Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا بعد الانتخابات... كل الطرق تؤدي إلى العنف

نظرية مؤامرة استبدال الأقليات والمهاجرين الجدد بالسكان البيض في الولايات المتحدة أبرز الأسباب

يخشى أميركيون من تكرار أحداث الكابيتول في 2021 حال خسارة ترمب (رويترز)

ملخص

مع الجمود في استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقارب شديد بين دونالد ترمب وكامالا هاريس وارتفاع التشكك في الانتخابات فإن النهاية الفوضوية والعنيفة والمثيرة للجدل للانتخابات الرئاسية الأميركية تظل احتمالاً حقيقياً للغاية.

على بعد أيام معدودة من أكثر الانتخابات الرئاسية تقارباً في تاريخها، تواجه الولايات المتحدة شبح العنف السياسي مجدداً، فقبل أسابيع قليلة نجا الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب من محاولتي اغتيال في وقت تتشكل فيه مظاهر مقلقة حول ما يمكن أن يحدث خلال يوم الاقتراع وما بعد الانتخابات. ومع المنافسة المتقاربة للغاية والنتيجة التي يتوقع أن تكون محل نزاع يزيد خطر عدم الاستقرار السياسي والعنف، إذ نبذ بعض أنصار ترمب نظام الانتخابات وهددوا باستخدام القوة لإعادته إلى السلطة إذا لم يفز بالانتخابات.

في مقابل ذلك، أكدت نسبة من معارضي ترمب أن القوة مبررة لمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض، فما سيناريوهات العنف السياسي خلال وعقب الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري؟ وما دوافعه وتحدياته وإمكانية احتوائه؟

أجواء مقلقة

مع الجمود في استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقارب شديد بين دونالد ترمب وكامالا هاريس، وارتفاع التشكك في الانتخابات، فإن النهاية الفوضوية والعنيفة والمثيرة للجدل للانتخابات الرئاسية الأميركية تظل احتمالاً حقيقياً للغاية، إذ يعني الاستقطاب الشديد أن ما يقارب نصف الناخبين الأميركيين ربما يشعرون بعدم الرضا عن نتيجة الانتخابات عندما يخسر مرشحهم المفضل، وربما تترجم هذه المشاعر إلى عنف مثلما حدث في الهجوم على مبنى الكونغرس عام 2021 أو عبر سلسلة من الهجمات على الشخصيات السياسية مثلما حدث مع ترمب.

وأثارت عمليات حرق بعض صناديق الاقتراع في ولايتي أوريغون وواشنطن غرب الولايات المتحدة مخاوف من أن تكون تلك العمليات مؤشراً إلى مزيد من الأخطار القادمة، وهو ما يفسر تجهيز حاكم ولاية واشنطن بعض أفراد الحرس الوطني استعداداً للتدخل. كما فجرت ادعاءات ترمب في شأن تزوير الانتخابات بولاية بنسلفانيا مخاوف من أنه قد يحاول مجدداً قلب نتائج الانتخابات إذا لم ينجح، بخاصة أنه أعلن مراراً أنه لن يقبل نتيجة التصويت إذا لم يفز بها.

وفي العاصمة الأميركية واشنطن أحاطت السلطات الأمنية البيت الأبيض بأكثر من سياج أمني، وعززت المحال التجارية في محيط المكاتب الفيدرالية الحكومية من احتياطاتها الأمنية، عبر تركيب ألواح خشبية كحواجز حماية في حال اندلعت تظاهرات عنيفة محتملة في العاصمة عقب إعلان النتائج.

اتجاهات مفزعة

وترافقت هذه الأجواء مع اتجاهات مفزعة عبر تطبيقات ومواقع الدردشة على الإنترنت تعكس الأنماط التي لوحظت في الفترة التي سبقت انتخابات 2020 وهجوم الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021، حين زاد الخطاب العنيف المتعلق بإنكار الانتخابات بـ317 في المئة على منصة "تيليغرام"، و105 في المئة على منصة "غاب"، و25 في المئة على "كميونيتيز وين"، و75 في المئة عبر مجتمعات "فيديفرس"، وفقاً لتقرير المشروع العالمي ضد الكراهية والتطرف الذي رصد المستخدمين على هذه المنصات ينخرطون في خطاب عنيف بإنكار الانتخابات لتبرير الدعوات إلى العنف، بما في ذلك الدعوات إلى حرب أهلية حتمية وإطلاق النار لقتل أي ناخب غير شرعي.

 

 

واتهم المستخدمون على منصة "غاب" المحتالين المفترضين في الانتخابات بالخيانة، ودعوا إلى تشكيل فرق إعدام لهم أو أشاروا إلى حبل المشنقة، بينما أطلق آخرون دعوات على المنصة للإعدام العلني لجميع المنخرطين في احتيال الناخبين، وإطلاق النار على المسؤولين المنتخبين الذين تم وصفهم بالخونة، إلى جانب نظريات المؤامرة المعادية للسامية.

عنف سياسي محتمل

وتخيل المستخدمون على "كميونيتيز وين" وهي عبارة عن مجموعة من المنتديات التي حُظرت من "ريدت" بسبب خطاب الكراهية عام 2020، أن هناك حرباً أهلية ستندلع قريباً، مدعين أن الديمقراطيين لن يتخلوا عن السلطة وأن الانتفاضة العنيفة ضرورية من أجل تحقيق "الصحوة العظيمة"، وهو مفهوم روجت له سابقاً حركة "كيو آنون" التي تروج لنظرية المؤامرة.

في الوقت نفسه ارتدى بعض العاملين في مراكز الاقتراع سترات واقية من الرصاص، بعدما حذرت فيه "مبادرة جسر الانقسامات" في جامعة برينستون هذا الأسبوع من أنه قد يكون هناك ارتفاع محتمل للعنف السياسي في أثناء وأعقاب الانتخابات، مع احتمال مراقبة صناديق الاقتراع من قبل مجموعات تسمي نفسها "مراقبو الاقتراع" وهي جماعات يمينية مؤيدة لترمب ذات عقلية المؤامرة، وسبق أن نشرت روايات كاذبة عام 2020 حين زعمت أن الديمقراطيين أرسلوا قاطرات كهربائية صغيرة لإسقاط آلاف الأصوات غير القانونية في الصناديق المخصصة للتصويت بالبريد بهدف سرقة الانتخابات من المرشح الجمهوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذرت المبادرة من أن تهديدات نشاط المراقبة عادت إلى الظهور على الإنترنت خلال حملة 2024، وشهدت ولايات مثل أريزونا وويسكنسن إصدار قوانين تقلل من القيود المفروضة على مراقبة المتطوعين، مما يفتح الطريق أمام ترهيب الناخبين المحتملين بحسب المبادرة.

نظرية الاستبدال العظيم

وعلى رغم وجود أسباب عديدة للعنف السياسي المرتبط بالانتخابات، ومن بينها شدة الانقسام السياسي وتخوين الآخر، والاتهامات السامة بين المرشحين التي تجاوزت الخطوط الحمر، فإن أبرز أسباب العنف السياسي كان مدفوعاً بنظرية مؤامرة الاستبدال العظيم التي تزعم أن هناك جهداً منظماً لاستبدال الأقليات والمهاجرين الجدد بالسكان البيض في أميركا.

ومن بين الأدلة على ذلك أن مطلق النار الذي أودى بحياة 11 يهودياً في كنيس شجرة الحياة اليهودي في بيتسبرغ عام 2018 كتب في بيان أنه كان مدفوعاً بنظريات المؤامرة حول نظرية الاستبدال العظيم، التي تفسر بصورة سيئة الإحصاءات الرسمية بأن البيض الأميركيين الذين شكلوا 77 في المئة من سكان البلاد عام 1990 أصبحوا الآن يمثلون 61 في المئة فحسب، على أنه جهد منظم لاستبدال الأقليات والمهاجرين بهؤلاء السكان البيض.

ويفسر تصاعد عدد الأشخاص المصممين من اليمين الأميركي على وقف هذا التحول وربما عكسه، سبب صعود دونالد ترمب ولماذا أصبحت قضية الهجرة تحت رعايته قضية مهيمنة على رأس أجندته السياسية، وفي الوقت نفسه يتزايد عدد الأشخاص المصممين على اليسار الذين يريدون الاستمرار في تسريع تغيير الولايات المتحدة إلى ديمقراطية متعددة الأعراق.

ومع تصاعد الاستقطاب السياسي، أشارت استطلاعات للرأي إلى أن ستة في المئة من الجمهور الأميركي أي ما يعادل 15 مليون شخص يؤيدون استخدام القوة لإعادة ترمب إلى الرئاسة، فيما يؤيد ثمانية في المئة أي ما يعادل 21 مليوناً استخدام القوة لمنع ترمب من أن يصبح رئيساً.

تاريخ من العنف

فيما كان السادس من يناير عام 2021 حدثاً غير مسبوق في الولايات المتحدة مع اقتحام حشد من مؤيدي ترمب مبنى الكابيتول لمنع التصديق على الانتخابات، بدا أن الأميركيين ألفوا أعمال العنف السياسي من قبل التي تعود إلى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حين ظهرت على الساحة السياسية أحداث تشبه ما حدث على مدى السنوات السبع أو الثماني الماضية.

وعلى سبيل المثال، اغتيل الرئيس الأميركي جون كينيدي عام 1963 وبعد خمسة أعوام اغتيل شقيقه روبرت كينيدي الذي كان مرشحاً بارزاً للرئاسة الأميركية، فضلاً عن اغتيال داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، وفي سبعينيات القرن الـ20 شهدت البلاد تفجيرات الأناركيين الفوضويين، وكانت آخر محاولة اغتيال لرئيس أميركي هي محاولة رونالد ريغان في عام 1981، وقبل ذلك بأكثر من نصف قرن، شهد المجتمع الأميركي قدراً هائلاً من العنف في الجزء الأول من عشرينيات القرن الـ20، وهو عصر صعود جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية التي زاد عدد أعضائها من بضع مئات الآلاف إلى 6 ملايين.

تأثير ترمب

وبحسب مدير مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات في جامعة شيكاغو روبرت بيب، فإن ترمب هو السبب والعرض في الوقت نفسه، إذ صعد بقوة وبسرعة إلى قمة السياسة الأميركية وما زال يفاجئ الناس، وكان ضحية لمحاولتي اغتيال، ومن المرجح أن يكون هناك تأثير الالتفاف حوله بعد هذه المحاولات، بخاصة أن عديداً من أنصاره يرون أن الرئيس السابق تلقى رصاصة من أجل أميركا، وهو ما غير موقفهم.

 

 

ويبدو أن ترمب أصبح جزءاً أعمق من فكرة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، إذ يقرأ بعض الناس هذا الشعار فيعتقدون أنه يعني منع تحويل الولايات المتحدة من دولة ذات غالبية بيضاء إلى دولة ذات غالبية متعددة الأعراق، وفقاً لروبرت بيب.

إلى أين تتجه أميركا؟

بغض النظر عمن سيفوز، من المتوقع أن تستمر مشكلة الشعبوية العنيفة لسنوات عدة، وربما تتفاقم قبل أن تتحسن، لكن في نهاية المطاف، ستتجه نحو هبوط أكثر ليونة بعد فترة تراوح ما بين ثمانية إلى 10 أعوام بحسب بعض التقديرات، ولكن الأمر لن ينتهي في الخامس من نوفمبر الجاري، ففي حين أنها ليست حرباً أهلية أو شعبوية عادية، إلا أنه يمكن وصفها بالشعبوية العنيفة، ذلك أن الأمر لا يقتصر على يوم الانتخابات نفسه، عندما اعتاد الناس على القلق في شأن المشاجرات والقتال في الدوائر الانتخابية المحلية، بل يمتد إلى ما بعد ذلك أثناء فرز الأصوات وتصديقها، وهو ما يثير القلق مرة أخرى من أن العنف السياسي يشكل وسيلة لتجنب الخسارة بالنسبة إلى الخاسرين في الانتخابات.

وربما يكون من المفيد أن يجتمع حكام الولايات المتأرجحة نيفادا وأريزونا وويسكنسن وميشيغان وبنسلفانيا ونورث كارولاينا وجورجيا من أجل إصدار بيان مشترك يدين العنف السياسي، ومن أجل المساعدة في الحد من خطر العنف السياسي وصب الماء على النار قبل وقوع أي عمل من أعمال العنف.

المزيد من تقارير