سكان شمال غزة، وكذلك تتحفظ على الإجابة عن أي أسئلة لها علاقة في تنفيذ خطة الجنرالات التي تهدف إلى تحويل تلك المنطقة لثكنة عسكرية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير