Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الأقليات التي قد تحسم الفوز بانتخابات أميركا؟

يشكل المهاجرون قوة كبيرة في الولايات المتحدة لكن لم يسبق أن كان لهم تأثير في الاقتراع بمثل زخم هذا العام، بما في ذلك العرب الذين ظلوا لعقود بلا أثر يذكر في السباقات الرئاسية

ملخص

وتشير أرقام لمسح المجتمع الأميركي في 2022 إلى تشكيل المهاجرين (المجنسين) رقماً كبيراً نسبياً، فمن بين كل 10 مواطنين أصليين يوجد واحد مهاجر مؤهل للتصويت، إلا أن تركيبة المجتمع الأميركي تصنف عدداً من المواطنين الأصليين بين الأقليات التي تشكل عادة تكتلات استثنائية، مثل اليهود أو السود الأميركيين.

في الولايات المتحدة تتنوع الأقليات العرقية والدينية التي يمكن أن تؤثر بصورة حاسمة في نتائج الانتخابات، خصوصاً في الولايات المتأرجحة، بسبب الاستقطاب الحاد بين أطراف المجتمع الأميركي، الذي جعل أكثر الناس تندفع نحو ميولها العاطفية أكثر من برنامج المترشحين.

فلم يبق إلا نسب ضئيلة جداً لم تحسم مواقفها، إذ تشير التقارير والاستطلاعات إلى أن الأقليات ربما شكلت أكثر تلك الشرائح المترددة، بدليل أنها تتركز في بعض الولايات المعروفة بـ"المتأرجحة"، أي أنها ليست محسومة سلفاً لهذا لأي من الحزبين المتنافسين، الديمقراطي والجمهوري.

1 من كل 10 أميركيين مهاجر

وتشير أرقام لمسح المجتمع الأميركي في 2022 إلى تشكيل المهاجرين (المجنسين) رقماً كبيراً نسبياً، فمن بين كل 10 مواطنين أصليين يوجد واحد مهاجر مؤهل للتصويت، إلا أن تركيبة المجتمع الأميركي تصنف عدداً من المواطنين الأصليين بين الأقليات التي تشكل عادة تكتلات استثنائية، مثل اليهود أو السود الأميركيين.

أما تأثير تلك الأرقام في الانتخابات الحالية فهو كبير بحسب تحليل مركز بيو الأميركي للأبحاث، الذي لاحظ في تقرير له نشر في سبتمبر (أيلول) الماضي أن "حصة المواطنين المجنسين من الناخبين تتركز بصورة كبيرة في بعض الولايات التي تشهد معركة حامية الوطيس في انتخابات عام 2024، وتعتبر ولايات أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وبنسلفانيا وويسكونسن من بينها، وتختلف حصة الناخبين المؤهلين من المواطنين المجنسين بصورة كبيرة عبر هذه الولايات".

ووثق أن في ولايتي نيفادا وأريزونا "يشكل المواطنون المجنسون 14 في المئة وتسعة في المئة من إجمالي الناخبين المؤهلين على التوالي، ويمثلون سبعة في المئة من الناخبين المؤهلين في جورجيا، ونحو خمسة في المئة في كل من بنسلفانيا وميشيغان، بينما في ويسكونسن لا يشكلون سوى ثلاثة في المئة من الناخبين".

بالنظر إلى الأعداد الإجمالية، فإن الناخبين من المواطنين المجنسين في جورجيا هم الأكبر بين هذه الولايات المتأرجحة، إذ يبلغ عددهم 574 ألفاً، في حين أن ولاية بنسلفانيا ليست بعيدة منها إذ يبلغ عددهم 546 ألفاً.

أصوات قليلة الشأن تصنع فوزاً عظيماً

ولهذا لفتت "فاينشال تايمز" البريطانية في هذا الصدد إلى أن "خسارة دعم العرب الأميركيين - مهما قل شأنها - في ميشيغان وغيرهم من المستائين من موقف هاريس في الشرق الأوسط قد تلعب دوراً حاسماً، ففي فبراير (شباط) الماضي اختار نحو 100 ألف ديمقراطي من أبناء ميشيغان خانة ’غير ملتزم‘ عوض التصويت للرئيس جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية التمهيدية احتجاجاً على حرب غزة".

وتقدر الصحيفة أنه في حال "منيت هاريس بمثل هذه النتيجة في الانتخابات الرئاسية من من دون أن تفوز بأصوات في أماكن أخرى، قد تميل الكفة لصالح ترمب، وكان خسر ميشيغان أمام بايدن بـ154 ألف صوت في 2020".

ويقول المختص في الشأن الأميركي خالد حبش، وهو سعودي مقيم في جورجيا منذ نحو 20 عاماً، "إننا لم نشهد للأقليات هذا التأثير الذي صار ماثلاً هذا العام، لدرجة تنافس المرشحين في آخر الأيام على أصواتهم"، إلا أنه يرى أن العرب هم الأقل بين التكتلات، "لكنهم مع ذلك في ميشيغان حيث تركزهم يمكن أن يحدثوا فارقاً، أما المسلمون فلم يرتبوا صفوفهم بعد بما يكفي لاعتبارهم أقلية واحدة مترابطة لصوتها وزن قائم بذاته"، غير أن ذلك لا يعني أنهم غير فاعلين في الانتخابات القائمة، بل توزعهم بين التكتلات العرقية ربما أعطى لحضورهم زخماً أكبر، "فهم مثلاً في بنسلفانيا لديهم اتصالات قوية بين أوساط الأقلية الهندية الآسيوية هناك"، باعتبارهم جزءاً منها.

حبش يعتبر مع ذلك أن العامل الذي يرجح أنه الأكبر في حسم انتخابات هذه الجولة "مجتمع النساء، فموقفهن المناهض لترمب جعل شرائح واسعة منهن في ميل مشاهد إلى منافسته كامالا".

وتؤكد المحللة في مركز بيو للأبحاث أن الإحصاءات الرسمية تفيد بأن "البلدان الرئيسة التي ينحدر منها المواطنون البالغون المجنسون في الولايات المتحدة هي المكسيك والهند والصين والفيليبين وفيتنام. وينحدر نحو 3.7 مليون مهاجر مؤهلين للتصويت في الولايات المتحدة (15 في المئة) من المكسيك، وبذلك هي أكبر مجموعة من أي بلد. وأقرب كتلة إليها هي الهند بواقع  (ثمانية في المئة) والصين (سبعة في المئة) والفيليبين (ستة في المئة) وفيتنام (أربعة في المئة)، بوصفها قائمة البلدان الرئيسة الخمسة التي ينحدر منها المواطنون المجنسون".

ومن اللافت كذلك في هذا السياق أن المجنسين حديثاً أكثر حماسة للمشاركة بأصواتهم من السابقين، مما يعطي للأقليات قيمة أكبر. وهو اتجاه يفسر حرص الديمقراطيين على تسريع وتيرة تجنيس أكبر عدد قبل الاستحقاق، بحسب ما أعلن بايدن، ولو كان ذلك لاعتبارات حقوقية وأمنية.

خريطة الأقليات في أميركا

وتشير البيانات المفتوحة التي تتيحها مصادر متنوعة، بما فيها "الذكاء الاصطناعي"، إلى أن الأقليات في واشنطن يمكن تصنيفها إلى أربعة تشكيلات رئيسة، هي:

اللاتينيون: ويشكلون إحدى أكبر الأقليات، بنسبة تصل إلى نحو 19 في المئة من إجمالي السكان الأميركيين، وغالبية هذه الفئة من أصول مكسيكية، لكن توجد مجتمعات كبيرة من أصول بورتوريكية وكوبية وسلفادورية. تتمتع هذه المجموعة بتأثير كبير في ولايات مثل تكساس وكاليفورنيا وفلوريدا وأريزونا، إذ يمكن لصوتهم أن يميل الكفة لصالح مرشح معين.

أصول أفريقية: يشكلون نحو 12 إلى 13 في المئة من السكان، وهم أساس قوي للدعم الديمقراطي في ولايات مثل جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا. تاريخياً يلعب المجتمع الأفريقي - الأميركي دوراً مهماً في الانتخابات الرئاسية، خصوصاً في المدن الكبرى.

الآسيويون: نسبتهم نحو سبعة في المئة من السكان، ويزداد نفوذهم بصورة كبيرة، خصوصاً في ولايات مثل كاليفورنيا وهاواي، إضافة إلى مناطق حضرية في نيويورك ونيوجيرسي، تضم هذه الفئة مهاجرين من الصين والهند والفيليبين وفيتنام وكوريا.

شرق أوسطيون: على رغم أن نسبتهم أصغر إلا أن لهم تأثيراً متزايداً، خصوصاً في ولايات مثل ميشيغان (ديربورن)، إذ توجد واحدة من أكبر الجاليات العربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أقليات خلف الستار

الأقليات العرقية تلعب دوراً متزايداً في تحديد نتائج الانتخابات الأميركية، إذ تركز الحملات الانتخابية بصورة متزايدة على قضايا تهم هذه المجتمعات، وهناك الأقليات الدينية التي تدخل ضمن نسيج هذه العرقية والديمغرافية، ومن أبرزها "اليهود والمسلمون والمسيحيون المتدينون من أصول لاتينية والبوذيون".

ويخلو الدستور الأميركي الحالي من أية إشارة إلى الله أو المسيحية، كما تضمن مادة تشدد على أنه لا يجوز للكونغرس أن يشرع قانوناً يضفي صفة رسمية على دين بعينه أو يمنع حرية ممارسته، بوصف ذلك "جداراً يفصل الكنيسة عن الدولة"، وفقاً لما نقلت "بي بي سي" عن الزعيم الأميركي المؤسس توماس جفرسون "لكن هذا الفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة لم يحل دون التداخل الكبير - في بعض الأحيان - بين الدين والمجتمع بما يشمل السياسة"، ولذلك يحاول المرشحون التقرب لهذه الشريحة، أو عدم استفزازها في أحسن الأحوال، على رغم الانتشار الواسع لأيدولوجية اليسار المناهضة للدين.

في الشق الآخر يرى الباحث في الشأن السياسي باسل الحاج جاسم أن "بعضهم يعتقد أن تأثير الأقليات لا يزال محدوداً مقارنة بالقاعدة الانتخابية الأوسع، وأن الانقسامات داخل الأقليات نفسها قد تحد من تأثيرها الموحد"، إلا أنه يعود في حديثه مع "اندبندنت عربية" للاستدراك بأن ذلك "لا يعني إنكار أن الأقليات أصبحت بالفعل جزءاً أساسياً من المعادلة الانتخابية، وأن أصواتها لها القدرة على إحداث فرق في النتائج النهائية، خصوصاً في الولايات المتأرجحة التي تعد ضرورية للفوز في المجمع الانتخابي".

وخلص إلى أن الأقليات تلعب دوراً متزايد الأهمية، وقد تكون عاملاً حاسماً في انتخابات 2024، بالنظر إلى التغيرات السكانية والتوزيع الجغرافي والجهود التي تبذلها الأحزاب السياسية لكسب ودهم ودعمهم.

هاريس هبة الأقلية

وقد يكون انتماء المرشحة هاريس إلى الأقليتين الرئيستين (السود واللاتين)، بوصف ذلك بين عناصر قوتها الكبرى، واحداً من المؤشرات اللافتة إلى تصاعد شأن الأقليات في بلاد العم سام. وإذا صح أن الأقليات هي التي بيدها مفاتيح البيت الأبيض في هذا الموسم الانتخابي، فإن ابنة الأقليات هاريس قد تكون الأوفر حظاً باختيارها.

هذا على رغم أن تجربة المنطقة العربية مع سلفها أوباما المنحدر من الأقلية كذلك كانت مخيبة على مستوى السياسة الخارجية، لكن هموم الداخل صاحبة الكلمة الفصل، وهي التي كانت تقف على قمة هرمها بالنسبة إلى الأقليات دوماً (الهجرة)، وظلت ورقة الديمقراطيين الرابحة في تجديد دماء الشعب، وغول الجمهوريين التي يلوحون بها للتخويف من غزو الغرباء.

المزيد من تحلیل