Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

لماذا لا تعمر لتونس حكومات طويلا منذ 2011؟

يتساءل مراقبون عن سر عدم وجود برامج وأهداف واضحة عند تعيين رؤساء الوزارات أو تقييمات موضوعية للإقالة

الرئيس قيس سعيد مستقبلا رئيسة الحكومة الجديدة سارة الزعفراني الزنزري (الرئاسة التونسية)

ملخص

تعاقبت على تونس منذ عام 2011 إلى اليوم 15 حكومة، بينهم خمس وزارات منذ عام 2019 إلى اليوم، وأربع حكومات منذ دشنت البلاد مرحلة جديدة يقودها الرئيس قيس سعيد في الـ25 من يوليو 2021.

بعد أقل من عام على تعيينه رئيساً للحكومة التونسية، أقال الرئيس قيس سعيد، كمال المدوري، وعين سارة الزعفراني الزنزري وزيرة التجهيز والإسكان خلفاً له، وبإقالة المدوري تستكمل مرحلة ما بعد الـ25 من يوليو (تموز) 2021، حلقة الأربعة رؤساء حكومة في فترة تقل عن أربعة أعوام.

وسجلت تونس عبر تاريخها السياسي المعاصر استقراراً في حكوماتها، إذ اكتفى الزعيم الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد من 1956 إلى 1987 بخمسة رؤساء وزراء طيلة 30 عاماً، أي بمعدل ستة أعوام لكل وزارة، بينما حكم زين العابدين بن علي البلاد لـ23 عاماً بثلاثة رؤساء حكومة فقط، أي بمعدل أكثر من سبعة أعوام ونصف العام لكل حكومة.

وتعاقبت على تونس منذ عام 2011 إلى اليوم 15 حكومة، بينهم خمس وزارات منذ عام 2019 إلى اليوم، وأربع حكومات منذ دشنت البلاد مرحلة جديدة يقودها الرئيس قيس سعيد في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، ويبقى السؤال اليوم هل يعكس عدم الاستقرار الحكومي أزمة هيكلية في نظام الحكم؟ وما مدى تأثير ذلك في تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تضعها الدولة وسط تنامي المطلبية في التنمية والتشغيل؟.

غياب البرامج

يمثل هذا الواقع في تونس عنوان أزمة سياسية هيكلية جعلت البلاد تتخبط في دوامة تعيين الحكومات وإسقاطها، من دون أن تكون هناك برامج وأهداف واضحة عند التعيين أو تقييمات موضوعية دقيقة عند الإقالة.

وقال المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إن "الراهن السياسي في تونس يستبطن أزمة سياسية تتمثل في عدم استيعاب الحكومة التي يتم تعيينها للتوجهات الكبرى والخيارات الإستراتيجية التي يرسمها رئيس الجمهورية".

ودعا إلى إيجاد حلقة وسطى بين رئاستي الجمهورية والحكومة لتذليل الصعوبات ومساعدة الوزارة في وضع الخطط والبرامج التي تستجيب لما يهدف إليه قيس سعيد من إستراتيجيات وأهداف كبرى من دون أن يستبعد أن تكون "إمكانات الدولة المادية لا تسمح بتنفيذ سياسات رئيس الجمهورية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية".

 

 

ومثلت ظاهرة عدم الاستقرار الحكومي في تونس علامة أزمة خلال الـ10 أعوام التي تلت 2011، باعتبار الصراعات التي كانت تنخر منظومة الحكم بين مجموعات سياسية ولوبيات مالية، علاوة على مساوئ النظام القائم وقتها على رئاسات ثلاث، وهو ما لم يسمح بتوحيد القرار السياسي، إلا أن هذا الواقع لم يتغير بعد عام 2021، لحظة إنهاء تلك المرحلة السياسية وتدشين تونس لمرحلة جديدة يمتلك فيها رئيس الجمهورية كل السلطات.

وشدد النابتي على "أن أكثر رئيس حكومة عمّر بعد عام 2021، هي نجلاء بودن التي استمرت في رئاسة الحكومة لعام وبضعة أشهر، مما يعكس خللاً هيكلياً في الحكم، وهو ما ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة"، داعياً إلى "ترجمة مطالب الـ25 من يوليو المتمثلة في ثنائية الاستقرار والكفاءة في الاختيارات السياسية".

إقالة من دون أسباب

تساءل المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي عن "الأهداف والبرامج التي من ورائها يتم اختيار رئيس الحكومة"، لافتاً إلى أن "قرارات التعيين والإقالة تتم من دون توضيح الأسباب للرأي العام".

وطالب بـ"مزيد من الشفافية في هذا المجال حتى تكون الرؤية واضحة لعموم التونسيين"، معتبراً أن "الشعب التونسي لا يعرف على أي برامج وأهداف تم اختيار كمال المدوري رئيساً للحكومة، وهل فشل في تحقيقها لتتم إقالته؟".

ورأى النابتي أن رئيسة الحكومة الجديدة، هي من أكثر الوزراء استقراراً مع رئيس الجمهورية، متسائلاً عن برامجها الاقتصادية والاجتماعية وإن كانت ستُحدث نقلة في العمل الحكومي أم أنها ستجد المصير ذاته بعد فترة محددة؟.

اقرأ المزيد

ونوه إلى أن "التوجهات الاجتماعية والاقتصادية التي يريدها رئيس الجمهورية، لا يمكن تنفيذها إلا من قبل شخصيات وكفاءات مقتنعة برؤيته".

تعد رئيسة الحكومة الجديدة سارة الزعفراني الزنزري، ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ تونس بعد نجلاء بودن، التي شغلت المنصب بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأغسطس (آب) 2023.

وأكد رئيس الجمهورية قيس سعيد، أهمية "إحكام تناسق العمل الحكومي وتذليل العقبات لتحقيق مطالب الشعب التونسي".

التعيين والإقالة بعيداً من البرلمان

رجح أستاذ القانون العام في الجامعة التونسية، شاكر الحوكي، في تصريح خاص، "وجود صعوبات في تعامل رؤساء الحكومات مع رئيس الجمهورية أو أن قيس سعيد يمتلك برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لا يستطيع أحد تنفيذه على أرض الواقع".

ولفت إلى أن "التعيينات والإقالات تتم بعيداً من الرقابة البرلمانية وأصبحت وكأنها أمور شخصية"، معتبراً أن "هناك مشكلة على مستوى رأسي السلطة، فعلى رغم احتكار الرئيس سعيد لجميع السلطات هناك نوع من تنازع الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية، التي عمل دستور 2022 على تجاوزها، بعدما كان الصراع على الحكم محتدماً بين مكونات السلطة خلال العشرية التي تلت 2011".

 

 

وخلص إلى أن "الدولة الاجتماعية قائمة بطبيعتها، لأن النظام الاقتصادي والاجتماعي لم يتغير منذ عقود، والدولة راعية لأنها تشرف على قطاعات واسعة وتقوم بدورها الاجتماعي منذ الاستقلال".

مسؤولية مضاعفة

ينص دستور 2022 على أن "الحكومة تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية".

هنا قال البرلماني السابق هشام الحاجي، إن هناك "خللاً هيكلياً في نظام الحكم بحيث يتعامل رئيس الجمهورية مع رئاسة الحكومة بوصفها كياناً ملحقاً برئاسة الجمهورية، ويقتصر دور كبار الموظفين في الدولة على تنفيذ سياسات وتطبيق تعليمات فوقية".

ولفت إلى أن "عدم الاستقرار الحكومي هو مؤشر سلبي، وبخاصة في ظل الوضع الانتقالي الذي تتخبط فيه تونس منذ 2011، وسط غياب الأفق والبرامج والمشاريع التنموية إلى جانب التدهور المتواصل لمرافق الدولة، بينما يتراكم الشعور بعدم الإنجاز لدى غالبية التونسيين".

وتسلمت سارة الزعفراني الزنزري رئاسة الحكومة في خضم تحديات اقتصادية واجتماعية ومالية صعبة، بينما يدعو رئيس الجمهورية إلى التعويل على الذات وقطع التعامل مع صندوق النقد الدولي وتكريس السيادة الوطنية الحقيقية، مما سيحمل الحكومة الجديدة مسؤولية مضاعفة.

المزيد من متابعات