ملخص
ويتوقع أن يساعد الربط الكهربائي مع السعودية في تزويد العراق بنحو 1000 ميغاواط، لكن حتى الآن يواجه المشروع بعض العقبات على الصعيدين الفني والتمويلي، على رغم أن الجانبين يعتبرانه خطوة استراتيجية.
عاش العراق في الأسبوعين الماضيين استنفاراً لتغطية العجز الكهربائي الذي قد ينشأ نتيجة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإلغاء الإعفاء الذي كان يسمح للعراق بدفع أموال لإيران مقابل الكهرباء، وفيما توصلت بغداد حديثاً إلى اتفاق مع تركيا لمضاعفة واردات الكهرباء من تركيا، فإنها أيضاً أمام فرصة لتقليل اعتمادها على الطاقة الإيرانية عبر تسريع تنفيذ مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.
ويتوقع أن يساعد الربط الكهربائي مع السعودية في تزويد العراق بنحو 1000 ميغاواط، لكن حتى الآن يواجه المشروع بعض العقبات على الصعيدين الفني والتمويلي، على رغم أن الجانبين يعتبرانه خطوة استراتيجية، العقبة الأولى تتمثل في التوافق بين نظامي الكهرباء في البلدين، فتردد الشبكة الكهربائية في المملكة 60 هرتز بخلاف العراق الذي يعتمد نظام الـ50 هرتز.
المشروع في مراحله الأولية
وأوضح مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد النجار لـ"اندبندنت عربية" بأن المشروع ما زال في مراحله الأولية، إذ لم يبدأ الربط الكهربائي فعلياً بعد، مشيراً إلى أن الدراسة الفنية تتولاها شركة استشارية ومن المتوقع أن تستغرق أقل من شهرين.
وكشف النجار عن أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كان يتابع مشروع الربط الكهربائي مع السعودية بصورة أسبوعية، حتى قبل قرار ترمب بإلغاء الإعفاءات، وربما ترتفع كميات الكهرباء المستوردة من المملكة مقارنة بالتوقعات السابقة، لافتاً إلى أن المشروع يحظى باهتمام كبير من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء العراقي، لأنه يمثل بداية التعاون الحقيقي والاندماج بين البلدين.
وأقر المسؤول العراقي أن إلغاء الإعفاءات الأميركية كان له آثار سلبية، إلا أنه يشير إلى دورها في تسريع مشاريع الربط الخليجي وبناء محطات كهربائية جديدة وتسهيل التحول إلى الطاقة المتجددة، إذ يعمل العراق على بدائل عدة لتقليل العجز في الطاقة، من بينها إنشاء منصة غاز عائمة لتسهيل عملية توليد الكهرباء، كذلك يُعمل على توسعة الربط الكهربائي مع الأردن وتركيا إلى جانب الربط مع السعودية.
وتواصلت "اندبندنت عربية" مع وزارة الطاقة السعودية للتعليق على الجدول الزمني لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي، لكن لم تتلقَّ رداً.
من جانبها، تشير الباحثة نعوم ريدان إلى أن العجز في الكهرباء في العراق يصل إلى نحو 9 آلاف ميغاواط، إذ إن الطلب يصل إلى 34 ألف ميغاواط بينما القدرة الحالية للإنتاج تبلغ 25 ألف ميغاواط فحسب، لافتة إلى أن الطلب سيزداد في الصيف، وأضافت بأن مضاعفة الاستيراد الكهربائي من تركيا حل مناسب لتغطية العجز بدلاً من انتظار حل العقبات أمام الربط مع الخليج، على رغم أهمية ذلك على المدى الطويل.
ويرى الباحث في الشأن السياسي منيف الحربي بأن سياسة ترمب بوقف الإعفاءات للعراق المتعلقة بشراء الكهرباء تمنح العراق فرصة من جديد لتقليص النفوذ الإيراني في المشهد العراقي، وبخاصة أن العراق خطا خطوات عملية وإيجابية بمسار الربط الكهربائي مع دول الخليج وتركيا والأردن، مضيفاً أن ذلك يدل على أن بغداد "أدركت أهمية توثيق علاقاتها الاستراتيجية مع دول الجوار والبعد عن سياسة المحاور وأن ذلك ينعكس إيجاباً ليس فقط سياسياً بل اقتصادياً وتنموياً".
العقبات الفنية
من جانبه يوضح النجار الذي يعمل مديراً تنفيذياً لصندوق العراق للتنمية بأن تمويل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية اُقترح أن يكون عبر الاستثمار، لكن ذلك لم يكن ممكناً لأنه يتعلق بنقل الطاقة لا توليدها، وهو مجال لا يوجد فيه نموذج استثماري واضح، وأضاف "هناك طرق عدة لتمويل المشروع، من بينها التمويل المباشر من الدولتين، أو استخدام مخصصات مالية للعراق لدي صندوق التنمية السعودية ولم تُستغل بعد، أو بالشراكة مع الصندوق العراقي للتنمية".
ولفت مستشار رئيس الوزراء العراقي إلى أن السعودية تتمتع بجهوزية عالية للبدء، لكن تنفيذ المشروع في العراق سيستغرق وقتاً أطول بسبب الحاجة إلى تمديد الكابلات، التي قد تصل إلى ثلاثة أضعاف المسافة المطلوبة في السعودية أو أكثر، مشيراً إلى أنه بعد الانتهاء من الدراسة الفنية ستبدأ الشركات السعودية والعراقية المنفذة بوضع الخطط المالية، حيث سيمول كل جانب حصته.
وأكد بأنه في حال تصديق العقود يمكن بدء التنفيذ خلال شهر، لكن التحدي الأكبر يكمن في الحصول على المحولات الكهربائية، التي قد تستغرق ثلاثة أعوام لتصنيعها، بخاصة من شركات مثل "سيمنس"، نظراً إلى ندرة الشركات المتخصصة في هذا المجال.
تأثير قرار ترمب
كشف المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العواد عن أن الحكومة العراقية وضعت سيناريوهات عدة لتفادي التداعيات السلبية لقرار ترمب، لافتاً إلى أن العراق يستورد من إيران "50 مليون قدم مكعب وتشكل ثلثي إنتاج الطاقة الإيرانية".
وأكد العوادي قرب حل مشكلة استيراد الغاز التركمانستاني، متوقعاً وصوله إلى محطات إنتاج الطاقة العراقية خلال الشهرين المقبلين عبر الأراضي الإيرانية، وفي حال لم تنجح هذه الخطوة، فإن العراق لديه خيار آخر هو استخدام منصات الغاز، وهي عبارة عن سفن عائمة تُربط بأنبوب خاص مربوط بالمحطات الكهربائية في البصرة، حسب تعبيره.
وقلل المتحدث من تأثير واردات الكهرباء الإيرانية في شبكة الكهرباء العراقية، قائلاً "عام 2023 كانت واردات الكهرباء من إيران تشكل فقط أربعة في المئة من استهلاك الكهرباء في العراق".