Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

التطور الميداني في السودان "يشعل" الجبهة الدبلوماسية

جبهات دارفور وكردفان تشتعل وتصاعد السجال بين الخرطوم وتشاد والجنوب ومؤتمر أوروبي مرتقب حول الأزمة الإنسانية

ملخص

في العاصمة الخرطوم يتابع الجيش تقدمه الميداني، حيث تمكن بعد تحريره القصر الجمهوري من السيطرة على عديد من المواقع الاستراتيجية في منطقة المقرن، شملت إلى جانب أبرز المناطق الحيوية والوزارات السيادية جزيرة توتي وأبراج الفاتح و"زين" للاتصالات و"بنك السودان"، إضافة إلى مقر شركة التأمينات الإسلامية.

يواصل الجيش السوداني والقوات المساندة له عملياته العسكرية الهادفة إلى إكمال بسط سيطرته على قلب الخرطوم وتطهير عدد من المناطق الحيوية جنوب وشرق وغرب المدينة، وسط معارك واشتباكات ومطاردات عنيفة بالعاصمة السودانية، بينما تشهد مسارح العمليات وجبهات الحرب في محوري الصحراء وكردفان غرب البلاد قتالاً عنيفاً حول مدينتي المالحة شمال دارفور ولقاوة بغرب كردفان.

تمشيط واشتباكات

في العاصمة الخرطوم يتابع الجيش تقدمه الميداني، حيث تمكن بعد تحريره القصر الجمهوري من السيطرة على عديد من المواقع الاستراتيجية في منطقة المقرن، شملت إلى جانب أبرز المناطق الحيوية والوزارات السيادية جزيرة توتي وأبراج الفاتح و"زين" للاتصالات و"بنك السودان"، إضافة إلى مقر شركة التأمينات الإسلامية.

وأوضح الناطق باسم الجيش العميد الركن نبيل عبدالله في تعميم صحافي، أن "قواتنا بوسط الخرطوم توالي الضغط على أوباش آل دقلو وتسيطر على فندق كورنثيا وإدارة المرافق الاستراتيجية، كما تم تطهير مباني رئاسة جهاز الاستخبارات الوطني، الأوباش يحاولون الهرب أمام قواتنا بكل مكان في هذه اللحظات".

وأفادت مصادر ميدانية، أن عمليات تمشيط ومطاردات واسعة لجيوب الميليشيات الهاربة تجري داخل العاصمة السودانية في بعض مناطق الوسط، في وقت يتابع سلاح الطيران التابع للجيش شن غارات جوية مكثفة أدت إلى تدمير عدد كبير من متحركات "الدعم السريع" قرب جبل أولياء وعلى محور منطقة الباقير التي تمثل مدخل ولاية الخرطوم من الجهة الجنوبية على حدودها مع ولاية الجزيرة.

عمليات واسعة

وأكدت المصادر، انطلاق عمليات عسكرية واسعة في جنوب الخرطوم تشمل منطقتي جبل أولياء والكلاكلات، بمشاركة قوات مشتركة من المدرعات والاستخبارات وكتائب الإسناد والاحتياط المركزي، إلى جانب مشاركة قوات "درع السودان" والفرقة "18" بالنيل الأبيض المتقدمة نحو العاصمة من جهتي الجنوب والغرب مع كثافة تحليق الطيران المسير بالرصد والملاحقات.

وكشفت المصادر نفسها، أن قوات الجيش استولت أثناء عمليات التمشيط الواسعة بمنطقة السوق العربي على دبابة وأكثر من 10 عربات مدرعة إلى جانب مخزن كبير للذخيرة.

 

وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا العشرات من جنود "الدعم السريع" وهم يغادرون أحياء شرق العاصمة جهة الرياض والجريف غرب والمعمورة والطائف وشارع الـ60 في محاولة للوصول إلى جسر خزان جبل أولياء جنوب العاصمة، بينما تقوم القوات التي تتجمع هناك بمهاجمة عدد من القرى المتاخمة لمنطقة الخزان، وترتكب عديداً من الانتهاكات في حق المواطنين بالضرب والنهب مما تسبب في موجة نزوح واسعة لسكان تلك القرى.

غارات جوية

وفي محوري دارفور وكردفان اتهمت قوات "الدعم السريع" الطيران الحربي للجيش بشن غارات جوية عنيفة، مساء أمس الإثنين، على منطقة "طرا" شمال دارفور أدى إلى مجزرة بشرية سقط خلالها مئات القتلى وآلاف الجرحى وسط المدنيين بالمنطقة.

وأكدت في بيان منفصل أنها بسطت كامل سيطرتها على منطقة لقاوة بولاية غرب كردفان، وكبدت الجيش وحلفاءه خسائر بشرية ومادية فادحة، واستولت على عدد من العتاد والمعدات الحربية، فيما لم يصدر تعليق من الجيش في شأن سقوط مدينة لقاوة.

وأوضح بيان للناطق الرسمي باسم قوات "الدعم السريع"، أن الاستيلاء على لقاوة يعني إعادة انفتاح قواتها على كامل إقليم كردفان، كما يمثل حداً فاصلاً بين دولة الظلم والاستبداد والمحسوبية، وأن قواتهم تعمل على تأمين المدينة وحماية المدنيين وتسهيل فتح الأسواق وحركة المواطنين داخل المدينة.

في مدينة المالحة (200 كيلومتر من الفاشر شمال دارفور) لا يزال الوضع غامضاً، إذ لا تزال معارك ضارية تدور رحاها بعد أيام من إعلان قوات "الدعم السريع" السيطرة عليها مطلع هذا الأسبوع، وبثها مقاطع مصورة لعدد من قادتها الميدانيين وهم يهددون بالتوجه نحو مدينة الدبة بالولاية الشمالية، مرددين "الدبة قريبة".

داخل الفاشر

في المقابل، كشفت قوات العمل الخاص التابعة للفرقة السادسة مشاة بالفاشر عن تنفيذها عمليات نوعية داخل المدينة أسفرت عن تحرير "مجمع عافية" الطبي وخمس عمارات مجاورة، إلى جانب تطهير أحياء مكركا والكفاح وقشلاق الشرطة بالكامل.

وقالت الفرقة في بيان صحافي، إن العملية أسفرت عن مقتل 45 من عناصر الميليشيات، وإصابة 10 آخرين، واستولت القوات على ثلاث عربات "كروز"، وفرت بقية العناصر.

وأضافت، أن "الطائرات المسيرة نفذت ضربات دقيقة أدت إلى تدمير سبع مركبات قتالية، وتعطيل عربة ZS محملة بالذخائر، إضافة إلى أسر عنصرين كشفا عن مخططات العدو لإرسال تعزيزات جديدة".

أوضح البيان، أن الميليشيات واصلت استهداف المدنيين بقصف مدفعي ونيران عشوائية أدت إلى مقتل ثمانية أشخاص، بينهم ستة أطفال وامرأة، وإصابة آخرين، وقامت بعمليات نهب وسرقة واسعة، مما تسبب في نزوح أعداد كبيرة من الأسر داخل الفاشر.

وقالت الفرقة، إن ضربات جوية دقيقة نفذها الطيران المسير أحبطت محاولات انسحاب العدو، مع تدمير سبع مركبات قتالية وتعطيل شاحنة نقل محملة بالإمدادات اللوجيستية وأسر عنصرين من الميليشيات.

توسع وحصار

يرى الباحث الأمني والعسكري ضو البيت دسوقي، أن نطاق سيطرة الجيش بشكل متسارع خصماً من مناطق سيطرة "الدعم السريع" في وسط الخرطوم وجنوبها وصولاً إلى مطار الخرطوم يتسع من كل الجهات حتى شارع الـ60 وأحياء الطائف الرياض والمعمورة وجامعة أفريقيا ليشمل كل مناطق سوبا ومحيط حي المنشية، وذلك أيضاً مع التقدم جنوباً بصورة تضع قوات "الدعم السريع" المتبقية في كماشة تضيق يوماً بعد الآخر، وتقطع طريق فرارها نحو دارفور عبر معبر خزان جبل أولياء.

وأشار دسوقي، إلى أنه رغم محاولات قوات "الدعم السريع" استقدام تعزيزات عسكرية جديدة للمشاركة في معارك العاصمة، لكن المعارك المتزامنة على أكثر من جبهة ومحور التي يخوضها الجيش والقوات المتحالفة معه في وسط وجنوب الخرطوم وجنوبها وغرب أم درمان شتت جهود تلك القوات وأضعف إمكانية تجمعها بأسلوب الفزع من جديد.

وتابع، "نجاح عمليات التمشيط وإفراغ قلب الخرطوم من أي تهديدات سيتيح لقيادة الجيش في خططها وترتيباتها التعامل مع جبهات العمليات الأخرى بصورة أفضل وأكثر ارتياحاً، وخصوصاً محور دارفور البعيد حيث لا تزال معارك كبيرة وحاسمة تدور هناك في إطار التحسب لأي تهديدات جديدة قد تنشأ مع تطور العمليات والمعارك".

وحذر الباحث الأمني، من أن سقوط مدينة المالحة في أيدي قوات "الدعم السريع" قد يؤثر بشكل ملحوظ على سير المعارك بإعاقة تنقل قوات الجيش وحرمانها من ميزة الأفضلية في المعارك الدائرة هناك، مما يزيد من الضغط العسكري على بعض مدن شمال السودان، ويضفي مزيداً من التعقيدات على الحصار المضروب على مدينة الفاشر.

تصعيد دبلوماسي

دبلوماسياً فجرت تصريحات الفريق ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، أزمة دبلوماسية بين السودان ودولتي تشاد وجنوب السودان احتجاجاً على التهديدات التي أطلقها في شأن الاقتصاص من الدولتين واعتبار أهداف بعينها مشروعة داخل أراضيهما.

وتصاعد التوتر في العلاقات باستدعاء وزارة خارجية جنوب السودان، أمس الإثنين، سفير السودان لدى جوبا وتسليمه احتجاجاً رسمياً على تصريحات العطا، مؤكدة أنها ستتخذ إجراءات لحماية مواطنيها وصد أي عدوان.

وعد بيان لخارجية جنوب السودان، تصريحات العطا "غير مقبولة وتقوض السيادة وتتنافى مع روح العلاقات الدبلوماسية"، مطالباً الحكومة السودانية بتوضيح موقفها من تلك التصريحات ومنع تكرار مثل هذا الخطاب، ومجدداً التزام جوبا بالحوار البناء مع الاستعداد للرد على الإجراءات التي تهدد مصالح وسيادة جنوب السودان.

 

من جانبها عدت وزارة الخارجية التشادية في بيان لها، أمس الإثنين، أن تصريحات العطا تحمل تهديدات واضحة وتمثل إعلان حرب ضد دولة تشاد، مما قد يؤدي إلى تصعيد خطر في الأوضاع الإقليمية، مؤكدة حقها في اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن نفسها.

أكد البيان التشادي، أن أي تهديد لأراضي تشاد، حتى لو كان بمقدار شبر واحد، سيقابل برد فعل قوي يتماشى مع المبادئ القانونية الدولية، مشدداً على حق تشاد في اتخاذ إجراءات حازمة ضد أي اعتداء على أراضيها.

دعا البيان، قادة الجيش السوداني إلى التركيز على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري في بلادهم، بدلاً من الانشغال بإطلاق تهديدات عبثية غير مجدية.

وكان العطا توعد قبل يومين، بالاقتصاص ممن سماها "مراكز النفوذ العميلة الخربة" في جنوب السودان، في تهديدات أيضاً لدولة الإمارات العربية، محذراً الرئيس التشادي من أن مطاري "إنجمينا" و"أم جرس" سيصبحان أهدافاً مشروعة للجيش السوداني.

مؤتمر أوروبي

إنسانياً يعتزم كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تنظيم مؤتمر رفيع المستوى بالعاصمة البريطانية لندن منتصف أبريل (نيسان) المقبل حول الأزمة السودانية.

وقالت مديرة الحماية المدنية الأوروبية وعمليات المساعدات الإنسانية دي جي إيكو، في بيان للاتحاد الأوروبي، إن المؤتمر المقترح يهدف إلى توفير ممرات آمنة للعاملين في المجال الإنساني وإمداد المدنيين عبر خطوط التماس أو الخطوط الأمامية، وحماية البنية التحتية، إضافة إلى رفع العوائق البيروقراطية، والحصول على التزامات لتوفير خدمات الحماية.

وكان الاتحاد الأوروبي استضاف في وقت سابق من 13 مارس (آذار) الجاري، الاجتماع الثالث لكبار المسؤولين الإنسانيين في شأن السودان، شارك فيه المانحون ووكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية الدولية وفرق الاستجابة المحلية.

في المنحى نفسه عقد وفد حكومي سوداني برئاسة المفوض العام للعون الإنساني سلوى آدم بنية، يزور أوروبا هذه الأيام، اجتماعاً مع المفوضية الأوروبية للحماية المدنية وعمليات المساعدة الإنسانية (إيكو) في بروكسل، لبحث سبل تعزيز الدعم الإنساني الموجه للسودان.

التزام حكومي

وأعربت بنية، عن شكرها للمفوضية الأوروبية على دعمها المتواصل، مؤكدة التزام الحكومة السودانية بحماية وتأمين العاملين في المجال الإنساني، ومشددة على ضرورة توجيه موازنات الدعم نحو المشروعات الميدانية المباشرة، بدلاً من التركيز على المصروفات الإدارية التي لا تخدم المستفيدين الحقيقيين.

واتفق الجانبان على تعزيز التنسيق المشترك، لا سيما في ما يتعلق بتقدير الحاجات الإنسانية عبر مسوحات ميدانية وتبادل المعلومات، مع استمرار الاجتماعات الدورية لضمان فاعلية الجهود الإنسانية في السودان.

من جانبها أكدت المفوضية الأوروبية رغبتها في تعزيز دعمها الإنساني للسودان، مشيرة إلى أن مكتبها الرئيس في بروكسل يخطط لزيارة ميدانية إلى بورتسودان قريباً.

 وتعهدت المفوضة السودانية بتسريع إجراءات منح التأشيرات وأذونات التنقل للعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى رفع معدلات الاستجابة الإنسانية ومناشدة المانحين لزيادة الدعم الموجه للسودان.

المزيد من متابعات