Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

المربع الأول للحرب... لماذا عادت إسرائيل إلى غزة؟

محللون يرون في استئناف القتال فرصة لمفاوضات أسرع أو نهاية الرهائن داخل القطاع

دبابات إسرائيلية تتحرك على حدود غزة وفي الخلفية أحياء كاملة مدمرة بالقطاع (أ ف ب)

ملخص

استبقت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المراحل المقبلة لخطة استئناف حرب غزة التي ستبحثها الحكومة باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في المرحلة الأولى، وفق ما هو معروف بـ"أمر ثمانية".

بمزيد من التهديد والاستيلاء على المناطق وتهجير سكانها الغزيين تكثف إسرائيل حربها على القطاع بعد شهرين من وقف النار على أن تبدأ مطلع الأسبوع الجاري مرحلة جديدة من القتال البري، وفق خطة وضعها رئيس الأركان إيال زامير بموافقة الأجهزة الأمنية وستبحثها الحكومة مساء اليوم السبت.

الخطة التي بدأت بقصف جوي وبحري مكثف سرعان ما انتقلت إلى التوغل البري، الذي أدى إلى إعادة الاستيلاء على محور نتساريم والتوسع نحو رفح وفصل شمال القطاع عن جنوبه بإغلاق شارع صلاح الدين. وبحسب المراحل المقبلة للخطة سيتم تكثيف الوحدات البرية بحيث تنتشر في مواقع واسعة في الوقت ذاته لاستكمال بنك الأهداف وفي مركزها مقار قيادات "حماس" وتقويض قدراتها العسكرية. فوفق تقديرات إسرائيلية فإن لدى "حماس" 20 ألف مقاتل وكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري.

واستبقت المؤسسة العسكرية المراحل المقبلة للخطة التي ستبحثها الحكومة باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في المرحلة الأولى، وفق ما هو معروف بـ"أمر ثمانية". وصدرت التعليمات لمنظومة الدفاع الجوي للاستعداد وأجريت تجارب على منظومات دفاعية بينها أيضاً مدى فاعلية القبة الحديدية.

جبهات متعددة

في أعقاب إطلاق صواريخ من قبل الحوثيين بحثت الأجهزة الأمنية احتمال الانتقام من حرب غزة عبر جبهات أخرى ورفع الجيش حال التأهب والاستعداد في مختلف الجبهات من أقصى جبل الشيخ تجاه سوريا وحتى أقصى الحدود مع لبنان وشرقاً على طول الحدود مع الأردن وفي الجنوب تجاه الحدود المصرية.

بدوره توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتدمير قطاع غزة واستئناف إخلاء السكان بأشد قسوة مهدداً "ستدفعون الثمن بالكامل، إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن".

 

 

غير أن الأشد قوة تجاه سكان غزة هي بداية تغيير قواعد لعبة حكومة بنيامين نتنياهو تجاه القطاع بعدما اتخذت قرار الهجوم تلبية لوعود قدمها سابقاً لوزير ماليته بتسلئيل سموتريتش بعدم دخول مفاوضات المرحلة الثانية وعودة الحرب حتى تحقيق أهدافها، وهي الأهداف ذاتها التي وضعتها إسرائيل لحرب غزة منذ أكثر من عام ونصف العام.

إستراتيجية الضغط المتدرج

وفق مخطط المرحلة الأولى من العملية البرية يتقدم الجيش الإسرائيلي في عمق غزة وينفذ بنك الأهداف بصورة متدرجة. وفي البداية وسعت إسرائيل سيطرتها في مجال الحراسة حول غلاف غزة ثم كثفت مجال الفصل ودخلت بصورة مركزة قرب الحدود إلى أراضٍ في وسط القطاع وجنوبه ووصلت حتى وسط محور نتساريم.

واستكمل لواء غولاني جهوزيته لتكثيف عملياته وتقرر أن تتركز في القطاع الجنوبي، بانتظار ما ستخرج من تعليمات جديدة من المستوى السياسي بعد اجتماع اليوم، الذي سيتخذ قراراته بصورة تدريجية حول الخطة وفق التقدم أو عدم التقدم في مفاوضات صفقة الأسرى.

حكم بالإعدام على الأسرى

منذ الآن يقول مسؤولون كبار في جهاز الأمن الإسرائيلي إن الهجوم القاسي والمفاجئ الذي شنه الجيش الإسرائيلي على "حماس" ليلة الثلاثاء الماضي أدى إلى تطورات إيجابية. وبحسبهم فقد سجل نشاطاً متزايداً من جانب الوسطاء الذين يحاولون إعادة الحركة إلى طاولة المفاوضات في ظل الموافقة على تحرير أسرى.

وأسهم الهجوم الإسرائيلي في العودة إلى منحى المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف وشطب توجه المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بولر المرفوض من ناحية إسرائيل، والذي بموجبه تحرر "حماس" فقط عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب أربعة جثامين فحسب، مقابل وقف طويل لإطلاق النار.

 

 

وفي حين أكد سياسيون وقادة أحزاب المعارضة أن الحرب على غزة جاءت بهدف إعادة إيتمار بن غفير إلى الحكومة، لكن نتنياهو يعتبر أن موافقة قيادة جهاز الأمن على الحرب ودعمها، جاء بعدما تصلبت "حماس" في مواقفها في المفاوضات، هو تأكيد ضرورة وحاجة تنفيذها وبأنها ليست خطوة سياسية، ولا سيما دعم وتأييد رئيس "الشاباك" رونين بار الذي وافق على الحرب بعد يوم من قرار نتنياهو بإقالته.

وتسرب من اجتماعات داخلية أن لواء احتياط نيتسان ألون الذي استثناه نتنياهو من وفد مفاوضات صفقة الأسرى، دعم هو الآخر شن الحرب على غزة لدفع "حماس" لقبول شروط إسرائيل والإفراج عن أسرى.

من ناحية أخرى ترفض إسرائيل المفاوضات وفق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار وتصر على تنفيذ مقترح ويتكوف أي تحرير نصف الأسرى الأحياء ونصف الجثث في المرحلة الأولى حتى وإن لم يتم التوصل إلى وقف الحرب بالكامل، وهو طرح أثار خلافات ونقاشات في الداخل الإسرائيلي.

واعتبر منتدى عائلات الأسرى ومنظمي الاحتجاجات الداعية إلى صفقة أسرى ووقف الحرب أن قرار الحرب بذريعة تكثيف الضغط على "حماس" لقبول شروط إسرائيل والتقدم في صفقة أسرى هو بمثابة قرار حكم بالإعدام على من تبقى من أسرى أحياء في غزة والذين لا يتجاوز عددهم 24 أسيراً، وفق التقديرات.

"ديماغوجية نتنياهو"

من جهته اعتبر القائد السابق لمنظومة الدفاع الإسرائيلية تسفيكا حايموفتش انطلاق هذه الحرب بذريعة الضغط العسكري هي "ديماغوجية"، مضيفاً "أحاول أن أفهم بعد ثلاثة أيام من الحرب أية ديماغوجية تستخدمها هذه الحكومة التي تحاول أن تقنعنا أنه لا بد من هذه الحرب لإعادة الأسرى وبأن الضغط العسكري على ’حماس’ هو الوسيلة الوحيدة التي ستعيد الأسرى".

اقرأ المزيد

ومضى في حديثه، "من يُرد أن يُعيد الأسرى لا حاجة إلى أن يعود للحرب لقد وقعنا على اتفاق وبموجبه كان يجب أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من الاتفاق، لكننا نحن من اخترق هذا الاتفاق عندما رفض نتنياهو الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، وهي مرحلة ستؤدي إلى إعادة جميع الأسرى وانتهاء الحرب". وأكد أن "عدم التزامنا الاتفاق هو ما عرقل المفاوضات ومنع استمرارها واليوم الحكومة تعود إلى حرب سندفع نحن أيضاً ثمناً باهظاً، لنصل إلى مفاوضات سنعيد بموجبها جزءاً من الأسرى وليس جميعهم. هذه هي الحقيقة وديماغوجية الحكومة في تبريرها لهذه الحرب يجب أن تزال كلياً عن طاولات أبحاث متخذي القرار عندنا".

إقرار الموازنة

من ناحيته رأى المحلل السياسي أفرايم غانور أن الحقيقة من هذا الهجوم ليست التخلص من "حماس"، إنما ضمان إقرار الموازنة، مضيفاً "من أجل التخلص من الحركة ينبغي اقتلاعها من الجذور ولأجل ذلك يجب قبل كل شيء التخلص منها كجسم سلطوي وكمن تدير الحياة في قطاع غزة. هذا للأسف، لم تتمكن هذه الحكومة من تنفيذه بشللها الكبير. الهجوم المفاجئ لن يؤدي إلى القضاء على ’حماس’، بل من أجل المصادقة على موازنة الدولة، التي يجب أن تقر قبل نهاية مارس (آذار) الجاري ومنع التوجه إلى الانتخابات. هذا الهجوم استهدف تلبية نزوات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير الذي عاد إلى الائتلاف، وسيسهم الآن في نصيبه المهم من المصادقة على الموازنة".

 

 

الهجوم المفاجئ، كما يحذر غانور، سيعرض للخطر بصورة حقيقية الأسرى الأحياء الذين نجوا حتى اليوم في غزة، مضيفاً "سبق أن تعلمنا بأنه بالقوة لن يكون ممكناً إعادة الأسرى. من يوهم نفسه بأنه في هجوم جوي مفاجئ أو في مناورة برية متجددة ما، سننهي ’حماس’ ونعيد أسرانا، يبدو أنه لم يتعلم بعد من هي (حماس)".

3 سيناريوهات

أما الباحث في العلوم السياسية آفي شيلون اعتبر أنه على رغم أن مسألة الأسرى تقف في مركز البحث الجماهيري، لكنها تظل جزءاً من القصة الحقيقية لاستئناف القتال في غزة، متسائلاً "ماذا سيكون في اليوم التالي بعد نهاية الحرب؟ إذا هزمت ’حماس’ من ناحية عسكرية ومن سيحكم في غزة. ما لا يقولونه لنا هو أن الأسرى هم مجرد ورقة في المفاوضات العالقة على مستقبل القطاع".

ونبه إلى أن إسرائيل أمام ثلاثة خيارات، إما الخروج من غزة مقابل الأسرى فيما تبقى ’حماس’ هناك ضعيفة، لكن مسيطرة انطلاقاً من التقدير أنه سيكون بالإمكان دائماً مهاجمتهم عند الحاجة، والخيار الثاني هو البحث مع مصر والدول العربية في تسوية سياسية في القطاع لا تحكم فيها الحركة، لكن لا تكون أيضاً مستسلمة تماماً وفي المقابل نحصل على الأسرى، وأيضاً على مدخل لمستقبل أفضل من دون الحركة مع حكم فلسطيني عربي في القطاع، والخيار الثالث وهو احتلال قطاع غزة والبقاء للحكم هناك والاعتراف بأننا ضحَّينا بالأسرى لهذا الغرض".

المزيد من تقارير