Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

الاقتصاد الليبي يسعى للتحرر من "قبضة النفط" بتعزيز السياحة والزراعة

يرى مختصون أن البلاد بإمكانها "تحقيق قفزة إنمائية بشرط توفر الأمن والاستقرار"

يعتمد الاقتصاد الليبي على أكثر من 95 في المئة من إيرادات النفط (أ ف ب)

ملخص

يتخوف مراقبون من انهيار اقتصاد الدولة الليبية الذي يعتمد على الإيرادات النفطية فقط، إذ تشكل المصدر الرئيس لقوة الشعب الليبي الذي يعاني تأخراً في دفع الرواتب وانهياراً في العملة الوطنية في مقابل بقية العملات الأجنبية.

أكد عضو حراك "الهلال النفطي" سليمان حويج توقف جميع عمليات التصدير في موانئ الهلال النفطي، إضافة إلى ميناء الحريقة والزويتينة، منذ الأربعاء الماضي، مشدداً على أن الحراك لن يسمح بدخول أية ناقلة للتعبئة حتى يتم تنفيذ جميع مطالبهم المتمثلة في نقل إدارة خمس شركات إلى منطقة الهلال النفطي، وهي كل من شركة الواحة والزويتينة والهروج وشركتي السرير والمبروك.

وأمهل حراك "الهلال النفطي" المؤسسة الوطنية للنفط أسبوعين لتنفيذ مطالبهم وإلا فإنه سيتم التصعيد، وشهدت ليبيا عمليات عدة لوقف تصدير النفط كانت آخرها في الثلث الأخير من العام الماضي، تكبدت ليبيا بسببها خسارة تقدر بـ63 في المئة من الإنتاج الكلي للنفط في البلاد، وفق المؤسسة الوطنية للنفط.  


ورقة مساومة

ويستخدم النفط كورقة ضغط سياسية من الفرقاء الليبيين، إذ سبق أن لجأ القطب الشرقي أواخر العام الماضي إلى إغلاق النفط للضغط على القطب الغربي لعدم تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي السابق الصديق الكبير.

ويتخوف مراقبون من انهيار اقتصاد الدولة الليبية الذي يعتمد على الإيرادات النفطية فقط، إذ تشكل المصدر الرئيس لقوة الشعب الليبي الذي يعاني تأخراً في دفع الرواتب وانهياراً في العملة الوطنية في مقابل بقية العملات الأجنبية، مما انعكس سلباً على أسعار المواد الأساسية التي شهدت ارتفاعاً حاداً مقارنة بالأعوام الماضية.

وتعاني ليبيا انقساماً سياسياً وأمنياً واقتصادياً منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، مما أضعف فرص الذهاب نحو انتخابات وطنية تنهي المراحل الانتقالية التي باتت مناخاً ملائماً لنمو الجماعات المسلحة المستفيدة من استمرار الفوضى الحالية التي حالت دون توفر مناخ ملائم لعودة عمل الشركات الأجنبية في ليبيا.

وقال السفير البريطاني السابق لدى ليبيا رئيس مجلس الأعمال الليبي - البريطاني بيتر ميليت إن هناك أخطاراً عدة تواجه الشركات الأجنبية الراغبة في العمل داخل ليبيا، وعلى رأسها المسائل الأمنية إضافة إلى إجراءات النظام المصرفي المعقد. وربط ميليت، في مقابلة صحافية، استقطاب الاستثمارات الخارجية بتحقيق تقدم في مجالات عدة على غرار التوجه نحو إصلاحات اقتصادية.


الزراعة والسياحة

ونصح مدير مشاريع المجلس الأفريقي العربي للاستثمار والتنمية محمد امطيريد بالبحث عن بدائل للنفط لتجنب انهيار الاقتصاد الليبي في ظل عدم تحييد النفط والغاز عن التجاذبات السياسية والأمنية، باعتبار أن الاقتصاد الليبي يعتمد على أكثر من 95 في المئة من إيرادات النفط، مما يجعله هشاً وعرضة للتقلبات العالمية والتجاذبات السياسية الداخلية، وذلك جلي من خلال غلق الحقول النفطية مرات عدة.

وتابع امطيريد في حديث لـ"اندبندت عربية" أن البنك الدولي تحدث عن 60 في المئة من الليبيين الذين يعملون في قطاع النفط و40 في المئة المتبقين في قطاعات أخرى، ولكن مرتباتهم تعتمد على الإيرادات النفطية، ودعا الدولة الليبية إلى الانفتاح على القطاعات الأخرى على غرار الزراعة، فليبيا تتوفر على مساحة شاسعة في باطنها مياه جوفية، مما يجعلها صالحة لزراعة أصناف كثيرة ومتنوعة من المنتوجات الفلاحية على غرار الحبوب الصلبة كالقمح والشعير والعلف والزيتون وغيرها من المواد الغذائية التي ستسهم في أن تصبح ليبيا دولة مصدرة لهذه المواد الغذائية، وطالب بالتركيز أكثر على المشاريع الزراعية لكل من السرير وسرت وأبو الطفل.


وفي الإطار أكد أن الجهاز الوطني للتنمية تمكن من تحديد الدوائر الزراعية في مشروع "الدبوات الزراعي" بوادي الشاطئ على مساحة تقدر بـ4300 هكتار في إطار خطة لإحياء واستحداث المشاريع الزراعية لدعم الاقتصاد الوطني.

وأبرز مدير مشاريع المجلس الأفريقي العربي للاستثمار والتنمية أن القطاع السياحي في ليبيا بإمكانه منافسة إيرادات النفط بشدة لو توفر الأمن في البلد، فليبيا تمتلك شريطاً ساحلياً بطول 1900 كلم مربع، ولديها تنوع سياحي فريد لا يوجد في أية منطقة أخرى على غرار السياحة الشاطئية والسياحة الجبلية والسياحة الصحراوية والسياحة الرياضية والسياحة العلاجية التي تعتمد على المياه الكبريتية المتوفرة بكثرة في ليبيا من شمالها إلى جنوبها.

وقال إن جميع هذه العناصر ستجعل من ليبيا بلداً سياحياً قادراً على الاستغناء عن تهديدات إغلاق الحقول النفطية في كل مرة، وما يحمله من تخوفات على استقرار الإيرادات الاقتصادية التي وضعت قوت الشعب الليبي على المحك، بخاصة أن ليبيا تمتلك عديد المواقع السياحية المسجلة على لائحة التراث العالمي على غرار مدينة شحات الأثرية، ومدينة لبدة الكبرى الأثرية، ومدينة صبراتة الأثرية، وجبال أكاكوس الصخرية ومدينة غدامس القديمة.


الاستزراع السمكي

وطالب امطيريد بانفتاح الدولة الليبية على مشاريع الاستزراع السمكي، المتمثل في تربية الأحياء المائية سواء كانت نباتات بحرية أو أسماكاً في مزارع مائية، بهدف الترفيع في زيادة إنتاج الأسماك بكثرة، وتنويع مصادر الدخل، والقضاء على البطالة.

وقال إن الاستزراع السمكي هو أحد المجالات التي تدخل في قطاع الثروة البحرية، موضحاً أن ليبيا راهنت عليه في فترة حكم الرئيس السابق معمر القذافي تمهيداً لإطلاق عجلة الاقتصاد على غرار عديد الدول منها مصر وتونس.

وتابع أن الدولة الليبية كانت تستثمر في قطاع الاستزراع السمكي بحسب قرار عام 2005 الذي جدد في عام 2009، إذ انتقل بموجبه إنتاج الاستزراع السمكي من 26 ألف طن إلى 47 ألف طن في 2010، وهو أعلى معدل وصلت إليه الدولة الليبية في مجال الاستزراع السمكي لينهار الإنتاج بعد انتفاضة فبراير (شباط) 2011، وتحديداً عام 2014 حين وصل إلى 3.1 طن ثم اضمحل الإنتاج نهائياً.

اقرأ المزيد

الاستثمارات الخارجية

ونوه مدير مشاريع المجلس الأفريقي العربي للاستثمار والتنمية أن الاستثمارات الخارجية قادرة على تغذية الإيرادات الاقتصادية للدولة الليبية، فالبلد يمتلك ما يقارب 120 مليار دولار أميركي كأصول ثابتة موزعة على دول عدة في العالم وبخاصة منها الدول العربية والأفريقية والأوروبية، وأيضاً للدولة الليبية استثمارات في أميركا اللاتينية، مؤكداً أن ليبيا تمتلك استثمارات خارجية في أوكرانيا على غرار مصانع للحبوب الصلبة التي انتهت بالكامل بعد الحرب الروسية - الأوكرانية.

وأضاف أن قيمة الأصول الثابتة تدحرجت من 120 مليار إلى 97 مليار دولار أميركي فقط في فترة حكم رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبدالحميد الدبيبة، موصياً بمتابعة شركة الإسكان الليبية - الأردنية الموجودة في الأردن التي كانت تعمل على إنشاء أحياء سكنية عدة، إضافة إلى الاستثمارات الخارجية الليبية في مصر التي كانت تبلغ 21 مليار دولار أميركي، واليوم لا تعلم عنها ليبيا شيئاً، منوهاً أن جميع المجالات المذكورة سلفاً هي عناصر قادرة على بناء ثورة اقتصادية من دون الرجوع إلى إيرادات النفط نهائياً.

المزيد من تقارير