Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

​هل باتت "الفاشر السودانية" عصية السقوط أمام "الدعم السريع"؟

تتركز الاشتباكات في الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من المدينة بوتيرة أكثر عنفاً والفرار مصير المدنيين

تواصل الاشتباكات العسكرية في مدينة الفاشر بولاية دارفور   (رويترز)

ملخص

يرى مراقبون أن ميليشيات "الدعم السريع" تتبع حملة إعلامية دعائية مكثفة مصاحبة لاستهدافها للفاشر، إذ تحاول إظهار سقوط المدينة، أو أنها على وشك السقوط، فهذه الحملة جزء من الحرب النفسية لها، بينما تشير كل المعطيات الميدانية إلى خسران القوات المتمردة لكل مراحل خططها للاستيلاء على المدينة.

تشهد مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور منذ مايو (أيار) الماضي معارك ضارية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات "الدعم السريع" من أجل بسط السيطرة الكاملة عليها، إذ تتركز الاشتباكات التي تدور حالياً بين الطرفين بوتيرة أكثر عنفاً في الجزء الشرقي والجنوبي الشرقي من الفاشر، مستخدمين فيها جميع أنواع الأسلحة الثقيلة (المدفعية) والمتوسطة والخفيفة، فضلاً عن الغارات الجوية بواسطة الطيران الحربي والمسيرات القتالية والاستطلاعية، مما دفع عشرات المدنيين إلى الفرار إلى قرى ومدن الإقليم المختلفة.

فما حقيقة الموقف العسكري في هذه المدينة، ولماذا تأخر حسم معركتها لأي طرف من الطرفين طوال هذه الفترة، وما السيناريو المتوقع حدوثه؟

​أوضاع مريعة

يرى الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء معتصم عبدالقادر أن "الأوضاع العسكرية في السودان منذ أغسطس (آب) الماضي شهدت تراجعاً واضحاً في قدرات قوات (الدعم السريع) المتمردة، إذ فقدت غالب قادتها الميدانيين في دارفور وكردفان والوسط والخرطوم". ويضيف "خسرت مواقع استراتيجية وحاكمة في ولايتي سنار والخرطوم، كذلك شهدت صفوفها انشقاقات على مستوى قادة عسكريين ومستشارين بإعلانهم الانضمام والولاء للقوات المسلحة السودانية، في حين خرج قائد هذه الميليشيات متوعداً بالخطة (ب) التي اتضحت من خلال تكثيف العمليات في محيط الفاشر واستهداف المدنيين لخلق أوضاع إنسانية مريعة تسمح لحلفائه السياسيين والدوليين تمرير أجندة دولية كانت جاهزة تتمثل في تدخل أممي بحجة حماية المدنيين مما يشكل اعترافاً ورداً لروح الميليشيات المتهالكة". وأضاف "لكن ما حدث من انتهاكات فظيعة للقوات المتمردة في مدن وقرى ولاية الجزيرة، بخاصة الهلالية التي قتل فيها أكثر من 300 شخص خلقت تعاطفاً مع القوات المسلحة التي تحمى وتوفر الأمن للمدنيين في مناطق سيطرتها مقابل الميليشيات التي تنتهك المواطنين في مناطقها".

وأردف عبدالقادر "في تقديري أن غياب العمليات العسكرية الرئيسة في الوسط والخرطوم يعود لعدد العناصر البشرية من مناطق استنفار قوات (الدعم السريع) داخل وخارج السودان عن القدوم لهذه المناطق لشدة الخسائر وغياب القدرات التكتيكية والاستراتيجية لهذه القوات وإنهاكها وقطع خطوط إمدادها وعزلها في جيوب متفرقة، فضلاً عن الانقضاض والاستنزاف المستمر عليها من قبل القوات الخاصة والمدفعية والطيران وهو ما أجبرها على تركيز جهودها لإنجاز أي صورة من الانتصار العسكري وتشكل ذلك بالاستهداف المتواصل لمدينة الفاشر". ويشير إلى "رمزية سقوطها كعاصمة لإقليم دارفور، إضافة إلى أن هنالك متابعة من المجتمع الدولي والمحلي للمعارك فيها مما يعطي هذه الميليشيات دفعة معنوية وسياسية وعسكرية حالة الاستيلاء عليها". وزاد "هنالك أمر يتمثل في حصول قوات (الدعم السريع) على أسلحة وذخائر عبر الحدود والمطارات الترابية طمعاً في حسم معركة الفاشر، بيد أن نزوح المدنيين من هذه المدينة يعطي القوات المسلحة السودانية قيمة تفضيلية تمكنها من استخدام الطيران الحربي والمدفعية، إذ إن قوات الجيش على عكس الميليشيات، من ناحية أنها تضع حسباناً للمناطق التي فيها كثافة المدنيين فهي تشكل عائقاً في عملياتها العسكرية، بينما تستهدف الميليشيات ارواحهم وممتلكاتهم بكل فظاعة ورعونة".

 

وختم الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية بقوله "يلحظ أن هذه الميليشيات تتبع حملة إعلامية دعائية مكثفة مصاحبة لاستهدافها الفاشر، إذ تحاول إظهار سقوط المدينة أو أنها على وشك السقوط، فهذه الحملة هي جزء من الحرب النفسية للميليشيات وأعوانها وكفلائها لضمان استمرار الاستنفار البشري، بينما تشير كل المعطيات الميدانية العسكرية والسياسية والدولية إلى خسران القوات المتمردة لكل مراحل خططها للاستيلاء على الفاشر أو أي مواقع جديدة في البلاد وتبدو نهاية الميليشيات قريبة على كافة الصعد".

​إشاعات وتضليل

في السياق أوضح المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح أحمد حسين مصطفى "أدروب" أن الموقف العملياتي والميداني في مدينة الفاشر يسير بصورة ممتازة، وأن الأوضاع كلها تحت السيطرة من قبل القوات المسلحة السودانية وحلفائها من القوة المشتركة والمقاومة الشعبية وأبطال المدينة".

وعلل "أدروب" تأخر حسم هذه المعركة إلى الخطة الدفاعية التي اتبعتها القيادة العسكرية للجيش طوال الفترة السابقة التي أسهمت في القضاء على القوة الصلبة لميليشيات (الدعم السريع) ومقتل معظم قياداتها الميدانية، منوهاً بأنه ستبدأ قريباً خطة الهجوم وبذلك يتم تنظيف مدينة الفاشر وملاحقة تلك القوات المتمردة في مدن إقليم دافور الأخرى. وواصل أن "ما تلقته "الدعم السريع" ومرتزقتهم من هزائم متتالية خلال الأيام السابقة جعلها تلجأ إلى الإشاعات والدعايات والتضليل الإعلامي بغرض حشد المستنفرين".

وتوقع المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح أن تنتهي أسطورة ميليشيات "الدعم السريع" في كل أنحاء السودان وأن تكون الفاشر نقطة انطلاقة لتنظيف مدن إقليم دافور والمدن السودانية من هذه الميليشيات ومرتزقتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فك الحياد

من جانبه أشار المقدم السابق في الجيش السوداني عبدالعظيم محمد "في رأيي أن معركة الفاشر هي المعركة الحقيقية مع تيار الإسلام السياسي، وأن سقوط الفاشر يفقد الإسلاميين كثيراً من خيوط اللعبة في هذه الحرب العبثية بكل المقاييس". وتابع "المراقب لمجريات هذه الحرب يلحظ أن الإسلاميين من خلال سيطرتهم على مراكز القرار في الجيش تمكنوا من فك حياد الحركات المسلحة، فضلاً عن تحييدهم بعضال قادة من المشاركة في هذه الحرب بواسطة ضباط كبار في الجيش".

وأرجع تأخر حسم المعارك الدائرة في الفاشر لأكثر من ستة أشهر إلى استعانة الإسلاميين بحلفائهم القدامى داخل تشاد بتعطيل وتأخير الإمداد المقبل لـ"الدعم السريع"، إضافة إلى طبيعة الأرض الحاكمة وبعد الفاشر من حواضن المجموعات العربية في الاقليم، إلى جانب مكانة الفاشر التاريخية لدى القبائل الأفريقية (الزنجية) وتجانس قوات الفرقة السادسة مشاة واعتبارها معركة وجودية.

ونوه محمد إلى "تفوق الجيش من حيث إنه في موقع المدافع وامتلاكه الطيران الحربي، لكنه توقع مع تطاول فترة الحرب أن تنهار القوة المشتركة ودفاعات الجيش مع الضغط المستمر من المجموعات العربية، إذ سيُفقِد الإسلاميين كثيراً من خيوط اللعبة وامتداد التهديد لشمال البلاد".

كر وفر

في الاتجاه ذاته يعتقد المستشار الإعلامي لرئيس حركة تمازج السودانية عثمان عبدالرحمن سليمان "أن كل المعطيات والمؤشرات تفيد وتؤكد أن قوا ت (الدعم السريع) على رأس كل ساعة تحرز تقدماً جديداً في ميدان العمليات على صعيد الجبهات المختلفة خاصة جبهة الفاشر".

وأوضح سليمان أنه "من المعروف أن حرب المدن تعتمد على الكر والفر، بالتالي قد تطول لأسباب كثيرة وهذا لا يمنع الحسم العسكري، بخاصة أن قوات (الدعم السريع) تخوض حرباً فرضت عليها من قبل عناصر النظام السابق داخل الجيش ومرتزقة الحركات المسلحة التي أطلقت على نفسها (القوة المشتركة)، لكن ما نود أن نؤكده في ما يجري من اشتباكات بالفاشر هو أن "قوات (لدعم السريع) تعطي أولوية قصوى للمدنيين الموجودين فيها فهي تبذل أقصى ما في جهدها لمنع وقوع خسائر بينهم على عكس (القوة المشتركة) التي سارت على نهج الجيش، إذ باتت لا تفرق بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية".

ولفت المستشار الإعلامي لرئيس حركة تمازج السودانية إلى أنه "على رغم ذلك وبحسب تقديراتنا للموقف العملياتي فإن نهاية معركة الفاشر يلوح في الأفق بكل الأوزان والمقاييس".

المزيد من متابعات