Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

ماذا يتوقع البريطانيون من بيان موازنة الربيع؟

خفض توقعات النمو بمقدار النصف ومزيد من التقشف لضبط دفاتر الحكومة

خفضت الحكومة البريطانية الإعانات الاجتماعية لمئات آلاف البريطانيين بقيمة 6.5 مليار دولار (أ ف ب)

ملخص

لم تتوقف التعليقات والتحليلات ولا نقاشات برامج الإذاعة والتلفزيون عن تناول الموضوع وتأثير بيان الخزانة العامة في حياة الناس العادية.

على مدى الأسابيع الماضية كان الخبر المهم في الصحافة والإعلام ببريطانيا عن بيان "موازنة الربيع" الذي ستلقيه وزيرة الخزانة راتشيل ريفز أمام مجلس العموم (البرلمان) البريطاني صباح الأربعاء.

ولم تتوقف التعليقات والتحليلات ولا نقاشات برامج الإذاعة والتلفزيون عن تناول الموضوع وتأثير بيان الخزانة العامة في حياة الناس العادية.

هناك أمران مؤكدان عما ستعلنه وزيرة خزانة حكومة حزب "العمال"، أولهما ما كشف عنه رسمياً قبل أسبوع من خفض هائل في الإعانات الاجتماعية لذوي الأمراض المزمنة والحاجات الصحية، إذ أعلن بالفعل عن خفض بقيمة خمسة مليارات جنيه استرليني (6.5 مليار دولار) في الإعانات الاجتماعية لمئات آلاف البريطانيين المحتاجين.

أما الأمر الثاني، فهو ما كشف عنه قبل يوم من بيان الموازنة وهو خفض تقدير "مكتب مراقبة الموازنة" للنمو الاقتصادي بمقدار النصف، من توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا اثنين في المئة سابقاً إلى ما لا يزيد على نسبة واحد في المئة.

سيتضمن بيان ريفز أمام نواب البرلمان، الذي خصص له نحو نصف ساعة، الإعلان عن تقديرات مكتب مراقبة الموازنة في شأن أرقام الاقتصاد الكلي من توقعات النمو إلى نسب العجز وغيرها وأيضاً الخطوط العريضة للسياسة المالية للحكومة قبل إعلان بيان الموازنة الكاملة في الخريف المقبل.

مزيد من التقشف الحكومي

سيكون العنوان الذي تكرره وزيرة الخزانة أخيراً هو أن "العالم يتغير" وأن هذا التغيير يشكل تحدياً لها ولحكومتها مثل بقية الحكومات حول العالم.

وطبعاً هذا التغيير هو نتيجة تولي إدارة أميركية جديدة يقودها الرئيس دونالد ترمب الذي بدء شن حرب تجارية على الشركاء.

مع إن ريفز ستحاول تقديم صورة مشرقة بأن بريطانيا في وضع سيسمح لها بعلاقات أفضل مع أميركا وأوروبا على السواء بفضل جهود رئيس الحكومة كيير ستارمر، إلا أنها ستعترف أيضاً بأنه حتى لو تمكنت بريطانيا من تفادي أقسى العقوبات الأميركية على بقية شركاء واشنطن فإن الاضطراب في العالم سيؤثر سلباً في بريطانيا.

وبالطبع ستكرر تأكيد أنها مستمرة في تطبيق سياسات تستهدف النمو بالاستثمار في المشروعات الكبرى وتخفيف القواعد والقيود على الأعمال وإصلاح الجهاز الإداري للحكومة.

لكن غالب التوقعات من المحللين والاقتصاديين في وسائل الإعلام البريطانية تخلص إلى أن ما ستعلنه وزيرة الخزانة، اليوم الأربعاء، ليس سوى مقدمة لمزيد من سياسات التقشف وفرض الضرائب التي ستكون مضطرة لها في موازنة الخريف.

وهو ما يمكن أن يضر بفرص النمو على عكس ما تعلنه حكومة "العمال" حتى من قبل فوزها في الانتخابات.

فصحيفة الـ"ديلي تلغراف" تتوقع أن تواصل راتشيل ريفز "لوم الآخرين على سياساتها من حكومة المحافظين السابقة التي قالت إنها تركت لها فجوة تصل إلى 22 مليار جنيه استرليني (28 مليار دولار) إلى مكتب مراقبة الموازنة الذي ستعد قيوده على اقتراض الحكومة وراء سياسات التقشف وزيادة الضرائب".

وربما تكون الصحيفة اليمينية، المقربة من حزب "المحافظين"، متحاملة على حكومة حزب "العمال"،

لكن صحيفة الـ"فايننشال تايمز" تخلص إلى أن وزيرة الخزانة لن تكتفي بخفض الإعانات الاجتماعية وإنما سيكون عليها أيضاً خفض الإنفاق ومطالبة الوزارات والإدارات الحكومية بتقليص موازنتها لتوفير بعض المليارات الإضافية.

وتشير الصحيفة إلى "توتر عام" بين الوزراء في اجتماع الحكومة الأخير حين عرفوا بمسألة "مراجعة الإنفاق" في وزاراتهم وإداراتهم.

أرقام ضاغطة

وستكشف البيانات والأرقام التي يتضمنها بيان موازنة الربيع أن 9.9 مليار جنيه استرليني (12.8 مليار دولار) المتاح للخزانة كي تضبط دفاترها حتى عام 2030 تم إنفاقه، بل وبزيادة 4 مليارات جنيه استرليني (5 مليارات دولار) عليه. وبحسب قاعدة الانضباط المالي فذلك المبلغ هو الفائض الاحتياط الذي يسمح للخزانة العامة بموازنة الإنفاق مع عائداتها من تحصيل الضرائب.

ومع ارتفاع معدل اقتراض الحكومة بالفعل سيكون من الصعب على الخزانة العامة تعويض هذا العجز من خلال خفض مخصصات الإعانات الاجتماعية والرعاية الصحية فحسب، لذا سيكون عليها أيضاً تقليص موازنات الوزارات والادارات الحكومية.

وتقدر الـ"فايننشال تايمز" أن ارتفاع كلفة الدين العام وتباطؤ النمو الاقتصادي يجعل الخزانة في حاجة إلى نحو 15 مليار جنيه استرليني (19.4 مليار دولار) لضبط دفاترها.

اقرأ المزيد

من جانبه يقول الاقتصادي في "أوكسفورد إيكونوميكس" للاستشارات أندرو غودوين، عن بيان موازنة، إنه بمثابة "تمرين على ما سيأتي"، في إشارة إلى مزيد من التقشف، وربما فرض الضرائب في بيان موازنة الخريف، ويضيف "نعتقد أنه سيكون هناك إعادة تفكير في السياسة المالية بصورة أكبر في الخريف، وهذا يوفر لهم (في وزارة الخزانة) وقتاً لبحث الأمر".

أما الاقتصادي في شركة "آي أن جي" جيمس سميث، فيرى أن زيادة الضرائب في الموازنة المقبلة يبدو "أمراً حتمياً" في ظل ارتفاع الإنفاق على الخدمات، خصوصاً مع تعهد ستارمر بزيادة الإنفاق الدفاعي عن مخصص نسبة 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المقرر حالياً.

حتى زيادة حصيلة الخزانة من بدء تطبيق زيادة مساهمات التأمينات الاجتماعية من الخامس من أبريل (نيسان) المقبل، والتي توفر لها 25 مليار جنيه استرليني (32 مليار دولار) لن تكون كافية لسد فجوات العجز، وهي الزيادة التي أثارت غضب الشركات والأعمال وجعلتها أكثر تردداً في توسيع التوظيف والنشاط.

حملة تهدئة

استبقت وزارة الخزانة، عبر الوزيرة راتشيل ريفز ومساعديها، تهدئة المخاوف حتى من قبل إعلان بيان الموازنة.

وعلى مدى الأيام الماضية انشغلت الوزيرة وطاقمها بالرد على كل ما يثار في الإعلام، واضطرت ريفز عبر مشاركتها في البرنامج الصباحي على شبكة "سكاي نيوز"، الأحد الماضي، (أكثر البرامج مشاهدة) للرد على دراسة لإحدى المؤسسات الخيرية توقعت أن تصبح كل أسرة بريطانية أسوأ حالاً من حيث الدخل في غضون فترة البرلمان الحالي بنحو 1400 جنيه استرليني (1808 دولارات) سنوياً.

كانت الدراسة التي أعدتها مؤسسة "جوزيف راونتري فاونديشن" الخيرية، خلصت إلى أن تجميد سقف الشرائح الضريبية وارتفاع أقساط قروض الرهن العقاري وزيادة الإيجارات إضافة إلى تراجع الدخول الحقيقية سيترك كل أسرة في وضع أسوأ مالياً ويضر بمستويات المعيشة في بريطانيا.

وتوقعت الدراسة أن تكون الأسر الأفقر هي الأكثر تضرراً مع تدهور أحوالها بنسبة ستة في المئة مقابل تدهور بنسبة ثلاثة في المئة للأسر الميسورة الحال.

وشككت وزيرة الخزانة في مقابلتها التلفزيونية في تلك النتائج، لكنها لم تقدم أرقاماً محددة تشير إلى عكسها، إنما ركزت على تكرار ما تقوم به حكومة حزب "العمال" منذ توليها السلطة في يوليو (تموز) الماضي عقب فوز الحزب الكاسح في الانتخابات العامة.

ولا تقتصر محاولات التهدئة والتطمين على الجمهور العام فحسب، بل إن الحكومة تعمل أيضاً على تهدئة مخاوف نواب الحزب الحاكم، الذين عبروا عن قلقهم من تأثير خفض مخصصات الرعاية الاجتماعية والصحية في شعبيتهم في دوائرهم الانتخابية، بل إن هناك مجموعة داخل الحزب ترى أن راتشيل ريفز "تتصرف كوزيرة خزانة حزب المحافظين"، في إشارة إلى تقليص القطاع العام وإلغاء الرعاية الصحية والاجتماعية.