Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

تفاصيل خطة ماسك لتفكيك الوكالة الأميركية للمساعدات

يعمل الملياردير الأميركي على استهداف هذه الوكالة الإنسانية التي قدمت على مدار  63 عاماً مساعدات دولية حيوية، مما قد يؤدي إلى فوضى في برامج إنقاذ الأرواح التي تنفذها في الخارج، ويترك أثراً كبيراً في موظفيها داخل الولايات المتحدة

احتجاجات أمام مبنى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في واشنطن، ضد قرار إغلاق الوكالة في 3 فبراير (رويترز)

ملخص

بعد تنصيب دونالد ترمب رئيساً، بدأت سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى إعادة تشكيل "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، بما في ذلك فصل الموظفين وتعليق البرامج الحيوية. يقود الملياردير إيلون ماسك الجهود لتقليص تكاليف الوكالة، وهو ما أدى إلى فوضى داخل الوكالة ووقف المساعدات الأساسية لدول عدة.

بدأت رسائل البريد الإلكتروني تتوالى فور تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وكان الغرض منها واضحاً منذ البداية.

فقد أصدر جيسون غراي الذي عينه ترمب قائماً بأعمال مدير "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" USAID، سلسلة من الأوامر للموظفين، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، تهدف إلى إعادة تشكيل الوكالة بصورة جذرية تعكس رؤية الرئيس.

أحد الموظفين وصف الوضع لـ"اندبندنت" بالقول: "لقد تلقينا فيضاً من الرسائل العدائية والتهديدات، وكان الهدف منها على ما يبدو، زرع الخوف في نفوس العاملين".

إحدى الرسائل دعت الموظفين إلى الإبلاغ عن زملائهم الذين عملوا على إخفاء أي جهود تتعلق بالتنوع والمساواة والشمول، كما هددت رسالة أخرى، اطلعت عليها "اندبندنت" من أن إجراءات تأديبية ستتخذ في حق الأفراد الذين يعرقلون أجندة دونالد ترمب "أميركا أولاً" America First.

ثم بدأت عمليات الفصل، بحيث أجبر عشرات من كبار المسؤولين على أخذ إجازات، وجرى الاستغناء عن خدمات مئات المتعاقدين، فيما جرى منع الموظفين المتبقين من الوصول إلى مكاتبهم في مقر الوكالة.

الموظف الذي تحدث مع "اندبندنت" مشترطاً عدم الكشف عن هويته، قال إنه "منذ يوم تنصيب ترمب، بدأ الموظفون يشعرون بمزيج بين الصدمة وعدم التصديق والخوف. ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن الهدف النهائي هو تفكيك المؤسسة".

"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، التي أنشئت قبل 63 عاماً، والمسؤولة عن تمويل خدمات صحية عالمية، وجهود الإغاثة من الكوارث، ومبادرات مكافحة الفقر، تعيش حالاً من الفوضى بعد الهجوم المباشر عليها من إدارة الرئيس ترمب.

تجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً الذي أمر به السيد الجديد للبيت الأبيض، إلى جانب سلسلة تغييرات سريعة وعمليات فصل للموظفين، أدى إلى توقف كامل لعمل الوكالة.

كثيراً ما كانت "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" أداة للدبلوماسية الناعمة، وتتمثل إحدى المشكلات في أن الرئيس دونالد ترمب وأمثاله، لا يبدو أنهم يقدرون القيام بأي شيء ناعم، فهو شخص يعتمد على ممارسة القوة الصارمة.

ستيفاني بلانت، متعاقدة مفصولة من "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"

 

ويقود هذه الجهود قطب الأعمال الملياردير إيلون ماسك الذي يتولى منصباً رسمياً على رأس مجموعة استشارية غير محددة المعالم تسمى "وزارة الكفاءة الحكومية" Department of Government Efficiency، بعدما كان ترمب كلفه مهمة الإشراف على تدابير خفض التكاليف الحكومية.

يشار إلى أن ماسك كان وصف "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" بأنها "منظمة إجرامية"، و"عملية تضليل سياسي من اليسار الراديكالي".

وكانت الوكالة تأسست بموجب قانون صدر عن الكونغرس الأميركي في عهد إدارة الرئيس الراحل جون كينيدي في عام 1961، وهي تضم أكثر من 10 آلاف موظف. وفي عام 2023، أشرفت على عمليات تمويل بقيمة 40 مليار دولار أقرها الكونغرس، وهي تخضع رسمياً لسلطة وزير الخارجية الأميركي.

وفي إجراء فوري، تم تعليق كثير من البرامج التي تقدم مساعدات حيوية من خلال الوكالة، كما تم تجميد أنشطة تقوم بها مثل توفير شبكات الوقاية من البعوض (ناموسيات) لنساء حوامل وأطفال في مالي، وتسليم إمدادات طبية أساسية لعلاج الإسهال الحاد لدى الأطفال الصغار في زامبيا. والآن تواجه مختبرات طبية في قارتي أفريقيا وآسيا، تمولها "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" بهدف الكشف عن حالات شلل الأطفال، خطر الإغلاق المحتمل، في حين ستفقد نحو 150 منظمة محلية تركز على الوقاية من "فيروس نقص المناعة البشرية" HIV الدعم المالي المقدم لها من الوكالة.

 

في نهاية يناير (كانون الثاني)، جرى الاستغناء بصورة غير متوقعة عن خدمات ستيفاني بلانت، وهي متعاقدة مع "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" في بروكلين، وعملت مستشارة بارزة في "مكتب الصحة العالمية" Global Health Bureau، كما تم إنهاء تعاقدات مئات آخرين.

ومنذ ذلك الحين، واجهت بلانت وزملاؤها السابقون صعوبات في الوفاء بالتزاماتهم المادية الأساسية من جهة، وتقييم الأضرار الناجمة عن إيقاف العمل بالبرامج التي عملوا عليها من جهة أخرى.

وتصف بلانت لـ"اندبندنت" الشعور الذي يطغى على الوكالة بالقول: "كان الأمر بمثابة صدمة للنظام برمته، سواء على مستوى الأفراد أو قطاع المساعدات الدولية بأكمله".

وأضافت أن "كثيراً من الموظفات كن في إجازة أمومة أو يعتنين بأطفالهن أو بأقارب مسنين، وهن الآن يواجهن حالة من الذعر داخل أسرهن، ويكافحن في تلبية التزاماتهن المادية".

يضاف إلى ذلك أن إيقاف عمليات الوكالة أجبر عدداً من المتعاقدين معها في الخارج، وبعضهم يعمل في بيئات محفوفة بالأخطار، على العودة لأوطانهم على الفور، فيما أدى قطع الاتصال بين مقر الوكالة وموظفين محليين، إلى حال من الارتباك والبلبلة نتيجة غياب أي توجيهات في شأن ما يتعين عليهم القيام به بعد ذلك.

وتشير ستيفاني بلانت إلى أن "أشخاصاً أجبروا على العودة لبلدانهم بصورة عاجلة. وعمل هؤلاء على إعادة ترتيب مواعيد سفرهم، من دون أن يكون هناك أي وضوح في شأن تغطية تكاليف هذه الترتيبات".

من جهة أخرى، أصيب موظفو "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" والمتعاقدون معها بالذهول بسبب هذا الهجوم المتصاعد عليها. وكان الرئيس الأميركي قال الأحد الماضي إن الوكالة "تديرها مجموعة من المجانين المتطرفين، ونحن نعمل على إخراجهم منها".

أما إيلون ماسك فأوضح أن ترمب يريد في نهاية المطاف إغلاق الوكالة بالكامل، على رغم أن خطوة من هذا النوع تتطلب موافقة الكونغرس الذي يجب أن يصدر قانوناً في هذا الصدد.

إلا أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أبلغ الكونغرس أنه قد يدفع في اتجاه إعادة هيكلة الوكالة أو دمجها في وزارة الخارجية.

وتقول بلانت: "إن إحدى الغايات الرئيسة من هذا العمل، هي معالجة قضايا في مختلف أرجاء العالم، وتقديم الدعم للناس في الدول التي تحتاج إلى المساعدة، لكن من الواضح أن ’الوكالة الأميركية للتنمية الدولية‘ تضطلع أيضاً بدور في الدبلوماسية الناعمة".

وتتابع: "أعتقد أن التحدي الأبرز يتمثل في عدم قدرة دونالد ترمب وحلفائه على القيام بأي شيء يتعلق بالنعومة، فهو شخص يعتمد على ممارسة القوة الصارمة".

يشار إلى أن "الديمقراطيين" دانوا بشدة الخطوة الرامية إلى تفكيك الوكالة، ووصفت السيناتورة إيمي كلوبوشار من ولاية مينيسوتا هذه الجهود بأنها "متهورة وخطرة".

ونبهت في المقابل إلى أن "إلغاء ’الوكالة الأميركية للتنمية الدولية‘ لا يهدف إلى تعزيز الكفاءة الحكومية، بل إلى إضعاف النفوذ العالمي للولايات المتحدة". وأكدت كلوبوشار أن "الوكالة تسهم في مكافحة التطرف، ومحاربة الأمراض، وفتح أسواق جديدة للصادرات الأميركية".

وفي عودة للموظف في الوكالة الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فقد أفاد بأنه وزملاؤه يجدون صعوبة الآن في الوفاء بمسؤولياتهم وتلبية مطالب ترمب.

وختم بالقول: "لقد اعتاد موظفو الوكالة على المشاركة بنشاط في دعم البرامج العالمية، لكن كل شيء توقف الآن. وفي هذه المرحلة، نحن نقبع منتظرين أن نفصل، من دون أن تكون لدينا القدرة على القيام بأي عمل هادف".

© The Independent

المزيد من تقارير