Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

بنوك إيران تتجه للإفلاس في ظل أزمة اقتصادية مستعصية

الاختلالات المصرفية ستستمر بالنمو خلال 2025 مع زيادة المؤسسات المالية المتعثرة مما سيزيد من التضخم وتراجع قيمة الريال

أوراق نقدية إيرانية (مواقع التواصل)

ملخص

يرى محللون اقتصاديون أن الإفراط في إصدار التراخيص لإنشاء البنوك الخاصة، فضلاً عن عدم الكفاءة في إدارة البنوك المملوكة للدولة خلال العقدين الماضيين، من العوامل الرئيسة وراء الاختلالات المصرفية في إيران، مؤكدين أن هذه المسألة خطرة إلى درجة أن عدداً من البنوك النشطة بالبلاد أصبحت في حالة أزمة وخسائر.

في ظل الظروف الصعبة انتهى العام الإيراني، لكن لا تزال أزمة اختلال التوازن المصرفي واحدة من أهم مشكلات الاقتصاد في البلاد.

 أصبحت قضية الاختلالات المصرفية مشكلة خطرة تؤثر ليس فقط في النظام المصرفي وحسب، بل في اقتصاد البلاد بأكمله، وهذه المشكلة هي نتيجة لسوء الإدارة والإشراف غير الفعال وانعدام التنسيق بين البنوك العامة والخاصة والسعي وراء الربح والفساد والتدخل الحكومي المباشر في النظام المالي للبلاد.

وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن معدل النمو الدين الحكومي للبنوك خلال الأشهر الأخيرة من عمل الحكومة الـ13، أي في أوائل صيف عام 2024، وصل إلى رقم مذهل بلغ 1600 تريليون تومان (27.5 مليار دولار)، (على أساس الدولار الواحد يساوي 58 ألف تومان).

ويصبح هذا الرقم مثيراً للدهشة عندما نعلم أنه في الوقت الذي تولت فيه الحكومة الـ13 في عام 2021، كان دين الحكومة لشبكة البنوك 644 تريليون تومان (11.1 مليار دولار)، وكان دين الحكومة للبنك المركزي 201 تريليون تومان (3.46 مليار دولار)، وبعبارة أخرى "في أقل من ثلاث سنوات، ارتفع الدين الحكومي لشبكة البنوك بنسبة 148 في المئة والبنك المركزي 128 في المئة".

الإفراط في إصدار تراخيص البنوك الخاصة 

يرى محللون اقتصاديون أن الإفراط في إصدار التراخيص لإنشاء البنوك الخاصة، فضلاً عن عدم الكفاءة في إدارة البنوك المملوكة للدولة خلال العقدين الماضيين، من العوامل الرئيسة وراء الاختلالات المصرفية في إيران، مؤكدين أن هذه المسألة خطرة إلى درجة أن عدداً من البنوك النشطة بالبلاد أصبحت في حالة أزمة وخسائر.

وفي نهاية عام 1402 الذي يصادف الـ20 من مارس (آذار) 2024، أظهرت المسوحات أن نسبة كفاية رأس المال في 10 بنوك من بين 27 بنكاً كانت ثمانية في المئة، وفي ثمانية بنوك كانت بين واحد وسبعة في المئة، وفي البنوك التسعة الأخرى كانت بين سالب واحد وسالب 360 في المئة. 

وبعبارة أخرى فإن كفاية رأس المال لـ17 بنكاً في إيران أقل من الحد الأدنى المطلوب وهو ثمانية في المئة، في حين أن تقييم قدرة البنوك على تحمل الخسائر في البلدان المتقدمة والاقتصاديات الناشئة يعتمد على اللغز الثالث، إذ تبلغ نسبة كفاية رأس المال 13 في المئة في الأقل بالنسبة إلى البنوك العادية و15.5 في المئة بالنسبة إلى البنوك الكبيرة.

ولكن في النظام المصرفي الإيراني، لا يزال تقييم كفاية رأس المال يتم على أساس اللغز الأول، ومن خلال تحديث معايير التقييم إلى اللغز الثالث، فمن المؤكد أن عدد البنوك التي لديها كفاية رأس المال دون المستوى سيزيد. وهذا أحد العوامل المهمة التي تزيد من أزمة الاختلالات المصرفية.

ومن بين عواقب انخفاض مستوى كفاية رأسمال البنوك زيادة سحوبات البنوك من البنك المركزي، وبحسب إحصاءات مركز الأبحاث التابع للبرلمان فإن هذه السحوبات وصلت إلى 500 تريليون تومان (8.7 مليار دولار). وشكلت هذه القضية بدورها ضغوطاً إضافية على البنك المركزي وزادت من الحاجة إلى طباعة النقود، وهي عامل يؤثر في نمو السيولة وانخفاض قيمة العملة الوطنية.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أعلن محافظ البنك المركزي أن الأمر يتطلب توفير مبلغ قدره 1100 تريليون تومان (19 مليار دولار) من رأس المال لرفع كفاية رأسمال البنوك إلى ثمانية في المئة، ومن المستحيل عملياً توفير هذا المبلغ في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها إيران.

ويشير المحللون أيضاً إلى أن الحكومات المتعاقبة في إيران لم تتمكن حتى من إدارة العوامل التي أدت إلى تفاقم الاختلالات المصرفية في السنوات الأخيرة، ومن الطبيعي أن يستمر تفاقم هذه الاختلال المالية والمصرفية.

أسباب الاختلالات المصرفية

الاختلالات المصرفية في إيران ناجمة عن عاملين رئيسين: أولاً، اتجاهات البنوك المؤيدة للأعمال التجارية. وثانياً، الحجم الكبير للاقتراض الحكومي من البنوك. ودفعت هذه العوامل عدداً من البنوك الخاصة والحكومية إلى التركيز على زيادة الأعمال والاستثمار في المشاريع الحكومية وشبه الحكومية، بدلاً من التركيز على تقديم الخدمات المصرفية والائتمان للمنتجين.

اقرأ المزيد

ويرى المحلل الاقتصادي محمد نبي زادة، أن طريقة خصخصة البنوك أدت أيضاً إلى تفاقم أزمة الاختلال المصرفي. وأوضح قائلاً إن العمل المصرفي الخاص بدأ في إيران منذ عقدين في الأقل بهدف خلق المنافسة بين البنوك في تقديم التسهيلات وتمويل التنمية، لكن الافتقار إلى عملية رقابية كافية وفعالة أدى إلى إخراج هذا المشروع من هدفه الأصلي. 

ويقول نبي زادة إنه "خلال الفترة 2013-2017، وعندما انخفض التضخم، لم ينم الجانب الأيمن من الموازنات العمومية للبنوك، أي أصولها. ويؤدي التضخم في الاقتصاد إلى إعادة تقييم العقارات المصرفية بمعدل التضخم، مما يساعد في موازنة الميزانيات العمومية للبنوك. لكن هذا لم يحدث خلال تلك الفترة، مما أدى إلى تفاقم الاختلالات المصرفية".

وعلاوة على ذلك فإن إحدى المشكلات الرئيسة التي تواجهها شبكة البنوك في إيران تتمثل في كيفية منح التسهيلات والقروض، إذ تشير التقارير إلى أن بعض البنوك قدمت قروضاً كبيرة لمشاريع محددة من دون الحصول على ضمانات كافية، وأدى هذا الأمر إلى زيادة الخسائر المتراكمة وتفاقم الاختلالات، بخاصة في القطاع الخاص.

فرض التسهيلات الإلزامية

من العوامل الأخرى التي غذت اختلال التوازن المصرفي هي فرض التسهيلات الإلزامية على البنوك من البرلمان والحكومة، مثل قروض الزواج والإنجاب والإسكان من دون وجود موارد ودعم كافيين، مما تسبب في مشكلات السيولة في البنوك بسبب فترات السداد الطويلة وعدم وجود الضمانات المناسبة.

تظهر أحدث الإحصاءات المتعلقة بالقاعدة النقدية في إيران، والصادرة في يناير (كانون الثاني) 2025، أن القاعدة النقدية نمت بنحو 17 في المئة مقارنة خلال فبراير (شباط) 2024. وعلى رغم أن هذا الرقم انخفض مقارنة بالنمو الذي بلغ 41 في المئة في عام 2023، إلا أنه لا يزال بعيداً بصورة كبيرة عن فترة 2000 و2003 وكذلك عن فترة 2015 و2017.

وفي العام الجديد الإيراني (1404) الذي بدأ في الـ21 من مارس الجاري، وضعت الحكومة إصلاح هيكل شبكة البنوك على جدول أعمالها بهدف الحد من الاختلالات المالية والمصرفية. ومع ذلك، ما لم تتوقف الحكومة عن السحب المفرط من البنوك وفرض التسهيلات الإلزامية مثل القروض الإلزامية وبرامج الدعم، فمن غير المرجح أن يكون هناك تغيير جوهري في وضع الاختلالات المصرفية.

ونظراً إلى الظروف الحالية، يبدو أن اختلالات البنوك ستستمر في النمو خلال عام 2025، وسيزداد عدد المؤسسات المالية المفلسة في إيران. وسيؤدي هذا الوضع بصورة مباشرة إلى زيادة التضخم وانخفاض قيمة الريال الإيراني، مما يزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"